توتر بين بزشكيان والبرلمان بسبب «الاتفاق النووي» و«فاتف»

نواب انتقدوا تصريحاته عن «أخوة أميركا» و«تصدير الثورة»

صورة من فيديو على موقع البرلمان الإيراني من رئيسه محمد باقر قاليباف لدى استقباله الرئيس مسعود بزشكيان
صورة من فيديو على موقع البرلمان الإيراني من رئيسه محمد باقر قاليباف لدى استقباله الرئيس مسعود بزشكيان
TT

توتر بين بزشكيان والبرلمان بسبب «الاتفاق النووي» و«فاتف»

صورة من فيديو على موقع البرلمان الإيراني من رئيسه محمد باقر قاليباف لدى استقباله الرئيس مسعود بزشكيان
صورة من فيديو على موقع البرلمان الإيراني من رئيسه محمد باقر قاليباف لدى استقباله الرئيس مسعود بزشكيان

واجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان انتقادات حادة من المشرعين المتشددين بعدما تعهد بإعادة فتح ملف الانضمام إلى مجموعة العمل المالي «فاتف» المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب، معلناً استعداد بلاده للعودة إلى التزامات الاتفاق النووي، بحال عودة الأطراف الأخرى.

وقام بزشكيان بزيارة مفاجئة إلى البرلمان، وحضر جلسة غير رسمية للرد على «بعض الشبهات» حول تصريحاته في المؤتمر الصحافي الأول الذي عقده بعد نحو 70 يوماً على فوزه بمنصب الرئاسة، في الانتخابات الرئاسية المبكرة إثر مقتل الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.

وقال المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان علي رضا سليمي إن بزشكيان «قدم بعض الملاحظات، وشرح موضوعات مختلفة لحل قضايا المواطنين»، وقال: «تحدث 14 نائباً، كل منهم لمدة دقيقة واحدة».

وقال عضو هيئة عضو هيئة رئاسة البرلمان، أحمد نادري إن بزشكيان أجاب في الجلسة غير الرسمية عن أسئلة 14 نائباً، حول القضايا الجارية خصوصاً المشكلات الاقتصادية، موضحاً أن بعض النواب «أثاروا شكوكاً وشبهات بشأن تصريحات الرئيس في المؤتمر الصحافي والتي رد عليها الرئيس في نهاية هذه الجلسة الودية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

لكن النائب مصطفى بوردهقان، كشف في تصريحات لوكالة «إيلنا» الإصلاحية عن أجواء متوترة في الحضور المفاجئ للرئيس الإيراني، معرباً عن أسفه لأن بعض النواب «لم يظهر الكثير من الود، وانشغلوا بالقضايا الهامشية، لكن في النهاية انتهت الأمور على خير ووئام».

وأعرب النائب عن اعتقاده أن حضور الرئيس في البرلمان «خارج البروتوكولات، دون تخطيط مسبق، يظهر احتراماً للنواب وبطريقة غير مباشرة للشعب». وأضاف: «يجلس نواب ممثلون من كل منطقة في إيران، والرئيس يأتي ويتحدث، فلا يصح أن ندخل في حالة من التوتر».

وحول القضايا التي نوقشت في اجتماع الرئيس مع النواب، قال بوردهقان: «كانت هناك نفس القضايا المعتادة التي تُطرح دائماً، تحدث (الرئيس) عن الوحدة والتعاون، وشدد على ضرورة تجاوز الخلافات. كما تناول مسألة اختلال التوازن في قطاع الطاقة والبنزين، وأكد أنه يتابع الموضوع من كثب».

ووجَّه عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، النائب المتشدد، محمود نبويان هجوماً لاذعاً على بزشكيان، ونائبه للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، وحليفهم الرئيس الأسبق حسن روحاني.

ونقلت مواقع إيرانية عن نبويان قوله: «أعلن الرئيس في مؤتمره الصحافي أن حل كثير من المشكلات مرتبط بحل مسألة الاتفاق النووي واتفاقية (فاتف)، ويبدو أن نفس المسار الخاطئ تماماً الذي سلكته حكومة روحاني سيتبع مرة أخرى، حيث سيتم ربط حل المشكلات بموافقة أعداء الأمة».

وقال النائب إن مجموعة «فاتف» طالبت إيران بإدراج «(فيلق القدس)، وقاسم سليماني وأهالي غزة، و(حماس) واليمن وكل قوى المقاومة على قائمة الإرهاب، بالإضافة إلى ذلك، يجب إطلاع أميركا والدول الأخرى على جميع المعلومات المالية، يعني أن كل طرق التجارة للشعب الإيراني سيتم تحديدها وإغلاقها بالكامل. فهل الذين يكتبون للرئيس قد أخبروه بهذه الأمور أم لا؟».

وأضاف: «حاولوا أولاً قراءة نص الاتفاق النووي واتفاقية (فاتف) مرة واحدة على الأقل، ولا تثقوا فقط بوساوس أولئك الذين تعيش عائلاتهم وأطفالهم في الخارج. ثانياً، استخلصوا العبر من المحاولات الباطلة خلال عهد روحاني...».

وبشأن تأثير إحياء الاتفاق النووي على العقوبات، قال نبويان: «العقوبات لن تُرفع من خلال الاتفاق النووي؛ لأن ظريف التزم في الاتفاق بأن تبقى جميع العقوبات الأولية، وكذلك العقوبات المتعلقة بالصواريخ وحقوق الإنسان والإقليمية والسيبرانية وجميع القضايا الأخرى».

وحذر نبويان من إحياء الاتفاق «يعني أن الصناعة النووية ستقيد وتُدمر، وألا ترفع العقوبات، والدليل هو أن العقوبات خلال 8 سنوات من توقيع الاتفاق زادت من 800 إلى 1500 عقوبة».

بزشكيان يصل إلى مقر المؤتمر الصحافي الأول له بعد 70 يوماً من فوزه بالرئاسة (د.ب.أ)

«أخوة أميركا»

وقال بزشكيان في المؤتمر الصحافي إنه من الممكن لإيران أن تجري محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا «أثبتت واشنطن فعلياً أنها ليست معادية للجمهورية الإسلامية».

وأجاب رداً على سؤال بشأن رسالته الواضحة إلى الولايات المتحدة، بأن بلاده «لا تسعى للتوسع (في المنطقة)، أو تصدير الثورة». وقال: «لا نعادي الولايات المتحدة. عليهم أن يوقفوا عداءهم تجاهنا من خلال إظهار حسن نيتهم ​​عملياً»، مضيفاً: «نحن إخوة للأميركيين أيضاً».

ووجَّه النائب المتشدد، أمير حسين ثابتي، إنذاراً شفهياً إلى بزشكيان، قائلاً إن «الأميركيين أثبتوا أنهم لا يريدون الأخوة معنا، ويريدون العداء». واحتج أيضاً على قوله بشأن عدم سعي بلاده لتصدير الثورة، وطالبه باحترام المادة 154 من الدستور الإيراني التي تنص على أن «الجمهورية الإسلامية تدعم النضال العادل للمستضعفين ضد المستكبرين في أي مكان من العالم». وأضاف: «هل من المقرر أن تقوموا بتغيير الدستور تحت عنوان الوفاق الوطني».

وفي سياق الرسائل للقوى الغربية، قال بزشكيان إن «حكومته لم ترسل أي أسلحة إلى روسيا منذ توليها السلطة في أغسطس (آب) الماضي»، بعد أن اتهمت القوى الغربية طهران بتسليم صواريخ باليستية إلى موسكو في سبتمبر (أيلول).

ولا تخضع القوات المسلحة الإيرانية للرئيس والحكومة، بل يعين المرشد علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة، رئيس الأركان وقادة الجيش، والجهاز الموازي له «الحرس الثوري» الذي يشرف على صناعة الصواريخ الإيرانية، وتتولى ذراعه الخارجية «فيلق القدس» شحنها إلى جماعات مسلحة في الخارج.

ويسمى الرئيس الإيراني وزير الدفاع بعد تنسيق مع المرشد الإيراني وهيئة الأركان، لكن الحكومة لا تلعب دوراً رئيسياً في شحن الأسلحة.  

وفرضت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا عقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية، على خلفية إرسال صواريخ باليستية إلى روسيا.

وكان وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، قد كشف في تسجيل صوتي جرى تسريبه، في مارس (آذار) 2021، عن تلقيه اتصالاً من نظيره الأميركي، جون كيري، بعد توقيع الاتفاق النووي، يبلغه فيها بإرسال أسلحة إلى سوريا عبر الخطوط الجوية الإيرانية.

وتعهد بزشكيان بإعادة مناقشة الانضمام إلى «فاتف» في مجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث تجمدت الخطة في عهد حكومة حسن روحاني، بعدما أثارت خطتها خلافات كبيرة مع البرلمان ومجلس صيانة الدستور الهيئة التي تراقب تشريعات البرلمان.

وحينها، قالت الأوساط المؤيدة لأنشطة «الحرس الثوري» في الخارج، إن قبول قواعد «فاتف» سيقيد تمويل جماعات يراها «فيلق القدس»، على رأسها «حزب الله» اللبناني.

حقائق

مجموعة العمل المالي (فاتف)

• هيئة عالمية للحكومات معنية بمكافحة تدفقات الأموال غير المشروعة.

• أُسست في 1989 ومقرها باريس.

• تدعم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر وضع قواعد عالمية والتحقق مما إذا كانت الدول تحترم تلك القواعد.

وبعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي، وإعادة العقوبات على طهران في 2018، قالت الشركات الأجنبية إن التزام إيران بقواعد «فاتف» ضروري إذا كانت تريد اجتذاب المستثمرين.

كذلك، ربطت فرنسا وبريطانيا وألمانيا التزام إيران وحذفها من القائمة السوداء لـ«فاتف» باستخدام قناة أطلقت للتجارة بغير الدولار مع إيران تجنباً للوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وهيمنت مفردات «الاتفاق النووي» و«فاتف» على الصفحات الأولى للصحف الإيرانية الصادرة، صباح الثلاثاء. وقال بزشكيان: «لا مناص لنا من حلحلة قضية (فاتف)»، وهو العنوان الذي سلطت عليه الضوء صحيفة «شرق» الإصلاحية.

وكتبت صحيفة «دنياي اقتصاد»: "عودة ملف (فاتف) إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام».  وفي عنوانها الرئيسي، اقتبست صحيفة «سازندكي» الإصلاحية عن بزشيكان قوله: «الاتفاق النووي يعني خلق الوظائف».

صحيفة «شرق» تعلّق على تصريح بزشكيان حول «فاتف»

ومن جهتها، قالت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة، إن «الوفاق الوطني والتآزر أساس حل المشكلات». أما صحيفة «كيهان» الرسمية فقد اتهمت بزشكيان بالتهرب من سؤالها حول أسباب تعيين مسؤولين من أصحاب الخلفيات المثيرة للجدل.

أما صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري»، فقد أبرزت قول بزشكيان: «لا نطيق إسرائيل».  بينما اختارت صحيفة «هم ميهن» عنوانها من تصريح بزشكيان: «لا يمكن إدارة البلاد بالغطرسة».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية العلَم الإيراني ورمز الذرّة وعبارة «البرنامج النووي»... (رويترز)

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي

«كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أفراد من القوات الإيرانية يحملون نعش العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خلال مراسم تشييعه في طهران (رويترز)

قائد الجيش الإيراني ينفي وجود «أبعاد عسكرية» للمشروع النووي لبلاده

«إذا كانت القضية قد أغلِقت رسمياً، فلماذا تُعاد إثارتها استناداً إلى ادعاءات أعداء إيران؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية نواب في جلسة شهدت انتقادات حادة لروحاني وظريف في 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)

روحاني: إيران عالقة في حالة «لا حرب ولا سلام»

قال الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، إن إيران تحتاج إلى «فضاء آمن، لا فضاء أمني»، وإن تعزيز الردع يمر عبر جذب النخب وإزالة الأجواء الأمنية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.


إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».