عبداللهيان: تسريب وثيقة أبطأ تنفيذ تبادل السجناء مع واشنطن

توقع منع طهران من التعامل بالدولار في حال إحياء الاتفاق النووي

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان
TT

عبداللهيان: تسريب وثيقة أبطأ تنفيذ تبادل السجناء مع واشنطن

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن تسريب وثيقة سرية تسبب في إبطاء تنفيذ صفقة تبادل السجناء مع واشنطن، مشدداً على أن بلاده لا تسعى لاتفاق مؤقت أو محدود في مفاوضات الاتفاق النووي، وتوقع حرمان طهران من التعامل بالدولار حتى في حال استئناف العمل بالاتفاق.

وتحدث عبداللهيان اليوم في لقاء مع مجموعة من الصحافيين بعد أيام من إعلان صفقة إيرانية - أميركية، بدأت مرحلتها الأولى بإطلاق أموال إيرانية في كوريا الجنوبية، ونقلها إلى بنوك أوروبية بموازاة نقل خمسة سجناء أميركيين - إيرانيين من زنزانة تابعة لـ«الحرس الثوري» في سجن إيفين، إلى فندق تحت الإقامة الجبرية تمهيداً لإطلاق سراحهم.

ولم يبتعد عبداللهيان عن أقواله السابقة بشأن استراتيجية بلاده في خوض المفاوضات النووية وسعيها لتحسين العلاقات مع دول المنطقة، بهدف كسر عزلتها الإقليمية والدولية.

وقال إن حكومة إبراهيم رئيسي «منذ البداية تابعت مسارين: إلغاء العقوبات الأحادية الأميركية (المفاوضات)، وإبطال مفعولها (العقوبات)»، في إشارة إلى سياسة «إجهاض العقوبات» أو الالتفاف عليها التي يطالب بها المرشد الإيراني علي خامنئي، كاستراتيجية لمواجهة العقوبات الغربية سواء في الوقت الحالي أو المستقبل.

وصرح: «يجب أن نتابع تقليل أثر العقوبات عبر استخدام العملات المحلية، أو الجزء الآخر عبر إبطال العقوبات». وقال: «واحدة من المناقشات الجارية، استناداً إلى نص الاتفاق من عشر صفحات، هي أنه حتى لو عمل الاتفاق بشكل جيد، فإنه لا يمكنه الوصول إلى دولار واحد. يجب أن ندرك أن عدم الوصول إلى الدولار، يمكن أن يحل باستخدام العملات الوطنية والآليات المتعددة الأطراف».

وبشأن الأموال الإيرانية المفرج عنها في كوريا الجنوبية، قال عبداللهيان: «بما أن تحويل 6 مليارات دولار مرة واحدة من البنوك الكورية كان بمثابة صدمة، فقد تقرر تحويلها على عدة مراحل». وأضاف: «تم نقل الأموال الإيرانية المحتجزة في كوريا الجنوبية إلى بنك أوروبي»، لافتاً إلى أن تغيير الأموال من العملة الكورية الجنوبية إلى اليورو «يستغرق أسبوعاً».

وتابع: «عندما يتم تحويل الأموال الإيرانية إلى اليورو، ستُنقل إلى أحد البنوك في دول المنطقة». وقال للصحافيين: «لماذا خبر بهذه الأهمية لم يعلن من جانبنا؟ قد يعود سبب ذلك إلى أن أموالنا محتجزة في كوريا الجنوبية بموجب العقوبات الأميركية، استغرقت العملية بضعة أسابيع، تمكنا من إعلان الخبر عندما تأكدنا من تحويل الأموال، ضبط توقيت هذا التحويل لم يكن بأيدينا، لقد أبلغنا الطرف الآخر عبر الوسطاء أن التأخير في الإفراج عن الأموال يعود إلى قضايا فنية وليست سياسية».

ومع ذلك، قال عبداللهيان: «لا نرى أي صلة بين إطلاق سراح السجناء كقضية إنسانية وإطلاق الأصول الإيرانية المجمدة»، نافياً أن تكون طهران وراء اتفاق مؤقت أو ناقص.

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن عبداللهيان قوله: «في قضية تبادل السجناء والإفراج عن أموالنا في كوريا الجنوبية، والإبطاء في مسار نقل الأموال في البنوك العراقية، لم نبتعد عن المسار الدبلوماسي والتفاوض». وقال: «في مسار المفاوضات، أجرينا مباحثات وفاوضنا وتبادلنا الرسائل غير المباشرة مع الأميركيين على مدى أشهر».

وأضاف عبداللهيان: «في فترة ما من المفاوضات اقتربنا جداً من الاتفاق، لكن نشر جزء من وثيقة مصنفة سرية من المفاوضات تسبب لنا في مشكلات»، دون أن يتطرق لتفاصيل.

وكان تعليق التصريح الأمني للمبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي، على خلفية «تسريبه معلومات سرية»، قد أثار شكوكاً في تقدم المفاوضات بين طهران وواشنطن، خصوصاً ما يتعلق بقضية السجناء الأميركيين - الإيرانيين.

ونشرت صحيفة «طهران تايمز» التابعة لمكتب «الدعاية الإسلامي» في مكتب المرشد الإيراني، تسجيلاً صوتياً منسوباً إلى المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي، يتحدث فيه عن ضرورة اتخاذ إحياء الاتفاق النووي نقطة بداية لاتفاق أطول مدى وأقوى وأوسع.

ويقول مالي في التسجيل الصوتي: «عندما نعود إلى الاتفاق النووي، نريد أن نستخدم مختلف الأدوات للضغط على السلوكيات الأخرى لإيران، سواء دعم الوكلاء، أو برنامج الصواريخ الباليستية، أو الهجمات السيبرانية، أو التدخل في الانتخابات، أو انتهاكات حقوق الإنسان، نحن في طور الحفاظ على قدراتنا لممارسة الضغط والعقوبات والقضايا الأخرى».

ورفض عبداللهيان تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، بشأن منح العراق إعفاء من العقوبات لتخفيف الضغوط الإيرانية. وقال عبداللهيان: «علاقات طهران وبغداد استراتيجية، لكننا عندما نصدر النفط والغاز والكهرباء إلى دولة جارة وتدفع مبالغها في حساباتنا، فمن حقنا أن نستخدم مواردنا».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، قد أدلى بعدة تصريحات تلفزيونية نهاية الأسبوع للدفاع عن الصفقة مع طهران، وتحديداً الرد على اتهام إدارة بايدن بدفع فدية لإيران.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أشخاص مطلعين (الجمعة) قولهم إن إيران أبطأت بدرجة كبيرة وتيرة تكوين مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من اللازم لصنع أسلحة، وخففت كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة في الأسابيع الماضية.

وقال كيربي إنه لا يمكنه تأكيد هذا التقرير، لكنه أشار إلى أن «أي خطوات قد تتخذها إيران لإبطاء وتيرة التخصيب ستكون بالتأكيد موضع ترحيب».

في وقت لاحق، نسبت صحيفة «جيرزاليم بوست» الإسرائيلية إلى مصادر استخبارات أوروبية، أن إيران «تقترب من اختبار أسلحة نووية لأول مرة». وتستند المعلومات إلى تقارير استخباراتية من هولندا وألمانيا والسويد.

السعودية ومصر

وعزا عبداللهيان التأخير في تبادل السفراء بين إيران والسعودية إلى «العطلة الصيفية»، مضيفاً أن «السفير الإيراني سيرافقني إلى السعودية قريباً، ليبدأ مهامه رسمياً». وتابع: «كوادرنا الدبلوماسية مستقرة في البلدين، ويقومون بتقديم الخدمات القنصلية والإجراءات السياسية».

وبشأن الخلاف حول حقل «الدرة»، قال إن «حقل (آرش) قضية حقوقية، وليست قضية يريد أحد الأطراف إثارتها إعلامياً». وتابع: «يهمنا رسم الحدود عبر المفاوضات القانونية والفنية».

وبشأن احتمالات تطبيع العلاقات مع مصر، قال عبداللهيان إن سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، تحدث إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حول كيفية تنمية العلاقات بين طهران والقاهرة. وفي ذلك الإطار، الجمهورية الإسلامية رحبت على أعلى المستويات بعودة العلاقات الإيرانية - المصرية لحالتها الطبيعية، وأعلى مستوى. وقال: «استئناف العلاقات على جدول أعمالنا المشتركة».

 

القوات الأميركية في المنطقة

في سياق متصل، علق عبداللهيان على التعزيزات الأميركية التي وصلت للمنطقة في وقت سابق من هذا الشهر، لردع التهديدات البحرية التي تمثلها إيران للسفن التجارية في مضيق هرمز.

وقال عبداللهيان إن «المؤشرات تغيرت، حضور القوات العسكرية الأميركية في منطقة الخليج سيزيد من التهديدات الأمنية».

وأضاف: «هذا الضجيج لا يساعد في أمن الخليج (...)، خلال زيارتي لدول الخليج لاحظت أن دول المنطقة تريد أن تلعب الدور الأساسي في توفير الأمن». وقال: «رسالتنا إلى دول المنطقة ليست سوى السلام والصداقة».

وادعى في نفس السياق: «نحن ندافع عن أمن كل المنطقة»، عادّاً أن دور قاسم سليماني «شاهد على أنه لا يوجد طرف أكثر حرصاً من إيران للمساعدة في أمن المنطقة».

وقاد سليماني العمليات الخارجية والاستخبارات لـ«الحرس الثوري»، الممثلة بـ«فيلق القدس»، الذي رعى ميليشيات موالية لإيران في نزاعات داخلية شهدتها سوريا والعراق، كما تولى تسليح ميليشيات أخرى تدين بالولاء الآيديولوجي لإيران، قبل أن يقضي في ضربة جوية أمر بها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب.

وقالت البحرية الأميركية (الأحد) إن تحالفاً بحرياً تقوده الولايات المتحدة في الخليج حذر السفن في المنطقة بالابتعاد عن المياه الإيرانية لتجنب التعرض المحتمل للاحتجاز.
ويُظهر التحذير أن التوتر لا يزال كبيراً في مضيق هرمز وما حوله، حيث احتجزت إيران ناقلتي نفط في أواخر أبريل (نيسان) وأوائل مايو (أيار).

وقال الأسطول الخامس الأميركي في بيان إن سفينة هجوم برمائية وسفينة إنزال وصلتا إلى البحر الأحمر «لتوفير أصول جوية وبحرية إضافية للمنطقة»، وعلى متنهما 3000 بحار وجندي أميركي.

وأرسلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الشهر الماضي طائرات مقاتلة إضافية من طراز «إف-35» و«إف-16» إلى جانب سفينة حربية إلى الشرق الأوسط في محاولة لمراقبة الممرات المائية الرئيسية في المنطقة بعد احتجاز إيران ومضايقاتها لسفن شحن تجارية.


مقالات ذات صلة

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة بزشكيان إشارات إلى إمكانية التواصل مع إدارة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

دعت وزارة الخارجية الإيرانية باريس إلى مراجعة نهجها «غير البنَّاء» قبل أيام قليلة من عقد طهران جولة جديدة من المحادثات بشأن برنامجها النووي مع الدول الأوروبية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)

تحليل إخباري فرنسا لمواجهة «التحدي الاستراتيجي» الإيراني

استكمل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو «مضبطة الاتهامات» ضد إيران التي طرحها ماكرون، مبرزاً الإحباط بسبب فشل باريس في الإفراج عن الرهائن الذين تحتزهم طهران.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون: «النووي الإيراني» يقترب من نقطة اللاعودة

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، إن البرنامج النووي الإيراني يقترب من نقطة اللاعودة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)

إيران تترقب سياسة ترمب بشأن برنامجها النووي

إحدى القضايا المعقدة في السياسة الخارجية التي سيرثها دونالد ترمب عندما يتولى منصبه في البيت الأبيض هي إيران التي تقف على أعتاب أن تصبح قوة نووية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - لندن)

إيران تطلق مناورات لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية

قادة من الجيش و«الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب إيران (تسنيم)
قادة من الجيش و«الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب إيران (تسنيم)
TT

إيران تطلق مناورات لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية

قادة من الجيش و«الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب إيران (تسنيم)
قادة من الجيش و«الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب إيران (تسنيم)

تنطلق، يوم السبت، في إيران مناورات «اقتدار 1403» التي تجريها قوات الدفاع الجوي بالجيش الإيراني، بمشاركة القوات الجوية، في مناطق غرب وشمال البلاد. وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، بأن هذه المناورات «تجريها قوات الدفاع الجوي للجيش الإيراني التي تأتمر لقيادة شبكة الدفاع الجوي الشاملة في البلاد». وستستخدم خلال هذه المناورات كثيراً من منظومات الدفاع الجوي المحلية الصنع، كما أنها ستحاكي الساحة الحقيقية للقتال، وستجري خلالها تمارين لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والحرب الإلكترونية.

وكانت إيران قد أطلقت، يوم الثلاثاء الماضي، المرحلة الأولى من المناورة المشتركة «اقتدار» للدفاع الجوي، حول محطة نطنز النووية. وأفادت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء بأنه في هذه المرحلة «تنفذ وحدات الدفاع الجوي التابعة لقوات الجو فضاءً لـ(الحرس الثوري) الإيراني، دفاعاً شاملاً عن موقع الشهيد أحمدي روشن النووي»، وذلك «وسط بيئة مملوءة بالتهديدات الجوية المعقدة وظروف حرب إلكترونية صعبة، بهدف تعزيز القدرة على التصدي لأي اعتداء».

قاعدة صاروخية

صورة متداولة لحسين سلامي قائد «الحرس الثوري»

من جهة أخرى، عرض التلفزيون الرسمي الإيراني مشاهد نادرة تظهر قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي يزور قاعدة صاروخية تحت الأرض استُخدمت في أكتوبر (تشرين الأول) لمهاجمة إسرائيل. وذكر التلفزيون أن هذه القاعدة «الموجودة في الجبال» تضم عشرات الصواريخ، وقد استُخدمت في الآونة الأخيرة لشن هجوم على إسرائيل في إطار «عملية الوعد الصادق 2»، من دون أن يوضح المكان المحدد للقاعدة.

وكان يشير إلى إطلاق نحو 200 صاروخ على إسرائيل في الأول من أكتوبر، من بينها للمرة الأولى صواريخ فرط صوتية. وقالت طهران يومها إن هذه الضربات أتت رداً على اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران في يوليو (تموز)، وعلى مقتل جنرال إيراني في ضربة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر (أيلول) أودت أيضاً بالأمين العام السابق لـ «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله.

من جانبها، أعلنت إسرائيل في نهاية أكتوبر أنها شنت ضربات على مواقع عسكرية في إيران، رداً على هجوم طهران. وعرض التلفزيون الإيراني مشاهد القاعدة العسكرية بعد بضع ساعات من عرض عسكري في طهران شارك فيه آلاف من عناصر «الحرس الثوري» مع آليات عسكرية وأسلحة ثقيلة.

وفي عملية استمرت لساعات، استهدفت العشرات من الطائرات الإسرائيلية مواقع عسكرية استراتيجية في أنحاء إيران، وتحديداً مواقع تصنيع وإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي، تزامنت مع وقوع انفجارات في محيط طهران وكرج وأصفهان وشيراز.

استعراض القوة

مسيرة إيرانية ضمن عرض «الباسيج» في طهران 10 يناير 2024 (إ.ب.أ)

ويأتي تركيز الإعلام الإيراني على العرض وزيارة القاعدة العسكرية مع اقتراب موعد تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه في 20 من الشهر الحالي. وقال المسؤول في «الحرس الثوري الإيراني» الجنرال محمد رضا نقدي في خطاب خلال العرض العسكري إن الولايات المتحدة «هي المسؤولة عن كل مصائب العالم الإسلامي». وأضاف: «إذا تَمَكَّنَّا من تدمير النظام الصهيوني وسحب القواعد الأميركية من المنطقة، فإن إحدى مشكلاتنا الكبرى سوف تُحل»، في إشارة إلى إسرائيل العدو اللدود لطهران.

وشارك آلاف من عناصر «الحرس الثوري» في طهران، يوم الجمعة، بمسيرة «السائرون إلى القدس» عارضين خلالها مركبات عسكرية وأسلحة ثقيلة بهدف إظهار استعدادهم لمواجهة التهديدات التي تستهدف إيران. وانطلقت المسيرة في شوارع العاصمة بمشاركة مجموعات من قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس».

وسار رجال يرتدون الزي العسكري بينما استقل آخرون دراجات نارية ومركبات، وحمل بعضهم قاذفات صواريخ أمام حشود رفعت أعلام إيران وفلسطين و«حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران. وحمل مشاركون أيضاً صوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي وشخصيات في «محور المقاومة» المشكَّل من فصائل مسلحة في دول مختلفة مدعومة من إيران.

وعُرضت نماذج من صواريخ ومسيّرات إيرانية الصنع، ومعدات عسكرية أخرى في شوارع العاصمة طهران. وقال قائد «الحرس الثوري» في العاصمة، الجنرال حسن زاده، في تصريح تلفزيوني إن «أحد أهداف المسيرة هو دعم شعب غزة وفلسطين». وأضاف: «نسعى أيضاً إلى إظهار أن قوات (الباسيج) مستعدة لمواجهة أي تهديد من أعداء الثورة الإسلامية». ولا تعترف إيران بدولة إسرائيل، وجعلت دعم القضية الفلسطينية إحدى ركائز سياستها الخارجية منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

مبعوث ترمب

أنصار «مجاهدي خلق» خلال مظاهرة تطالب بتصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب بباريس في فبراير 2023 (إ.ب.أ)

من جهة أخرى، أظهرت لقطات فيديو بثها «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، ومقره باريس وهو أيضاً الذراع السياسية لمنظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية، حضور مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، فعالية نظمها «المجلس» بالعاصمة الفرنسية، يوم السبت، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء. وأرجأ كيلوج زيارة إلى عواصم أوروبية في وقت سابق من هذا الشهر إلى ما بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني). ومن المقرر أن يشغل كيلوج منصب مبعوث ترمب الخاص إلى أوكرانيا وروسيا. وتحدث كيلوج في السابق في فعاليات للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وكانت أحدث مشاركاته في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن وجوده في باريس، حتى ولو بصفته الشخصية، يشير إلى أن الجماعة تحظى باهتمام الإدارة الأميركية الجديدة. كما شارك وزير الخارجية الجديد في إدارة ترمب ماركو روبيو في فعاليات سابقة للمجلس. ودعا المجلس مراراً إلى الإطاحة بالنظام الحالي في إيران، لكن من غير الواضح مدى الدعم الذي يحظى به داخل إيران. وقالت مريم رجوي رئيسة «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» خلال كلمة في بداية الفعالية إن ميزان القوى في المنطقة انقلب على القادة الإيرانيين بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد و«الضربة القاصمة» التي تلقتها جماعة «حزب الله» في الحرب مع إسرائيل. وأضافت: «لقد حان الوقت لكي تتخلى الحكومات الغربية عن سياساتها السابقة وتقف إلى جانب الشعب الإيراني هذه المرة». وتعهد ترمب بالضغط على إيران في محاولة لإجبارها على التفاوض بشأن اتفاق بخصوص برنامجها النووي وبرنامج آخر للصواريخ الباليستية وأنشطتها في المنطقة. ونظم «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» تجمعات كثيرة في فرنسا، شارك فيها في كثير من الأحيان مسؤولون سابقون كبار من الولايات المتحدة وأوروبا.

أزمة الطاقة

أحد الشوارع في وسط العاصمة الإيرانية طهران (أ.ف.ب)

على صعيد آخر، قررت السلطات الإيرانية إغلاق المدارس والمكاتب الحكومية في طهران ومحافظات عدة، يوم السبت، لتوفير الطاقة، بينما تواجه البلاد نقصاً في الطاقة تفاقم بسبب موجة البرد. وتعد إيران غنية بالطاقة مع احتياطات غاز ونفط من الأكبر في العالم، لكنها اضطُرت في الأسابيع الأخيرة إلى ترشيد الكهرباء بسبب نقص الغاز والوقود لتشغيل محطات الطاقة. وأعلنت الحكومة إغلاق المدارس والإدارات، لا سيما في محافظتي طهران وألبرز غرب العاصمة. واتُّخذ قرار مماثل في 10 على الأقل من المحافظات الـ31، من بينها كردستان (غرب)، ومازندران وأردبيل (شمال)، وقم (وسط)، وكرمان في الجنوب الشرقي، «من أجل إدارة استهلاك الطاقة»، وفق وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء.

وفي ديسمبر (كانون الأول) أغلقت المكاتب الحكومية في طهران 4 أيام متتالية، وهو قرار شمل أيضاً أكثر من نصف المحافظات، من أجل توفير الطاقة، وسط معاناة شبكة الكهرباء في إيران من نقص الاستثمار في بنيتها التحتية بسبب العقوبات الغربية على إيران.