لاجئون وخبراء لـ«الشرق الأوسط»: عفو الأسد غير مقنع وسيضر السوريين في تركيا

ما بين محدوديته والمخاوف من العودة وضغوط الشارع والأحزاب

أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)
أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)
TT

لاجئون وخبراء لـ«الشرق الأوسط»: عفو الأسد غير مقنع وسيضر السوريين في تركيا

أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)
أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)

أثار المرسوم الرئاسي السوري بشأن العفو عن بعض الهاربين في الداخل والخارج بشرط تسليم أنفسهم، جدلاً واسعاً في تركيا التي تحتضن أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري يواجهون مطالبات متصاعدة بترحيلهم تطورت إلى أعمال عنف، وبعض العنصرية في ظل الوضع الاقتصادي الضاغط.

وعلى الرغم من أن المرسوم الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، الأحد الماضي، لم يتطرق إلى أوضاع اللاجئين بشكل عام، فإن بعض وسائل الإعلام رأت فيه فرصة يجب على تركيا استغلالها لإعادة اللاجئين إلى بلادهم.

سوريون يعملون بأحد مصانع الملابس الجاهزة في تركيا (وسائل إعلام تركية)

وتناول المرسوم بشكل أساسي العفو عن الفارّين من الخدمة العسكرية في الداخل بشرط تسليم أنفسهم خلال 3 أشهر، وفي الخارج بشرط تسليم أنفسهم خلال 4 أشهر.

وذهب البعض إلى ما هو أبعد عبر منصات التواصل الاجتماعي، مروّجين أخباراً مصطنعة للترغيب، تارة بالحديث عن قرار للرئيس السوري بتقديم دعم مالي ومنازل ووظائف للسوريين العائدين من تركيا، والترهيب تارة أخرى بالحديث عن إسقاط الجنسية السورية عن الأشخاص الذين لا يعودون خلال 6 أشهر.

وانتشرت أخبار كاذبة عبر حسابات معروفة بمناهضة اللاجئين السوريين، مفادها أن حكومة دمشق ستقدم دعماً مالياً قدره 5 آلاف دولار لكل عائلة سورية تعود من تركيا إلى سوريا، بالإضافة إلى توفير منازل جديدة وفرص عمل جاهزة.

ونفت وكالة «الأناضول» الرسمية هذه الأخبار، مؤكدة أنه لم يصدر عن الحكومة السورية أي تصريحات بهذا المعنى.

وبعيداً عن هذه الضجة، جاءت ردود فعل السوريين أنفسهم على القرار لتؤكد أنه لن يغير من الأمر شيئاً بالنسبة لهم.

سورية تحيك ثوباً في أحد مصانع الملابس الجاهزة في تركيا (أرشيفية)

محمود الحسيني، هو أحد السوريين الذين جاؤوا إلى تركيا منذ أكثر من 12 عاماً، ويعمل بأحد مصانع الجلود في إسطنبول، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يفكر بالعودة إطلاقاً، «على الرغم من أن الوضع في تركيا لم يعد مريحاً كما كان في البداية؛ حيث لاقى اللاجئون التعاطف، وكان الوضع الاقتصادي أفضل، إلا أن الحال هنا تبقى أفضل بكثير من خلال ما علمنا عما واجهه بعض السوريين الذين اختاروا العودة».

الأمر ذاته بالنسبة لـ«علاء محمود»، الذي يدير محلاً للبقالة السورية في أحد أحياء إسطنبول، والذي قال: «أسست حياة جديدة هنا، تزوجت وأصبح عندي أطفال، اعتادوا الحياة هنا، عائلتي فقدت كل ما كان لديها في سوريا، وليس هناك أي شيء واضح، تحت أي شروط سنعود، وهل ستعاد لنا بيوتنا وأراضينا ومحالنا حتى نضحي بما حققناه هنا؟».

يوجد حالياً، حسب آخر الإحصاءات التركية الرسمية، نحو 3 ملايين و100 ألف لاجئ سوري، تراجعاً من نحو 3.7 مليون، حيث غادر نحو 600 ألف في إطار برامج العودة الطوعية إلى مناطق أهّلتها تركيا بالتعاون مع قطر في شمال سوريا.

شهد السوريون حوادث عنف وأعمالاً عنصرية استهدفتهم في السنوات الأخيرة (أرشيفية)

وطرح قرار العفو تساؤلات عن تأثيره على وضع اللاجئين في تركيا وغيرها من الدول. وأوضح رئيس «تجمع المحامين السوريين في تركيا»، غزوان قرنفيل، أن قرار العفو يتعلق بشكل أساسي، كما هو واضح بالفارّين من خدمة العلم سواء داخل سوريا أو خارجها، ومرتكبي بعض الجنح، وبالتالي فهو مرسوم «قاصر»، ولا يغطي الهدف الذي تسعى إليه الدول الإقليمية الراغبة في المصالحة مع دمشق على أساس التسوية السياسية للأزمة السورية، مثل تركيا، أو حتى تغطية عمليات الترحيل التي تتم من الأردن والعراق ولبنان إلى مناطق سيطرة الحكومة.

وبالنسبة لانعكاس المرسوم على وضع اللاجئين السوريين في تركيا، أوضح قرنفيل لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات الترحيل تتم إلى مناطق خارجة عن سيطرة حكومة دمشق، لكن سيكون للمرسوم ارتدادات بالتأكيد على السوريين في تركيا، لأنه من غير الواضح بالنسبة للأتراك أن هذا العفو لا يغير من المخاطر بالنسبة للعائدين إلى سوريا، لأنهم يفهمون أن ذلك هو عفو عام، وأن على اللاجئين العودة.

ولفت إلى أن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تتجاهل طبيعة المرسوم، رغم إدراكها حقيقة أنه لا يعد عفواً عاماً، من أجل دعم المواقف أو السياسات القائمة على تصفية هذا الملف بغض النظر عما إذا كان اللاجئون سيتمكنون من العودة إلى مدنهم وبلداتهم أم لا، وهذا هو وجه الخطورة في الموضوع.

إحدى شركات التحويلات المالية السورية في منطقة أسنيوت في إسطنبول (إكس)

بدوره، لفت القاضي الخبير القانوني السوري، أنور المجني، إلى أن المرسوم لا يمثل عفواً عاماً، إذ يتعلق ببعض الجنح، ولم يتطرق إلى الجنايات التي تم إدراج جميع الملاحقين بتهم الإرهاب تحتها، وحتى بالنسبة للعفو عن العسكريين الفارين في الداخل أو الخارج، فقد اشترط المرسوم تسليم أنفسهم أولاً.

وأضاف أن أغلب المعارضين مطلوبون لدى الأفرع الأمنية، وهؤلاء لا تنطبق عليهم أي مادة قانونية، وهذه الأفرع غير معنية أصلاً بقانون العفو.

ونبه أنور المجني في تعليق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك أمراً مهماً وهو عدم ثقة اللاجئين في تركيا فيما يصدر عن الدولة السورية، وليس بإمكان أحد منهم أن يعرف ما إذا كان مطلوباً أم غير مطلوب، وليست هناك وسيلة لمعرفة ذلك إلا عند العودة واعتقاله من جانب الأفرع الأمنية، من عدمه.

ورأى أن تأثير المرسوم الجديد على اللاجئين في تركيا هو تأثير «صفري»، وأن قضية العودة مرهونة بتوفير الظروف التي تجعل الناس آمنة على حياتهم وحريتهم، وهو ما ليس متوفراً الآن.


مقالات ذات صلة

مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

العالم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

ندد المفوض السامي للاجئين في الأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، بالاقتطاعات في المساعدات الإنسانية هذا العام، معتبراً أنها «غير مسؤولة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم مواطنون من الكونغو الديمقراطية فروا من القتال إلى منطقة آمنة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تعيد النظر في استراتيجيتها الخاصة باللاجئين وسط تحديات كثيرة

تعتزم الأمم المتحدة إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة باللاجئين بدءاً من الاثنين في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس العراقي السابق برهم صالح لتولي منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أشخاص يمرون بجوار الخيام في طريقهم للصعود إلى القطار بعد عبورهم الحدود من أوكرانيا إلى بولندا وسط الغزو الروسي (رويترز)

تراجع طفيف... 4.3 مليون لاجئ أوكراني في الاتحاد الأوروبي

سجل عدد اللاجئين الفارين من أوكرانيا الذين حصلوا على الحماية المؤقتة في دول الاتحاد الأوروبي حتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 4.3 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
تحقيقات وقضايا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله الرئيس السوري أحمد الشرع خلال أول زيارة له في أنقرة 4 فبراير 2025 (الرئاسة التركية)

الصعود التركي في سوريا... من المواجهة إلى التحالف

في الأسابيع الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تشكلت قناعة بأن تركيا لعبت الدور الأكبر في الوصول «السلس» لفصائل المعارضة إلى دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
TT

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)

قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن طهران تعارض بشدة ما وصفه بـ«مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب» في القوقاز، وذلك عقب اتفاق رعته واشنطن بين أرمينيا وأذربيجان لإنشاء ممر عبور جديد.

وجاءت تصريحات ولايتي لدى استقباله السفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، حيث ناقشا آخر المستجدات بما في ذلك أوضاع جنوب القوقاز.

ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.

ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين»، الذي عرف بـ«ممر تريب». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».

مصافحة ثلاثية بين دونالد ترمب وإلهام علييف ونيكول باشينيان في البيت الأبيض يوم 8 أغسطس 2025 بعد توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان (رويترز)

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ولايتي قوله إن ما يُعرف بـ«مشروع ترمب» في القوقاز، لا يختلف عن «ممر زنغزور»، وأن إيران تعارضه بشكل قاطع. وأضاف أن طهران عارضت منذ البداية مشروع ممر زنغزور، بسبب رفضها أي تغيير في الحدود أو أي تطورات من شأنها تهديد أمنها الإقليمي.

ورأى ولايتي أن «مشروع ترمب» هو عملياً المشروع نفسه مع تغيير في التسمية فقط، ويجري حالياً الترويج له عبر دخول شركات أميركية إلى أرمينيا.

وأوضح ولايتي أن إيران أعلنت معارضتها الحازمة لهذا المشروع، سواء بمشاركة روسيا أو من دونها، حتى في الفترة التي كانت فيها موسكو منشغلة بالحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن طهران نجحت في منع تنفيذه؛ لأن هذا الممر كان يمكن أن يفتح الطريق أمام وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) شمال إيران، ويشكّل تهديداً خطيراً لأمن شمال إيران وجنوب روسيا.

وحذر ولايتي من أن «التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تدخل المناطق الحساسة بدايةً عبر مشاريع ذات طابع اقتصادي، قبل أن يتوسع وجودها تدريجياً ليأخذ أبعاداً عسكرية وأمنية»، مشدداً على أن «أي مشروع يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على حدود إيران ستكون له تداعيات أمنية واضحة».

وفي أغسطس، توالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)»، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.

وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عده قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وكان ولايتي قد عدّ أن «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».

وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى بريفان، عاصمة أرمينيا، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في محاولة للاطلاع على تفاصيل الاتفاق.

وقلل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حينها من الردود الداخلية، قائلاً إن الاتفاق «يحترم مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».


برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».


طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
TT

طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التوصل إلى اتفاق بين إيران وبيلاروسيا على إعداد خريطة طريق للتعاون خلال العام المقبل.

وقال عراقجي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي ماكسيم ريجنكوف في إطار زيارته الرسمية إلى مينسك، إنه أجرى «مباحثات جيدة وبناءة ومثمرة» مع ريجنكوف، وكذلك مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أسهمت في دفع العلاقات الثنائية قدماً، حسبما أفادت وسائل إعلام إيرانية.

وأشار إلى وجود تقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية، لافتاً إلى أن طهران ومينسك تتعاونان بشكل وثيق في المحافل الدولية، ولديهما مواقف متقاربة إزاء القضايا الإقليمية.

وقال عراقجي إن زيارة رئيس بيلاروسيا إلى إيران العام الماضي، وكذلك زيارة الرئيس الإيراني إلى بيلاروسيا في أغسطس (آب) الماضي، شكّلتا محطتين مهمتين في مسار العلاقات الثنائية، وأسهمتا في تحقيق قفزة ملحوظة في التعاون السياسي والاقتصادي.

وأشار إلى انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين الأسبوع الماضي في طهران، موضحاً أن الاجتماع أسفر عن اتفاقات «مهمة وقيمة» تعكس إرادة جادة لدى الطرفين لمواصلة التعاون والاستفادة من القدرات الاقتصادية المتاحة.

وأضاف أن إيران وبيلاروسيا تخضعان لعقوبات أحادية الجانب، وأنهما تتعاونان في مجال مواجهة هذه العقوبات، مشيراً إلى أن البلدين عضوان في مجموعة «أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة».

وأوضح أن المشاورات التي جرت خلال الزيارة انتهت إلى الاتفاق على وضع خريطة طريق للتعاون للعام المقبل، تحدد خطوات عملية لتعزيز الاستفادة من إمكانات البلدين.

من جهتها، أفادت وزارة الخارجية البيلاروسية بأن الوزير ريجنكوف أبلغ نظيره الإيراني أن بلاده ستبذل أقصى الجهود لجعل الزيارة الرسمية «مفيدة ومثمرة قدر الإمكان».

ومن مينسك، سيتوجه عراقجي إلى موسكو في إطار زيارة عمل، حيث سيجري، الأربعاء، محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان، إن الوزيرين يعتزمان مناقشة القضايا الدولية الراهنة بتفصيل، بما في ذلك الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول ملفات إقليمية ذات اهتمام مشترك.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية، عن البيان، أن لقاء الوزيرين سيجري إيلاء اهتمام خاص للقضايا الراهنة في جدول العلاقات الثنائية الروسية - الإيرانية، بما في ذلك سبل تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة لمدة 25 عاماً، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.