كيف يقود الذكاء الاصطناعي مستقبل الأعمال في الشرق الأوسط؟

خبير في «ديلويت» يتحدث لـ«الشرق الأوسط»

«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
TT

كيف يقود الذكاء الاصطناعي مستقبل الأعمال في الشرق الأوسط؟

«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)

يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) بوصفه تقنيةً أساسيةً تدفع الابتكار والكفاءة التشغيلية. وبينما تتصارع الشركات مع الاقتصاد الرقمي سريع التطور، يقدم الذكاء الاصطناعي فرصةً تحويليةً ليس فقط لتبسيط العمليات ولكن أيضاً لفتح آفاق جديدة للنمو والتخصيص.

على هامش معرض «ليب 24»، الذي استضافته مدينة الرياض من الرابع وحتى السابع من شهر مارس (آذار) الحالي، التقت «الشرق الأوسط» يوسف البرقاوي، مسؤول الذكاء الاصطناعي والبيانات في شركة الاستشارات العالمية «ديلويت»؛ للحديث عن كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي طريقة عمل الشركات ووضع استراتيجياتها، لا سيما في الشرق الأوسط.

يوسف البرقاوي مسؤول الذكاء الاصطناعي والبيانات في «ديلويت» (ديلويت)

عوامل تمكين يقدمها للذكاء الاصطناعي

ترتكز رؤية «ديلويت» للذكاء الاصطناعي على عوامل تمكين أساسية عدة يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى الأعمال، بدءاً من التعزيز والأتمتة. ويوضّح البرقاوي أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل المعلومات بشكل أفضل والحصول على مزيد من الأفكار حول الأعمال التجارية، مما يتيح اتخاذ قرارات أفضل. ولا تقتصر هذه البراعة التحليلية للذكاء الاصطناعي على دعم القرار، بل تمتد إلى القدرات التنبؤية التي تسمح للشركات بـ«الأتمتة بشكل أفضل» على حد قوله.

ومع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، تطوّر مشهد الأتمتة من تنفيذ المهام البسيطة إلى إنشاء محتوى معقّد، مما يساعد على تحقيق الدخل من التطبيقات وتطوير التعليمات البرمجية. ويشير البرقاوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «عندما نتحدث عن الزيادة، فإننا نتحدث عن مساعدة الأفراد، ولكن عندما نتحدث عن الأتمتة، فإننا نتحدث عن تحسين الإنتاجية بشكل كبير وتقليل الوقت والتكلفة».

استعرضت «ديلويت» خلال معرض «ليب» مجموعة من أحدث الحلول التقنية لتلبية احتياجات السوق المتزايدة (شاترستوك)

التخصيص في الذكاء الاصطناعي

يقوم الذكاء الاصطناعي بتخصيص المحتوى للأفراد، مما يزيد من الفرص في قطاعات مثل التعليم والترفيه. ويؤدي غزو الذكاء الاصطناعي في إنشاء مقاطع الفيديو والإعلانات والصور والتفاعلات الصوتية إلى قوة إبداعية للشركات يمكن الاستفادة منها. أما العامل التمكيني الآخر للذكاء الاصطناعي فهو «المحاكاة»، الذي يسمح للشركات باستخدام التقنيات للتنبؤ بالعمليات وتصميمها لتحقيق النتائج المثلى.

ومع ذلك، تدرك شركة «ديلويت» الشرق الأوسط، أنه ليست كل الشركات مستعدة لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال. ويحذّر البرقاوي من أن «القفز بسرعة إلى العمق أمر خطير للغاية»، مسلطاً الضوء على ضرورة الاستعداد والتعليم. ولمعالجة هذه المشكلة، أنشأت شركة «ديلويت» معهد «ديلويت للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط»، وهو مخصص لتعليم الشركات حول الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه المبادرة إلى رفع مستوى فهم الذكاء الاصطناعي على درجة رفيعة من خلال المنشورات والقيادة وبرامج التعليم رفيع المستوى.

 

استضافت مدينة الرياض الدورة الثالثة من معرض «ليب 2024» من 4 إلى 7 مارس بمركز الرياض للمعارض والمؤتمرات (ليب)

أهمية جودة البيانات وتأثيرها

تسير الفائدة الفعالة للذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع البيانات عالية الجودة. ويقول يوسف البرقاوي إنه «إذا كانت لديك بيانات سيئة، فستكون لديك نتائج سيئة»، مشدداً على الطبيعة الحاسمة لإدارة البيانات.

وتركز جهود «ديلويت» التعاونية مع العملاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط على إنشاء هياكل قوية لإدارة البيانات لتعزيز جودة البيانات، وبالتالي نتائج مبادرات الذكاء الاصطناعي.

ويرى البرقاوي أن الذكاء الاصطناعي يمثل «فرصة هائلة للشرق الأوسط»، خصوصاً بالنظر إلى «التركيز غير الصناعي في المنطقة وحجم السكان الأصغر مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى». ويؤكد أنه «كل ما تحتاجه مع الذكاء الاصطناعي، هو رجلان يتمتعان بالذكاء والخبرة الكافية لكتابة الرموز الصحيحة»، مما يضع أهمية التعليم في المقدمة، ويجعل المنطقة قادرة على رفع مستوى المنافسة العالمية لديها.

يمتد دور «ديلويت» إلى ما هو أبعد من التعليم ليشمل الابتكار من خلال لعب الشركة دوراً فعالاً في وضع أسس الذكاء الاصطناعي، وصياغة استراتيجياته الوطنية، وتنفيذ حوكمة البيانات والتحكم فيها. وقد كانت شركة «ديلويت- الشرق الأوسط» من بين أوائل الشركات التي نفّذت مسرّع تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي في مايو (أيار) 2023، مما ساعد العملاء على نشر الذكاء الاصطناعي في بيئات خاصة خاضعة للرقابة، وبالتالي الحماية من تسرّب المعلومات.

«ديلويت»: المعهد العالمي للذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في المملكة (شاترستوك)

رعاية المواهب الشابة

يتجلى التزام «ديلويت» برعاية المواهب المستقبلية في «برايت ستارت» (The BrightStart Apprenticeship)، الذي يقدم التعليم والتدريب الكاملَين على الذكاء الاصطناعي للطلاب، ما يسمح لهم بالمشاركة في مشروعات الذكاء الاصطناعي الواقعية. ولا تعمل هذه المبادرة على تزويد الجيل القادم بالمهارات اللازمة فحسب، بل أيضاً على إثراء مجموعة المواهب المتاحة للشركات في المنطقة.

وخلال مشاركتها في معرض «ليب 24»، أعلنت كل من «ديلويت» وشركة «ServiceNow» الشركة العالمية للخدمات الرقمية، عن خطتهما لتأسيس «مركز ServiceNow للابتكار» في القطاع العام ضمن مركز «ديلويت» الرقمي في مدينة الرياض. وسيعمل المركز بوصفه منصةً استراتيجيةً لقادة القطاع العام والأعمال الراغبين بدفع عجلة الابتكار وتعزيز الإنتاجية في مؤسساتهم. كما ستعزز الشركتان المركز بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وتزويده بالخبرة المعرفية المشتركة التي يمتلكها المتخصصون في كلتا الشركتين في تنفيذ مشروعات التحول الرقمي في عديد من القطاعات. كما سيتعاون القائمون على المركز الجديد عن كثب مع مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص؛ للوقوف على أهداف أعمالهم، وتبسيط عملياتهم التشغيلية، وردم الفجوات في مهاراتها الداخلية من خلال رفع مهارات العاملين فيها، وتعظيم العائد على الاستثمار.

يشكل دمج الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية واقعا يعيد تشكيل المشهد التنافسي في الأعمال. وتقف منطقة الشرق الأوسط مستعدة لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتعزيز النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية العالمية.


مقالات ذات صلة

روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

الاقتصاد بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

قال ألكسندر فيدياخين، نائب الرئيس التنفيذي لأكبر بنك مقرض في روسيا، «سبيربنك»، إن البلاد قادرة على تحسين موقعها في تصنيفات الذكاء الاصطناعي العالمية بحلول 2030.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد هاتف ذكي يحمل شعار «إنفيديا» (رويترز)

«إنفيديا» تكثف التوظيف في الصين مع التركيز على سيارات الذكاء الاصطناعي

ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن شركة «إنفيديا» أضافت نحو 200 شخص في الصين هذا العام لتعزيز قدراتها البحثية والتركيز على تقنيات القيادة الذاتية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة يوم الأربعاء، حيث لم تُظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق روبوت دردشة يشجع مراهقاً على قتل والديه (رويترز)

بسبب تحديدهما وقتاً لاستخدام الشاشة... «تشات بوت» يشجع مراهقاً على قتل والديه

رفعت دعوى قضائية في محكمة في تكساس بعدما أخبر روبوت محادثة (تشات بوت) شاباً يبلغ من العمر 17 عاماً، بأن قتل والديه كان «استجابة معقولة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين: روسيا تتعاون مع دول «بريكس» لتكوين تحالف في الذكاء الاصطناعي

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأربعاء)، إن روسيا ستطور الذكاء الاصطناعي مع شركائها في مجموعة «بريكس» ودول أخرى.

«الشرق الأوسط» (موسكو )

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
TT

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأربعاء تحديثات لنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، «أبل إنتلدجنس»، الذي يدمج وظائف من «تشات جي بي تي» في تطبيقاتها، بما في ذلك المساعد الصوتي «سيري»، في هواتف «آيفون».

وستُتاح لمستخدمي هواتف «أبل» الذكية وأجهزتها اللوحية الحديثة، أدوات جديدة لإنشاء رموز تعبيرية مشابهة لصورهم أو تحسين طريقة كتابتهم للرسائل مثلاً.

أما مَن يملكون هواتف «آيفون 16»، فسيتمكنون من توجيه كاميرا أجهزتهم نحو الأماكن المحيطة بهم، وطرح أسئلة على الهاتف مرتبطة بها.

وكانت «أبل» كشفت عن «أبل إنتلدجنس» في يونيو (حزيران)، وبدأت راهناً نشره بعد عامين من إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامجها القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، «تشات جي بي تي».

وفي تغيير ملحوظ لـ«أبل» الملتزمة جداً خصوصية البيانات، تعاونت الشركة الأميركية مع «أوبن إيه آي» لدمج «تشات جي بي تي» في وظائف معينة، وفي مساعدها «سيري».

وبات بإمكان مستخدمي الأجهزة الوصول إلى نموذج الذكاء الاصطناعي من دون مغادرة نظام «أبل».

وترغب المجموعة الأميركية في تدارك تأخرها عن جيرانها في «سيليكون فالي» بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعن شركات أخرى مصنّعة للهواتف الذكية مثل «سامسونغ» و«غوغل» اللتين سبق لهما أن دمجا وظائف ذكاء اصطناعي مماثلة في هواتفهما الجوالة التي تعمل بنظام «أندرويد».

وتطرح «أبل» في مرحلة أولى تحديثاتها في 6 دول ناطقة باللغة الإنجليزية، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة.

وتعتزم الشركة إضافة التحديثات بـ11 لغة أخرى على مدار العام المقبل.