أظهر تقرير حديث للهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية، أن حجم القوى العاملة في قطاع الأمن السيبراني بالمملكة؛ بلغ أكثر من 21 ألف مختص خلال عام 2024، بمعدل نمو وصل إلى 9 في المائة مقارنة بعام 2023، وعزت الفضل في ذلك إلى البرامج والمبادرات الساعية إلى تنمية المهارات الحالية والمستقبلية في مجال الأمن السيبراني وسد الاحتياج الوطني فيه؛ لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
مدير «هبوب» التابعة للاتحاد السعودي للأمن السيبراني لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تتصدر مؤشرات الأمن السيبرانيhttps://t.co/ypoPX2yWDm#صحيفة_الشرق_الأوسط#صحيفة_العرب_الأولى
— صحيفة الشرق الأوسط (@aawsat_News) December 4, 2025
في السياق ذاته، رصدت «الشرق الأوسط» إقبالاً كبيراً من عدد من الطلاب والهواة المهتمين بمجالات وتخصصات الأمن السيبراني، وذلك أثناء الفعاليات المصاحبة لمعرض «بلاك هات 2025»، الذي انعقد بنسخته الرابعة الأسبوع الماضي في ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض، قبل أن تلتقيهم في وقتٍ لاحق، وبيّن حضورهم للفعاليات المصاحبة والمشاركة في التحديات وإبراز مهاراتهم التقنية والسيبرانية، وحماسهم العالي تجاه الالتحاق بسوق قطاع الأمن السيبراني في السعودية، أن فئة كبيرة من «الناشئين» تحديداً في السعودية، ينتظرها مستقبل كبير لدعم القطاع الذي حققت فيه السعودية المرتبة الأولى في مؤشر التنافسية العالمية لعام 2025، مجدّدة بذلك صدارتها للمؤشر منذ عام 2024.

مهند ملفي الحربي، (15 عاماً)، يدرس في الصف الأول الثانوي بـ«مدارس الموهوبين التقنية» في منطقة القصيم، وسط السعودية، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه مهتم في مجال الأمن السيبراني، وخاصةً مسار Red Teaming، مشيراً إلى أنه يعمل على تطوير مهاراته في اختبار الاختراق وتحليل الثغرات والهندسة الاجتماعية والمحاكاة الهجومية.
«اهتمامي نابع من الجانب الهجومي خصوصاً أن العمل في الـRed Team يسمح لي بفهم الأنظمة بعمق، وأستغل نقاط الضعف مثلما يفعل المهاجم الحقيقي، وأقدّم توصيات عملية تعالج الجذر الفعلي للمشكلة وليس مجرد سطحها»، حسبما قال الحربي، الذي أظهر تعليقه فهماً كبيراً لأساليب الهجوم في الإطار السيبراني رغم سنه الصغيرة نسبيّاً، وتابع: «أهمية الأمن السيبراني تكمن في قدرته على حماية المؤسسات من خسائر تشغيلية ومالية ضخمة»، مضيفاً أن تقييم الهجمات الواقعية عبر Red Team يساعد على «كشف الفجوات التي لا تظهر في التقييمات التقليدية».
أما الطالبة في الصف الأول الثانوي بثانوية الموهوبين التقنية التابعة لأكاديمية طويق في العاصمة السعودية الرياض، سارة بدر العجلان (15 عاماً)، فقالت إنها تخصصت في مجال اكتشاف الثغرات، وأعربت عن اهتمامها بدراسة وتعلم الأمن السيبراني نظير أنه مجال يتضمّن «تفكيراً وتحديات»، وأردفت: «أحب أن أفهم كيف يمشي النظام وكيف يمكن لأحد أن يخترقه وكيف يمكننا حمايته» وعدّت أنها تشعر بأنه يناسب شخصيتها وميولها للمجالات التي تشتمل على تحديات.

العجلان ترى أن «أهمية تعلّم الأمن السيبراني بالنسبة للناشئين من فئتها، تكمن في أنه يحمي البيانات والخدمات من الاختراق، ويمنع المشاكل والخسائر، ومع تحوّل أكثر الأنشطة والمجالات إلى الرقمنة، فمن دون أمن سيبراني قوي تكون أي جهة معرَّضة للتعطّل أو لحاق ضرر بها وبأنظمتها».
الطالبة الجوهرة الشبعان، التي تدرس في «مدارس الموهوبين التقنية» بمنطقة القصيم، تحدّثت عن كيف يمكن لثغرة صغيرة أن تتسبب بمشكلة كبيرة، وعدَّت أن هذه النقطة أحد دوافعها للاهتمام بدراسة تخصّص الأمن السيبراني، إلى جانب أنها تساعد في معرفة ما يدور خلف الكواليس، وهو ما تحبّ اكتشافه وتدبّره، على حد تعبيرها.
قالت الشبعان إنها مهتمه بـ«سلامة المعلومات» واكتشاف الثغرات قبل استغلالها، وضمان أن المواقع تعمل بأمان دون وجود تهديدات؛ ما يجعل الأمن السيبراني ذا أهمية كبرى وفقاً لهذه التوصيفات.
وأظهرت عدد من الإجراءات التنفيذية في السعودية، مسعى السعودية لتعزيز قدرات الطلاب والراغبين في التخصص بقطاع الأمن السيبراني، ومن ذلك إطلاق «الهيئة الوطنية للأمن السيبراني» مؤخّراً، النسخة الثالثة من «البرنامج التدريبي للطلاب والطالبات في المرحلة الجامعية المتخصصين في الأمن السيبراني»، بيّنت الهيئة أن البرنامج تنفذه على مدى 10 أشهر، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، والذراع التقنية للهيئة، الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سايت)، كما يرتكز على عدد من المجالات، من أبرزها «أمن الشبكات، التشفير، البرمجيات الضارة، الاستجابة للحوادث، الهندسة الاجتماعية، إدارة التهديدات».

ويهدف البرنامج إلى الإسهام في تهيئة الطلاب والطالبات للعمل بمجال الأمن السيبراني، وذلك في إطار أهدافها الاستراتيجية في تنمية قطاع الأمن السيبراني ورأس المال البشري، ويستهدف تدريب أكثر من 2000 من الطلاب والطالبات في المرحلة الجامعية من تخصصات الأمن السيبراني كافة، والتخصصات ذات العلاقة في مختلف الجامعات داخل المملكة، حيث يشتمل على 4 مراحل تتضمن حضور دورات تدريبية متخصصة، وإجراء تمارين سيبرانية، والانضمام إلى برنامج تدريبي مكثف في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وإحدى الجامعات العالمية المرموقة، وذلك ضمن برنامج «سايبرك» لتنمية قطاع الأمن السيبراني.
كما أطلقت الهيئة في الإطار نفسه «البرنامج التدريبي لحديثي التخرج في مجال الأمن السيبراني» بنسخته الثانية، منتصف العام الحالي؛ بهدف تأهيل الطلبة حديثي التخرج المتخصصين في مجال الأمن السيبراني من خلال تزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة التي من شأنها الإسهام في تهيئتهم للعمل في المجال، وبيّنت الهيئة أن الرحلة التعليمية للبرنامج تشتمل على مرحلتين، حيث تتمثل المرحلة الأولى في حضور 5 دورات تدريبية متخصصة في أساسيات الأمن السيبراني، في حين تتضمن المرحلة الأخرى تدريباً عملياً يتناول 6 مجالات، هي «معمارية الأمن السيبراني والبحث والتطوير، الحوكمة والمخاطر والالتزام، الدفاع، الحماية، تقييم الثغرات، الاستجابة للحوادث السيبرانية»، كما يركّز البرنامج على تهيئة المشاركين فيه للحصول على شهادات احترافية ضمن مجالاته المحددة.

إلى جانب ذلك، يبرز إعلان «الملحقية الثقافية السعودية في الولايات المتحدة الأميركية» أن عدد المبتعثين السعوديين في تخصص الأمن السيبراني لهذا العام (2025) بلغ 339 مبتعثاً في أكثر من 85 جامعة أميركية، بواقع 231 مبتعثاً لدرجة البكالوريوس و81 لدرجة الماجستير، و27 لدرجة الدكتوراه، في مسارات أكاديمية وتطبيقية تخدم أولويات الاقتصاد الرقمي الوطني.
وشهدت سوق الأمن السيبراني في المملكة، نموّاً، وسجل إسهام قطاع الأمن السيبراني في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال عام 2024 نحو 18.5 مليار ريال بنسبة نمو 19 في المائة مقارنة بعام 2023.










