شرائح دماغية تتيح التحكم بالأجهزة عبر التفكير... ماذا نعرف عنها؟

ابتكرتها شركة «نيورالينك» المملوكة لإيلون ماسك

إيلون ماسك يمسك بالشريحة الدماغية المبتكرة (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يمسك بالشريحة الدماغية المبتكرة (أ.ف.ب)
TT

شرائح دماغية تتيح التحكم بالأجهزة عبر التفكير... ماذا نعرف عنها؟

إيلون ماسك يمسك بالشريحة الدماغية المبتكرة (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يمسك بالشريحة الدماغية المبتكرة (أ.ف.ب)

في مطلع العام الماضي، أعلن رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك أن شركته «نيورالينك» قد نجحت في زراعة أول شريحة دماغية لا سلكية في إنسان. وأعرب أن النتائج الأولية أظهرت اكتشافاً واعداً لتحفيز الخلايا العصبية، مع إعلان أن المريض يتعافى بشكل جيد.

واليوم (الأربعاء) أعلنت الشركة ذاتها أنه جرى زرع شرائح الدماغ التي تصنعها لدى 12 شخصاً حول العالم. فماذا نعرف عن الشرائح الدماغية؟ وكيف تعمل؟

ماذا نعرف عن شركة «نيورالينك»؟

تأسست شركة «نيورالينك» من قبل إيلون ماسك في عام 2017، وهي تسعى إلى تطوير واجهة بين الدماغ والحاسوب تمكّن المصابين بإصابات خطيرة من التحكم في الهواتف، وأجهزة الكمبيوتر عبر التفكير فحسب، وذلك من خلال زرع أقطاب كهربائية داخل أدمغتهم.

وشركة «نيورالينك» هي شركة أميركية تعمل في مجال التكنولوجيا العصبية، وتُطوّر واجهات بين الدماغ والحاسوب (BCIs) قابلة للزرع داخل الجسم، ويقع مقرها الرئيس في فيرمونت–كاليفورنيا، وتخطط لبناء منشأة ضخمة قرب أوستن، تكساس.

أبرز ابتكارات الشركة

ابتكرت «نيورالينك» جهازاً مزوّداً بخيوط رفيعة جداً (عرضها بين 4–6 ميكرومترات) تُزرع في الدماغ عبر روبوت جراحي لضبط مواقعها بدقة، وفي فبراير (شباط) 2024، أعلن ماسك أن أول مريض بشري زُرعت له الشريحة يستطيع التحكم في مؤشر الفأرة عبر التفكير، مع تعافٍ جيد بعد الجراحة، وفق ما أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وأُجريت كذلك تجارب أخرى على أشخاص مصابين بالشلل ليتمكنوا من التحكم بنفس النمط، حيث نجحوا في اللعب، وبرمجة التصاميم ثلاثية الأبعاد بأفكارهم فقط.

شعار شركة «نيورالينك» أمام صورة لإيلون ماسك (رويترز)

وفي عام 2025، ارتفع عدد المتلقين للشريحة إلى 9 أشخاص، مع هدف بلوغ 20 مريضاً يُزرع لهم الجهاز بنهاية العام. كما أعلنت الشركة عن خطط لتوسيع التجارب إلى المملكة المتحدة بالتعاون مع مستشفيين في جامعتي لندن كولدج، ونيوكاستل في دراسات سريرية جديدة، وفق تقرير سابق لوكالة «رويترز» للأنباء.

وحتى اليوم، وصل عدد المستفيدين إلى 12 شخصاً حول العالم، مع أكثر من 15000 ساعة استخدام عبر الأفكار، وتراكم أكثر من 2000 يوم تجربة.

ما المقصود بشرائح الدماغ؟

شرائح الدماغ هي رقائق إلكترونية دقيقة تُزرع في الدماغ لالتقاط الإشارات العصبية، أو لتحفيز مناطق معينة. وتعمل بوصفها واجهة بين الدماغ والآلة، بحيث تُحوّل النشاط العصبي إلى إشارات رقمية يمكن للحاسوب أو الجهاز قراءتها، والعكس.

والهدف منها هو:

o استعادة القدرات المفقودة (مثلاً الحركة، أو النطق بعد الشلل، أو السكتة الدماغية).

o التحكم في الأطراف الاصطناعية، أو الكراسي المتحركة بالتفكير فقط.

o علاج أمراض مثل الشلل الرعاش (باركنسون) أو الصرع عبر التحفيز العميق.

o وفي المشاريع الطموحة (مثل «نيورالينك» لإيلون ماسك): دمج الإنسان بالذكاء الاصطناعي، أو زيادة قدراته الإدراكية.

تطور فكرة شرائح الدماغ تاريخياً

بدأت تجارب واجهات الدماغ تتشكل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث أُجريت أولى عمليات زرع الأقطاب الكهربائية في أدمغة الحيوانات، وأحياناً البشر، وكان الهدف الأساسي هو علاج مشكلات طبية مثل الصرع، وفهم النشاط العصبي عبر الخلايا، مما وضع الأساس لتطور هذا المجال العلمي.

عمل تحفيز للدماغ عن طريق زرع قطب كهربي تحت قشرة دماغ فأر مصاب بمرض مزمن (رخصة المشاع الإبداعي عبر ويكيبيديا)

ومع دخولنا التسعينات من القرن الماضي، ظهر مصطلح «واجهة دماغ» رسمياً، وقد شهدت هذه الحقبة إجراء أولى التجارب الناجحة التي سمحت لمرضى مشلولين بتحريك مؤشر على شاشة الكمبيوتر عبر التفكير فقط، وهو تحول نوعي من البحث العلمي إلى إمكانية التواصل المباشر بين العقل والآلة.

ومع بداية القرن الحادي والعشرين، شهد المجال قفزة ضخمة مدفوعة باندماج تقنيات الإلكترونيات الدقيقة والذكاء الاصطناعي. فقد تطوّرت تقنيات مثل التحفيز العميق للدماغ لعلاج أعراض مرض باركنسون، وغيرها من اضطرابات الحركة، وفق ما أوردت ورقة علمية نشرت في «ساغا جورنالس».

هذه التقنية التي ظهرت في أواخر الثمانينات من القرن الماضي نالت تقديراً واسعاً، وأُدخلت بشكل تجاري بعد عقود من التجارب المستمرة، بينما بدأت الأبحاث تتجه نحو تطوير أنظمة تحفيز «مغلقة الحلقة» تتكيف مع النشاط العصبي للمريض بشكل ديناميكي.

وعلى الجانب الأكاديمي والتطبيقي، توسع نشاط الجامعات -مثل براون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- في تطوير شرائح قابلة للزرع تهدف لاستعادة الحركة، والكلام، بينما تحوّل المشروع من مجرد بحث إلى تجربة واقعية بدأت تؤتي ثمارها في مختبرات متقدمة.

كيف تعمل شرائح الدماغ؟

وطورت شركة «نيورالينك» روبوتاً جراحياً مخصصاً لإجراء عملية الزرع، حيث يقوم الروبوت بإدخال الشريحة وسلسلة من الأقطاب الكهربائية والأسلاك فائقة الدقة داخل جمجمة المستخدم، حيث ترسل الشريحة إشارات الدماغ لا سلكياً إلى تطبيق تابع لـ«نيورالينك»، فيتم تحويل هذه الإشارات إلى أفعال ونيات، ويتم شحن الشريحة لا سلكياً.

وبدلاً من إجراء جراحة دماغية مفتوحة، يُزرع الجهاز في الوريد الوداجي في رقبة الشخص، ثم يُنقل إلى الدماغ عبر وعاء دموي. وقال ريكي بانيرجي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة: «يلتقط الجهاز الإشارة عندما يفكر الشخص في النقر بإصبعه، أو عدم النقر». وأضاف في تصريحات سابقة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «بقدرته على التقاط هذه الاختلافات، يمكنه إنشاء ما نسميه مخرجات حركية رقمية».

جدل قانوني وأخلاقي

ولم تُسجل حتى الآن كوارث جماعية بسبب الشرائح الدماغية، لأنها لا تزال في مراحل تجريبية، ومحدودة، ومعظم التجارب تقتصر على مرضى يعانون أمراضاً خطيرة.

في مايو (أيار) 2023، منحت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) شركة «نيورالينك» الموافقة لبدء تجارب بشرية على شريحتها العصبية، وذلك بعد سلسلة من الرفض الأولي الذي جاء بسبب مخاوف تتعلق بسلامة المتطوعين، والالتزام بالمعايير التنظيمية، وجاء هذا الترخيص عقب إجراء الشركة لعدد كبير من تجارب الزرع على الحيوانات، التي قوبلت بانتقادات واسعة، إذ وثقت تقارير وجود نقص في توثيق عمليات المعايرة، وخلافات في ضبط الجودة داخل مختبراتها في كاليفورنيا.

كما أظهرت التحقيقات قيام الشركة باستخدام إجراءات مختبرية متسارعة، ما أسفر عن معاناة بعض الحيوانات، وقد أدّى ذلك إلى إثارة تساؤلات من جهات رقابية ومجموعات لحقوق الحيوان حول أخلاقيات التجارب، ومدى التزام «نيورالينك» بأفضل معايير الرعاية، وفق تقرير سابق لوكالة «رويترز» للأنباء.

وكان أربعة مشرعين طلبوا في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية التحقيق فيما إذا كان ماسك قد ضلل المستثمرين بشأن سلامة تقنيات «نيورالينك» بعد أن أظهرت السجلات البيطرية مشكلات في عمليات زرع الشريحة في أدمغة القرود، منها الشلل، وتورم الدماغ، وفق ما أفادت وسائل إعلام أميركية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال موظفون سابقون بالشركة، لوكالة «رويترز» للأنباء، إنه في إحدى الحالات جرى زرع الجهاز في موضع خاطئ بالخنازير، مما أدى إلى نُفوقها.

«لا سيطرة لا خصوصية»

وكان الأميركي من ولاية أريزونا نولاند أربو أول من حصل على شريحة دماغية من «نيورالينك» في 2024، وقد أصيب بشلل أسفل الكتفين في حادث غوص عام 2016. وكانت إصاباته بالغة، لدرجة أنه خشي ألا يتمكن من الدراسة، أو العمل، أو حتى ممارسة الألعاب مرة أخرى، وقال: «لا سيطرة لك، لا خصوصية لك، وهذا أمر صعب. عليك أن تتعلم أن عليك الاعتماد على الآخرين في كل شيء».

صورة مركبة لنولاند أربو المصاب بشلل رباعي وهو يلعب الشطرنج بعد زرع شريحة الدماغ (أرشيفية - رويترز)

تسعى شريحة «نيورالينك» إلى استعادة جزء بسيط من استقلالية أربو السابقة، من خلال السماح له بالتحكم في جهاز كمبيوتر بعقله. وخضع أربو، البالغ من العمر ٣١ عاماً، لعملية جراحية في معهد بارو للأعصاب في فينيكس، وهو على بُعد ساعتين ونصف تقريباً من منزله في يوما، لزرع شريحة تجريبية في دماغه كانت «نيورالينك» تعمل عليها، وتختبرها على الحيوانات على مدار السنوات التسع الماضية.

تم تخدير أربو، وفي عملية جراحية استغرقت أقل من ساعتين، زُرعت الشريحة بواسطة جهاز جراحي آلي من صنع «نيورالينك»، ووصلت خيوط دقيقة مزودة بأكثر من ألف قطب كهربائي بالخلايا العصبية في دماغه. والآن، يستطيع الجهاز قياس النشاط الكهربائي، ومعالجة الإشارات، ثم ترجمتها إلى أوامر تُرسل إلى جهاز رقمي. ببساطة، تُمكّن واجهة الدماغ أربو من التحكم في جهاز الكمبيوتر بعقله. ونتيجةً لذلك، يستطيع أربو القيام بأشياء مثل لعب ماريو كارت، والتحكم في جهاز التلفزيون، وتشغيل وإيقاف جهاز دايسون لتنقية الهواء دون تحريك أصابعه، أو أي جزء آخر من جسمه.


مقالات ذات صلة

«فيتامين د3» قد يحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية

صحتك قصور القلب هو حالة لا يستطيع فيها القلب ضخ الدم بكفاءة إلى جميع أنحاء الجسم (رويترز)

«فيتامين د3» قد يحد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية

قالت قناة فوكس نيوز الأميركية إنه يمكن للأشخاص الذين تعرضوا لنوبات قلبية حماية أنفسهم من المخاطر المستقبلية باتباع عادة يومية بسيطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأشخاص الذين لديهم أسوأ أنماط النوم كانت أدمغتهم أكبر بعام واحد في المتوسط ​​من أعمارهم الزمنية (رويترز)

احذر... عادات النوم السيئة قد تُسرّع شيخوخة دماغك

يعلم معظمنا أن قلة النوم ليلاً قد تجعلنا نشعر بالخمول والانزعاج وعدم القدرة على التركيز، مما يؤثر على قدرتنا على الحكم بالأمور وإنتاجيتنا.

«الشرق الأوسط» (بكين- استوكهولم)
صحتك الأفوكادو والبيض يُوفران معاً دهوناً صحية (بيكسيلز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول الأفوكادو مع البيض يومياً؟

يُعتبر الأفوكادو والبيض غذاءين مهمين بحد ذاتهما. فمزجهما لا يُضفي على الطعام مذاقاً لذيذاً فحسب، بل يُزودك أيضاً بالدهون الصحية والبروتين والمغذيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عدوى الإنفلونزا و«كوفيد-19» ارتبطت بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الحادة (رويترز)

تحليل: العدوى الفيروسية مثل الإنفلونزا تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية

أبحاث جديدة تُظهر أن العدوى الفيروسية مثل الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي سي والقوباء المنطقية، يمكن أن تزيد من أمراض القلب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رسم تصويري للترابط بين صحة الفم والدماغ

علاقة بيولوجية بين «أمراض اللثة والأسنان» ومخاطر السكتة الدماغية

تزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب الكبرى

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

ضغوط تدفع الاتحاد الأوروبي لتخفيف ضوابط الذكاء الاصطناعي والخصوصية

سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
TT

ضغوط تدفع الاتحاد الأوروبي لتخفيف ضوابط الذكاء الاصطناعي والخصوصية

سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)
سيدة تمر بجوار لافتة كتب عليها «الذكاء الاصطناعي» في معرض حول الإنترنت بالصين (رويترز)

يبدأ الاتحاد الأوروبي، الأسبوع المقبل، إجراءات قد تفضي إلى إلغاء قواعده التاريخية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وحماية البيانات الشخصية تحت ضغوط شديدة من قطاع التكنولوجيا على جانبَي المحيط الأطلسي.

وفي إطار مساعي تقليص البيروقراطية المُرهقة في حين تواجه الشركات الأوروبية صعوبات أمام منافساتها الأميركية والصينية، دفعت هذه الخطوة إلى توجيه اتهامات لبروكسل بتغليب التنافسية على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم.

تنفي بروكسل أن يكون ضغط الإدارة الأميركية قد أثر في مساعيها «لتبسيط» القواعد الرقمية الأوروبية التي أثارت غضب الرئيس دونالد ترمب وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.

وتقول المفوضية الأوروبية إنها أخذت في الاعتبار مشاغل شركات الاتحاد الأوروبي، وما تريده هو تسهيل وصولها إلى بيانات المستخدمين لتطوير الذكاء الاصطناعي، وهي خطوة يهاجمها المنتقدون ويرون فيها تهديداً للخصوصية.

مع ذلك، قد يشعر كثير من الأوروبيين بالارتياح تجاه تغيير واحد تخطط له بروكسل، يتمثل في التخلص من لافتات ملفات تعريف الارتباط المزعجة التي تطلب من المستخدمين الموافقة على تتبع ما يتصفحونه على التطبيقات ومواقع الويب.

يقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، وبناء على ما ورد في مسودات اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، وقد تتغير قبل إعلان 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، إن المفوضية الأوروبية ستقترح تعليق تطبيق أجزاء من قانون الذكاء الاصطناعي لمدة عام، والمراجعة الشاملة لقواعد حماية البيانات الرئيسية التي يقول المدافعون عن الخصوصية إنها ستُسهّل على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى «سرقة البيانات الشخصية للأوروبيين».

كرّس النظام العام لحماية البيانات (GDPR)، الذي يعد حجر زاوية في الاتحاد الأوروبي، خصوصية المستخدمين منذ عام 2018، وأثّر في المعايير المعتمدة بجميع أنحاء العالم.

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه يقترح تغييرات تقنية فقط لتبسيط القواعد، لكن نشطاء حقوق الإنسان ومشرعِي الاتحاد يرون الأمور من منظور مختلف.

تراجع كبير

تقترح المفوضية تضييق تعريف البيانات الشخصية، والسماح للشركات بمعالجة هذه البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي «لأغراض المصلحة المشروعة»، وفقاً للمسودة التي أدى تسريبها إلى سيل من ردود الفعل القوية.

كتبت 127 منظمة، من بينها منظمات المجتمع المدني ونقابات عمالية، في رسالة، يوم الخميس: «ما لم تُغيّر المفوضية الأوروبية مسارها، فسيكون هذا أكبر تراجع للحقوق الرقمية الأساسية في تاريخ الاتحاد الأوروبي».

وحذّر ماكس شريمز، الناشط في مجال الخصوصية الرقمية، من أن المقترحات «ستُشكّل تراجعاً هائلاً في خصوصية الأوروبيين» إذا بقيت على حالها.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه من المتوقع أن تقترح بروكسل أيضاً تأجيل تطبيق العديد من الأحكام المتعلقة بالذكاء الاصطناعي العالي المخاطر لمدة عام واحد. ومن بينها، على سبيل المثال، النماذج التي قد تُشكّل خطراً على السلامة أو الصحة أو الحقوق الأساسية للمواطنين. فبدلاً من أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل، ستُطبّق ابتداء من عام 2027.

تأتي هذه الخطوة بعد ضغوط شديدة مارستها الشركات الأوروبية وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة. فقد دعت عشرات من كبرى الشركات الأوروبية، بينها «إيرباص» الفرنسية، و«لوفتهانزا» و«مرسيدس بنز» الألمانيتان، في يوليو (تموز) إلى التعليق المؤقت لقانون الذكاء الاصطناعي، معتبرة أنه يُهدد بخنق الابتكار.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بروكسل (إ.ب.أ)

معارك أخرى في المستقبل

تواجه رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، معركة حاسمة، إذ تتطلب التعديلات موافقة كلٍّ من برلمان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.

وقد دقّ حلفاء معسكرها المحافظ الرئيسيون ناقوس الخطر. وأعلن الاشتراكيون معارضتهم لأي تأجيل في تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي، وحذّر الوسطيون من أنهم سيقفون بحزم ضد أي تغييرات تُقوّض الخصوصية.

ونشرت مجموعة «نويب»، وهي مجموعة ضغط أسسها شريمز، انتقاداً لاذعاً لخطط الاتحاد الأوروبي المتعلقة باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) وما تنطوي عليه.

ورفض الاتحاد الأوروبي ما يُقال عن توجه بروكسل للتقليل من حماية الخصوصية. وقال توماس رينييه، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الرقمية: «أستطيع أن أؤكد بنسبة 100 في المائة أن الهدف... ليس خفض معايير الخصوصية العالية التي نفرضها لمصلحة مواطنينا».

ولكن هناك مخاوف من إجراء مزيد من التعديلات على القواعد الرقمية.

التبسيط لا إلغاء القيود

تُعدّ هذه المقترحات جزءاً مما يُسمى «حِزم التبسيط» التي وضعتها السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لإزالة الأعباء الإدارية التي تعوق عمل الشركات.

وترفض بروكسل أن تكون واقعة تحت تأثير ترمب، على الرغم من الضغوط المستمرة منذ الأسابيع الأولى لإدارته الجديدة، عندما انتقد نائب الرئيس، جي دي فانس، «التنظيم المفرط» للذكاء الاصطناعي.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، باولا بينهو، هذا الأسبوع، إن هذا «بدأ قبل ولاية رئيس الولايات المتحدة».

تزايدت الدعوات إلى تغيير قواعد الذكاء الاصطناعي والبيانات في أوروبا. ومن بين الأصوات المطالبة بذلك رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي الذي حذر في تقرير صدر في 2024 من أن قواعد البيانات قد تعوق الابتكار لدى الشركات الأوروبية في مجال الذكاء الاصطناعي.


روبوتات ذكية تتعلم العمل مثل البشر... مستقبل الذكاء الاصطناعي المادي يبدأ في اليابان

صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
TT

روبوتات ذكية تتعلم العمل مثل البشر... مستقبل الذكاء الاصطناعي المادي يبدأ في اليابان

صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)
صحافي يلمس يد روبوتية على شكل إنسان من الجيل التالي من شركة «إكس بينغ» في مقرها الرئيسي في قوانغتشو (أ.ف.ب)

تحاكي ذراعان شبيهتان بالأطراف البشرية طُوّرتا لأبحاث الذكاء الاصطناعي المادي، الحركات التي يؤديها شخص يضع خوذة رأس للواقع الافتراضي، في إطار تطوير روبوتات قادرة على أداء مهمات الإنسان.

صمّمت الذراعين شركة «إناكتيك» التي تتخذ من طوكيو مقراً، وهي تعمل على تطوير روبوتات مشابهة للبشر قادرة على غسل الأطباق والملابس في دور الرعاية اليابانية التي تعاني نقصاً في عدد الموظفين. وتؤكد الشركة أنه مع توفير التدريب الكافي يمكن لروبوتات مثل هذه أن تنجز المهمات اليومية بمفردها دون إشراف مباشر.

ويرجح أن تشكّل هذه الابتكارات مستقبل الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يتسلل إلى العالم المادي على شكل روبوتات ذكية وسيارات ذاتية القيادة وآلات أخرى ذاتية التشغيل.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» الأميركية لصناعة الرقائق المتطورة، جانسن هوانغ، تطرق إلى هذه المسألة العام الماضي، بقوله إن «الموجة المقبلة من الذكاء الاصطناعي هي الذكاء الاصطناعي المادي». وأوضح أن هذا «ذكاء اصطناعي يفهم قوانين الفيزياء... قادر على العمل بيننا».

في هذا السياق، تستثمر الشركات مبالغ طائلة في الذكاء الاصطناعي المادي. وتوقع مصرف «مورغان ستانلي» الأميركي أن يتخطى عدد الروبوتات الشبيهة بالبشر ملياراً بحلول سنة 2050.

وتنتشر بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، مقاطع فيديو لروبوتات تؤدي حركات راقصة أو تجر أغراضاً ثقيلة بسهولة.

ويعتزم هيرو ياماموتو (24 عاماً)، الرئيس التنفيذي لـ«إناكتيك» -التي تستخدم «إنفيديا» وجامعات كبرى أجهزتها للتدريب المادي للذكاء الاصطناعي- أن يبدأ الصيف المقبل نشر روبوتات جديدة لا تزال قيد الاختبار.

ويوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن هدفها «العيش جنباً إلى جنب مع الناس في بيئات شديدة الفوضى، حيث الظروف متغيرة باستمرار» مثل دور الرعاية.

ويشدد على ضرورة أن «تكون آمنة» وذات هيكل خارجي ناعم لا يسبّب أي أذى.

يظهر شعار «Nvidia» على علبة بطاقة الرسومات (رويترز)

مهمات بشرية

ليست اليابان وحدها في هذا المجال، ففي مدينة قوانغتشو الصينية، ظهر الأسبوع الماضي روبوت بملامح أنثوية وذو وجه مشعّ بيضاوي، يسير ببطء أمام عدسات الكاميرات والصحافيين.

كان هذا الجهاز أحدث روبوت شبيه بالبشر تكشف عنه شركة «إكس بنغ» (XPeng) الصينية لصناعة السيارات الكهربائية التي دخلت أيضاً مجال الذكاء الاصطناعي المادي.

وسبق لآلات صنعتها شركات أميركية، مثل الروبوتات الشبيهة بالكلاب، أن تصدّرت عناوين الصحف لأعوام خلت. لكن الدعم الحكومي وسلاسل التوريد المحلية الصلبة تساعد المنافسين في الصين؛ مثل: «يونيتري روبوتيكس» (Unitree Robotics)، و«إنجن إيه آي» (EngineAI)، على التفوق في السباق نحو التقنيات المستقبلية.

وقال رئيس «Xpeng»، شياو بينغ: «لم أفكر ملياً في عدد الروبوتات التي سنبيعها سنوياً خلال عشرة أعوام، لكن أعتقد أنها ستكون أكثر من السيارات».

وتتمتع روبوتات الشركة بالقدرة على المشي والرقص، لكن يتبقى التوسع في عرض قدرتها على التعامل مع الأشياء، وهي مهمّة أكثر تعقيداً.

واستبعد بينغ أن تتمكن هذه الروبوتات من الحلول بدلاً من العمال في مصانع الصين قريباً، علما بأن تكلفة يد الروبوت، التي يتوجب استبدالها بانتظام في حال أدى مهمات شاقة، توازي راتب عامل صيني لسنوات.

ويتوقع المسؤول في الشركة، براين غو، أن تتمكّن هذه الروبوتات من أن تؤدي «دور أي بشري تقريباً»، من مربّي الأطفال إلى الطهاة.

التدريب خلال العمل

يتم تدريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي النصية، مثل «تشات جي بي تي»، على كميات هائلة من الكلمات، لكن على النماذج المادية أن تتعامل أيضاً مع الرؤية والعلاقة المكانية بين الأشياء.

ويوضح رئيس «إيناتيك» اليابانية، ياماموتو، أن ضبط إعدادات نماذج الذكاء الاصطناعي التي تربط بين «الرؤية واللغة والفعل»، يتطلب ما بين 30 و50 عرضاً توضيحياً لكل حركة.

وتواصلت الشركة مع دور رعاية في اليابان، مقترحة أن تتولى روبوتاتها التي يتمّ تشغيلها عن بعد، أداء المهمات الشاقة، ما يتيح للعاملين المؤهلين مزيدًا من الوقت للاهتمام بالمسنّين.

وتعتمد شركة «وان إكس» (1X) الأميركية-النرويجية الناشئة، نهجاً مشابهاً مع مساعدها المنزلي الشبيه بالبشر «نيو» (NEO)، الذي ستوفره للمنازل الأميركية بدءاً من العام المقبل.

وتبلغ تكلفة هذا الروبوت 20 ألف دولار، لكن أداءه ما زال غير ثابت؛ إذ أظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل الإعلام الأميركية الروبوت وهو يكافح لإغلاق باب غسالة الأطباق حتى عند تشغيله عن بعد.

حدود بدنية

في مشهد محرج آخر، ترنح روبوت روسي شبيه بالبشر، قيل إنه الأول في البلاد، ثم سقط أرضاً في ظهوره الأول على المسرح في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وتتحدث سارة أديلا آباد غوامان، الأستاذة المساعدة في علم الروبوتات في كلية لندن الجامعية، عن «فجوة كبيرة» بين أنظمة الذكاء الاصطناعي للروبوتات، وقدراتها البدنية.

تضيف: «أثبتت لنا الطبيعة أن التكيف مع الطبيعة يحتاج إلى بدن ملائم».

ورغم ذلك تُبرم صفقات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي المادّي. وأكد مصرف «سوفت بنك» الياباني أن هذا المجال هو «وجهته التالية»، معلناً استحواذه على شركة «إيه بي بي روبوتيكس» (ABB Robotics) مقابل 5.4 مليار دولار.

وفي ظل ما يثيره الذكاء الاصطناعي من مخاوف على مستقبل العاملين من البشر، تؤكد آباد أن الفوارق تبقى كبيرة.

وتوضح أن «حاسة اللمس لدينا لا تُضاهى».


«غوغل» تطلق برنامجاً إلزامياً للتحقق من مطوّري تطبيقات «أندرويد» خارج متجرها الرسمي

البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
TT

«غوغل» تطلق برنامجاً إلزامياً للتحقق من مطوّري تطبيقات «أندرويد» خارج متجرها الرسمي

البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)
البرنامج الجديد يسعى للتحقق من هوية مطوّري التطبيقات خارج متجر «بلاي» بهدف الحد من التطبيقات مجهولة المصدر والاحتيال (أدوبي)

تُصعّد «غوغل» جهودها لتعزيز الأمان داخل منظومة «أندرويد»، عبر إطلاق برنامج جديد للتحقق من هوية المطوّرين الذين يوزّعون تطبيقاتهم خارج متجر «غوغل بلاي»، مع الإبقاء على خيار تثبيت التطبيقات غير الموثّقة للمستخدمين المتقدمين تقنياً. ويمثل هذا التوجّه تحولاً مهماً في طريقة تعامل «أندرويد» مع التطبيقات المُحمّلة من خارج المتجر، ويضيف طبقة جديدة من الثقة في هوية المطوّرين.

نهج متعدد الطبقات

في مدونة نُشرت، هذا الأسبوع، أوضحت «غوغل» أنها بدأت مرحلة الوصول المبكر لنظام «التحقق من المطوّر»، مؤكدة أن جهودها المستمرة لمكافحة الاحتيال والبرمجيات الخبيثة عبر أدوات مثل «Google Play Protect» وأنظمة التحذير داخل «أندرويد»، لا تزال تواجه تحديات مؤذية، خصوصاً في المناطق التي تشهد دخول أعداد كبيرة من المستخدمين الجدد إلى الإنترنت لأول مرة.

وتذكر الشركة مثالاً على عملية احتيال في جنوب شرقي آسيا، حيث تلقّى المستخدمون مكالمات هاتفية تُخدعهم لتثبيت تطبيق «تحقق» مزيف، كان قادراً على قراءة الرسائل والتنبيهات، بما فيها أكواد التحقق الثنائية. وترى «غوغل» أن القدرة على توزيع التطبيقات دون الكشف عن الهوية تسمح للمهاجمين بتكرار عملياتهم دون رقيب، بينما يفرض التحقق من الهوية حاجزاً إضافياً ويزيد تكلفة الهجوم على الأطراف الخبيثة.

البرنامج يتضمن حسابات مختلفة منها حساب مخصّص للطلاب والهواة يسمح لهم بالتوزيع على نطاق محدود دون متطلبات تحقق معقدة (شاترستوك)

الوصول المبكر وأنواع حسابات المطوّرين

تتيح «غوغل» أولاً للمطوّرين الذين يوزّعون تطبيقاتهم خارج متجر «بلاي» فرصة الانضمام المُبكر إلى برنامج التحقق الجديد. أما مطوّرو متجر «بلاي»، فسيحصلون على دعوتهم بدءاً من 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025. وتقرّ الشركة بأن فئات مثل الطلاب والهواة تحتاج إلى مسار أبسط، لذلك تعمل على تقديم نوع حساب خاص يسمح بالتوزيع لعدد محدود من الأجهزة دون الحاجة لإجراءات تحقق معقّدة.

وبالتوازي مع ذلك، تعمل الشركة على تطوير مسار مخصّص للمستخدمين المتقدمين أو «الخبراء التقنيين» يتيح لهم تثبيت التطبيقات غير الموثّقة مع تقديم تحذيرات واضحة وإجراءات تمنع استغلالهم عبر الإكراه أو الخداع. هذا المسار يشير إلى تغيير في سياسة المنع الكامل نحو نموذج أكثر مرونة، يعترف بحق المستخدم المتمكن في الاختيار، دون التفريط بسلامة المستخدمين الأقل خبرة.

أهمية التغيير

لطالما كان «أندرويد» منصة مفتوحة تتيح للمستخدمين تثبيت التطبيقات من خارج متجر «بلاي»، وهذه ميزة قوية. لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام هجمات تعتمد على الهندسة الاجتماعية؛ حيث يُخدع المستخدم لتخطي التحذيرات وتفعيل أذونات حساسة.

من خلال التحقق من هوية المطوّر، تريد «غوغل» التأكد من وجود شخص أو جهة حقيقية تقف خلف التطبيق، مما يجعل توزيع البرمجيات الخبيثة أكثر صعوبة وأعلى تكلفة. وهو أمر مهم، خصوصاً في الأسواق الناشئة، حيث لا تزال الثقافة الرقمية قيد التكوين. أما المسار المتقدم للمستخدمين يضمن بقاء خاصية «التحميل الجانبي» (sideloading) متاحة، لكن بطريقة واضحة وشفافة تمنع استغلال المستخدمين عبر الضغط أو التلاعب.

تعمل «غوغل» على مسار خاص للمستخدمين المتقدمين يتيح لهم تثبيت التطبيقات غير الموثّقة ولكن عبر خطوات تحذيرية واضحة لمنع الاستغلال (غيتي)

ردود الفعل والحسابات المعقدة

هذا التوجه لم يأتِ من فراغ؛ فقد أثار إعلان سابق لـ«غوغل» في أغسطس (آب) 2025، الذي كان سيقيد تثبيت التطبيقات غير الموثّقة بشكل كبير ردود فعل غاضبة من مجتمع مطوّري «أندرويد»، والمستخدمين المتقدمين ومحبي تعديل النظام (modders). التعديل الحالي يبدو خطوة وسطية: ليس إلغاءً للحرية، بل تنظيم لها.

بالنسبة للمطورين الذين يعملون خارج متجر «بلاي»، يعني ذلك ضرورة الانضمام إلى برنامج التحقق الجديد للحصول على انتشار أوسع. أما المستخدمون، فيحتفظون بخيار تثبيت التطبيقات غير الموثّقة، لكن بعد المرور بخطوات تحذيرية واضحة.

ماذا بعد؟

تقول «غوغل» إنها في مرحلة جمع الملاحظات حول البرنامج الجديد ومسار المستخدمين المتقدمين، وإن تفاصيل إضافية ستُكشف خلال الأشهر المقبلة. وقد بدأت بالفعل دعوات الانضمام إلى البرنامج تصل إلى المطوّرين عبر وحدة التحكم الخاصة بـ«أندرويد».

الرسالة الأساسية هي أن «أندرويد» سيبقى مفتوحاً، لكن مع حواجز أمان إضافية. يمكن للمستخدم المتقدم أن يثبت التطبيقات غير الموثّقة، لكن ضمن إطار مسؤول، ومع معرفة واضحة بالمخاطر. ويمكن للمطورين الاستمرار في الإبداع خارج المتجر، لكن مع إثبات الهوية عند الرغبة في الوصول لمستخدمين أكثر.

تأثيرات على المنظومة

بالنسبة للمستخدم العادي، هذا التطور يعني حماية أكبر أي تطبيقات أقل مجهولة المصدر وهوية أكثر وضوحاً للمطورين، وانخفاضاً في عمليات الاحتيال. أما المستخدمون المحترفون، فسيظلون قادرين على الوصول لما يريدون، لكن عبر خطوات واعية. وبالنسبة للمطورين، قد يضيف هذا التغيير خطوة إدارية إضافية وربما كلفة لكنّه يمنحهم أيضاً مصداقية أكبر. فوجود هوية موثّقة قد يصبح معياراً جديداً للجودة والثقة، خصوصاً مع تزايد القلق حول أمان التطبيقات.

تتجه «غوغل» نحو صيغة جديدة، وهي أن التحميل الجانبي لا يزال متاحاً، لكنه لن يكون مفتوحاً بلا حدود. الهوية أصبحت جزءاً أساسياً من معادلة الأمان، وخيار المستخدم محفوظ، لكن بشكل أكثر وعياً ومسؤولية.