الرد الإسرائيلي على إيران بين الضرورة النظرية والمحاذير العملية

لقطة فيديو بثته وسائل إعلام «الحرس الثوري» من إطلاق صواريخ على إسرائيل
لقطة فيديو بثته وسائل إعلام «الحرس الثوري» من إطلاق صواريخ على إسرائيل
TT
20

الرد الإسرائيلي على إيران بين الضرورة النظرية والمحاذير العملية

لقطة فيديو بثته وسائل إعلام «الحرس الثوري» من إطلاق صواريخ على إسرائيل
لقطة فيديو بثته وسائل إعلام «الحرس الثوري» من إطلاق صواريخ على إسرائيل

نفّذت إيران تهديدها بالرد على إسرائيل، عدوتها الإقليمية، من خلال شن هجوم كثيف وغير مسبوق عليها مساء السبت. لكنّ محللين رأوا أنّ البلدين لن يتوقفا عند هذا الحد، وعدوا أن ردّ إسرائيل على إيران أمرٌ شبه محتّم لكنه في الوقت نفسه عملية محفوفة بالمخاطر يمكن أن تفاقم زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

لماذا سترد إسرائيل؟

بينما اعتادت إيران وإسرائيل على التواجه من خلال أطراف ثالثة مثل «حزب الله» اللبناني، شنت الجمهورية الإسلامية لأول مرة هجوماً مباشراً من أراضيها بمئات الصواريخ والمسيّرات.

وقال المستشار الأمني ستيفان أودراند لوكالة الصحافة الفرنسية إنه حتى مع إسقاط إسرائيل وحلفائها معظم الصواريخ والمسيّرات، فإن هذا الحدث «يعيد كتابة العلاقات» بين الخصمين.

في الأول من أبريل (نيسان) تجاوزت غارة جوية على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية قواعد الاشتباك، ونُسبت إلى إسرائيل. وتسبّب الهجوم بمقتل قيادي كبير في «الحرس الثوري»، الذي توعّد بالرد.

وقال ستيفان أودراند: «تقليدياً، لا تتسامح إسرائيل مطلقاً إذا تعرضت أراضيها الوطنية لضربة من دولة أخرى»، عاداً أنّ بنيامين نتنياهو «لا يمكنه عدم الرد».

كذلك أكد تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذي يرأس «معهد دراسات الأمن القومي» (INSS) أنّ «رداً اسرائيلياً سيحصل على الأراضي الإيرانية».

هل ستهاجم إسرائيل «النووي الإيراني»؟

وقالت المحللة سيما شاين، وهي عميلة سابقة لدى «الموساد»، وتدير البرنامج بشأن إيران في «معهد دراسات الأمن القومي»: «إذا ردت إسرائيل، فسيكون ذلك وفقاً للمعايير نفسها: على مواقع عسكرية، وليس على الجانب المدني وعلى الأرجح ليس على الجانب الاقتصادي».

ورأى ستيفان أودراند أنه لاحتواء خطر التصعيد، «يجب على الإسرائيليين أن يكتفوا بضربات على مواقع تقليدية، على مواقع أُطلقت منها صواريخ، على مصانع طائرات مسيّرة».

إلى ذلك، قال الخبير في الشؤون الإيرانية في «الجامعة العبرية» في القدس، مناحيم مرحافي، إنه يبدو أن الهجوم الإيراني صُمّم لتجنّب «عدد كبير من الضحايا في الجانب الإسرائيلي».

وعدَّ حسني عبيدي، من «مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسط» في جنيف، أن الإيرانيين ضربوا إسرائيل «بطريقة مُراقبة»، خصوصاً «حتى لا يتعرضوا لرد فعل كبير من جانب إسرائيل من شأنه أن يعرض برنامجهم النووي للخطر».

وشكل البرنامج النووي الإيراني منذ سنوات محور توترات بين إيران وإسرائيل التي تتهم الجمهورية الإسلامية بالسعي لامتلاك أسلحة نووية، وهو ما تنفيه الأخيرة.

ولفت ستيفان أودراند إلى أنه مع وجود رئيس وزراء إسرائيلي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته يعمل على بقائه السياسي على رأس ائتلاف يميني ويميني متطرف، هناك «بعض المخاطر باستهداف (النووي)».

ما هي المخاطر؟

حذر مئير ليتفاك، مدير «مركز الدراسات الإيرانية» في جامعة تل أبيب، من أنه «إذا ردّت إسرائيل بقوة شديدة، فمن المحتمل أن نجد أنفسنا في حالة تصعيد يمكن أن تتوسّع».

لكنه أكد أنه ليس من مصلحة إسرائيل فتح جبهة مباشرة جديدة مع إيران في وقت تنخرط البلاد في حرب مع حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة، وفي وقت يواجه المسؤولون الإسرائيليون انتقادات شديدة بشكل متزايد من عواصم أجنبية بسبب الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة.

وتوحدت هذه العواصم نفسها، على رأسها واشنطن منذ السبت ضد إيران، مؤكدة دعمها لإسرائيل، في حين أكد الجيش الاسرائيلي أن دولاً عدةً، بينها الولايات المتحدة والأردن وبريطانيا وفرنسا، دعمت عسكرياً الدفاع الإسرائيلي.

ولفتت سيما شاين إلى أن الدعم الأميركي يصل إلى درجة أن «إسرائيل لا تستطيع الرد من دون استشارة الأميركيين».

وأكد تامير هايمان أنه قبل الرد «لا يتعلق الأمر فقط بالتشاور، بل بالحصول على موافقة واشنطن».

وكتب على موقع «إكس»: «الوقت في صالحنا، يمكننا التفكير والتخطيط والتصرف بذكاء»، معتقداً أن «النجاح الدفاعي» الذي تم تحقيقه في نهاية هذا الأسبوع يسمح بعدم التسرع.


مقالات ذات صلة

إيران تعدم «جاسوساً للموساد» على خلفية اغتيال قيادي بـ«الحرس الثوري»

شؤون إقليمية مشيعون يحملون جثة القيادي في «فيلق القدس» صياد خدائي بمراسم جنازة رسمية في طهران مايو 2022 (أ.ف.ب)

إيران تعدم «جاسوساً للموساد» على خلفية اغتيال قيادي بـ«الحرس الثوري»

أعلنت إيران، اليوم (الأربعاء)، أنها أعدمت رجلاً تتهمه بـ«التجسس» لحساب جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، والضلوع في مقتل مسؤول عسكري إيراني عام 2022.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
الولايات المتحدة​ شعار وزارة الخزانة الأميركية على مقرها في واشنطن (رويترز)

أميركا تفرض عقوبات على شركات في الصين وإيران بتهمة دعم طهران

فرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عقوبات على شبكة مقرها إيران والصين، اتهمتها بشراء مكونات وقود الصواريخ الباليستية نيابة عن «الحرس الثوري» الإيراني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني يتحدث خلال مؤتمر صحافي يناير الماضي (إيسنا)

«الحرس الثوري»: سنردّ بشكل حازم ومُوجِع على أي اعتداء

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني جاهزيته للرد «على أي عدوان»، وذلك بعد تقارير عن استعداد إسرائيلي لاستهداف البرنامج النووي، وسط تهديدات أميركية باستخدام القوة.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية صورة فضائية من شركة «بلانت لبس» ترصد قاذفات «بي 2» الشبحية بـ«دييغو غارسيا» 26 مارس 2025 (أ.ب) play-circle

هل تقضي ضربات عسكرية على برنامج إيران النووي؟

نشرت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة قاذفات من طراز «بي 2» على مقربة من إيران، في إشارة قوية لطهران لما قد يحدث لبرنامجها النووي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية - تسنيم)

«الحرس» الإيراني: قدراتنا الدفاعية «خط أحمر» في المحادثات مع واشنطن

رفض «الحرس الثوري» التفاوض بشأن قدرات إيران العسكرية في المحادثات النووية مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«حل الدولتين»... حلم فلسطيني لا يُرى ولا يزول

فلسطيني يلوح بعلم بلاده أمام آليات عسكرية إسرائيلية في طولكرم أغسطس الماضي (رويترز)
فلسطيني يلوح بعلم بلاده أمام آليات عسكرية إسرائيلية في طولكرم أغسطس الماضي (رويترز)
TT
20

«حل الدولتين»... حلم فلسطيني لا يُرى ولا يزول

فلسطيني يلوح بعلم بلاده أمام آليات عسكرية إسرائيلية في طولكرم أغسطس الماضي (رويترز)
فلسطيني يلوح بعلم بلاده أمام آليات عسكرية إسرائيلية في طولكرم أغسطس الماضي (رويترز)

في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأسبوع الماضي، في رام الله، خرج الرئيس محمود عباس أبو مازن عن النص المكتوب، بكلمات لم تحظ بتعليق واسع؛ قال الرجل للحاضرين: «ليس 20 عاماً. بل (بعد) أقل بكثير ستقوم الدولة الفلسطينية».

والتصريح النادر لعباس، يتجاوز المطالبة بإقامة الدولة المرجوة إلى إعلان موعد تقريبي أو ربما مأمول.

والحاصل أن الحلم الفلسطيني المرجو في «حل الدولتين» يبدو اليوم شبيهاً بفراشة شاعر فلسطين الأبرز، محمود درويش، الذي قال يوماً: «أثر الفراشة لا يُرى... أثر الفراشة لا يزول».

لقد كان يُمكن لتصريح أبو مازن أن يحتل عناوين الأخبار لو أنه جاء في وقت كان يتفاوض فيه مع إدارة إسرائيلية أخرى مثل رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت حين كانت التصورات أن الاتفاق حلم ممكن.

لكن مع إيغال إسرائيل في اغتيال كل ما هو فلسطيني «البشر والشجر والحجر»، وحتى حل الدولتين، بدا التصريح نوعاً من الدعاية، أو ضرباً من التفاؤل المفرط، أو مجرد رياضة فكرية، إذ لم يكن مُرتكزاً إلا على معطيات لا يعلمها سواه (أي عباس).

«لم نستسلم»

يرى واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، أن عباس «استند إلى الحق التاريخي للشعب الفلسطيني، والقناعة المطلقة بأن العالم يدعم مبدأً واحداً، وأن أي حل في المنطقة يجب أن يستند إلى قيام دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة تشمل القدس».

يقول أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نستسلم ولم نتراجع؛ إرادتنا واضحة، والجميع يدرك أنه لا حل ولا سلام دون حقوق الشعب الفلسطيني. ولا أحد يستطيع إلغاء ذلك».

فلسطينيون في رام الله يرمون الحجارة على دوريات إسرائيلية في ذكرى الانتفاضة الثانية سبتمبر 2002 (غيتي)
فلسطينيون في رام الله يرمون الحجارة على دوريات إسرائيلية في ذكرى الانتفاضة الثانية سبتمبر 2002 (غيتي)

وتابع: «نتنياهو لا يريد ذلك ويسعى لعزل قطاع غزة وتعزيز الانقسام لإحباط قيام دولة فلسطينية، بل إنه يقول إنها (مزحة). لكن إرادة العالم أقوى من إرادة الاحتلال، ونحن واثقون بإنهائه».

ويدلل أبو يوسف على موقفه بأن «الدعم الدولي والعربي في مواجهة خطة إسرائيل لليوم التالي في قطاع غزة، يؤكد أن انتصار الفلسطينيين على (الدولة المارقة) بما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، سيكون حتمياً».

ماذا حدث منذ أوسلو؟

تعد مسألة إطلاق مسار سياسي لإقامة دولة فلسطينية قديمة للغاية؛ إذ تُوجت عام 1993 بـ«اتفاق أوسلو» للسلام بين إسرائيل و«منظمة التحرير».

كان الاتفاق تحولاً كاملاً ومربكاً إلى حد كبير للطرفين، واتضح لاحقاً أنه كان أيضاً مُعقداً ومستعصياً، ولقد حاولت إسرائيل التخلص منه أكثر من مرة.

وفق اتفاق أوسلو التاريخي الذي قُدم بعدّه مؤقتاً، كان يُفترض أن تقام دولة فلسطينية بعد 5 سنوات من توقيعه أي في عام 1998.

غير أن «الاتفاق الأم» جرّ خلفه اتفاقات ومواجهات عدة، ولم يأت حتى الآن بالدولة.

وتقسمت الدولة بعد ذلك إلى شبه دويلات، واحدة في الضفة مع سلطة ضعيفة، وأخرى في غزة سيطرت عليها «حماس»، وثالثة في القدس الشرقية تحت سيطرة إسرائيل بالكامل.

كان ذلك التشظي مُرضياً بشكل كبير لإسرائيل، حتى حلول «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي غيّر معه إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة برمتها، وحتى العالم.

الأمر مُعقد

عندما سُئل مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ما الذي تريده حكومة إسرائيل؟ قال إن «الأمر معقّد». وتعبير ويتكوف المختصر كان يُبرر لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استئناف الحرب على غزة، لكنه كان يختصر في حقيقة الأمر كل شيء يدور حول الفلسطينيين.

وبينما يخطط نتنياهو لوضع ينهي فيه السلطة و«حماس» معاً، ويجعل قيام الدولة أمراً مستحيلاً، بدأت السلطة مع حلفائها العرب والغربيين، في رسم خطة أخرى مغايرة، تمثل أفضل مخرج ممكن لسنوات طويلة من الصراع والحروب والدماء.

الخطة المضادة والمغايرة، اختصرها رياض منصور المندوب الفلسطيني في مجلس الأمن، يوم الثلاثاء الماضي، بقوله إن «الخطة التي لا بديل لها هي خطة حل الدولتين».

هل حل الدولتين ممكن؟

لا تبدو الإجابة سهلة حالياً، مثلما كانت طوال العقود الماضية، لكن السلطة تنخرط في جهود كبيرة لإطلاق مسار سياسي يقود إلى «رغبة العالم في إنهاء الصراع مرة واحدة إلى الأبد».

ويقول مصدر فلسطيني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة مناقشات جدية وحاسمة مع كل الأطراف لمرحلة ما بعد الحرب ترتكز الى مسار سياسي ينهي كل شيء».

وتحدث المصدر القريب من دائرة صنع القرار في السلطة التي يقودها الرئيس أبو مازن عن أن «القيادة الفلسطينية منخرطة في نقاشات مع الأميركيين والأوروبيين والدول العربية و(حماس) وإسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر من أجل دفع مسار إقامة الدولة».

وترتكز الخطة على إمكانية تبنِّي الولايات المتحدة هذا المسار بعدّه المخرج الوحيد لإنهاء الحرب في قطاع غزة وصنع السلام في المنطقة.

وتابع أنه في سبيل إقامة الدولة «نحن (أي السلطة) مستعدون، وأجرينا تغييرات كبيرة، وحتى (حماس) مستعدة للذهاب إلى أبعد نقطة، وليس فقط تسليم القطاع والتنازل عن الحكم، بل أيضاً فيما يخص تسليم سلاحها».

وقبل أيام قليلة فقط أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن «حماس» مستعدة لقبول الدولة على حدود عام 1967.

وفيما بدا استعداداً لمرحلة الدولة التي تحدث عنها عباس، أجرى الرئيس الفلسطيني بنفسه تغييرات غير مسبوقة في هيكل السلطة الفلسطينية - هي الكبرى، منذ نشأتها - توجت هذا الأسبوع بتعيين حسين الشيخ نائباً له.

وجاء تعيين الشيخ بعد سلسلة تغييرات كبيرة شملت خلال الحرب إقامة حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء محمد مصطفى، وتغييراً طال جميع قادة الأجهزة الأمنية تقريباً، وإحالة مئات الضباط برتبة عميد، للتقاعد بمرسوم رئاسي.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطة تتغير وتستعيد مكانتها استعداداً لما هو قادم».

ليست خطة فلسطينية... وفقط

لم تكن هذه التغيرات في السلطة عبثية، كما أنها ليست وليدة لخطة فلسطينية خالصة، وإنما هي عربية كذلك وأوروبية إلى حد كبير وربما أميركية بصورة ما.

وربما يفسر ما سبق حالة الترحيب العربي الكبير والسريع بتعيين الشيخ نائباً لعباس، بما يشي برضا عن المسار الذي بدأته السلطة، ويمهد الطريق للمسار السياسي.

وبموازاة ذلك تقود المملكة العربية السعودية إلى جانب فرنسا مساراً في مواجهة الخطط الإسرائيلية لإحباط قيام الدولة الفلسطينية، وتستعدان لرئاسة مشتركة لمؤتمر دولي بشأن «حل الدولتين» في يونيو (حزيران) المقبل.

وشدَّد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، على أن أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلَّب الإسراع في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وتلقى المساعي السعودية دعماً عربياً ودولياً، كما تتواكب مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى «اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتحقيق حل الدولتين، وعدم السماح للمتطرفين على أي جانب بتقويض ما تبقى من عملية السلام».

كان غوتيريش يحذر من أنه إذا استمر الوضع الراهن فإن ذلك «يهدد وعد حل الدولتين بخطر التلاشي».

وفي بريطانيا أيضاً أكد وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي أن بلاده «تعمل مع الشركاء لإصلاح وتمكين السلطة الفلسطينية».

جماهير سيلتيك في أسكوتلندا تحتفل وترفع العلم الفلسطيني في المدرجات ديسمبر 2024 (رويترز)
جماهير سيلتيك في أسكوتلندا تحتفل وترفع العلم الفلسطيني في المدرجات ديسمبر 2024 (رويترز)

وأضاف لامي في بيان عقب لقاء مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في لندن، قبل يومين، أن «المملكة المتحدة ملتزمة بدعم جهود إقامة دولة فلسطينية لأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم، وضمان الأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين».

وقبل ذلك أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو المقبل.

ماذا عن إسرائيل؟

ولا تتعلق قضية «حل الدولتين» فقط بالإرادة والرغبة، إذ لا يمكن تجاهل إسرائيل في المعادلة المعقدة، بينما هي القوة القائمة بالاحتلال على كل سنتيمتر من الدولة الفلسطينية.

وعملياً تصطدم كل التحركات اليوم وأمس وغداً بحكومة إسرائيلية يمينية تتمترس خلف حلم اغتيال هذا الحل (حل الدولتين).

وموقف إسرائيل لا يحتاج للكثير من التنقيب والتحليل، فالانقلاب على أوسلو والدولة قديم، لكن الانقلاب على السلطة بدا جلياً بعد شهرين فقط من بدء الحرب على قطاع غزة، نهاية العام الماضي، عندما خرج نتنياهو ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، عادّاً أن اتفاق أوسلو كان «خطأ إسرائيل الكبير».

ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تتعامل إسرائيل مع السلطة كأنها غير موجودة.

وصعدت إسرائيل في الضفة الغربية ولم يخفِ وزراء في الحكومة الإسرائيلية مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، أنهم يسعون للتخلص من السلطة صراحة، ويتبجحون بعدم وجود شعب فلسطيني أصلاً.

وأكد سموتريتش أنه ماضٍ في خطة لحل السلطة، وإقامة نظام حكم مدني إسرائيلي في الضفة يقوم على تغيير «الحامض النووي - DNA» للضفة وتفكيك السلطة، وإحباط قيام الدولة، عادّاً أن تلك «مهمة حياته».

على الأرض تبدو إسرائيل ماضية في اغتيال وتحطيم كل شيء، متجاهلة كل تحرك من أجل قيام الدولة، بل وتعدّه «مكافأة للإرهاب»، كما قال نتنياهو بعد مكالمة مع ماكرون، الشهر الماضي، عقب إعلان الأخير نيته الاعتراف بها.

على أي حال فإن الحشد لصالح «حل الدولتين»، يجعل العالم كله في مواجهة اليمين الإسرائيلي المتطرف، ويجعل التعويل أكثر على قدرة العرب وقوى العالم الداعمة على تغيير بوصلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يزور المنطقة قريباً، وإقناعه بأن الانتصار الحقيقي هو في «صنع السلام»، وليس من خلال الحرب، باعتبار أن الدم سيظل يستدعي الدم، والسلام سيطول الجميع بلا استثناء.