إيران تطلق 3 أقمار اصطناعية إلى المدار «بشكل متزامن»

بعد يومين من إدانة أوروبية لتجربة صاروخية

صورة نشرتها وزارة الدفاع الإيرانية لعملية إطلاق الصاروخ الذي يحمل الأقمار الاصطناعية الثلاثة في محطة سمنان الفضائية (إ.ب.أ)
صورة نشرتها وزارة الدفاع الإيرانية لعملية إطلاق الصاروخ الذي يحمل الأقمار الاصطناعية الثلاثة في محطة سمنان الفضائية (إ.ب.أ)
TT

إيران تطلق 3 أقمار اصطناعية إلى المدار «بشكل متزامن»

صورة نشرتها وزارة الدفاع الإيرانية لعملية إطلاق الصاروخ الذي يحمل الأقمار الاصطناعية الثلاثة في محطة سمنان الفضائية (إ.ب.أ)
صورة نشرتها وزارة الدفاع الإيرانية لعملية إطلاق الصاروخ الذي يحمل الأقمار الاصطناعية الثلاثة في محطة سمنان الفضائية (إ.ب.أ)

أعلنت إيران (الأحد) إرسالها للمرة الأولى 3 أقمار اصطناعية إلى المدار في وقت واحد، في خطوة قد تزيد مخاوف غربية من تطوير طهران صواريخ باليستية عابرة للقارات، تحت غطاء أنشطتها الفضائية.

وقال التلفزيون الرسمي إنّ «ثلاثة أقمار اصطناعية إيرانية تم إطلاقها بنجاح إلى مدارها للمرة الأولى، بواسطة الصاروخ (سيمرغ) الذي صنعته وزارة الدفاع».

ويأتي إطلاق الصاروخ في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط على نطاق أوسع؛ بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على «حماس» في قطاع غزة، مما أثار مخاوف من اندلاع صراع إقليمي.

في حين أن إيران لم تتدخل عسكرياً في الصراع، فقد واجهت ضغوطاً متزايدة داخل ثيوقراطيتها؛ لاتخاذ إجراء بعد التفجير الانتحاري المميت بمدينة كرمان الذي تبناه تنظيم «داعش» في وقت سابق من هذا الشهر، ومع قيام الجماعات الوكيلة مثل المتمردين الحوثيين في اليمن بشنّ هجمات مرتبطة بالحرب.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الدول الغربية تشعر بالقلق إزاء البرنامج النووي الإيراني الذي يتوسع بسرعة على صعيد مراكمة اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، القريب من 90 في المائة المطلوبة لتطوير أسلحة نووية.

وأظهرت لقطات نشرها التلفزيون الإيراني الرسمي إطلاق صاروخ «سيمرغ» في الساعات الأولى من اليوم (الأحد). وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن تحليل اللقطات يُظهر أنه حدث في محطة «الخميني» الفضائية، الخاضعة لـ«الحرس الثوري»، في محافظة سمنان شرق طهران.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الإيراني، أن القمر الاصطناعي «مهدا» الذي يزن نحو 32 كيلوغراماً، وطوّرته وكالة الفضاء الإيرانية، «مُصمَّم لاختبار أنظمة فرعية للأقمار الاصطناعية المتقدمة».

وذكرت الوكالة أن القمرين الآخرين، «كيهان 2» و«هاتف»، ووزن كل منهما أقل من 10 كيلوغرامات، «يهدفان إلى اختبار تكنولوجيا تحديد المواقع الجغرافية والاتصالات بالنطاق الضيق».

وأُرسلت الأقمار الثلاثة لمدار قريب يبعد حده الأدنى 450 كيلومتراً عن الأرض. ويعمل «سيمرغ» بالوقود السائل على مرحلتين، ووصفه الإيرانيون بأنه «مُصمَّم لوضع الأقمار الاصطناعية في مدار أرضي منخفض».

والأسبوع الماضي، أطلقت إيران القمر الاصطناعي «ثريا» الذي طوّرته منظمة الفضاء الإيرانية، بواسطة صاروخ «قائم-100» من قبل (الحرس الثوري). ووصفته السلطات بأنه «أول حامل للأقمار الاصطناعية ثلاثي المراحل يعمل بالوقود الصلب».

وأشارت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء إلى أنه تم وضع القمر الاصطناعي في مدار يبعد 750 كيلومتراً عن سطح الأرض، لافتة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تنجح فيها إيران في وضع قمر اصطناعي في مدار أعلى من 500 كيلومتر.

وتعمل إيران منذ سنوات على تطوير أنشطتها الفضائية الجوية، مؤكدة أنّها سلمية، وتراعي قراراً صادراً عن مجلس الأمن الدولي.

ويقول الجيش الأميركي إن تكنولوجيا الصواريخ الباليستية طويلة المدى المستخدمة لوضع الأقمار الاصطناعية في المدارات يمكن أن تسمح لطهران أيضاً بإطلاق أسلحة تصل لمدى أطول، منها ما يمكن أن يحمل رؤوساً حربية نووية.

وأفاد تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركي لعام 2022 بأن تطوير مركبات إطلاق الأقمار الاصطناعية «يقصّر الجدول الزمني» لإيران لتطوير صاروخ باليستي عابر للقارات؛ لأنها تستخدم تقنية مماثلة. ويشير التقييم إلى صاروخ «سيمرغ» تحديداً.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإيرانية تظهر حاملة الأقمار الاصطناعية «سيمرغ» قبل إطلاقها في محطة سمنان الفضائية (إ.ب.أ)

تنديد أوروبي

وعبَّرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك، (الجمعة) عن إدانتها لإطلاق إيران صاروخ «قائم-100»، مشيرة إلى أنه يستخدم «التكنولوجيا الأساسية لتطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى».

وذكر البيان المشترك، الذي نشرته الحكومة البريطانية، أن إيران «مستمرة في تطوير برنامجها الصاروخي رغم الدعوات الدولية المتكررة لوقفه، وبعد سنوات من تجاهل قيود الأمم المتحدة».

وأضاف البيان: «من شأن مثل هذا الإطلاق أن يسمح لإيران باختبار تكنولوجيا يمكن أن تُستخدم في مواصلة تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، الأمر الذي يشكّل تهديداً كبيراً على الأمن الإقليمي والدولي». وأشارت الدول الثلاث إلى أن لديها مخاوف منذ فترة طويلة «بشأن نشاط إيران المتعلق بتقنيات الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية»، لافتة إلى أن تلك المخاوف «تزداد بسبب التصعيد النووي الإيراني المستمر بما يتجاوز كل المبررات المقنعة للاستخدام المدني». وأكد البيان أن حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا تظل ملتزمة باتخاذ كل الخطوات الدبلوماسية اللازمة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية ومحاسبتها على «أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وعلى الصعيد الدولي».

واستنكرت إيران أمس (السبت) تنديد الثلاثي الأوروبي، قائلة إن «التقدم التكنولوجي السلمي في مجال الفضاء حق مشروع» لها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في منشور على منصة «إكس،» «مثل هذه التصريحات، التي تعد تدخلاً، لن تؤثر في تصميم إيران على المضي قدماً في العلوم والتكنولوجيا». وأضاف أن «إيران تعدّ استخدام التكنولوجيا السلمية حقاً» لها.

تجارب فاشلة

وعلى مدى السنوات الماضية لم تنجح إيران، التي تمتلك أحد أكبر برامج الصواريخ في الشرق الأوسط، في محاولات عدة لإطلاق الأقمار الاصطناعية؛ بسبب مشكلات فنية.

وكانت هناك 5 عمليات إطلاق فاشلة على التوالي لبرنامج «سيمرغ». وأظهرت اللقطات أن الصاروخ يحمل شعار «نستطيع» باللغة الفارسية، في إشارة على الأرجح إلى الإخفاقات السابقة.

وكان فشل صاروخ «سيمرغ» (العنقاء)، جزءاً من سلسلة من الانتكاسات في السنوات الأخيرة لبرنامج الفضاء الإيراني، بما في ذلك الحرائق المميتة وانفجار صاروخ على منصة الإطلاق لفت انتباه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

في مارس (آذار) 2022، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني وضع القمر الاصطناعي «نور 2» في مدار على ارتفاع 500 كيلومتر من سطح الأرض. وجاء الإعلان الإيراني بعد أقل من أسبوع على نشر وكالة «أسوشييتد برس» صوراً التقطتها أقمار اصطناعية تتبع مؤسسة «ماكسر تكنولوجيز»، وتظهر آثار حريق في منصة إطلاق بمحطة «الخميني» الفضائية.

وكان «الحرس الثوري» قد أطلق أول قمر اصطناعي عسكري باسم «نور» في أبريل (نيسان) 2020، ووُضع في مدار على ارتفاع 425 كيلومتراً فوق سطح الأرض. وبعد الإطلاق، قلّل رئيس قيادة الفضاء الأميركية من قيمة القمر الاصطناعي، ووصفه بأنه «كاميرا ويب متداعية في الفضاء» لن يوفر معلومات استخباراتية حيوية لإيران، لكن «الحرس الثوري» بعد ذلك أعلن عن برنامجه الفضائي السري. واتخذت الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) إجراءات للإشارة إلى أن برنامج الصواريخ الإيراني سيظل خاضعاً لقيود بعد انتهاء عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكذلك للحد من عمليات نقل الطائرات المسيّرة الإيرانية إلى روسيا. وسبق أن فرضت واشنطن عقوبات على منظمة الفضاء الإيرانية المدنية، وعلى منظمتين بحثيتين في عام 2019، قائلة إنها تُستخدم لتطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.


مقالات ذات صلة

أميركا تنذر إيران: أوقفوا التآمر ضد ترمب

الولايات المتحدة​ أثناء مساعدة المرشح الرئاسي الجمهوري السابق دونالد ترمب على النزول من على المسرح في حدث انتخابي في بتلر (أ.ب)

أميركا تنذر إيران: أوقفوا التآمر ضد ترمب

أعلن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة تنذر الحكومة الإيرانية بأن عليها وقف كل المؤامرات على المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

إيران تندد بعقوبات «الأوروبي»... وتنفي تزويد روسيا بصواريخ باليستية

نددت طهران بالعقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي عليها، وتنفي طهران تزويد روسيا بالصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

تحليل إخباري من «مقلاع داود» إلى «الشعاع الحديدي»... ماذا نعرف عن دفاعات إسرائيل ضد صواريخ إيران؟

تفخر إسرائيل بامتلاك أنظمة دفاع جوي متقدمة، لكنها تُختبَر حالياً في ظل التوترات المتزايدة منذ 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وملك بلجيكا فيليب يحضران مراسم في قبر الجندي المجهول تحت قوس النصر في باريس الاثنين (أ.ب)

الغرب يضغط على إيران برغم الحاجة لخفض التصعيد

ضاعف الغرب ضغوطه على إيران لخفض التصعيد في الشرق الأوسط برغم الحاجة إليها، وفرض الأوروبيون عقوبات جديدة، وسط تجدّد دعوات لتصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في مسقط اليوم (أ.ف.ب)

إيران «مستعدة لأي سيناريو» في ظل تصاعد التوترات الإقليمية

أعلن وزير الخارجية الإيراني من مسقط، الاثنين، أن بلاده مستعدة لأي سيناريو في ظل حالة التأهب الإقليمي، مشيراً إلى توقف المباحثات غير المباشرة مع واشنطن.

«الشرق الأوسط» (لندن - مسقط)

تركيا تدعو إلى فرض «عقوبات» على إسرائيل

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تدعو إلى فرض «عقوبات» على إسرائيل

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم (الثلاثاء)، إلى فرض «عقوبات» على إسرائيل، طالبا من المجتمع الدولي وقف كل أشكال الدعم لها على خلفية النزاع الدائر في الشرق الأوسط، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال خلال مؤتمر حول «مستقبل فلسطين» في أنقرة: «لم يعد الكلام والدبلوماسية والسياسات الدولية تجدي نفعا... علينا أن نبدأ بالعقوبات».