أوجلان يدعم عملية جديدة للسلام تستهدف حل المشكلة الكردية في تركيا

في خطوة أولى تمهد لحوار أوسع يشمل البرلمان وأحزاب المعارضة

0 seconds of 3 minutes, 19 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
03:19
03:19
 
TT
20

أوجلان يدعم عملية جديدة للسلام تستهدف حل المشكلة الكردية في تركيا

أكراد خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (أ.ف.ب)

أكد زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، استعداده للمساهمة في عملية سلام تعزز الأخوة بين الأتراك والأكراد، وتوجيه الرسائل اللازمة في هذا الصدد.

وأعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا، أن أوجلان أبلغ وفداً من الحزب، زاره في سجنه بجزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة، السبت، استعداده وتصميمه على تقديم المساهمة الإيجابية اللازمة للنموذج الجديد لحل المشكلة الكردية الذي يكتسب القوة من دعم الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي.

وزار نائب الحزب عن مدينة إسطنبول، سري ثريا أوندر، ونائبته عن مدينة وان (شرق تركيا)، بروين بولدان، أوجلان السبت، بعد أكثر من 10 سنوات على زيارة سابقة قاما بها إلى سجن إيمرالي، للقائه في مارس (آذار) 2013، في مستهل «عملية الحل» التي استهدفت تحقيق السلام الداخلي وحل المشكلة الكردية، والتي توقفت عام 2015 بإعلان الرئيس رجب طيب إردوغان أنه «لا توجد مشكلة كردية في تركيا».

واستمر اللقاء بين النائبين وأوجلان من الساعة 11:00 صباحاً بتوقيت إسطنبول وحتى الساعة 17:30.

رسالة أوجلان

وقال الحزب، في بيان الأحد: «عقدنا اجتماعاً شاملاً مع السيد عبد الله أوجلان في إيمرالي بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وكانت صحته جيدة ومعنوياته عالية جداً، وكانت تقييماته لإيجاد حل دائم للمشكلة الكردية ذات أهمية حيوية. وخلال اللقاء، حيث تم تقييم آخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط وتركيا، وحدد السيد أوجلان الإطار العام لأفكاره ونهجه».

عبد الله أوجلان في أثناء محاكمته عام 1999 (أرشيفية)
عبد الله أوجلان في أثناء محاكمته عام 1999 (أرشيفية)

وأضاف البيان أن أوجلان أبلغ وفد الحزب رسالة تضمنت هذه الأفكار في 7 بنود، أولها أن إعادة تعزيز أواصر الأخوة التركية - الكردية أصبحت «مسؤولية تاريخية» ومصيراً ملحاً لجميع الشعوب.

وأوضح أوجلان أنه لنجاح هذه العملية، «من الضروري أن تقوم جميع الدوائر السياسية في تركيا بأخذ زمام المبادرة والتصرف بشكل بناء وتقديم مساهمات إيجابية، دون الوقوع في حسابات ضيقة ودورية، ولا شك أن أحد أهم أطراف هذه المساهمات سيكون البرلمان». وذكر أن أحداث غزة وسوريا أظهرت أن حل هذه المشكلة التي تحولت إلى «غرغرينا» بالتدخلات الخارجية، أصبح «غير قابل للتأجيل».

وأضاف أن مساهمات المعارضة التركية واقتراحاتها تُعد أيضاً ذات قيمة من أجل تحقيق النجاح، في عمل يتناسب بشكل مباشر مع خطورة هذا الأمر. وأكد أوجلان: Jلدي الكفاءة والتصميم لتقديم المساهمة الإيجابية اللازمة للنموذج الجديد الذي يستمد قوته من خطط السيد رجب طيب إردوغان والسيد دولت بهشلي». وأضاف: «أنا على استعداد لاتخاذ الخطوة الإيجابية اللازمة وإجراء النداء اللازم»، وأن «كل هذه الجهود ستأخذ البلاد إلى المستوى الذي تستحقه، وستكون أيضاً دليلاً قيماً للغاية للتحول الديمقراطي». وتابع أن الوفد الذي زاره سيتبادل هذا التوجه مع كل من الدولة والدوائر السياسية.

وذكر البيان أن أوجلان أكد لوفد الحزب في نهاية اللقاء أن «هذا هو وقت السلام والديمقراطية والأخوة لتركيا والمنطقة».

«وقت السلام»

النائبة بحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا بروين بولدان (أ.ب)
النائبة بحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا بروين بولدان (أ.ب)

وفي تعليق على اللقاء مع أوجلان، قالت النائبة بروين بولدان، في تصريحات الأحد، إن «السلام سيحل بالتأكيد في هذه الأراضي، وأعتقد الآن أننا أقرب من أي وقت لتحقيقه. لقد عقدنا اجتماعاً إيجابياً وجيداً للغاية في إيمرالي، وقال السيد أوجلان: نعم، هذا وقت السلام والديمقراطية».

وأكدت بولدان أن حزبها سيطلب تحديد مواعيد للقاءات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان خلال الأيام الأولى من العام الجديد. وأضافت: «سنعقد لقاءات أخرى أنا والنائب سري سوريا أوندر مع السيد أوجلان، لكن على الأرجح، سينضم السيد أحمد تورك أيضاً إلى وفدنا».

وأحمد تورك هو سياسي كردي بارز ومخضرم، وقاد من قبل حزب «السلام الديمقراطي» وانخرط في عملية السلام الداخلي في الفترة من 2013 إلى 2015، وكان نائباً بالبرلمان لعدد من الدورات. وعزلته وزارة الداخلية التركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من منصبه رئيساً لبلدية ماردين، الذي انتخب له في مارس (آذار) من صفوف حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، استناداً إلى حكم قضائي صادر ضده بالسجن 10 سنوات في القضية المعروفة بـ«احتجاجات كوباني» التي أدين فيها بدعم الإرهاب.

وقال بولدان: «إذا كان السلام والديمقراطية مرغوبين، فقد حان الوقت ليتحمل الجميع المسؤولية». وتابع: «عملية الحل السابقة (2013 - 2015) كانت درساً للجميع، علينا ألا نضيع فترة أخرى».

وعن موعد حضور أوجلان إلى البرلمان لإعلان حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته، قالت بولدان إنه «لا يوجد حتى الآن موعد محدد سيدعو فيه السيد أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء أسلحته».

رد فعل قومي

رئيس حزب الجيد موساوات درويش أوغلو ممسكا بحبل الإعدام خلال كلمة بالبرلمان اعتراضاً على مبادرة بهشلي للحوار مع أوجلان (حسابه في إكس)
رئيس حزب الجيد موساوات درويش أوغلو ممسكا بحبل الإعدام خلال كلمة بالبرلمان اعتراضاً على مبادرة بهشلي للحوار مع أوجلان (حسابه في إكس)

ولم تتضح بالكامل صورة رد الفعل من جانب الأحزاب التركية على الخطوات التي ستتخذ على ضوء اللقاء مع أوجلان. وقال رئيس حزب «الجيد» القومي، موسافات دوريش أوغلو، الذي سبق أن شنّ هجوماً حاداً على دعوة بهشلي لحضور أوجلان للحديث بالبرلمان والنظر في إطلاق سراحه: «تم عقد اجتماع مع أوجلان وتم الإدلاء ببيان، وهذا يعني أن بعض مسؤولي الدولة وأولئك الذين قاموا بتلك الزيارة اجتمعوا وأعدوا نصاً مشتركاً، سأقرأ هذا النص بعناية وأقيمه».

وأضاف درويش أوغلو، في تصريحات الأحد: «نحن لا نعرف ما هو النموذج الذي تم الحديث عنه في بيان حزب (الديمقراطية والمساواة للشعوب)، ولا نعرف ما المطلوب من عبد الله أوجلان. الحكومة تقول إنه زعيم إرهابي، فماذا تتوقع الدولة منه؟ لأكون صادقاً، أنا لا أفهم، لكن هذه الحكومة لديها عادة من الماضي إلى الحاضر بإعلان المنظمات الإرهابية أصدقاء والأصدقاء منظمات إرهابية. بالنسبة لي، إنه لأمر مخز أن تطلب الجمهورية التركية المساعدة من الزعيم المجرم في إيمرالي من أجل مستقبل تركيا».

نحو مبادرة جديدة

مصافحة بين بهشلي والنواب الأكراد بالبرلمان التركي وخلفه نائب رئيس حزب العدالة والتنمية وزير الداخلية الأسبق أفكان آلا (إعلام تركي)
مصافحة بين بهشلي والنواب الأكراد بالبرلمان التركي وخلفه نائب رئيس حزب العدالة والتنمية وزير الداخلية الأسبق أفكان آلا (إعلام تركي)

وبدأ التحرك باتجاه ما تعتقد الأوساط السياسية في تركيا أنه مبادرة جديدة لحل المشكلة الكردية من أجل تحقيق السلام في تركيا، بمصافحة مفاجئة ومثيرة للجدل بين رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب» خلال افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي كان يصفه بأنه يدعم الإرهاب وحزب العمال الكردستاني.

وزادت حدة الجدل مع إطلاق بهشلي دعوة في 15 من الشهر ذاته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وإعلان حل حزب العمال الكردستاني، وإلقاء سلاحه، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل ما يعرف بـ«الحق في الأمل» الذي يتطلب تعديلات قانونية تساعد في العفو عن أوجلان.

ولم تلق تلك الدعوة تأييداً من إردوغان كتأييده مصافحة حليفه للنواب الأكراد. وعاد بهشلي في 22 أكتوبر الماضي ليعدل من مقترحه، مطالباً بأن يتم فتح الباب لزيارة نواب الحزب الكردي لأوجلان في محبسه في إيمرالي، قبل أن يأتي إلى البرلمان ويتحدث أمام المجموعة البرلمانية للحزب.

لقاء سابق بين إردوغان وبهشلي (الرئاسة التركية)
لقاء سابق بين إردوغان وبهشلي (الرئاسة التركية)

وأعطى إردوغان موافقة على هذا الطرح، الذي لم يذكر فيه بهشلي مسألة الإفراج عن أوجلان أو العفو عنه.

وتعتقد الأوساط السياسية أن دعوة بهشلي، التي بررها بالتطورات في المنطقة التي تحمل مخاطر على تركيا، وبرغبته في أن يعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» أنه حزب تركي لا يؤيد الإرهاب، إنما هي محاولة لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة للمرة الرابعة بالمخالفة للدستور، اعتماداً على دعم نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» للتصويت على إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في 2028.

متظاهرون يطالبون بالإفراج عن أوجلان (إعلام تركي)
متظاهرون يطالبون بالإفراج عن أوجلان (إعلام تركي)

كما يعتقد على نطاق واسع أن الحوار مع أوجلان هدفه إطلاق عملية جديدة لحل «المشكلة الكردية» في تركيا، بعدما فشلت عملية الحل الأولى التي انطلقت في عام 2013، وأعلن إردوغان انتهاءها عام 2015، بقوله إن تركيا «ليست بها مشكلة كردية».

وكانت «عملية الحل» الأولى (2013 - 2015)، التي بدأت أيضاً بالحوار مع أوجلان، واحدة من أكثر المحاولات الملموسة لإنهاء الصراعات بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، المصنف من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا منظمة إرهابية.


مقالات ذات صلة

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية جانب من اجتماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع وفد إيمرالي للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (الرئاسة التركية)

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

في أول تماس مع سياسيين أكراد منذ 13 عاماً، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «وفد إيمرالي» للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يلتقي «وفد إيمرالي» للدفع باتجاه حلّ «العمال الكردستاني»

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه سيلتقي، الخميس، وفد إيمرالي الذي تولى الحوار مع عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لحل حزب العمال الكردستاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أعيد انتخاب أوزغور أوزيل رئيساً لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة بتركيا في مؤتمر عام استثنائي عُقد في أنقرة يوم الأحد (حساب الحزب على «إكس»)

زعيم المعارضة التركية يتحدّى إردوغان بالدعوة لانتخابات مبكرة

اتّهم أوزيل حكومة إردوغان بإطلاق موجة من الفوضى طالت السياسيين والأكاديميين والصحافيين والفنانين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان أكد في تصريحات بإسطنبول الجمعة استمرار العملية الجارية مع أوجلان كما هو مخطط لها (الرئاسة التركية)

تركيا: تحذير من استغلال مبادرة أوجلان من أجل الانتخابات

يناقش المجلس التنفيذي المركزي لحزب «العدالة والتنمية» في تركيا خلال اجتماع يعقده الاثنين برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان لقاءه المرتقب مع وفد الحوار مع أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان مستقبلاً السوداني خلال زيارته لتركيا 2024 (الرئاسة التركية)

السوداني يزور تركيا لبحث «طريق التنمية» العراقي

يزور رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تركيا قريباً لبحث التفاصيل النهائية لمشروع «طريق التنمية»، بحسب ما أعلن مسؤولون أتراك وعراقيون.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

البيت الأبيض: المحادثات مع إيران «خطوة للأمام»

موكب المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بمقر المحادثات في مسقط أمس (رويترز)
موكب المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بمقر المحادثات في مسقط أمس (رويترز)
TT
20

البيت الأبيض: المحادثات مع إيران «خطوة للأمام»

موكب المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بمقر المحادثات في مسقط أمس (رويترز)
موكب المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بمقر المحادثات في مسقط أمس (رويترز)

وصف البيت الأبيض المحادثات التي جرت مع إيران، السبت، في سلطنة عمان، بأنها «خطوة للأمام»، مؤكداً أن المناقشات التي شملت المبعوث الإقليمي للرئيس دونالد ترمب كانت «إيجابية وبناءة إلى حد كبير».

وأضاف البيت الأبيض، في بيان: «أكد المبعوث الخاص ويتكوف لعرقجي أنه تلقى تعليمات من الرئيس ترمب لحل الخلافات بين البلدين عبر الحوار والدبلوماسية إن أمكن». وتابع البيان: «هذه القضايا معقدة للغاية. التواصل المباشر الذي أجراه المبعوث الخاص ويتكوف اليوم هو خطوة إلى الأمام نحو تحقيق نتيجة تعود بالنفع على الطرفين».

وهذه جولة المفاوضات الأولى منذ عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وبحسب الإعلام الرسمي، تبادل ويتكوف وعراقجي حديثاً مقتضباً، في أول تواصل مباشر بين البلدين منذ إدارة أوباما.

ويبدو أن الإعلان الإيراني عن إجراء حوار مباشر، ولو كان قصيراً، يعكس نظرة «إيجابية» لمسار المحادثات، حتى في نظر وسائل الإعلام الإيرانية الخاضعة تقليدياً للتيار المتشدد.

ووفقاً لما أوردته الجهتان، فإن الجولة المقبلة من المحادثات ستُعقد يوم السبت الموافق 19 أبريل.

بدأت الجولة الأولى قرابة الساعة 3:30 عصراً بتوقيت عمان، واستمرت لأكثر من ساعتين في موقع بضواحي العاصمة مسقط، وانتهت نحو الساعة 5:50 مساءً.

ثم عاد موكب يُعتقد أنه يضم ويتكوف إلى وسط المدينة، حيث اختفى وسط الزحام بالقرب من الحي الذي تقع فيه السفارة الأميركية، حسبما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

لقاء مباشر ورسائل غير مباشرة

وتتخذ هذه المحادثات أهمية قصوى نظراً للعلاقات المتوترة بين البلدين، التي تمتد لأكثر من أربعة عقود. وقد هدّد الرئيس ترمب مراراً بشن ضربات جوية على منشآت إيران النووية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

من جانبها، تلمّح طهران بشكل متزايد إلى احتمال تطوير سلاح نووي، في ظل ارتفاع نسبة تخصيب اليورانيوم لديها إلى مستويات تقترب من درجة الاستخدام العسكري.

ووصف عراقجي الاجتماع بأنه «بنّاء»، وأشار إلى أنه تخلله تبادل لأربع جولات من الرسائل خلال الجزء غير المباشر من المحادثات.

وقال: «لا نحن ولا الطرف الآخر مهتمون بمفاوضات عبثية أو ما يُعرف بـ(محادثات من أجل المحادثات)، أو إضاعة الوقت في مفاوضات مرهقة ومطولة. لقد أعلن الجانبان، بمن فيهم الأميركيون، أن هدفهما هو التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، غير أن ذلك لن يكون سهلاً قطعاً».

وقد لبّى الحديث المباشر بين ويتكوف وعراقجي مطلباً أميركياً، إذ وصف كل من ترمب وويتكوف المحادثات بأنها «مباشرة».

وقال ويتكوف في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» قبيل سفره: «نقطة انطلاقنا هي تفكيك برنامجكم النووي. هذا هو موقفنا اليوم. لكن ذلك لا يمنع أن نجد سبلاً أخرى لتحقيق تسوية بين البلدين». وأضاف: «الخط الأحمر بالنسبة لنا هو منع إيران من تحويل قدراتها النووية إلى سلاح».

أما عراقجي، فحاول التخفيف من أهمية اللقاء المباشر، واصفاً إياه بأنه «حديث أولي قصير، تخلله تبادل للتحيات والمجاملات»، فيما يبدو أنه محاولة لعدم استفزاز التيار المتشدد داخل إيران.

من جهته، صرّح وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، الذي كان يتنقل بين الطرفين، بأن الجانبين يتشاركان «هدفاً مشتركاً يتمثل في التوصل إلى اتفاق عادل وملزم».

وكتب عبر «إكس»: «أشكر زميليَّ على هذا اللقاء الذي جرى في أجواء ودية مهّدت لتقريب وجهات النظر، بما يخدم تحقيق السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. سنواصل جهودنا وسنعمل معاً لتحقيق هذا الهدف».

جوهر الخلاف

رغم أن الولايات المتحدة قد تعرض تخفيف العقوبات على الاقتصاد الإيراني المنهك، فإن حجم التنازلات التي يمكن أن تقدمها إيران لا يزال غير واضح. بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، سُمح لطهران بالاحتفاظ فقط بمخزون صغير من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 في المائة. أما الآن، فهي تمتلك كميات تكفي لصنع عدة رؤوس نووية، وبعضها مخصب حتى نسبة 60 في المائة، وهي خطوة تقنية واحدة عن مستوى التخصيب المطلوب لصناعة الأسلحة النووية.

واستناداً إلى جولات المفاوضات التي أعقبت انسحاب ترمب الأحادي من الاتفاق في عام 2018، فمن المرجح أن تُصر طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 20 في المائة على الأقل.

غير أن التخلّي الكامل عن برنامجها النووي لا يبدو مطروحاً من الجانب الإيراني. وهذا ما يجعل مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بما يُعرف بـ«الحل الليبي»، أي تفكيك كامل للمنشآت النووية تحت إشراف وتنفيذ أميركي، غير قابل للتطبيق.

وقد أشار الإيرانيون، بمن فيهم المرشد علي خامنئي، إلى مصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي قُتل بسلاحه على يد معارضيه أثناء انتفاضة 2011، باعتباره تحذيراً مما قد يحدث حين تُسلّم ملفاتك إلى الغرب وتثق في الوعود الأميركية.