هل دفعت اتهامات «معاداة السامية» ماسك للموافقة على «صفقة ستارلينك» مع إسرائيل؟

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

هل دفعت اتهامات «معاداة السامية» ماسك للموافقة على «صفقة ستارلينك» مع إسرائيل؟

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قبل أسبوع، كان الملياردير الأميركي إيلون ماسك يواجه ردود فعل دولية عنيفة بعد تأييده لمنشور وُصف بأنه «معادٍ للسامية» على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) التي يمتلكها. وأوقفت مجموعة من الشركات، بما في ذلك «آبل» و«والت ديزني» إعلاناتها على المنصة احتجاجاً على ذلك.

ومع ذلك، فقد توجه ماسك إلى إسرائيل أمس (الاثنين)، وتفقد الموقع الذي نفذت فيه حركة «حماس» هجومها الشهر الماضي، حيث رحبت به النخبة السياسية في البلاد، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وعلى الرغم من كل عثرات ماسك، لا يستطيع زعماء العالم انتقاده لفترة طويلة، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء. فماسك هو أغنى شخص في العالم وهو يحمل مفاتيح كثير من الأدوات التكنولوجية القوية.

ومن بين أفضل هذه الأدوات التي يمتلكها ماسك وتجذب مختلف قادة العالم، خدمة «ستارلينك» لتزويد الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.

وبالأمس، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قرعي عن إجراء اتفاق مبدئي مع ماسك بشأن استخدام الخدمة في إسرائيل وقطاع غزة.

وقال الوزير: «بموجب الاتفاق، لا يمكن تشغيل وحدات ستارلينك الفضائية في إسرائيل إلا بموافقة وزارة الاتصالات الإسرائيلية، وإن ذلك يشمل قطاع غزة». وفي منشور على منصة «إكس» موجه إلى ماسك، قال قرعي إنه يأمل في أن تكون الزيارة إلى إسرائيل «نقطة انطلاق للمساعي المستقبلية، فضلاً عن تعزيز علاقتك مع الشعب اليهودي والقيم التي نتشاركها مع العالم كله».

وكان ماسك قد اقترح إتاحة «ستارلينك» في غزة الشهر الماضي، وقال إنها يمكن أن تساعد في دعم الاتصال مع «منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً». لكن قرعي رفض هذا الأمر حينها، قائلاً إن «حماس ستستخدمها في أنشطة إرهابية».

وليس من الواضح ما إذا كانت زيارة ماسك إلى إسرائيل قد جاءت بعد تلقيه دعوة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أم أنه طلب الذهاب إلى هناك بنفسه. إلا أن هذه الزيارة وما نجم عنها من صفقة بشأن استخدام «ستارلينك» في إسرائيل وغزة جاءا بعد موجة الغضب التي واجهها إثر تأييده لمنشور على منصة «إكس»، كُتب في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واتهم اليهود بتأجيج الكراهية ضد البيض، حيث علق الملياردير الأميركي على المنشور بقوله إنه «الحقيقة الفعلية».

ونتيجة لذلك، أوقفت شركات أميركية كبرى منها «آبل» و«والت ديزني» و«وارنر براذرز ديسكفري» وشركة «إن.بي.سي يونيفرسال» التابعة لشركة «كومكاست» إعلاناتها مؤقتاً على موقع «إكس». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن نزوح المعلنين قد يكلف «إكس» ما يصل إلى 75 مليون دولار من الإيرادات المفقودة هذا العام.

واستنكر البيت الأبيض تصرف ماسك، الذي عدّه «ترويجاً بغيضاً للكراهية العنصرية ومعادياً للسامية»، قائلاً إنه «يتعارض مع قيمنا الأساسية كأميركيين». والتقى ماسك بالأمس عائلات الرهائن المحتجزين في غزة برفقة الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي قال إن دوراً كبيراً يقع على عاتق ماسك في الحرب العالمية ضد معاداة السامية. ورد ماسك، بحسب بيان صادر عن مكتب هرتسوغ: «علينا أن نفعل كل ما هو ضروري لوقف الكراهية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإيلون ماسك (يسار) يزوران كيبوتس كفار عزة بالمنطقة الحدودية مع قطاع غزة في 27 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

وتضم ستارلينك الآن أكثر من 4500 قمر اصطناعي في الفضاء، أي أكثر من نصف جميع الأقمار الاصطناعية النشطة، التي تتواصل مع محطات على الأرض لتوفير إنترنت عالي السرعة.

ونشرت الخدمة الإنترنت في أوكرانيا بعيد بدء الغزو الروسي لهذا البلد في فبراير (شباط) 2022.

وتثير طريقة إتاحة «ستارلينك» في أوكرانيا بعض التساؤلات حول كيفية استخدامها في الحرب بين إسرائيل و«حماس». ففي أوكرانيا، كانت الخدمة خاضعة لأهواء ماسك المتقلبة.

والعام الماضي، اقترح ماسك أن تتنازل كييف عن منطقة شبه جزيرة القرم لروسيا كجزء من اتفاق سلام. وبعد اندلاع انتقادات حادة بسبب هذه التعليقات، هدد ماسك بقطع خدمة «ستارلينك» في أوكرانيا، قائلاً إن «سبيس إكس» لا يمكنها تحمل التكلفة إلى أجل غير مسمى، لكنه تراجع عن هذا الموقف لاحقاً.

وفي هذا الصيف، أكد البنتاغون أنه سيشتري محطات اتصالات «ستارلينك» ليستخدمها الجيش الأوكراني ضد روسيا.

وفي سبتمبر (أيلول)، أعلن الملياردير الأميركي أنه منع العام الماضي، هجوماً أوكرانياً على قاعدة بحرية روسية من خلال رفضه طلب كييف تفعيل هذه الخدمة في البحر الأسود، بالقرب من شبه جزيرة القرم.

وكتب على موقع «إكس»: «تلقينا طلباً عاجلاً من السلطات الحكومية لتفعيل ستارلينك حتى سيفاستوبول». وأضاف: «كانت النية الواضحة إغراق معظم الأسطول الروسي الراسي» هناك.

ودان مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك هذه التصريحات بشدة في ذلك الحين، فيما أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بماسك، ووصفه بأنه «شخص متميز».


مقالات ذات صلة

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».