طهران تلوّح بردٍّ «جدّي» إذا أبقت أوروبا على عقوبات «الباليستي»

«الخارجية الإيرانية» اتهمت الترويكا الأوروبية بـ«القصور» في الاتفاق النووي

تجربة صاروخ «خيبر» الباليستي الإيراني البالغ مداه ألفى كيلومتر في مايو الماضي (رويترز)
تجربة صاروخ «خيبر» الباليستي الإيراني البالغ مداه ألفى كيلومتر في مايو الماضي (رويترز)
TT

طهران تلوّح بردٍّ «جدّي» إذا أبقت أوروبا على عقوبات «الباليستي»

تجربة صاروخ «خيبر» الباليستي الإيراني البالغ مداه ألفى كيلومتر في مايو الماضي (رويترز)
تجربة صاروخ «خيبر» الباليستي الإيراني البالغ مداه ألفى كيلومتر في مايو الماضي (رويترز)

لوّحت طهران بردٍّ «جدّي» على أي تحرك أوروبي لإبقاء عقوبات الصواريخ الباليستية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع حلول موعد بند «الغروب» بموجب الاتفاق النووي.

لوَّحت طهران بردٍّ «جدّي» على أي تحرك أوروبي للإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع حلول موعد بند «الغروب» المنصوص عليه في الاتفاق النووي بشأن البرنامج الإيراني.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في المؤتمر الأسبوعي اليوم، إن أي عقوبات جديدة تستند إلى مزاعم لا أساس لها مرفوضة بالكامل، مضيفاً أن «إيران تحتفظ بحق الرد على أي أعمل غير مسؤول في الوقت المناسب».

ومن المقرر أن تنتهي مدة العقوبات الدولية على برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في 18 أكتوبر بموجب قرار من الأمم المتحدة بشأن الاتفاق النووي المبرم في 2015.

وقبل نحو أسبوعين، قالت مصادر لوكالة «رويترز» إن دبلوماسيين أوروبيين أبلغوا إيران باعتزام الاتحاد الأوروبي الإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية المقرر أن تنتهي في أكتوبر بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015. وقال مسؤول إيراني لـ«رويترز» إن إنريكي مورا، الدبلوماسي بالاتحاد الأوروبي الذي ينسق المحادثات المتعلقة بإحياء الاتفاق النووي، أثار مسألة الإبقاء على عقوبات الاتحاد عندما التقى كبير مفاوضي طهران، علي باقري كني في الدوحة في 21 يونيو (حزيران).

ونقلت وكالات حكومية إيرانية عن كنعاني قوله إن دول الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) مسؤولة مثل الولايات المتحدة عن عدم الوفاء بالتزاماتها في «خطة العمل الشاملة المشتركة»، في إشارة إلى الاسم الرسمي للاتفاق النووي. وأضاف: «هذه ثلاث حكومات يجب أن تقدم إجابة عن هذا القصور».

وأضاف كنعاني: «رغم قصورهم لا يمكن أن يجلسوا في موقف المدّعي ويطرحوا الاتهامات ضد إيران، ويفرضوا عقوبات عليها، إنها خطوات غير قانونية وغير مقبولة».

كانت صحيفة «الغارديان» البريطانية، قد وصفت رسالة الترويكا الأوروبية بشأن إبقاء العقوبات، بأنها «أول انتهاك أوروبي للاتفاق النووي».

يأتي ذلك بعدما تعهدت بريطانيا بإنشاء نظام عقوبات جديد لإيران يستهدف صناع القرار في طهران، بمن فيهم أفراد وكيانات إذا كانت لهم أدوار في تقويض السلام والاستقرار في الشرق الأوسط أو على الصعيد الدولي.

وقدمت بريطانيا أدلة في مجلس الأمن الدولي على أن إيران تمضي قدماً في إرسال أسلحة إلى الحوثيين في اليمن وإلى روسيا لدعمها في حرب أوكرانيا.

كانت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، قد قالت في جلسة دورية لمجلس الأمن بشأن تقييم القرار 2231، الخميس الماضي، إن استمرار التصعيد النووي الإيراني يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.

وأضافت وودوارد في الجلسة المخصصة لبحث قضية منع الانتشار النووي إنه وبعد شهور من المفاوضات طرحت العام الماضي نصوصاً قابلة للتطبيق أتاحت لإيران فرصة إعادة جميع الأطراف إلى الاتفاق النووي، لكن إيران رفضت اغتنام هذه الفرصة، وواصلت بدلاً من ذلك التصعيد النووي وفق ما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي».

وأشارت مندوبة بريطانيا إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يتجاوز حالياً الحدود التي فرضها الاتفاق النووي بأكثر من 21 مرة. كما تطلق إيران صواريخ قد تكون قادرة على حمل رؤوس نووية وتختبر تكنولوجيا قابلة للتطبيق على الصواريخ الباليستية المتوسطة والعابرة للقارات، حسب وودوارد.

وكانت مصادر «رويترز» قد عزت إبقاء العقوبات إلى ثلاثة أسباب: استخدام روسيا طائرات إيرانية مسيّرة في حرب أوكرانيا، واحتمال نقل إيران صواريخ باليستية إلى روسيا، وحرمان إيران من المزايا التي يمنحها لها الاتفاق النووي بالنظر إلى انتهاكها الاتفاق النووي.

وبدأت طهران مسار التحلل من الالتزامات النووية رداً على الانسحاب الأميركي في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، لكن منذ بداية عهد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي انتقد نهج سلفه، اتخذت طهران خطوات متقدمة في تسريع برنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة القريبة من نسبة 90 في المائة المطلوبة لإنتاج سلاح نووي.

وتعثرت الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي في سبتمبر (أيلول) الماضي، مما دفع واشنطن وحلفاءها للبحث عن سبل للتهدئة والسعي إذا نجحت في ذلك لإعادة فرض أحد أشكال القيود النووية.

لا توجد مفاوضات مباشرة مع طهران حول الملف النووي او المعتقلين

سولیفان

ولم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة بايدن سترفع القيود عن برنامج الصواريخ الباليستية والمسيّرات الإيرانية في أكتوبر المقبل. وسُئل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، على متن الطائرة الرئاسية في طريقه إلى لندن، أول من أمس، عما إذا كانت واشنطن تستعد لإجراءات مع حلول بند «الغروب» في الاتفاق النووي خصوصاً فيما يتعلق بالمسيّرات الإيرانية.

وأجاب سوليفان: «لقد اتخذنا عدداً كبيراً من الخطوات، بخلاف العقوبات التي فُرضت على إيران لتسليمها مسيّرات لقتل المدنيين الأوكرانيين، وسوف نستمر في القيام بذلك».

وحول ما إذا كانت الإدارة الأميركية تُجري محادثات مع إيران بشكل مباشر وغير مباشر، نقل موقع البيت الأبيض عن سوليفان قوله: «أجرينا اتصالات غير مباشرة مع إيران»، نافياً وجود مفاوضات مباشرة مع طهران حول الملف النووي أو المعتقلين.

وقال سوليفان: «لقد أجرينا تلك المحادثات غير المباشرة حول المعتقلين لأنه من واجبنا محاولة إعادة المواطنين الأميركيين إلى الوطن».

وتعقيباً على تصريحات سوليفان، قال كنعاني: «نحن نتابع جميع المسارات الدبلوماسية بما في ذلك المفاوضات عبر وسطاء وتبادل الرسائل لإحقاق حقوق الشعب الإيراني بما في ذلك رفع الحجز عن الأصول الإيرانية المجمدة والإفراج عن السجناء ومفاوضات رفع العقوبات». وأضاف: «نواصل الجهود الدبلوماسية في هذا الصدد».


مقالات ذات صلة

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

في حين كانت إيران تُصعد ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ألمحت إلى إمكانية التفاوض بشروط مختلفة مع الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترمب. وتبنّت الوكالة…

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم 60%.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.