أحد الطرود لدى مركز توزيع يتبع «أمازون» في نيويورك (رويترز)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
«أمازون» تُطلق روبوتاً بقدرات حسيّة
أحد الطرود لدى مركز توزيع يتبع «أمازون» في نيويورك (رويترز)
في خطوة وُصفت بأنها قفزة نوعية أساسية في عالم الروبوتات، كشفت شركة «أمازون» عن روبوت جديد يُدعى «فولكان» (Vulcan) يتمتع بقدرة غير مسبوقة على الإحساس باللمس، مما يمكنه من التقاط نحو 75 في المائة من العناصر المخزنة في مستودعات الشركة.
هذا الإنجاز التقني الذي سيتم الإعلان عنه رسمياً خلال فعالية «تسليم المستقبل» التي تستضيفها الشركة في دورتموند بألمانيا، يُعد محطة مهمة في طريق الأتمتة الذكية، لكنه يثير في الوقت ذاته مخاوف متصاعدة من تقليص الوظائف البشرية، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
ويعتمد «فولكان» على تقنيات الذكاء الاصطناعي ليتعرّف على العناصر من خلال اللمس، ويحدد أفضل طريقة لالتقاطها، مما يضعه في طليعة جيل جديد من الروبوتات القادرة على الإحساس بالعالم وليس فقط رؤيته، حسبما صرّح آرون بارنيس، مدير قسم الروبوتات في «أمازون».
الروبوت الجديد سيتكامل مع الأنظمة الحالية التي تستخدمها الشركة، حيث تمتلك «أمازون» أكثر من 750 ألف روبوت متنقل في مستودعاتها حول العالم.
واحدة من أهم ميزات «فولكان» هي قدرته على تخزين العناصر في المستويات العليا والدنيا من وحدات التخزين، ما يحد من حاجة العمال لاستخدام السلالم أو الانحناء المتكرر، ويُحسن شروط السلامة في بيئة العمل.
حتى الآن، تعتمد الروبوتات في مستودعات «أمازون» على تقنيات الشفط والرؤية الحاسوبية لتحريك العناصر، لكن حاسة اللمس تضيف بعداً جديداً من الكفاءة والدقة.
أثارت مجدداً هذه الخطوة التقنية جدلًا بشأن مصير الوظائف البشرية. ففي ظل تسارع وتيرة الأتمتة، تعلن العديد من الشركات عن تقليص في الاعتماد على العمال، في محاولة لمواجهة ارتفاع تكاليف الأجور، وهو ما يُثير مخاوف حقيقية في قطاعات العمل التقليدية.
عمال يجهزون الطلبيات في مركز توزيع «أمازون» قرب برلين (رويترز)
توقع تقرير سابق لبنك «غولدمان ساكس» أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى فقدان نحو 300 مليون وظيفة عالمياً بحلول عام 2030.
أما في المملكة المتحدة، فقدّر معهد توني بلير أن ما بين 60 و275 ألف وظيفة قد تختفي سنوياً خلال العقود المقبلة.
غير أن تاي برادي، كبير خبراء تكنولوجيا الروبوتات في «أمازون»، يصرّ على أن البشر سيظلون في قلب منظومة العمل، مشدداً على أن الروبوتات صُممت لتعزيز القدرات البشرية لا استبدالها.
وقال: «لا وجود للأتمتة الكاملة... البشر ضروريون لتقييم القرارات، واكتشاف الأعطال، والتفاعل مع التفاصيل التي تعجز الروبوتات عن إدراكها بالكامل».
كما أشار إلى أهمية العنصر البشري في التصدي للهجمات السيبرانية التي تتعرض لها الأنظمة الإلكترونية، فضلاً عن القدرة على التعامل مع مشكلات بسيطة مثل المنتجات التالفة أو الانسكابات التي يمكن أن تعيق سير العمل.
بينما تحتفل «أمازون» بإنجاز تقني جديد قد يعيد تشكيل مستقبل المستودعات وسلاسل التوريد، يتصاعد الجدل حول الكلفة الاجتماعية للأتمتة. ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن للتكنولوجيا أن تُعزز الكفاءة دون أن تُقصي البشر من معادلة العمل؟
نفت شركة «أمازون» تقريراً، نُشر الثلاثاء، يفيد بأنها تعتزم الكشف عن التكلفة التي ستُضيفها الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على منتجاتها.
ألغت شركة التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية الأميركية (أمازون دوت كوم) طلبيات لعدة منتجات مصنوعة في الصين ودول آسيوية أخرى، وفقاً لوثيقة اطّلعت عليها «بلومبرغ».
شركة ذكاء اصطناعي... تسعى للاستيلاء على وظيفتكhttps://aawsat.com/%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7/5153475-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%88%D8%B8%D9%8A%D9%81%D8%AA%D9%83
قبل عدة سنوات، عندما بدأتُ الكتابة عن جهود وادي السيليكون لاستبدال العمال والموظفين واستخدام الذكاء الاصطناعي، كان لدى معظم المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، على الأقل، الجرأة الكافية للكذب بشأن ذلك.
طمأنة خادعة للعاملين من تأثيرات الذكاء الاصطناعي
كان المديرون التنفيذيون يقولون لي: «نحن لا نُؤتمت العاملين، بل نُعزز قدراتهم. وأدوات الذكاء الاصطناعي لدينا لن تُدمر الوظائف، بل ستكون أدوات مساعدة تُحرر العاملين من العمل الروتيني».
بالطبع، كانت مثل هذه العبارات - التي غالباً ما كانت تهدف إلى طمأنة العاملين المتوترين وتغطية خطط أتمتة الشركات - تُشير إلى محدودية التكنولوجيا أكثر من دوافع المديرين التنفيذيين. في ذلك الوقت، لم يكن الذكاء الاصطناعي كافياً لأتمتة معظم الوظائف، وبالتأكيد لم يكن قادراً على استبدال العاملين الحاصلين على تعليم جامعي في قطاعات الأعمال المكتبية مثل التكنولوجيا والاستشارات والتمويل.
أولى النذائر.. ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين الجدد
هذا بدأ يتغير، إذ تستطيع بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي اليوم كتابة برمجيات، وإنتاج تقارير بحثية مفصلة، وحل مسائل رياضية وعلمية معقدة. أما «وكلاء» الذكاء الاصطناعي الأحدث، فهي قادرة على تنفيذ سلسلة طويلة من المهام، والتحقق من عملها بأنفسها، كما يفعل الإنسان.
وبينما لا تزال هذه الأنظمة أقل كفاءة من البشر في العديد من المجالات، يخشى بعض الخبراء من أن الارتفاع الأخير في معدلات البطالة بين خريجي الجامعات يُعدّ مؤشراً على أن الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل كبديل لبعض الموظفين المبتدئين.
مؤسسو الشركة من اليسار: بيسير أوغلو وماثيو بارنيت وإيجي إرديل
شركة ناشئة لأتمتة الوظائف
يوم الخميس، ألقيتُ نظرة خاطفة على مستقبل ما بعد العمل في فعالية أقامتها شركة «ميكانايز (Mechanize)» في سان فرانسيسكو، وهي شركة ناشئة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولديها هدف طموح يتمثل في أتمتة جميع الوظائف - وظيفتك، ووظيفتي، ووظائف الأطباء والمحامين، والأشخاص الذين يصممون برامج الكمبيوتر وينشئون المباني ويرعون الأطفال.
قالت تاماي بيسير أوغلو، البالغة من العمر 29 عاماً، من مؤسسي «ميكانايز»: «هدفنا هو أتمتة العمل بالكامل. نريد الوصول إلى اقتصاد آلي بالكامل، وتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن».
إن حلم الأتمتة الكاملة ليس جديداً. إذ تنبأ جون ماينارد كينز، الخبير الاقتصادي، في ثلاثينات القرن العشرين بأن الآلات سوف تقوم بأتمتة جميع الوظائف تقريباً، ما يخلق وفرة مادية ويترك الناس أحراراً في متابعة هواياتهم.
هذا لم يحدث قط، بالطبع. لكن التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي أعادت إحياء الاعتقاد بأن التكنولوجيا القادرة على أتمتة العمل الجماعي باتت قريبة.
وكان داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك، قد حذّر أخيراً من أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل ما يصل إلى نصف جميع الوظائف المكتبية المبتدئة في السنوات الخمس المقبلة.
التعليم المعزز
وتُعد شركة «ميكانايز» واحدة من عدد من الشركات الناشئة التي تعمل على تحقيق ذلك. تأسست الشركة هذا العام على يد بيسير أوغلو وإيجي إرديل وماثيو بارنيت، الذين عملوا معاً في شركة إيبوك إيه آي، وهي شركة أبحاث تدرس قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وقد جذبت استثمارات من رواد التكنولوجيا المعروفين، بمَن فيهم باتريك كوليسون، مؤسس «سترايب»، وجيف دين، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في «غوغل». ويعمل لديها الآن خمسة موظفين، وتتعاون مع شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
يركز نهج شركة «ميكانايز» لأتمتة الوظائف باستخدام الذكاء الاصطناعي على تقنية تُعرف باسم التعلم المعزز - وهي نفس الطريقة التي استُخدمت لتدريب جهاز كمبيوتر على ممارسة لعبة الطاولة «غو» بمستوى خارق للطبيعة قبل ما يقرب من عقد من الزمان.
تستخدم شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة اليوم التعلم المعزز لتحسين مخرجات نماذجها اللغوية، من خلال إجراء عمليات حسابية إضافية قبل توليد إجابة. وقد حققت هذه النماذج، التي تُسمى غالباً نماذج «التفكير (thinking)» أو «الاستدلال (reasoning)»، أداءً ممتازاً في بعض المهام المحددة، مثل كتابة التعليمات البرمجية أو حل المسائل الرياضية.
نظم ذكية لمهمات متعددة
لكن معظم الوظائف تتضمن القيام بأكثر من مهمة واحدة. ولا تزال أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي اليوم غير موثوقة بما يكفي للتعامل مع أعباء
عمل أكثر تعقيداً، أو التعامل مع أنظمة الشركات المعقدة. ولإصلاح ذلك، تعمل «ميكانايز» على إنشاء بيئات تدريب جديدة لهذه النماذج - وهي في الأساس اختبارات مُعقدة يمكن استخدامها لتعليم النماذج ما يجب القيام به في سيناريو مُعين، والحكم على مدى نجاحها من عدمه.
بدأت شركة ميكانايز العمل في مجال برمجة الحاسوب، وهو مجالٌ أظهر فيه التعلم المعزز بعض النجاح. لكنها تأمل في إمكانية استخدام الاستراتيجية نفسها لأتمتة الوظائف في العديد من المجالات الإدارية الأخرى.
وكتبت الشركة في منشورٍ حديث على مدونتها: «لن ندرك نجاحنا إلا بعد أن نبتكر أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحمل جميع المسؤوليات تقريباً التي يمكن للإنسان القيام بها على الحاسوب».
الأتمتة الكاملة ستتم خلال نحو 20 سنة
ويدرك مؤسسو «ميكانايز» تماماً صعوبة أتمتة الوظائف بهذه الطريقة. فقد أخبرني بارنيت أن أفضل تقديراته تشير إلى أن الأتمتة الكاملة ستستغرق من 10 إلى 20 عاماً بينما يتوقع إرديل وبيسير أوغلو أن تستغرق من 20 إلى 30 عاماً.
وقد وجدتُ أيضاً أن عرضهم يفتقر، بشكلٍ غريب، إلى التعاطف مع الأشخاص الذين يحاولون استبدال وظائفهم، ولا يُبالون بمدى استعداد المجتمع لمثل هذا التغيير الجذري. وقال بيسير أوغلو إنه يعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيُحقق في النهاية «وفرة هائلة» وثروة يُمكن إعادة توزيعها على العمال المُسرّحين، في شكل دخل أساسي شامل يُمكّنهم من الحفاظ على مستوى معيشي مرتفع.
أخلاقيات إزاحة العامل البشري
في مرحلة ما خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، سألتُ: هل من الأخلاقي أتمتة جميع أنواع العمل؟ أجاب بارنيت، الذي وصف نفسه بأنه ليبرالي، بـ«نعم». ويعتقد بارنيت أن الذكاء الاصطناعي سيُسرّع النمو الاقتصادي ويُحفّز تحقيق إنجازات تُنقذ الأرواح في الطب والعلوم، وأن مجتمعاً مزدهراً يعتمد على الأتمتة الكاملة سيكون أفضل من اقتصاد منخفض النمو حيث لا يزال البشر يمتلكون الوظائف. وأضاف: «إذا أصبح المجتمع كله أكثر ثراءً بكثير، فأعتقد أن ذلك سيُطغى على مساوئ فقدان الناس وظائفهم».