محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

مساعٍ لاستغلال أصوات الأكراد ورفض واسع لتعديل الدستور لفتح الطريق أمامه

إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
TT
20

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)

أشعلت تصريحات متكررة لكبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول فتح الطريق لترشيحه للرئاسة لولاية جديدة من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة في البرلمان جدلاً واسعاً.

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، أدلى كبير مستشاري إردوغان للشؤون القانونية، محمد أوتشوم، بتصريحات متكررة، أكد فيها أنه «بموجب الدستور، إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات في الولاية الثانية للرئيس، فيمكن للرئيس أن يترشح مرة أخرى».

وذكر أنه إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات بـ360 نائباً (3 أخماس الأعضاء) قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 7 مايو (أيار) 2028، على سبيل المثال في النصف الثاني من عام 2027، فقد يترشح الرئيس إردوغان مرة أخرى، أي للمرة الأخيرة.

وسبق أن ترشح إردوغان للرئاسة 3 مرات الأولى في عام 2014، وكان يحق له الترشح مرة أخرى في 2019 إلى 2024، لكن تعديل الدستور عام 2017 للانتقال إلى النظام الرئاسي، وإجراء الانتخابات الرئاسية بشكل مبكر في 2018 منحه الحق في الترشح للرئاسة مرتين، آخرهما انتخابات مايو 2023 الماضية.

وأعلن إردوغان عقب انتخابه في 2023 أنه سيضع دستوراً جديداً مدنياً ليبيرالياً للبلاد، وقال حليفه دولت بهشلي، رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إن الدستور الجديد سيكون هدفه فتح الطريق أمام إردوغان للترشح للرئاسة من جديد.

وأعلنت المعارضة التركية رفضها المشاركة في أعمال الدستور الجديد، وقال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، إن حزبه لن يشارك في وضع دستور جديد للبلاد مع من لا يلتزمون بالدستور الحالي.

كما أعلنت باقي أحزاب المعارضة أنها لن تشارك في وضع دستور لا يضمن العودة إلى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي، الذي قاد إلى تكريس جميع السلطات في يد إردوغان.

وكشف أحدث استطلاع للرأي عن رفض غالبية الأتراك تعديل الدستور من أجل فتح الباب لترشح إردوغان للرئاسة للمرة الرابعة.

إردوغان متحدثاً أمام حشد من أنصاره في كهرمان ماراش جنوب تركيا السبت الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام حشد من أنصاره في كهرمان ماراش جنوب تركيا السبت الماضي (الرئاسة التركية)

وبحسب الاستطلاع، الذي أجرته شركة «متروبول»، فإن نسبة الذين قالوا «لا» لتعديل الدستور حتى يتمكن إردوغان من الترشح، بلغت 66.3 في المائة، مقابل 28.5 في المائة أيدوا التعديل، فيما لم يحدد 5.2 في المائة من المشاركين في الاستطلاع موقفهم.

وعارض 88.9 في المائة من ناخبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تعديل الدستور من أجل إردوغان، على الرغم من الخطوات الأخيرة لفتح الطريق أمام نواب الحزب للقاء زعيم حزب «العمال الكردستاني»، المحكوم بالسجن مدى الحياة في تركيا عبد الله أوجلان، في محبسه في سجن إيمرالي غرب تركيا؛ لبحث إنهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، بحسب ما اقترح بهشلي وأيد إردوغان.

ورفض 83 في المائة من ناخبي حزب «الشعب الجمهوري»، و87.6 في المائة من ناخبي حزب «الجيد» تعديل الدستور. أما النتيجة المفاجئة التي كشف عنها الاستطلاع، فكانت رفض 55 في المائة من ناخبي حزب «الحركة القومية» و40.2 في المائة من ناخبي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم تعديل الدستور لإفساح المجال لترشيح إردوغان للرئاسة مجدداً.

بهشلي سعى في الفترة الأخيرة للتقارب مع الحزب الكردي بالبرلمان (موقع حزب الحركة القومية)
بهشلي سعى في الفترة الأخيرة للتقارب مع الحزب الكردي بالبرلمان (موقع حزب الحركة القومية)

وتحدثت أروقة السياسة في أنقرة عن محاولات من جانب إردوغان وبهشلي لكسب أصوات نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عندما يحين موعد التصويت في البرلمان على إجراء انتخابات مبكرة بطلب من إردوغان؛ لأن أصوات حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» (تحالف الشعب) لا تكفي وحدها للموافقة على الطلب؛ كونهما يملكان 311 مقعداً فقط من مقاعد البرلمان وعددها 600 مقعد.

وقال رئيس حزب «الجيد»، مساوات درويش أوغلو، تعليقاً على اقتراح بهشلي حضور أوجلان إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»؛ لإعلان حل حزب «العمال الكردستاني» ووضع سلاحه وانتهاء الإرهاب في تركيا: «نحن بحاجة إلى التفكير فيما سيحدث بعد إحضار قاتل مدان إلى البرلمان لمخاطبة الأمة، مقابل التمتع بالحق في الأمل في إطلاق سراحه، لن يحدث هذا دون أن يمر فوق جثثنا».

دعوة بهشلي إلى السماح لأوجلان بالحديث في البرلمان فجّرت جدلاً واسعاً (أرشيفية)
دعوة بهشلي إلى السماح لأوجلان بالحديث في البرلمان فجّرت جدلاً واسعاً (أرشيفية)

ويعتقد مراقبون أن حزب «العدالة والتنمية» يواجه أزمة في اختيار مرشح للرئاسة يتمتع بالقدرات التي يتمتع بها إردوغان من داخل الحزب، وذهب البعض إلى القول إن الحزب يمكن أن ينهار إذا انتهت الحياة السياسية لإردوغان ولم يتمكن من الترشح مجدداً للرئاسة.


مقالات ذات صلة

حزب كردي يضغط على حكومة تركيا لإقرار تشريع لإطلاق سراح أوجلان

شؤون إقليمية خرج الآلاف إلى الشوارع في ديار بكر جنوب شرقي تركيا في 27 فبراير رافعين صور أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب العمال الكردستاني (أ.ف.ب)

حزب كردي يضغط على حكومة تركيا لإقرار تشريع لإطلاق سراح أوجلان

كثف حزب كردي في تركيا ضغوطه لإقرار تشريع يسمح بإطلاق سراح عبد الله أوجلان.ودعا رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي إلى الإسراع بمحاكمة أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير التجارة التركي عمر بولاط خلال تفقده البوابات والمعابر الحدودية مع سوريا يناير الماضي (من حسابه في «إكس»)

تركيا لبحث ملفات النقل والاستثمار والطاقة في سوريا

يقوم وزير التجارة التركي عمر بولاط، بزيارة لسوريا، الأربعاء، على رأس وفد كبير من رجال الأعمال ورؤساء الغرف والاتحادات وممثلي شركات القطاعين العام والخاص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون مؤيدون لإمام أوغلو احتشدوا حول سجن سيليفري الجمعة الماضي خلال نظر إحدى القضايا المتهم فيها (أ.ب)

تركيا: رفض طلب محامي إمام أوغلو لمحاكمته من خارج السجن

رفضت محكمة في إسطنبول الاعتراض المقدم من محامي رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المحتجز منذ نحو الشهر على ذمة تحقيق في قضية فساد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل تعهّد بإطاحة حكم إردوغان في أول انتخابات (حساب الحزب في «إكس»)

أوزيل يتعهّد بإطاحة حكم إردوغان... ويجدّد مطالبته بانتخابات مبكّرة

تعهّد زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، بإطاحة حكم الرئيس رجب طيب إردوغان لتركيا في أول انتخابات مقبلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية فيدان خلال مؤتمر صحافي في ختام منتدى أنطاليا الدبلوماسي (رويترز)

تركيا تؤكد استمرارها في المحادثات مع إسرائيل لتفادي الصدام بسوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل محادثاتها الفنية مع إسرائيل للتوصل إلى آلية لخفض التصعيد ووضع قواعد للاشتباك ومنع وقوع حوادث أو صدام على الأراضي السورية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجيش الإسرائيلي يقلّص قوات الاحتياط في غزة

جنود إسرائيليون يحرسون موقعاً إلى جوار السياج الحدودي مع مصر يوم الأربعاء (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحرسون موقعاً إلى جوار السياج الحدودي مع مصر يوم الأربعاء (إ.ب.أ)
TT
20

الجيش الإسرائيلي يقلّص قوات الاحتياط في غزة

جنود إسرائيليون يحرسون موقعاً إلى جوار السياج الحدودي مع مصر يوم الأربعاء (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحرسون موقعاً إلى جوار السياج الحدودي مع مصر يوم الأربعاء (إ.ب.أ)

كشف مصدر عسكري إسرائيلي كبير أن الجيش بدأ يخفف عملياته وقواته من جيش الاحتياط، ويدفع بقوات من الجيش النظامي، بسبب النقص في القوى البشرية والخوف من انتشار ظاهرة التمرد على الأوامر، وهو ما أزعج رئيس أركان الجيش الجديد، إيال زامير، ودفعه لقول إن قواته تدير «عملية توازن بالغة الحساسية».

وقال المصدر، كما نقلت عنه صحيفة «هآرتس»، يوم الأربعاء، إن الجيش ينتابه «شيء من البلبلة إزاء إدارة الحرب في غزة. فهو يعرف أن الحرب باتت بلا هدف، وغدت حرباً لمجرد الحرب، لأن هذا ما تقتضيه مصلحة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو».

وأضاف المصدر أن قيادة الجيش الجديدة تحجم عن الدخول في مواجهة مع الحكومة، «وتلجأ إلى أساليب التوائية»، وأشار إلى تعرضها في الآونة الأخيرة لضغوط شديدة من الشارع حتى تُوقف الحرب «وتكف عن تخريب الجهود» لإطلاق سراح المحتجزين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأربعاء، أنه «ورغم اتساع نشر العرائض المطالبة بإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة ووقف الحرب من أجل تحقيق ذلك، فإن زامير وقيادة الأذرع، خصوصاً قائد سلاح الجو تومر بار، قرروا إقصاء الموقعين على العرائض عن الخدمة العسكرية».

لكنها أشارت إلى أن زامير «اكتشف أن إقصاء جميع الموقعين على هذه العرائض من الخدمة العسكرية من شأنه أن يلحق ضرراً شديداً بالكفاءات العملياتية للجيش الإسرائيلي، الأمر الذي سيؤدي إلى زج زامير نفسه في ركن أسوأ».

لا أهداف واضحة

وتحدثت الصحيفة عن انقسام في آراء المصادر الأمنية حول كيفية التعامل مع عناصر الاحتياط الذين وقعوا على العرائض، لكن كان هناك اتفاق على أن «أمراً ما هنا ليس على ما يرام»، وعلى عدم الوضوح فيما يتعلق بسؤال «إلى أين تتجه هذه الحرب؟».

وانتقدت المصادر ما سبق وقاله زامير من أن استئناف الحرب لا يشكل خطراً على المحتجزين في غزة. وقال أحدها: «ليس مستغرباً أن يقول وزير الدفاع يسرائيل كاتس ذلك، فهو خادم ومكبّر صوت لنتنياهو، ولا توجد أي توقعات أخرى منه. لكن أن يضع رئيس أركان الجيش كل ثِقله على هذه الأمور، وعلى الادعاء أن الجميع في جهاز الأمن والجيش يؤيدون هذه العملية العسكرية، فهي أقوال أقل ما يمكن وصفها به أنها مستغربة جداً».

ونقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة في الجيش وأجهزة الاستخبارات ووحدة الأسرى والمفقودين قولها إن الحرب على غزة «لا تشمل أهدافاً واضحة وقابلة للتحقيق، وتشكل خطراً شديداً على المخطوفين، وتُخلّد وحسب الأسباب التي لا تزال تجعل الحرب مستمرة منذ سنة ونصف السنة».

نازحون وسط حطام مبنى في حرم الجامعة الإسلامية الذي لجأوا إليه بمدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
نازحون وسط حطام مبنى في حرم الجامعة الإسلامية الذي لجأوا إليه بمدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وذكرت المصادر أن الجيش وضع، منذ بداية الحرب، علامات على مناطق في قطاع غزة يشتبه بوجود محتجزين إسرائيليين فيها، وفقاً لمعلومات استخباراتية، ويحظر على سلاح الجو أن يقصفها وعلى القوات البرية الاقتراب منها، بحسب الصحيفة.

لكنها أشارت أيضاً إلى شكوك كبيرة حيال حجم ودقة المعلومات الاستخباراتية التي كانت بحوزة الجيش الإسرائيلي، وإلى أن عدد المخطوفين كبير وأنهم محتجزون في أماكن عدة».

وقال مصدر أمني رفيع المستوى للصحيفة: «كانت هناك فجوات فارغة في المعلومات الاستخباراتية وعدم يقين، وتَعيَّن أحياناً اتخاذ قرارات رغم هذا الوضع، لأنه من دون اتخاذ قرارات لم نكن لنتقدم إلى أي مكان في غزة».

واستطرد قائلاً: «هذا هو الوضع عندما تحاول تحقيق هدفين متناقضين، إنقاذ حياة أشخاص من جهة (المحتجزين الإسرائيليين)، وإنهاء حياة آخرين من جهة (عناصر حماس). ولم يحدث قط أن قال أحد في أي جهاز أمني أمراً مثل الذي قاله رئيس أركان الجيش، وكأن تنفيذ عملية عسكرية بقوة متزايدة في غزة لا يشكل خطراً على جميع المخطوفين».