الوصول إلى المريخ قد يحجب القمر في برامج الفضاء الأميركية

الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا)
الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا)
TT
20

الوصول إلى المريخ قد يحجب القمر في برامج الفضاء الأميركية

الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا)
الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا)

بعد مرور شهر على تولي دونالد ترمب رسمياً منصبه كرئيس للولايات المتحدة، تسود حالة من الغموض بشأن مستقبل برنامج «أرتيميس» الفضائي الشهير الذي سيتيح للأميركيين العودة إلى القمر.

ومع أنّ الإعلان عن «أرتيميس» تم خلال ولاية ترمب الأولى، فقد يُلغى البرنامج أو يجري تقليصه لإعادة توجيه الجهود نحو هدف آخر هو الذهاب إلى المريخ، وهو طموح مشترك لدونالد ترمب وحليفه إيلون ماسك.

وقال ترمب، خلال خطاب تنصيبه في يناير (كانون الثاني)، من دون الإشارة إلى العودة المزمعة إلى القمر: «سنواصل تصميمنا نحو النجوم، من خلال إرسال رواد فضاء أميركيين لزرع العلم المتلألئ بالنجوم على كوكب المريخ».

ويُعدّ الكوكب الأحمر أحد هواجس إيلون ماسك الذي أظهر تأثيره الكبير على الجمهوريين، ويدعو إلى تجاهل البرامج الفضائية المخصصة للقمر.

وقد تسببت استقالات حديثة، وإعلانات عن احتمال صرف عمال، في إشعال تكهنات بشأن تغيير البرنامج الرائد لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الذي يهدف إلى إنشاء وجود دائم على القمر تمهيداً لمهمات مستقبلية إلى المريخ.

وأعلنت «ناسا»، الأربعاء، رسمياً رحيل جيم فري، وهو أحد كبار مسؤوليها ومدافع متحمس عن برنامج «أرتيميس».

«تغيير ما سيحصل»

تقول المحللة في القطاع الفضائي لورا فورشيك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سواء قرر فري المغادرة بنفسه أو تم دفعه للاستقالة، يشكّل رحيله دليلاً جديداً على أن اتجاه الوكالة يتغير».

وكانت شركة «بوينغ»، التي تتولى تصنيع صاروخ «إس إل إس» الضخم المخصص للبرنامج، أعلنت هذا الشهر أنها قد تصرف نحو 400 عامل بحلول أبريل (نيسان)، «تماشياً مع تعديلات برنامج (أرتيميس) والتوقعات المرتبطة بالتكلفة».

وتؤكد لورا فورشيك أن حالة من الغموض والريبة تسود راهناً في المجال، لكن الإعلانات الأخيرة تشير إلى «أنّ تغييراً ما سيحصل»، متوقعة إدخال تعديلات كبيرة على البرنامج بدل إلغائه نهائياً.

ومن بين الإجراءات المتوقعة، التخلي عن صاروخ «إس إل إس» المكلف، الذي تأخر ابتكاره عن الجدول الزمني المحدد، لإعطاء الأولوية للشركات الخاصة، وبينها «سبايس إكس» في الدرجة الأولى، أو إلغاء بعض المهام البعيدة للبرنامج.

ففي حال إلغاء البرنامج نهائياً، قد يتأثر سلباً هدف الوصول إلى المريخ وكذلك الأهداف الجيوسياسية للولايات المتحدة.

التخلي عن صاروخ «إس إل إس»؟

قد تترك إعادة التركيز على المريخ المجال مفتوحاً أمام الصين، القوة المنافسة التي أعلنت أنها تريد إرسال بشر إلى القمر بحلول عام 2030.

وباتت مهمة «أرتيميس 3» التي يُفترض أن تعيد رواد فضاء إلى القمر للمرة الأولى منذ آخر مهمة لبرنامج «أبولو» عام 1972، مقررة في «منتصف عام 2027».

أما التخلي عن صاروخ «إس إل إس» لصالح «ستارشيب» الذي تبتكره «سبايس إكس» حالياً، فمن شأنه أن يحدّ من هامش المناورة في حال وجود صعوبات، ويمكن أن يسبب مشاكل قانونية وسياسية عدة.

وقد يثير مسألة تضارب المصالح إذ يتولى إيلون ماسك منصباً استشارياً هو الأقرب للرئيس، ويُتوقع أن يحاربه أعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ.

ويهدد تغيير مماثل عشرات الآلاف من الوظائف في الولايات المحافظة مثل تكساس وألاباما وميسيسيبي وفلوريدا.

ورغم ذلك، يمكن توقّع أي شيء، حسب فورشيك التي تقول: «لا يمكن التنبؤ بقرارات إدارة ترمب، وليس لدينا أي فكرة عما يدور في ذهن الرئيس أو ماسك».


مقالات ذات صلة

إيران تطالب «الوكالة الذرية» بإدانة تهديد منشآتها النووية

شؤون إقليمية غروسي يُجري مباحثات مع عراقجي في طهران 14 نوفمبر الماضي (الخارجية الإيرانية)

إيران تطالب «الوكالة الذرية» بإدانة تهديد منشآتها النووية

طالبت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ موقف واضح إزاء التهديدات بتوجيه ضربة إلى منشآتها النووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك خلال مناسبة انتخابية في نيوهامشير (أ.ف.ب)

​مرشحو ترمب لتمثيله في الأمم المتحدة مؤيدون أشداء لإسرائيل

بعد سحب ترشيح النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك كشف دونالد ترمب أن هناك سلّة من 30 شخصاً من المهتمين بمنصب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)

وزارة الصحة الأميركية تسرح ربع عدد موظفيها... ومخاوف من التداعيات على تفشي الأمراض

استهدفت عمليات التسريح قيادات إدارية كبيرة في الوزارة؛ من إدارات الموارد البشرية والمالية وتكنولوجيا المعلومات، إلى الوظائف في المناطق ذات التكلفة المرتفعة.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع ثنائي على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الولايات المتحدة 23 سبتمبر 2019 (رويترز)

ترمب: أجريت مكالمة هاتفية مع السيسي وكانت جيدة للغاية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الثلاثاء إنه تحدث هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وناقش معه الوضع في غزة، والحلول الممكنة بشأن الحرب في القطاع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

23 ولاية تقاضي إدارة ترمب بسبب قرار سحب المليارات من تمويل قطاع الصحة

أقام ائتلاف من المدعين العامين بولايات أميركية دعوى على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الثلاثاء، بسبب قرارها سحب 12 مليار دولار من الأموال الاتحادية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزارة الصحة الأميركية تسرح ربع عدد موظفيها... ومخاوف من التداعيات على تفشي الأمراض

موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
TT
20

وزارة الصحة الأميركية تسرح ربع عدد موظفيها... ومخاوف من التداعيات على تفشي الأمراض

موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)
موظفون يتظاهرون خارج مدرسة سانت جوزيف في مارتينسبورغ بفيرجينيا الغربية ضد إجراءات التسريح التي تمارسها وزارة الصحة (أ.ب)

أعلن وزير الصحة روبرت كيندي جونيور البدء بتنفيذ خطته لإعادة تشكيل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وتسريح ما يصل إلى 10 آلاف موظف فيدرالي، إضافة إلى 10 آلاف موظف آخر قبلوا عروض التقاعد المبكر والاستقالة الطوعية، وهو ما يشكل ربع الطاقة البشرية في الوزارة البالغة 82 ألف موظف.

وتلقى الموظفون في جميع أنحاء مكاتب وزارة الصحة إشعارات الفصل والتسريح، صباح الثلاثاء، بعد أيام قليلة من قرار الرئيس دونالد ترمب التنفيذي بحرمان العمال من الحق في التفاوض الجماعي في وزارة الصحة وغيرها من الوكالات الحكومية.

وأعلن وزير الصحة أيضاً تخفيضات واسعة في تمويل الأبحاث العلمية، ما أثار القلق حول تراجع أداء وزارة الصحة في مكافحة الأمراض مع الاستغناء عن هذا العدد الكبير من الموظفين، والمخاوف من التنازل عن الإرث التاريخي للوزارة في دعم الأبحاث العلمية.

وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف كينيدي الابن (أ.ب)
وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف كينيدي الابن (أ.ب)

ووفقاً لبيان وزارة الصحة، فقد استهدفت عمليات التسريح قيادات إدارية كبيرة في الوزارة؛ من إدارات الموارد البشرية والمالية وتكنولوجيا المعلومات، إلى الوظائف في المناطق ذات التكلفة المرتفعة. وتتولى وزارة الصحة ووكالاتها مسؤولية مكافحة تفشي الأمراض وتتبع الاتجاهات الصحية، وتمويل البحوث الطبية، ومراقبة سلامة الغذاء والدواء، وإدارة برامج التأمين الصحي لملايين الأميركيين.

مكافحة البيروقراطية

وانتقد كنيدي ما أسماه «بيروقراطية مترامية الأطراف» في وزارة الصحة، مشدداً على أهمية «إعادة الهيكلة». وقال، في مقطع فيديو الخميس الماضي، إن ميزانية وزارة الصحة البالغة 1.7 تريليون دولار «فشلت في تحسين صحة الأميركيين».

وأشار وزير الصحة إلى أن عمليات الإصلاح وإعادة التشكيل للوزارة ووكالاتها، «تستهدف تنفيذ خطة لتوحيد هذه الوكالات في مكتب جديد باسم: إدارة أميركا الصحية، وترشيد استخدام الأموال المخصصة لبرامج وزارة الصحة مثل مكافحة فيروس (كوفيد – 19)، وخدمات علاج الإدمان، ومراكز صحة الأطفال والصحة العقلية، وإغلاق مكاتب صحة الأقليات، ومكاتب مكافحة التدخين، ومكاتب الحماية من العنف، وهي برامج تقدر ميزانياتها بمئات المليارات من الدولارات».

وقد قامت وزارة الصحة، خلال الأسبوع الماضي، بتجميد مبلغ 11 مليار دولار من الأموال المخصصة لمكافحة فيروس «كوفيد - 19».

وأعلنت وزارة الصحة تسريح آلاف الموظفين في «إدارة الغذاء والدواء» التي تقوم بفحص وتحديد معايير السلامة للأدوية والأجهزة الطبية والأغذية، وتسريح الآلاف من الموظفين الفيدراليين في مراكز «السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، التي تشرف وتتتبع تفشي الأمراض المعدية، إضافة إلى تسريح مئات الموظفين في «مركز الرعاية الطبية»، والخدمات الطبية التي تشرف على مراكز الرعاية. وكانت الدكتورة جين مارازو مديرة «المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية»، التي تعد واحدة من أبرز العلماء الأميركيين في هذا المجال، من بين الموظفين والعلماء الذين تم الاستغناء عنهم.

مئات من موظفي وزارة الصحة المفصولين أمام مبنى الوزارة في واشنطن (أ.ب)
مئات من موظفي وزارة الصحة المفصولين أمام مبنى الوزارة في واشنطن (أ.ب)

العودة إلى الوراء

وأثارت تلك الخطوات الكثير من الانتقادات والجدل حول تداعيات وآثار تقليص القدرات البشرية وخفض التمويل للأبحاث الصحية، بما يعيد مكانة الولايات المتحدة في مجال الأبحاث الصحية والعلمية إلى الوراء لعقود.

وقال علماء إن الحكومة الفيدرالية الأميركية ألغت عشرات المنح ومخصصات تمويل بحوث منع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وقلصت نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية للعلاج من هذا المرض، ما سيؤدي إلى عرقلة أي تقدم للقضاء على هذا الوباء في الولايات المتحدة. وقال الدكتور روبرت هوبكنز جونيور، الرئيس السابق لـ«اللجنة الاستشارية الوطنية للقاحات»: «إن هذه الخطوات تعرض الجهود المهمة لتحسين صحة الأميركيين، للخطر».

وأبدى العديد من الباحثين القلق والذهول من حجم عمليات التسريح، وتقليص ميزانيات الأبحاث العلمية، خاصة في مجال القضاء على وباء فيروس نقص المناعة البشرية، وهو ما كان وعد به الرئيس ترمب في خطابه عن حالة الاتحاد في عام 2029، في غضون عشر سنوات. وتوقع العلماء أن يؤدي تقليص الميزانيات لمكافحة هذا الفيروس، إلى وفاة ما لا يقل عن 2.9 مليون مصاب أميركي بحلول عام 2030.

وحذرت السيناتور الديمقراطية باتي موراي من تأثير هذه التخفيضات في الموظفين وميزانيات مكافحة الأمراض، حينما تواجه الولايات المتحدة كارثة طبيعية، أو انتشاراً لأمراض معدية. وقالت للصحافيين إن هذه الإجراءات تعرض حياة الأميركيين لخطر شديد.

جانب من موظفي وزارة الصحة أمام مبنى الوزارة في واشنطن صباح الثلاثاء (أ.ب)
جانب من موظفي وزارة الصحة أمام مبنى الوزارة في واشنطن صباح الثلاثاء (أ.ب)

كما استنكر بعض المشرعين الديمقراطيين إجراءات ترمب التنفيذية «لحرمان الموظفين الفيدراليين من حقوقهم النقابية»، وانتقدوا منح الملياردير إيلون ماسك سلطات واسعة لتفكيك الحكومة الفيدرالية من دون أن يكون للموظفين القدرة على مقاومة تلك الإجراءات. وقال النائبان جيرالد كونولي وبوبي سكوت من فيرجينا، في بيان مشترك: «إن الإجراءات التي يقوم بها ماسك وينفذها وزير الصحة ستضعف قدرة الحكومة على خدمة الشعب الأميركي».