«الحرس الثوري» يتدرب على إعادة انتشار قوات قتالية في جزيرة أبو موسى

شملت تشغيل قوارب جديدة مزودة بصواريخ تصل لـ600 كيلومتر

قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)
قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري» يتدرب على إعادة انتشار قوات قتالية في جزيرة أبو موسى

قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)
قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)

أجرى «الحرس الثوري» تدريبات بمشاركة وحدته البحرية وميليشيا «الباسيج» على انتشار القوات القتالية، وشملت تدشين قوارب جديدة وإطلاق صواريخ كروز ومسيّرات في جزيرة أبو موسي، إحدى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، في وقت أرسلت الولايات المتحدة سفناً ومقاتلات إلى الخليج العربي لردع التهديدات البحرية الإيرانية.

وذكرت وكالة «أرنا» الرسمية، أن المناورات تهدف إلى «إظهار الاقتدار والاستعدادات الدفاعية والقتالية لقوات البحرية التابعة لـ(الحرس الثوري) الإيراني في حماية أمن الخليج (...) والجزر (...)»، وتشمل استخدام «الأنظمة والمعدات المحلية المنتجة في الصناعات القائمة على الدفاع والمعرفة في البلاد».

من جهتها، أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأن التدريبات شملت إطلاق قوارب سريعة جديدة تحمل على متنها منصات لإطلاق صواريخ كروز بحرية يصل مداها لـ600 كيلومتر. وتحمل القوارب اسم «حججي» أحد عناصر «الحرس الثوري» الذين قُتلوا في سوريا. ولم تذكر الوكالة تفاصيل عن الصواريخ، لكن مواقع أخرى لـ«الحرس الثوري» استخدمت صوراً قديمة من إطلاق صاروخ «نصر» البالغ مداه 35 كيلومتراً، وكذلك صاروخ «نور»، وهو في الأصل صاروخ كروز مضاد للسفن من صناعة الصين ويسمى باسم «سي820» ويعرف أيضاً باسم «واي جي 83». وطورت إيران في عام 2011 نسخة منه يصل مداها إلى 200 كيلومتر.

صورة من إطلاق صاروخ على متن قارب سريع أعلن «الحرس الثوري» عن تشغيله اليوم (فارس)

وبحسب وسائل إعلام «الحرس الثوري»، أطلقت المناورات باسم «إسحاق دارا»، وهو قيادي قتل في مواجهات مباشرة، مع القوات الأميركية خلال حرب الناقلات التي شهدتها منطقة الخليج خلال حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق. أما وكالة الصحافة الفرنسية، فقد ذكرت أن «الحرس» أطلق مناورات «الاقتدار» في جزيرة أبو موسى، وأيضاً في محيط جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى اللتين تقعان قرب مضيق هرمز، الممر الحيوي لخُمس إنتاج النفط في العالم.

ووّزع التلفزيون الرسمي ووسائل إعلام «الحرس الثوري» والحكومة الكثير من مقاطع الفيديو والصور في إطار حملة دعائية تصاحب المناورات العسكرية عادة.

رسائل

وتوجه قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، وقائد الوحدة البحرية في «الحرس» علي رضا تنغسيري إلى جزيرة أبو موسى قبل بدء المناورات، حيث وجّها رسائل إلى دول المنطقة والقوات الأميركية.

وقال سلامي في بداية المناورات: «نحن نسعى دوماً للأمن والاستقرار، وهذا نهجنا». وأضاف «الشعب الإيراني سيردّ على جميع التهديدات، والفتن الغامضة، والمعقدة وكل السيناريوهات الغامضة، وجميع الأحقاد»، عادّاً أن «كل الفتن والانقسامات والتوترات هي نتاج السياسية الأميركية والكيان الصهيوني».

وعزا تنغسيري التدريبات العسكرية المفاجئة إلى حاجة إيران إلى «الدفاع» عن الجزر الإماراتية المحتلة في الخليج العربي. وقال: «الجزر في الخليج جزء من شرف إيران وسندافع عنها... لن نتوانى أبداً عن حماية وحدة أراضي بلدنا... لأن الأجيال القادمة لن تغفر لنا ذلك»، مضيفاً أن دول المنطقة هي التي يجب أن تكون المسؤولة عن أمن الخليج.

وأضاف: «الخليج (...) يعود لكل دول المنطقة... على تلك الدول أن تتحلى بالحكمة وتمنع نفسها من الوقوع في مؤامرات وخطط مثيرة للخلاف تحيكها دول من خارج المنطقة» حسبما نقلت «رويترز» عن وكالة «تسنيم».

جانب من استعراض ميليشيا «الباسيج» على هامش مناورات في جزيرة أبو موسي اليوم (تسنيم)

في السياق نفسه، نقلت وكالة «تسنيم» عن علي عظمايي، القيادي في عمليات الوحدة البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري»، قوله: التدريب شهد انتشار 1500 عنصر بين 30 رجل دين من ميليشيا «الباسيج» الذراع التعبوية لـ«الحرس الثوري».

وقال: إنهم «أُرسلوا بسرعة عبر الطائرات والسفن الخفيفة والثقيلة للدفاع عن جزيرة أبو موسي»، وأضاف: «تم نشر المقاتلين في مواقع محددة سلفاً للدفاع عن جزيرة أبو موسى».

وأشار إلى مشاركة 50 جندياً في التدريب على «اعتداء جوي» بطائرات مروحية. واستخدام طائرات مسيّرة جوية وبحرية، وقاذفات وراجمات صواريخ، وقوارب ذو الفقار التي تحمل على متنها صواريخ. وقال: «بعد انتشارها في الجزيرة، ردت القوات على هجوم العدو المفترض بنيران المدفعية الثقيلة».

تصاعد التوترات

يأتي إعادة انتشار قوات «الحرس الثوري» في جزيرة أبو موسى، بعد أسابيع من انتقادات حادة وجّهتها طهران إلى موسكو واستدعاء السفير الروسي لديها، في أعقاب ترحيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه في مجلس التعاون الخليجي، ببيان يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث المحتلة؛ طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو «محكمة العدل الدولية».

وفي الشهر الماضي، أرسلت الولايات المتحدة مزيداً من الطائرات المقاتلة من طراز «إف35» و«إف16» إلى جانب سفينة حربية إلى الشرق الأوسط في محاولة لمراقبة الممرات المائية الرئيسية في المنطقة بعد احتجاز إيران سفن شحن تجارية في الأشهر القليلة الماضية.

وفي أحدث خطوة، أرسلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حاملة طائرات الأميركية «باتان» إلى الخليج للمشاركة في مهمة حماية الملاحة في مضيق هرمز، في رسالة تحذير لإيران، بينما يسود الترقب بشأن مستقبل المسار المتعثر لمحادثات إحياء الاتفاق النووي.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت وكالة «أسوشييتد برس»، أن إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً أمام الشحن من بين أولويات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ لضمان عدم ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، في ظل الضغط التي تتعرض له الأسواق جراء الحرب الروسية - الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

شؤون إقليمية قائد الوحدة الصاروخية أمير علي حاجي زاده يتحدث إلى بزشكيان خلال مرور شاحنة تحمل صاروخ «عماد» الباليستي خلال عرض عسكري في طهران (أ.ف.ب)

إيران تكشف عن «باليستي» ومسيّرة انتحارية مع تصاعد التوترات الإقليمية

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده ستمضي قدماً في توسع «قوة الردع»، وذلك خلال عرض عسكري سنوي بطهران شمل طائرة انتحارية، وصاروخاً باليستياً جديدين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرها إعلام «الحرس الثوري» من جولة تنغسيري بجزيرة أبو موسى اليوم

«الحرس الثوري»: قواتنا في أفضل حالاتها العملياتية بمضيق هرمز

قال قائد «الوحدة البحرية» في «الحرس الثوري»، علي رضا تنغسيري، إن قواته بمضيق هرمز «في أفضل حالاتها العملياتية» في خضم تصاعد التوترات مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وسائل إعلام إيرانية لفرقاطة «سهند» الأحد الماضي قبل أن تغرق بالكامل قبالة ميناء بندر عباس

الفرقاطة الإيرانية «سهند» تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الفرقاطة «سهند» غرقت بالكامل في مياه ضحلة، اليوم الثلاثاء، قبالة مضيق هرمز، بميناء بندر عباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الاقتصاد سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)

الاضطرابات في الممرات البحرية تُلقي بظلالها على أمن الطاقة العالمي

بينما تتجه الأنظار إلى البحر الأحمر للوقوف على حركة التجارة بعد ازدياد الهجمات على السفن العابرة، حذَّر متخصصون من التحديات التي تحيط بالممرات المائية بالمنطقة.

صبري ناجح (القاهرة)
شؤون إقليمية قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسى أغسطس الماضي (تسنيم)

«الحرس الثوري» يعلن استعراضا لـ«الباسيج البحري في محور المقاومة»

أعلن قائد بحرية «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري عن استعراض لـ«الباسيج البحري» في «دول محور المقاومة» الجمعة المقبل، لافتاً إلى أن قواته ستشارك بـ3 آلاف سفينة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.