إيران تبدأ حملتها الانتخابية الأولى منذ الاحتجاجات الحاشدة

أكثر من نصف الناخبين لا يبالون بالاقتراع

إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تبدأ حملتها الانتخابية الأولى منذ الاحتجاجات الحاشدة

إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون بجوار مجسم لصندوق الاقتراع الانتخابي خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية الإيرانية في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

بدأ المرشحون في الانتخابات التشريعية الإيرانية حملتهم، فجر الخميس، في أول انتخابات تشهدها البلاد، بعد أكثر من سنة على الاحتجاجات الشعبية التي هزت أنحاء البلاد، بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.

ويتنافس 15200 مرشح على ولاية مدتها أربع سنوات، في البرلمان المؤلف من 290 مقعداً، وسيطر التيار المحافظ المتشدد على دورته الحالية.

وهذا رقم قياسي وأكثر من ضِعف المرشحين الذين خاضوا انتخابات قبل أربع سنوات، عندما كانت نسبة إقبال الناخبين 42.57 في المائة في عموم البلاد، و25 في المائة بالعاصمة طهران، وهو أدنى مستوى منذ عام 1979.

وهذا الأسبوع، أعلنت «الداخلية» الإيرانية أنها حصلت على أسماء 15200 مرشح من مجلس صيانة الدستور الذي يشرف على الانتخابات في إيران، وهو هيئة تبتّ بأهلية المرشحين، وتتألف من 12 عضواً يسمي نصفهم المرشد الإيراني مباشرة، والنصف الآخر يسميهم رئيس القضاء الذي بدوره يعيّنه المرشد الإيراني.

ومن بين المرشحين 1713 امرأة، وهو أكثر من ضِعف عدد الـ819 اللاتي تنافسن في عام 2020، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس».

ومن المقرر إجراء الانتخابات في الأول من مارس (آذار)، على أن يبدأ البرلمان الجديد في أواخر مايو (أيار).

وانطلقت الحملة بشكل خجول، الخميس، مع تعليق عدد محدود من ملصقات المرشحين في شوارع طهران، خلال اليوم الأول من عطلة نهاية الأسبوع في إيران، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وعلقت ملصقات كبيرة تُظهره وهو يدلي بصوته في صندوق الاقتراع، وأظهرت نتائج أحد استطلاعات الرأي القليلة، التي نُشرت خلال الأسابيع الأخيرة، أن أكثر من نصف الإيرانيين لا يبالون بالاقتراع.

وأصر المرشد الإيراني علي خامئني، في عدة خطابات، على مطالبة المسؤولين وعموم الإيرانيين برفع نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية.

وقال خامنئي: «يجب على الجميع المشاركة في الانتخابات»، داعياً «الشخصيات المؤثرة» إلى «تشجيع السكان على التصويت».

ملصق للمرشد علي خامنئي ضمن حملة دعائية تحث الإيرانيين على المشاركة في الانتخابات بطهران (أ.ف.ب)

استياء شعبي

ويدعو المعارضون لنهج الحكام في إيران والشتات الإيراني، منذ أسابيع، إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي غياب المنافسة الفعلية مع الإصلاحيين والمعتدلين، ستقتصر المواجهة بين المحافظين.

والمعسكر الإصلاحي أقل تمثيلاً مما كان عليه في عام 2020، فقد جرت الموافقة على ترشيح 20 إلى 30 فقط من مرشحيه، وهو عدد غير كاف لتشكيل لوائح انتخابية، على ما يفيد مسؤولون.

وأسف زعيم التيار الإصلاحي، الرئيس السابق محمد خاتمي (1997 - 2005)، الاثنين، لكون إيران «بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية».

ودعا الرئيس المعتدل السابق حسن روحاني (2013 - 2021) الناخبين إلى التصويت «للاحتجاج على الأقلية الحاكمة»، لكنه لم يدعُ إلى الامتناع عن التصويت، رغم إبطال ترشيحه لمجلس الخبراء، حيث كان عضواً منذ 24 عاماً.

إيرانية تمشي بجانب ملصقات خلال اليوم الأول من الحملات الانتخابية البرلمانية في طهران (إ.ب.أ)

وأعلنت جبهة الإصلاحات، الائتلاف الرئيسي للأحزاب الإصلاحية، أنها ستغيب عن «هذه الانتخابات المجردة من أي معنى وغير المجدية في إدارة البلاد».

في هذا السياق، حذر خاتمي من عدد «المستائين الذي يرتفع يوماً بعد يوم».

وقال الناشط الإصلاحي مازيار خسروي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جزء من هؤلاء المرشحين، ولا سيما في الدوائر الصغيرة، أطباء ومهندسون وموظفون رسميون ومدرسون لا ينتمون إلى أي مجموعة أو ميل سياسي».

وشدد على أن السلطة أرادت بهذا العدد الكبير من المرشحين «إحداث منافسة على الصعيد المحلي، وزيادة المشاركة؛ لأن كل مرشح سيحشد معارفه». ورأى أن المعركة في معسكر المحافظين «ستكون خطِرة وحادة».

وفي إشارة إلى المطالبات المتعلقة بالمشكلات المعيشية المتفاقمة، قال خسروي: «الظروف الاقتصادية أحدثت استياء في صفوف الإيرانيين إزاء ممثليهم الحاليين. ومن المرجح ألا يجدد لكثير من بينهم».

عامل إيراني يسير بجانب الملصقات الانتخابية لمرشحي مجلس الخبراء في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

وهذا الاستياء من السلطة انعكس بقوة في الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي تَلت وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.

وتوفيت أميني في 16 سبتمبر بعد اعتقالها من قِبل شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب. وسرعان ما تصاعدت الاحتجاجات إلى دعوات الإطاحة بالحكام، في أكبر تحدٍّ يواجه المؤسسة الحاكمة منذ ثورة 1979. وأدت حملة إخماد الحراك الاحتجاجي إلى مقتل أكثر من 500 متظاهر، واعتقل ما يناهز 20 ألفاً، وفقاً لجمعيات حقوق الإنسان، المعنية بإيران.

اقتراع مزدوج

وسيترشح رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، للانتخابات من مدينة مشهد مسقط رأسه، وهي دائرة انتخابية تقع في شمال شرقي البلاد، بعد فوزه بمقعد في العاصمة طهران قبل أربع سنوات.

ويشير تغيير الدوائر الانتخابية إلى خطوة احترازية ضد تقلص الشعبية. وفي السنوات الأخيرة، اتهمه زملاؤه المنتقدون المتشددون أحياناً بتجاهل حقوق أعضاء البرلمان الآخرين، وتجاهل تقارير الفساد عندما كان عمدة طهران.

وفي انتخابات متزامنة، سيسعى عضو مجلس الخبراء الحالي، إبراهيم رئيسي، إلى إعادة انتخابه لعضوية المجلس في دائرة انتخابية نائبة، بمقاطعة جنوب خراسان، ويتنافس ضد رجل دين غير معروف.

سيتنافس 144 من رجال الدين المتنفذين على عضوية مجلس خبراء القيادة، المؤلف من 88 مقعداً، والذي يعمل بصفته هيئة استشارية للمرشد علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في جميع شؤون الدولة. مدة خدمتهم ثماني سنوات.

بموجب الدستور الإيراني، تراقب الهيئة أداء المرشد الإيراني، وتختار خليفته، وسيبلغ المرشد علي خامنئي 85 عاماً في أبريل (نيسان).

ويتولى خامنئي المنصب منذ 34 عاماً. ويقول منتقدو مجلس خبراء القيادة إن صلاحياته في الإشراف على أداء المرشد معطّلة.

سيناريوهات سابقة

قبل أربع سنوات، فتحت أبواب مراكز الاقتراع على وقع تأكيد أول إصابتين بفيروس «كورونا» المستجد، في البلاد. وألقت السلطات اللوم، إلى حد ما، على إعلان تفشي الفيروس قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع. وكانت الحكومة السابقة، برئاسة المعتدل نسبياً حسن روحاني، قد واجهت اتهامات بالتستر على تفشي الفيروس.

وكان مجلس صيانة الدستور قد رفض طلبات السلطات لغالبية مرشحي التيار المعتدل والإصلاحي، قبل أربع سنوات.

وحاول هؤلاء اعتبار غياب مرشحين من بين أسباب تراجع نسبة المشاركة.

وذهب بعض المحللين حينها إلى القول إن إعلان السلطات جاء بعد تأكدها من ضعف الإقبال على الانتخابات.

ومع ذلك فإن الانتخابات قبل أربع سنوات جرت على وقع احتجاجات عدة في البلاد، كان أبرزها الاحتجاجات المعيشية التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) 2017، ضد موجات التضخم وغلاء الأسعار. وكانت الاحتجاجات قد سبقت إعادة تنفيذ العقوبات الأميركية بثمانية أشهر، على أثر انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018.

 وبعد نحو عامين من تلك الاحتجاجات، شهدت إيران، في منتصف 2019، احتجاجات سرعان ما امتدت لجميع أنحاء البلاد، بعد قرار مفاجئ من الحكومة الإيرانية رفع أسعار البنزين.

وقبل الانتخابات بأسابيع، شهدت طهران بوادر احتجاجات شعبية على أثر إسقاط «الحرس الثوري» طائرة ركاب أوكرانية، في 8 يناير (كانون الثاني) 2020، بعد لحظات من إطلاق صواريخ باليستية على الأراضي العراقية، حيث وجّه «الحرس الثوري» ضربة لقاعدة عين الأسد، انتقاماً لمقتل العقل المدبر لعملياته الخارجية، قاسم سليماني، في 3 يناير من العام نفسه.

ولم يختلف الوضع كثيراً على صعيد المشاركة في انتخابات الرئاسة لعام 2019، ووفق الإحصائية الرسمية بلغت نسبة المشاركة في عموم البلاد نحو 48 في المائة، وهي أقل نسبة مشاركة في الاستحقاقات الرئاسية. وفي العاصمة طهران، كانت المشاركة أكثر بقليل من 25 في المائة.

وتخشى السلطات تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية قبل أربعة أعوام، والانتخابات الرئاسية قبل 3 أعوام، خصوصاً في العاصمة طهران.

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «في غياب التشويق حول بقاء الغالبية الحالية، ستكون هذه الانتخابات موضع متابعة على مستوى نسبة مشاركة الناخبين الـ61 مليوناً المدعوّين إلى الاقتراع».

ولا يستبعد الخبراء أن تصل نسبة الامتناع عن التصويت إلى أعلى مستوى لها منذ قيام «الجمهورية الإسلامية» قبل 45 عاماً.


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، وإقالته.

ودلت سلسلة إجراءات تمهيدية، على نيات نتنياهو، وبلغت أوجها بالبيان الذي بثه بالصوت والصورة، مساء السبت، وتحدث فيه إلى الإسرائيليين بشأن قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتبه، مؤكداً أنه يتعرض لحملة «ملاحقة وتشويه» تستهدف معسكره السياسي.

وزعم نتنياهو أن أجهزة الأمن الإسرائيلية امتنعت في أكثر من مناسبة عن تزويده بوثائق مهمة، ومنعته من الاطلاع على معلومات سرية حساسة أيضاً بدعوى (دوافع سياسية)، بعدما اتهم رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية بالانتقاء في التحقيق في كثير من التسريبات الخطيرة، دافع نتنياهو عن الناطق باسمه، إليعزر فيلدشتاين، المتورط في إحدى قضايا التسريب، لارتباطه بوثيقة السنوار المزيفة (التي ادعت أن قائد حماس خطط للهرب من البلاد مع مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، وتبين أنها مزيفة) والمتهم بـ«تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة».

إيلي فيلدشتاين الناطق باسم نتنياهو والمتهم الرئيسي بقضية تسريب وثائق من مكتب رئيس الوزراء (القناة 12 الإسرائيلية)

ورأى نتنياهو لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين، إلى جانب التحقيقات الأخرى المرتبطة بمكتبه، «حملة صيد» موجهة ضده وضد معسكره وأنصاره.

وقال مخاطباً الإسرائيليين إن «هذه الحملة ليست موجهة ضده شخصياً فقط، بل ضدكم الجمهور الكبير الذي انتخبني وضد طريقتي في مواجهة أعدائنا».

ماكينة اليمين

كانت ماكينة الدعاية لليمين الإسرائيلي، قد بدأت حملة تحريض واسعة ضد الأجهزة الأمنية منذ 14 عاماً، لكنها في السنة الأخيرة زادت الهجوم وبشكل خاص ضد رئيس أركان الجيش هاليفي، على خلفية الموقف الذي يتبناه مع رئاسة الأركان، ويقضي بضرورة وقف الحرب والتوجه إلى صفقة مع «حماس»، وعدوه موقفاً تخريبياً ضد إسرائيل.

وقد خرج موقع «ميدا» اليميني بتقرير تحت عنوان «التخريب السياسي الذي يقوم به هرتسي هاليفي»، وفيه يشير إلى تاريخ مما يصفه بـ«التمرد على القيادة السياسية».

ويقول التقرير: «لم يبدأ سلوك هاليفي التخريبي مع بداية الحرب، بل كان قائماً منذ البداية، لقد وقع الانفجار الأول بينه وبين نتنياهو، بالفعل، في الأسابيع الأولى من الحرب... في حينه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه (مستعد لهجوم بري)، لكن نتنياهو هو الذي يؤخر الموافقة».

خلفية هذا التوتر هي عدم الرضا في مكتب نتنياهو عن الخطط التي طرحها المستوى العسكري، ويشير الموقع اليميني أنه «حينها خطط الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لمناورة محدودة بمشاركة عدد قليل من القوات بهدف تنفيذ سلسلة من الغارات محدودة النطاق وليس احتلالاً كاملاً وواسعاً للقطاع، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يعد خططاً جديدة، وهذا جزء من سبب تأخير المناورة البرية».

مؤيدون لليمين الإسرائيلي خلال مظاهرة لدعم نتنياهو في القدس سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ثم يعدد الموقع حالات كثيرة أخرى ادعى فيها أن نتنياهو «كان القائد القوي الذي يطلب ضربات قوية وعمليات عسكرية عميقة، لكن الجيش كان يسعى للتخاذل، ويمتنع عن الإقدام والالتحام».

قضية المحتجزين

يذهب التقرير إلى أن قضية «تحرير المحتجزين» هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إن تيار اليمين الإسرائيلي يعد موقف الجيش تمرداً على القيادة السياسية.

وبينما دعا هاليفي، في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) 2024 بمناسبة مرور 6 أشهر على اندلاع الحرب، إلى «تنفيذ صفقة الرهائن فعلياً»، عبر نتنياهو عن مواقف متشددة، ورفض التنازل عما وصفه بـ«الخطوط الحمراء».

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تم نشر إحاطة صحفية أخرى، اتهم هرتسي هاليفي خلالها، نتنياهو بالمسؤولية عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مُطالب بالعمل مرة أخرى في جباليا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويختتم الموقع اليميني مستنكراً إحاطة هاليفي: «من الصعب تصديق أن هذه الكلمات تقال، لكنه في الواقع (رئيس الأركان) يلوم الحكومة على مقتل الجنود».

غريب في الحكومة

المعروف أن رئيس الأركان هاليفي كان قد عُين في منصبه في سبتمبر (أيلول) 2022، في زمن حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد السابقة، وذلك في خضم الحملة الانتخابية، وخلال فترة وجودها كحكومة انتقالية.

ويقدر أنصار نتنياهو أن هاليفي شعر منذ اللحظة الأولى، وكأنه «زرع غريب في الحكومة الجديدة التي أقامها نتنياهو بعد الانتخابات».

وكال موقع «ميدا» اليميني الاتهامات لهاليفي وبعدما وصفه بأنه «رئيس أركان متمرد لا يفهم مكانته في الهرم الإداري وتبعيته للرتبة المنتخبة»، اتهمه بأنه «واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا أنهم يتنازلون فعلياً عن النصر في الحرب، وأنه (لا يوجد خيار) سوى قبول شروط (حماس) للصفقة».

ويصل التقرير إلى مبتغاه بالقول: «لقد كان ينبغي طرد هاليفي فور تشكيل الحكومة (حكومة نتنياهو)، وهذا هو فشل نتنياهو، لكن لم يفت الأوان لإصلاحه. لا يمكن كسب الحروب مع رؤساء الأركان المتمردين».