تكلفة باهظة لحروب إسرائيل... إنفاق عسكري متزايد يفاقم الأعباء الاقتصادية

جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)
جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)
TT

تكلفة باهظة لحروب إسرائيل... إنفاق عسكري متزايد يفاقم الأعباء الاقتصادية

جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)
جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)

أشار تقرير إخباري أنه بجانب الخسائر البشرية للحرب على غزة ولبنان، فإن إسرائيل تتكبد خسائر اقتصادية باهظة الثمن، وأن التكاليف المالية المرتفعة والمؤلمة تثير المخاوف بشأن التأثير طويل الأمد للحرب على اقتصاد البلاد.

وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أن الولايات المتحدة أنفقت مبلغاً قياسياً بلغ 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل، منذ بدأت الحرب في غزة، نقلاً عن تقرير صادر عن «مشروع تكاليف الحرب» بجامعة براون الأميركية، والذي رصد الإنفاق العسكري منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وتضخم الإنفاق العسكري الإسرائيلي بعد الحرب، وتوقف النمو، وخاصة في المناطق الحدودية الخطرة التي تم إخلاؤها. ويقول خبراء اقتصاد إن إسرائيل تواجه انخفاض الاستثمار وارتفاع الضرائب مع ضغط الحرب لميزانيات الحكومة الإسرائيلية وإجبارها على اختيارات صعبة بين البرامج الاجتماعية والجيش.

ارتفاع الإنفاق على الجيش

زاد إنفاق الحكومة الإسرائيلية على الجيش أكثر بكثير شهرياً، إذ زاد من 1.8 مليار دولار قبل 7 أكتوبر 2023، إلى نحو 4.7 مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وأنفقت الحكومة الإسرائيلية 27.5 مليار دولار على الجيش العام الماضي، وفقاً للمعهد، لتحتل المرتبة الخامسة عشرة عالمياً خلف بولندا ولكنها متقدمة على كندا وإسبانيا، وكل منهما لديها عدد سكان أكبر. وكان الإنفاق العسكري كنسبة مئوية من الناتج الاقتصادي السنوي 5.3 في المائة، مقارنة بـ 3.4 في المائة للولايات المتحدة و1.5في المائة لألمانيا.

الحرب أضرت بالنمو وإمدادات العمالة

في الأشهر الثلاثة التي أعقبت 7 أكتوبر، انكمش الناتج الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 5.6 في المائة، وهو أسوأ أداء لأي من الدول الـ38 في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي مجموعة من الدول الغنية.

وأفادت «أسوشييتد برس» أن الحرب ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد المنهار بالفعل في غزة، حيث نزح 90 في المائة من السكان وأصبحت الغالبية العظمى من القوى العاملة عاطلة عن العمل.

جنود في منطقة تجمع في شمال إسرائيل (أ.ب)

وفي الضفة الغربية، تضرر الاقتصاد بشدة، حيث فقد عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين وظائفهم في إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وأعاقت الغارات العسكرية الإسرائيلية ونقاط التفتيش الحركة. ويقول البنك الدولي إن اقتصاد الضفة الغربية انكمش بنسبة 25 في المائة في الربع الأول من العام.

في إسرائيل، فرضت الحرب العديد من الأعباء الاقتصادية. فالاستدعاءات وتمديد الخدمة العسكرية تهدد بتقليص العمالة. كما تعمل المخاوف الأمنية على ردع الاستثمار في الأعمال الجديدة، كما أدت الاضطرابات في الرحلات الجوية إلى إبعاد العديد من الزوار، الأمر الذي أثر على مجال السياحة.

وفي الوقت نفسه، تدفع الحكومة تكاليف الإسكان لآلاف الأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في الجنوب بالقرب من الحدود مع غزة وفي الشمال بسبب الحرب.

ارتفاع الإنفاق العسكري بعد الحرب

وتعافى اقتصاد إسرائيل بسرعة من حرب عام 2006 مع «حزب الله» في جنوب لبنان. ولكن هذا الصراع لم يستمر سوى 34 يوماً.

وقد استشهدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بهذه الفكرة في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول)، عندما خفضت التصنيف الائتماني للحكومة الإسرائيلية درجتين. ولا يزال تصنيف «بي إيه إيه 1» يعتبر من الدرجة الاستثمارية، وإن كان ينطوي على مخاطر معتدلة، وفقاً لـ«موديز».

وأفاد التقرير أنه على الرغم من تلك المؤشرات، فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات، والذي يدعم عائدات الضرائب والإنفاق الدفاعي، ظل صامداً، إذ جمعت شركات التكنولوجيا نحو 2.5 مليار دولار من رأس المال خلال الربع الثالث، وفقاً لزفي إيكشتاين، رئيس معهد آرون للسياسة الاقتصادية في جامعة رايخمان الإسرائيلية.

جنود إسرائيليون يعملون على الدبابات في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية أكتوبر الجاري (أ.ب)

وحتى مع وجود اتفاق لوقف إطلاق النار، تشير التوقعات إلى أنه من المرجح أن ترتفع الإنفاقات العسكرية والدفاعية لإسرائيل، وخاصة إذا احتفظت إسرائيل بوجود عسكري في غزة بعد الحرب.

وتتوقع ميزانية وزير المالية الإسرائيلي بيزاليل سموتريتش لعام 2025 عجزاً أقل من 4 في المائة، قائلاً إن ذلك سيضمن استقرار عبء ديون إسرائيل. وشككت «موديز» في أرقام العجز، وتوقعت عجزاً بنسبة 6 في المائة للعام المقبل.

وقالت كارنيت فلوج، رئيسة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة ونائبة رئيس الأبحاث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، إن خفض التصنيف الائتماني سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يعني أن الإسرائيليين من المرجح أن يروا تخفيضات في الخدمات العامة وارتفاع الضرائب.

دعم الولايات المتحدة

لقد عززت الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لإسرائيل، فقبل الحرب، بلغت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل نحو 3.8 مليار دولار سنوياً بموجب اتفاق تم توقيعه خلال إدارة الرئيس باراك أوباما. وهذا يعادل نحو 14 في المائة من الإنفاق العسكري الإسرائيلي قبل الحرب.

كما قدمت الولايات المتحدة دعماً مالياً حاسماً لإسرائيل خلال أوقات الشدة. ففي عام 2003 وافق الكونغرس على 9 مليارات دولار في شكل ضمانات ائتمانية تسمح لإسرائيل بالاقتراض بأسعار معقولة بعد أن عانى الاقتصاد خلال «الانتفاضة الفلسطينية».

وشكلت الحكومة الإسرائيلية لجنة برئاسة القائم بأعمال مستشار الأمن القومي السابق جاكوب ناجل، الذي تفاوض على أحدث حزمة مساعدات أميركية لإسرائيل، لتقديم توصيات بشأن حجم ميزانية الدفاع المستقبلية وتقييم مدى تأثير زيادة الإنفاق الدفاعي على الاقتصاد.

وقال الخبير الاقتصادي إيكشتاين إن الميزانية التي تتضمن بعض الزيادات الضريبية وتخفيضات الإنفاق الاجتماعي ستكون ضرورية لدعم الانتعاش بعد الحرب ودفع تكاليف الدفاع المستمرة الأعلى على الأرجح.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

شؤون إقليمية جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو: إسرائيل ستتحرك ضد الحوثيين

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل ستواصل التحرك ضد جماعة الحوثي في اليمن، متهماً إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق.

«الشرق الأوسط» (القنيطرة (سوريا))

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، وذلك في ظلّ وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وقالت الوكالة: «سلّم العدو الإسرائيلي المواطنين المحررين السبعة، الذين كانوا اعتقلوا من قبل العدو بعد وقف إطلاق النار، إلى قوات اليونيفيل عند معبر رأس الناقورة».

وبعد عام من القصف المتبادل، كثّفت الدولة العبرية اعتباراً من 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وفي 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، غير أنّهما تبادلا بعد ذلك الاتهامات بانتهاكه.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بوصول «المواطنين السبعة المحرّرين الذين كانوا اعتقلوا من قبل العدو الإسرائيلي إلى مستشفى اللبناني الإيطالي، حيث نقلهم (الصليب الأحمر) اللبناني بسيارته، بمرافقة (الصليب الأحمر) الدولي وقوات اليونيفيل». وأضافت أنّه «بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، اصطحبت مخابرات الجيش المفرج عنهم إلى مقر المخابرات في صيدا لإجراء التحقيقات».

وأكد متحدث باسم «اليونيفيل» الإفراج عن 7 مدنيين عند موقع القوة التابعة للأمم المتحدة في رأس الناقورة، بالتنسيق مع «الصليب الأحمر» اللبناني واللجنة الدولية للصليب الأحمر. ولم يدلِ الجيش الإسرائيلي بأي تعليق على هذا الأمر.

وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تمّ التوصل إليه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعمالاً عدائية استمرّت أكثر من عام، بما في ذلك حرب شاملة استمرّت شهرين بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران.

وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي حصل برعاية فرنسية أميركية، على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً من لبنان في غضون 60 يوماً، وعلى انسحاب «حزب الله» من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني. كما يتمّ إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة «حزب الله» الثقيلة، ويتسلّم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية مواقع الجيش الإسرائيلي و«حزب الله».

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، اليوم، بأنّ الجيش الإسرائيلي «قام بعمليات نسف كبيرة في بلدة كفركلا». وأشارت إلى أنّه «فجّر عدداً من المنازل في منطقة حانين في قضاء بنت جبيل»، مستنكرة «اعتداءاته المتكرّرة على القرى الجنوبية المحتلة».

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنّ جنوده «حددوا موقع مجمع قتالي يحتوي على 8 مرافق تخزين أسلحة، ودمّروه وفقاً لوقف إطلاق النار والتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».