الانتخابات الإيرانية... من إصلاح الأمور الداخلية إلى الصورة الخارجية

خامنئي: يجب التوجه إلى صناديق الاقتراع لترميم المشكلات

الانتخابات الإيرانية... من إصلاح الأمور الداخلية إلى الصورة الخارجية
TT

الانتخابات الإيرانية... من إصلاح الأمور الداخلية إلى الصورة الخارجية

الانتخابات الإيرانية... من إصلاح الأمور الداخلية إلى الصورة الخارجية

قبل أيام من انطلاق حملة الانتخابات التشريعية في إيران، كرر المرشد علي خامنئي مطالبته برفع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، مطالباً الجميع بالمشاركة لترميم المشكلات وإصلاح الأمور، فيما دعا قيادي رفيع في «الحرس الثوري» إلى زخم انتخابي لتوجيه رسالة إقليمية ودولية.

وقال خامنئي في خطاب سنوي أمام مجموعة من أهالي محافظة أذربيجان الشرقية، إن الانتخابات «حدث وطني مهم»، معتبراً أن «جبهة الهيمنة ضد الانتخابات الإيرانية دون شك».

وأضاف: «الانتخابات مظهر من مظاهر جمهورية النظام، ولهذا السبب أن قوى الهيمنة وأميركا الذين يعارضون جمهورية النظام وإسلاميته، يعارضون الانتخابات ومشاركة الشعب الحماسية في صناديق الاقتراع».

ستجرى الانتخابات، في مطلع أول أيام الشهر المقبل، لانتخابات 290 عضواً جديداً في البرلمان الإيراني. وبموازاتها ستجرى انتخابات مجلس خبراء القيادة، الذي يضم 88 رجل دين، ومن المفترض أن يسمي خليفة المرشد الإيراني خلال السنوات الثماني المقبلة، إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه.

نظرية المؤامرة

ليست المرة الأولى التي يطرح فيها المرشد الإيراني «نظرية المؤامرة» قبل أسابيع قليلة من الانتخابات. ففي 5 فبراير (شباط) الحالي، ناشد خامنئي من سماهم «الخواص» لإقامة انتخابات حاشدة. وقال إن «خطة للأعداء هي منع الدور المحفز للخواص في المجتمع، وإثارة الشك والتقاعس في هذا الدور»، مشدداً على أنه يخاطب كافة فئات المجتمع، لكن مسؤولين إيرانيين اعتبروها إنذارا أخيرا للأطراف المنخرطة في العملية السياسية.

وكرر خامنئي اليوم (الأحد) المطالب بإقامة انتخابات حاشدة عدة مرات. وقال «على الأشخاص المقبولين وأصحاب المنابر تشجيع الناس على المشاركة في الانتخابات».

وهذه الانتخابات هي الأولى بعد إخماد الاحتجاجات التي هزت البلاد، بعد وفاة الشابة مهسا أميني، أثناء اعتقالها بدعوى سوء الحجاب، في سبتمبر (أيلول) 2022. واتهم خامنئي وكبار المسؤولين الإيرانيين القوى الغربية بالوقوف وراء إذكاء الاحتجاجات.

وقال في هذا السياق إن «رئيساً أميركياً سابقاً طلب من الإيرانيين عدم المشاركة في انتخابات سابقة، لكنه قدم المساعدة لإيران دون أن يعلم، لأن الشعب عارضه وعانده، وشارك بعدد أكثر وبكثافة أكثر من من السابق، لهذا السبب لم يعد الأميركيون يتحدثون بهذه الطريقة، إنما بأساليب مختلفة لتثبيط الشعب وإبعاده عن الانتخابات».

ووصف خامنئي الانتخابات بأنها «ركن أساسي للجمهورية الإسلامية في إيران، وطريق إصلاح البلاد». وتابع «يجب على الجميع المشاركة في الانتخابات، من يريدون ترميم وحل المشكلات، الطريق الصحيح هو الانتخابات، ويجب التوجه إلى الانتخابات».

انتخاب الأصلح

ودافع خامنئي عن عملية البت في أهلية المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور، الهيئة التي يختار خامنئي نصف أعضائها الفقهاء مباشرة، والنصف الآخر، يسميهم رئيس القضاء الذي يعينه خامنئي نفسه.

وقال خامنئي إن «انتخاب الأصلح أمر ضرورة، جميع من تخطوا إشراف مجلس صيانة الدستور، صالحون لكن يجب انتخاب الأصلح بينهم». ومع ذلك، دعا إلى تجنب «سوء الأخلاق والبذاءات الكلامية، والإساءات وتوجيه التهم في الحملة الانتخابية، وشبكة الإنترنت، والتشویه، والإدلاء بقضايا كاذبة لجذب انتباه الناس».

وقال «يحب علينا أن نواصل هذا الطريق مثل يد واحدة، يجب ألا تؤثر الخلافات في المذاقات والسياسات على الوحدة الوطنية الإيرانية».

كما شدد خامنئي على ضرورة رعاية نزاهة وسلامة الانتخابات. وقال «بالطبع خلال عقود، لم نر أي تجاوز انتخابي بالمعنى المزعوم من الأعداء، لا أساس لهذا الكلام».

وتزامنت تصريحات خامنئي مع حلول الذكرى الـ14 لفرض الإقامة الجبرية على الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي وحليفه مهدي كروبي، اللذين طعنا بصحة نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009.

وقال حسين كروبي، نجل كروبي الجمعة إن والده سيلتزم الصمت و ليست لديه أي توصية تتعلق بالانتخابات، في وقت لا تطيق السلطات، الرئيس السابق حسن روحاني، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.

و نقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن نجل كروبي قوله «مع إغلاق جميع النوافذ، ليس لديه أي موقف من الانتخابات المقبلة، وهو يلتزم الصمت».

ورفض مجلس صيانة الدستور طلب روحاني للمشاركة في انتخابات مجلس خبراء القيادة. وقبل ثلاث سنوات استبعد لاريجاني عن انتخابات الرئاسة.

وتتأهب أجهزة الدولة الإيرانية لإقامة الانتخابات، خصوصاً القوات العسكرية. وقال قائد القوات البرية في الجيش الإيراني، كيومرث حيدري إن «كل قادة الوحدات البرية في الجيش جاهزة لإقامة انتخابات حماسية ودون نقص».

وقال حيدري إن «المشاركة القصوى في الانتخابات ستؤدي إلى إذلال الأعداء وهزيمتهم».

استراتيجية غرب آسيا

إلى ذلك، قال القيادي في «الحرس الثوري» وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضايي، إن «هذه الانتخابات من أهم الانتخابات التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على علاقاتنا مع غرب آسيا والدول التي لديها آمال كاذبة لتدمير إيران»، حسبما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

تدل غرب آسيا في أدبيات قادة «الحرس الثوري»، على سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، وهي دول ترفض إيران التدخل في شؤونها ويرجح المسؤولون الإيرانيون وصف دورهم بـ«النفوذ».

وأشار رضايي الذي قاد «الحرس الثوري» في الحرب الإيرانية العراقية إلى ترابط بين الأحداث الداخلية والخارجية، مضيفاً «تتعارض هذه الأحداث أحياناً بين المصالح الوطنية الإيرانية داخل الحدود وخارجها».

وبحسب القيادي المتشدد، فإن «سبب ذلك أن إيران لديها أهداف استراتيجية في الداخل، وفي خارج حدودها، وتعود هذه الشروط إلى موقع إيران الجيوستراتيجي».

وفي إشارة إلى تنامي دور إيران الإقليمي، قال رضايي: «الرأي العام منشغل بالقضايا الداخلية، مثل التضخم والغلاء وعدم الكفاءة الموجودة، لكنه يغفل حادث مليء بالفوائد». وأضاف «اليوم يتحدد مصير غرب آسيا، خصوصاً بعد أحداث غزة هناك تنافس بين الدول، وإيران وجدت كرسيها بين هذه الشعوب، ويجب عليها تثبيته».

وأوضح رضايي «ما يحدث اليوم في غرب آسيا مهم، وصلته بالانتخابات هي أن الأشخاص المتشائمين، يريدون أن يروا هل الشعب مع الحكومة أم لا بعد 45 عاماً؟»، معرباً عن اعتقاده بأن «من المهم أن يرى الأميركيون والأوروبيون بعد 45 سنة، رغم العقوبات والحرب والاغتيالات، أن حكومة الجمهورية الإسلامية قوية في المنطقة، وبرؤية هذه القوة تختار الطريق العقلاني ولن تضيع وقتها أكثر».

وقال رضايي «نعلم أن الاستراتيجيين الأوروبيين والأميركيين، يناقشون تغيير مسارهم أو متابعة العداء بأساليب أخرى؟ قضية داعش وفلسطين والسلام في غرب آسيا لا تحل دون إيران». وأضاف: «صوتوا لمن تريدون، لكن يجب على الشعب أن يأتي للساحة الانتخابية ويصوت».


مقالات ذات صلة

إيران تُعِد لمناورات واسعة لـ«ردع تهديدات» إسرائيل

شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تُعِد لمناورات واسعة لـ«ردع تهديدات» إسرائيل

أعلن مسؤول عسكري كبير في إيران تنظيم مناورات عسكرية واسعة، براً وجواً وبحراً، تأخذ طابعاً هجومياً دفاعياً، خلال الأيام المقبلة، بهدف «ردع تهديدات الأعداء».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تستعد لمناورات «ضخمة» وسط التوتر مع إسرائيل

أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية عن تنظيم مناورات عسكرية شاملة «هجومية - دفاعية»، بهدف التصدي لـ«التهديدات» المحتملة بما في ذلك إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص امرأة إيرانية تمشي أمام لوحة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران (أ.ف.ب)

خاص إيران في ربع قرن... صراع «الثورة» والدولة

مع انقضاء ربع قرن من الألفية الثالثة، تبلغ «الثورة الإسلامية» في إيران منتصف عقدها الرابع بأسئلة عن الصراع بين الآيديولوجية والمصالح في عالم متغير.

عادل السالمي (لندن)
المشرق العربي أسعد حسن الشيباني المكلف بحقيبة الخارجية السورية (سانا)

الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سوريا

حث أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، إيران، على احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامته.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إيران تُعِد لمناورات واسعة لـ«ردع تهديدات» إسرائيل

تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)
تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)
TT

إيران تُعِد لمناورات واسعة لـ«ردع تهديدات» إسرائيل

تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)
تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

أعلن مسؤول عسكري كبير في إيران تنظيم مناورات عسكرية واسعة، براً وجواً وبحراً، تأخذ طابعاً هجومياً دفاعياً، خلال الأيام المقبلة، بهدف «ردع تهديدات الأعداء»، خصوصاً إسرائيل.

وقال قائد غرفة العمليات المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، الجنرال غلام علي رشيد، إن وحدات الجيش و«الحرس الثوري» ستنفّذ مناورات «قوية ومكثفة» خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

وأوضح رشيد أن المناورات «تُنفَّذ بدقة وإبداع في التخطيط، بهدف تحقيق عنصر المفاجأة وإرباك الأعداء، ومواجهة أي تهديد محتمل». وأشار إلى تصاعد التوترات مع إسرائيل في وقت مبكر من العام الحالي، قائلاً إن «العدو الصهيوني يعاني من أوهام وأخطاء في حساباته».

لكنه قال إن «الجمهورية الإسلامية، وبناءً على عقيدتها الدفاعية، لن تكون البادئة بأي حرب في المنطقة».

وأكد رشيد أن الهجوم الإيراني الأخير في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) كشف عن أن إسرائيل «ليست محصنة أو منيعة أمام هجمات إيران»، لكنه تحاشى الإشارة إلى الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر، الذي استهدف منشآت صاروخية ومنظومات رادار إيرانية.

وشهدت إسرائيل في الأيام الأخيرة نقاشاً حول إمكانية توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية. كما تحدثت تقارير عن سعي إسرائيلي لإقناع الولايات المتحدة بتوجيه ضربة مزدوجة إلى الحوثيين وإيران، على حد سواء.