هل دفعت اتهامات «معاداة السامية» ماسك للموافقة على «صفقة ستارلينك» مع إسرائيل؟

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

هل دفعت اتهامات «معاداة السامية» ماسك للموافقة على «صفقة ستارلينك» مع إسرائيل؟

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قبل أسبوع، كان الملياردير الأميركي إيلون ماسك يواجه ردود فعل دولية عنيفة بعد تأييده لمنشور وُصف بأنه «معادٍ للسامية» على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) التي يمتلكها. وأوقفت مجموعة من الشركات، بما في ذلك «آبل» و«والت ديزني» إعلاناتها على المنصة احتجاجاً على ذلك.

ومع ذلك، فقد توجه ماسك إلى إسرائيل أمس (الاثنين)، وتفقد الموقع الذي نفذت فيه حركة «حماس» هجومها الشهر الماضي، حيث رحبت به النخبة السياسية في البلاد، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وعلى الرغم من كل عثرات ماسك، لا يستطيع زعماء العالم انتقاده لفترة طويلة، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء. فماسك هو أغنى شخص في العالم وهو يحمل مفاتيح كثير من الأدوات التكنولوجية القوية.

ومن بين أفضل هذه الأدوات التي يمتلكها ماسك وتجذب مختلف قادة العالم، خدمة «ستارلينك» لتزويد الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.

وبالأمس، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قرعي عن إجراء اتفاق مبدئي مع ماسك بشأن استخدام الخدمة في إسرائيل وقطاع غزة.

وقال الوزير: «بموجب الاتفاق، لا يمكن تشغيل وحدات ستارلينك الفضائية في إسرائيل إلا بموافقة وزارة الاتصالات الإسرائيلية، وإن ذلك يشمل قطاع غزة». وفي منشور على منصة «إكس» موجه إلى ماسك، قال قرعي إنه يأمل في أن تكون الزيارة إلى إسرائيل «نقطة انطلاق للمساعي المستقبلية، فضلاً عن تعزيز علاقتك مع الشعب اليهودي والقيم التي نتشاركها مع العالم كله».

وكان ماسك قد اقترح إتاحة «ستارلينك» في غزة الشهر الماضي، وقال إنها يمكن أن تساعد في دعم الاتصال مع «منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً». لكن قرعي رفض هذا الأمر حينها، قائلاً إن «حماس ستستخدمها في أنشطة إرهابية».

وليس من الواضح ما إذا كانت زيارة ماسك إلى إسرائيل قد جاءت بعد تلقيه دعوة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أم أنه طلب الذهاب إلى هناك بنفسه. إلا أن هذه الزيارة وما نجم عنها من صفقة بشأن استخدام «ستارلينك» في إسرائيل وغزة جاءا بعد موجة الغضب التي واجهها إثر تأييده لمنشور على منصة «إكس»، كُتب في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واتهم اليهود بتأجيج الكراهية ضد البيض، حيث علق الملياردير الأميركي على المنشور بقوله إنه «الحقيقة الفعلية».

ونتيجة لذلك، أوقفت شركات أميركية كبرى منها «آبل» و«والت ديزني» و«وارنر براذرز ديسكفري» وشركة «إن.بي.سي يونيفرسال» التابعة لشركة «كومكاست» إعلاناتها مؤقتاً على موقع «إكس». وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن نزوح المعلنين قد يكلف «إكس» ما يصل إلى 75 مليون دولار من الإيرادات المفقودة هذا العام.

واستنكر البيت الأبيض تصرف ماسك، الذي عدّه «ترويجاً بغيضاً للكراهية العنصرية ومعادياً للسامية»، قائلاً إنه «يتعارض مع قيمنا الأساسية كأميركيين». والتقى ماسك بالأمس عائلات الرهائن المحتجزين في غزة برفقة الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي قال إن دوراً كبيراً يقع على عاتق ماسك في الحرب العالمية ضد معاداة السامية. ورد ماسك، بحسب بيان صادر عن مكتب هرتسوغ: «علينا أن نفعل كل ما هو ضروري لوقف الكراهية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإيلون ماسك (يسار) يزوران كيبوتس كفار عزة بالمنطقة الحدودية مع قطاع غزة في 27 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

وتضم ستارلينك الآن أكثر من 4500 قمر اصطناعي في الفضاء، أي أكثر من نصف جميع الأقمار الاصطناعية النشطة، التي تتواصل مع محطات على الأرض لتوفير إنترنت عالي السرعة.

ونشرت الخدمة الإنترنت في أوكرانيا بعيد بدء الغزو الروسي لهذا البلد في فبراير (شباط) 2022.

وتثير طريقة إتاحة «ستارلينك» في أوكرانيا بعض التساؤلات حول كيفية استخدامها في الحرب بين إسرائيل و«حماس». ففي أوكرانيا، كانت الخدمة خاضعة لأهواء ماسك المتقلبة.

والعام الماضي، اقترح ماسك أن تتنازل كييف عن منطقة شبه جزيرة القرم لروسيا كجزء من اتفاق سلام. وبعد اندلاع انتقادات حادة بسبب هذه التعليقات، هدد ماسك بقطع خدمة «ستارلينك» في أوكرانيا، قائلاً إن «سبيس إكس» لا يمكنها تحمل التكلفة إلى أجل غير مسمى، لكنه تراجع عن هذا الموقف لاحقاً.

وفي هذا الصيف، أكد البنتاغون أنه سيشتري محطات اتصالات «ستارلينك» ليستخدمها الجيش الأوكراني ضد روسيا.

وفي سبتمبر (أيلول)، أعلن الملياردير الأميركي أنه منع العام الماضي، هجوماً أوكرانياً على قاعدة بحرية روسية من خلال رفضه طلب كييف تفعيل هذه الخدمة في البحر الأسود، بالقرب من شبه جزيرة القرم.

وكتب على موقع «إكس»: «تلقينا طلباً عاجلاً من السلطات الحكومية لتفعيل ستارلينك حتى سيفاستوبول». وأضاف: «كانت النية الواضحة إغراق معظم الأسطول الروسي الراسي» هناك.

ودان مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك هذه التصريحات بشدة في ذلك الحين، فيما أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بماسك، ووصفه بأنه «شخص متميز».


مقالات ذات صلة

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

المشرق العربي قذيفة مورتر أطلقها جنود إسرائيليون على غزة (رويترز)

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

يعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام، ظروفاً قاسية خلال فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يقضونه في ظروف مماثلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية قبل الفجر (إ.ب.أ) play-circle 00:37

مقتل 5 صحافيين بضربة إسرائيلية في غزة... وإسرائيل تقول إنها استهدفت مسلحين

قال مسؤولون في قطاع غزة إن غارة جوية إسرائيلية قتلت خمسة صحافيين فلسطينيين أمام مستشفى، اليوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج السعودية عدّت ممارسات إسرائيل في «الأقصى» تعدياً صارخاً (د.ب.أ)

السعودية تدين استمرار انتهاكات إسرائيل في فلسطين وسوريا

دانت السعودية اقتحام وزير الأمن القومي لباحة المسجد الأقصى، وتوغل قوات الاحتلال في الجنوب السوري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

تطرّق رجال الدين في معظم الكنائس المسيحية في العالم، خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين.

نظير مجلي (تل أبيب)

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
TT

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)

على الرغم من التنافس الخفي بين إسرائيل وتركيا على «الكعكة السورية»، والعداء السافر في الخطابات السياسية لقادتهما، تحرص تل أبيب وأنقرة على إبقاء قنوات حوار مفتوحة بينهما، من خلال رغبة مشتركة في ألا يسمحا بالتدهور إلى صدام حربي بينهما على الأراضي السورية.

ووفق مصادر سياسية مطلعة، يدرك كل منهما أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحدث تغييراً جوهرياً في خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط. وترى إسرائيل أن دخولاً متجدداً لتركيا بصفتها قوة عظمى إقليمية، من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة معها.

نشوة المكاسب

وترى تركيا بالمقابل، أن إسرائيل تعيش في نشوة المكاسب التي حققتها في الحرب مع «حماس» و«حزب الله» ومع إيران وفي سوريا. وكل منهما تتابع نشاط الأخرى على الأرض السورية منذ فترة طويلة.

فقد عملت تركيا، وتعمل من خلف الكواليس في الثورة في سوريا، منذ عام 2011، وتستثمر مقدرات اقتصادية وعسكرية بداية كي تضرب الإقليم الكردي، وتمنع ارتباطاً بينه وبين الإقليم الكردي في تركيا.

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

فتركيا لديها تطلعات إمبريالية في المنطقة، بما في ذلك العودة لأن تكون نوعاً من الإمبراطورية العثمانية، في سوريا في المرحلة الأولى، حسب د. جاي إيتان كوهن ينروجيك، خبير في الشؤون التركية في مركز «موشيه دايان» في جامعة تل أبيب.

ويقول: «نجحت تركيا بخطوة سريعة في دحر إيران وروسيا من سوريا، وتسعى لملء الفراغ الناشئ بسقوط الأسد، الذي يعد نجاحاً فاق التصورات».

ويضيف: «في الأيام الأخيرة تصدر بيانات عن الحكم التركي، بما فيها على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن نياتهم بالنسبة للإقليم الكردي في سوريا، ولكن أيضاً بالنسبة لأجزاء أخرى من سوريا، بما فيها المحافظات الجنوبية».

وضمن أمور أخرى، أعلن الأتراك عن نيتهم إعادة شق سكة القطار الحجازي؛ إسطنبول دمشق، بالتوازي مع شق طريق سريع بين تركيا وسوريا، وإقامة مطارات وموانئ تركية في سوريا، وذلك إلى جانب ضم أجزاء من سوريا، ما ينزع المياه الاقتصادية من قبرص، ويمنع تمديد أنابيب الغاز التي تربط بين إسرائيل وقبرص واليونان.

تحالفان مركزيان

ويضيف: «هذه الخطوة ستؤدي إلى تحالفين مركزيين في المنطقة؛ التحالف الإسرائيلي، الذي سيتشكل من قبرص واليونان، وإلى جانبهما دول إقليمية أخرى، وبالمقابل تحالف تركيا، مع سوريا ولبنان وليبيا». ويتابع جهاز الأمن الإسرائيلي بقلق الخطوات التركية؛ لكنه لا يكتفي بالقلق، ولا يقف متفرجاً، بل قام بتدمير الجيش السوري واحتلال مقاطع واسعة من الجنوب الغربي لسوريا.

ويقول الإسرائيليون إن القيادة الجديدة في سوريا، ومن خلفها تركيا، لم تتوقع التدهور الذي حصل لنظام الأسد بهذه السرعة والسهولة، وهم قصدوا السيطرة على حلب، وليس الاحتلال السريع لكل سوريا.

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق قبل أيام (رويترز)

جاء ذلك ليفتح شهية أنقرة، ويغذي تطلعاتها الإمبريالية. وهم ينظرون إلى تركيا بصفتها «دولة عظمى إقليمياً، مع سكان يبلغ عددهم 84 مليون نسمة، واقتصاد يحتل المرتبة الـ17 في العالم، وقوة إنتاج ناجعة على نحو خاص، وقوة بحرية عسكرية كبيرة ومهمة، وسلاح جوها مثل سلاحنا في العدد، وإن لم يكن في النوعية، ولديهم أيضاً قوة برية مهمة وقوية».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه، وعلى الرغم من العداء السياسي، لا تزال هناك علاقات أمنية، وأنه يُجرى حوار بين الدولتين، بما في ذلك على مستويات العمل الأمني. وكلا الطرفين ينتظر دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، والذي يعد المجهول الأكبر.

سيناريوهان

وفي تل أبيب يستعدون لسيناريوهين مركزيين في هذا الشأن؛ الأول أن يسعى ترمب للعمل بقوة حيال إيران، ويسعى لترتيب المنطقة، وخلق تحالف من الاتفاقات بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة. وهكذا يبث للروس وللصينيين أيضاً القوة، وبعد أشهر من القتال ينشأ واقع هدوء إقليمي وقوة أميركية، ما يتيح له استمرار فترة ولاية هادئة، في ظل التركيز على الشؤون الداخلية والاقتصاد الأميركي.

ولكنّ هناك سيناريو ثانياً، ومعاكساً، وهو أن تهمل الولايات المتحدة النشاط العسكري في المنطقة، بل إنها يمكنها أن تسمح لتركيا بأن تستنفد تطلعاتها في سوريا، مقابل أن تسمح للأميركيين بحرية العمل التي يريدونها في المنطقة. الثمن الفوري سيدفعه الأكراد، الذين يريد الأتراك رأسهم الآن.

وبناءً على التطورات الجديدة، تحاول إسرائيل تثبيت وجودها في المشهد السوري، وربما أيضاً في لبنان. فهناك، ينوي الجيش الإسرائيلي التراجع عن ترتيباته لوقف النار في لبنان، وربما يعود إلى استئناف القتال بالكامل، في انتهاء فترة وقف النار بعد 60 يوماً. وقد أبدت إسرائيل أكثر من تلميح على هذا التصميم، حين هاجم سلاح الجو في البقاع عمق لبنان، ودمر مخازن سلاح كبيرة لـ«حزب الله»، بحجة أنها نقلت فقط في الأيام الأخيرة من سوريا إلى لبنان، وأكد أن قواته لن تنسحب من الجنوب اللبناني كما ينص الاتفاق.