واشنطن لتوجيه اتهامات جنائية ضد قراصنة سيبرانيين مرتبطين بإيران

حاولوا اختراق حملة ترمب بعدما سرقوا وثائق من مستشاريه

شخص يحمل جهاز كومبيوتر يعرض شيفرة سيبرانية (رويترز)
شخص يحمل جهاز كومبيوتر يعرض شيفرة سيبرانية (رويترز)
TT

واشنطن لتوجيه اتهامات جنائية ضد قراصنة سيبرانيين مرتبطين بإيران

شخص يحمل جهاز كومبيوتر يعرض شيفرة سيبرانية (رويترز)
شخص يحمل جهاز كومبيوتر يعرض شيفرة سيبرانية (رويترز)

كشف مسؤولون أميركيون أن السلطات الفيدرالية تستعد لتوجيه اتهامات جنائية خلال أيام ضد قراصنة سيبرانيين مرتبطين بإيران، سعوا إلى اختراق حملة الرئيس السابق دونالد ترمب وتسريب وثائق، في محاولة للتدخل في الانتخابات الأميركية.

وطبقاً لهؤلاء المسؤولين -الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم- فإن تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» تُركز على شخصية عبر الإنترنت تُدعى «روبرت»، اتصلت بمراسلين أميركيين لمشاركة وثائق حملة ترمب الانتخابية، مُدعياً زوراً أنه حصل عليها في أثناء العمل مع هذه الحملة. وكان موقع «بوليتيكو» الإخباري الأميركي أول من كشف هذه المؤامرة.

وأفاد المحققون بأن الشخص، أو الأشخاص الذين ينتحلون شخصية «روبرت»، كانوا يتصرفون نيابة عن النظام الإيراني، ويعرضون ملفات البيانات المسروقة من حسابات البريد الإلكتروني لمستشاري ترمب على المؤسسات الإخبارية. وبين المستهدفين في عملية القرصنة المستشارة الرفيعة في الحملة سوزي وايلز، بالإضافة إلى آخرين يعملون مع ترمب. وبصفته جزءاً من المخطط، تلقى موظفو الحملة رسائل بريد إلكتروني احتيالية مُصممة لتبدو شرعية، ولكنها قد تمنح المتسللين إمكان الوصول إلى اتصالات المتلقين.

«خدعة ناجحة»

نقلت وكالة «أسوشيتيد برس» عن خبراء في أمن الكومبيوتر وخبراء «إف بي آي» أن إيران كانت وراء رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية المرسلة في يونيو (حزيران) الماضي إلى روجر ستون، وهو مستشار غير رسمي لترمب منذ فترة طويلة. وكشف التحقيق أن «الخدعة كانت ناجحة، وتمكّن المتسللون من السيطرة على حساب البريد الإلكتروني لستون وإرسال رسائل تحتوي على روابط احتيالية إلى آخرين». واعترف ستون بأنه تلقّى اتصالاً من مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأبلغه بأن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة به تعرّضت للاختراق.

ولم تُقدّم أي تفاصيل إضافية عن التهم، أو عمن تحديداً في هذه المؤامرة. ولاحظت صحيفة «واشنطن بوست» أنه «عندما تشنّ دول أجنبية هجمات إلكترونية على شخصيات أميركية، غالباً ما يعيش الجناة في دول لن تسلمهم إلى الولايات المتحدة»، مضيفة أنه خلال العقد الماضي، أطلق المسؤولون الأميركيون حملات لـ«فضح» المتسللين في روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية «على أمل ردع مثل هذا السلوك».

وخلص «إف بي آي» ووكالات الاستخبارات الأميركية الشهر الماضي إلى أن إيران كانت مسؤولة عن محاولات الاختراق الأخيرة للحملتين الرئاسيتين لكل من ترمب والرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. ولم يُشر حتى الآن إلى أي أدلة على اختراق حسابات مستشاري بايدن.

خطر على الانتخابات

وأكد مطلعون على القضية أن المسؤولين في وزارة العدل الأميركية يعتقدون الآن أن لديهم أدلة كافية لتقديم اتهامات جنائية. وتشمل الأدلة التي راجعها المحققون بعض رسائل البريد الإلكتروني لـ«روبرت» مع صحافيين في «واشنطن بوست» و«بوليتيكو». ولم يتضح للمسؤولين كيفية حصول السلطات على هذه الرسائل.

وفي خطاب ألقاه في نيويورك، الخميس، حذّر رئيس قسم الأمن القومي بوزارة العدل ماثيو أولسن من أن جهود الدول الأجنبية للتدخل في الانتخابات الأميركية «تُشكل خطراً واضحاً وحاضراً على ديمقراطيتنا»، مؤكداً أن إيران «تبذل جهوداً أكبر للتأثير في انتخابات هذا العام مقارنة بدورات الانتخابات السابقة». وأوضح أن «النشاط الإيراني يزداد عدوانية مع اقتراب هذه الانتخابات (...) ترى إيران أن انتخابات هذا العام لها عواقب وخيمة بصفة خاصة في التأثير في مصالح الأمن القومي الإيرانية، مما يزيد من ميل طهران إلى محاولة تشكيل النتيجة». وإذ ركز على «الشفافية في شأن ما نراه»، رأى أن «هذا يساعد في ضمان وعي مواطنينا بمحاولات الحكومات الأجنبية لبث الفتنة ونشر الأكاذيب... وكل هذا يعزّز المرونة داخل دوائر ناخبينا»، فضلاً عن أنه «يوفّر تحذيرات لقطاعنا الخاص حتى يتمكنوا من حماية شبكاتهم بشكل أفضل. ويرسل رسالة لا لبس فيها إلى خصومنا. لقد اكتسبنا نظرة ثاقبة في شبكاتكم، ونحن نعلم ما تفعلونه، ونحن عازمون على محاسبتكم».

تدخلات سابقة

وتتوافق تصريحات أولسن مع تحذيرات سابقة لمكتب التحقيقات الفيدرالي من أن «الإيرانيين سعوا من خلال الهندسة الاجتماعية وغيرها من الجهود، إلى الوصول لأفراد لديهم إمكانية الوصول المباشر إلى الحملات الرئاسية لكلا الحزبين السياسيين». وكشف مسؤولون استخباريون أن جهود إيران لتأجيج الخلاف المجتمعي في الولايات المتحدة وتقويض محاولة ترمب للعودة إلى البيت الأبيض هي تكرار لجهود طهران عام 2020. كما قادت روسيا هجمات إلكترونية مماثلة.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات الاستخبارات الأميركية، في بيان مشترك هذا الصيف: «استخدمت إيران وروسيا هذه التكتيكات، ليس فقط في الولايات المتحدة خلال هذه الدورة الانتخابية الفيدرالية السابقة، وإنما أيضاً في دول أخرى حول العالم».

وفي الأسبوع الماضي، وفي محاولة لمكافحة التضليل قبل الانتخابات، وجّهت وزارة العدل اتهامات إلى اثنين من موظفي شبكة «آر تي» الإعلامية الروسية الحكومية، بتحويل ملايين الدولارات سراً إلى شركة إنشاء محتوى مقرها تينيسي لنشر مقاطع فيديو باللغة الإنجليزية على منصات التواصل الاجتماعي برسائل تخدم أجندة الحكومة الروسية.


مقالات ذات صلة

فترة مادورو الثالثة في فنزويلا مهدّدة برياح واشنطن

حصاد الأسبوع من حفل تنصيب مادورو (أ.ب)

فترة مادورو الثالثة في فنزويلا مهدّدة برياح واشنطن

كل ما كان متوقعاً حصل صباح العاشر من يناير (كانون الثاني) الحالي في العاصمة الفنزويلية كاراكاس عندما نصّب الرئيس نيكولاس مادورو نفسه رئيساً لفنزويلا من غير أن يقدّم أي دليل يثبت فوزه المزعوم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت أواخر يوليو (تموز) الفائت. مادورو، وهو وريث الزعيم اليساري الراحل هوغو تشافيز، كان قد أعلن فوزه في نهاية اليوم الانتخابي بعد عملية فرز غامضة قدّمت فيها المعارضة وثائق تثبت فوز مرشحها إدموندو غونزاليس أورّوتيا بفارق كبير لم يتمكن النظام من دحضها. إلا أن سيطرة مادورو المطلقة على جميع مؤسسات الدولة، بما فيها جميع المحاكم العليا والقوات المسلحة، مهّدت الطريق لتنصيبه رئيساً لولاية ثالثة.

شوقي الريّس (مدريد)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة يوقع أمراً تنفيذياً (أ.ب)

معارضة تعاني الإرهاق والخيبة في مواجهة ترمب

منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً منذ تنصيبه الاثنين، يكافح معارضوه لإسماع صوتهم في خضم خيبة أمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح زوجته ميلانيا خلال حفل تنصيبه بواشنطن (أ.ب)

بعد طرح تعديل دستوري... ما السيناريوهات المحتملة لتولي ترمب ولاية رئاسية ثالثة؟

قدّم عضو جمهوري في مجلس النواب الأميركي، أمس، اقتراحاً لتعديل دستور الولايات المتحدة للسماح للرئيس دونالد ترمب (وأي رئيس مستقبلي آخر) بالانتخاب لفترة ثالثة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه (أ.ب)

الشرطة الأميركية: هجوم على مكتب انتخابات بورتلاند يحطم عشرات النوافذ

حطمت مجموعة من الملثمين عشرات النوافذ ورشوا رسوم غرافيتي مناهضة للحكومة على مبنى انتخابات مقاطعة مولتوماه الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بورتلاند (أميركا))
رياضة عالمية إنفانتينو خلال حضوره حفل تنصيب ترمب أمس (أ.ف.ب)

إنفانتينو رئيس «فيفا» حضر حفل تنصيب ترمب

حضر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو، حفل تنصيب دونالد ترمب في العاصمة الأميركية واشنطن، أمس (الاثنين) وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

The Athletic (واشنطن)

مرشح ترمب لمنصب مدير «إف بي آي» حصل على 25 ألف دولار من مخرج أفلام روسي

كاش باتيل يؤدي اليمين الدستورية خلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس الشيوخ بشأن ترشيحه لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أ.ف.ب)
كاش باتيل يؤدي اليمين الدستورية خلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس الشيوخ بشأن ترشيحه لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أ.ف.ب)
TT

مرشح ترمب لمنصب مدير «إف بي آي» حصل على 25 ألف دولار من مخرج أفلام روسي

كاش باتيل يؤدي اليمين الدستورية خلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس الشيوخ بشأن ترشيحه لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أ.ف.ب)
كاش باتيل يؤدي اليمين الدستورية خلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس الشيوخ بشأن ترشيحه لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أ.ف.ب)

حصل مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، كاش باتيل، على 25 ألف دولار العام الماضي من شركة أفلام مملوكة لمواطن روسي يحمل أيضاً الجنسية الأميركية وأنتجت برامج تروج لنظريات المؤامرة «العميقة» والآراء المعادية للغرب التي يروج لها الكرملين، وفقاً لنموذج الإفصاح المالي الذي قدمه باتيل كجزء من عملية ترشيحه ووثائق أخرى.

وبحسب وثائق نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، فإن باتيل تلقى الأموال من شركة «غلوبال تري بيكتشرز»، وهي شركة مقرها لوس أنجليس يديرها إيغور لوباتونوك، صانع أفلام تشمل مشاريعه السابقة حملة نفوذ مؤيدة لروسيا تلقت أموالاً من صندوق أنشأه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.

جاء الدفع لباتيل أثناء مشاركته في فيلم وثائقي أنتجه لوباتونوك يصور باتيل وغيره من قدامى المحاربين في إدارة ترمب الأولى ضحايا لمؤامرة «دمرت حياة أولئك الذين وقفوا إلى جانب دونالد ترمب في محاولة لإزاحة الرئيس المنتخب ديمقراطياً من منصبه».

تم بث المسلسل المكون من ستة أجزاء، بعنوان «كل رجال الرئيس: المؤامرة ضد ترمب»، في نوفمبر (تشرين الثاني) على شبكة الإنترنت التابعة للمذيع اليميني تاكر كارلسون.

وفي أحد الأجزاء، تعهد باتيل «بإغلاق» مبنى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي وفتحه كمتحف لـ«الدولة العميقة».

كاش باتيل مرشح ترمب لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي يغادر بعد جلسة تأكيد أمام لجنة القضاء بمجلس الشيوخ في مبنى الكابيتول (أ.ب)

التفاصيل المحيطة بالدفع لباتيل تضيف إلى الأسئلة التي أثارها المشرعون الديمقراطيون والعديد من خبراء الأمن القومي المخضرمين حول ترشيحه. إذا تم اختيار باتيل بالفعل، فإن الوكالة المسؤولة عن الدفاع ضد عمليات التجسس الروسية داخل الولايات المتحدة ستكون بقيادة شخص قبل أشهر أخذ أموالاً من حليف مفترض للكرملين، وفق الصحيفة.

قالت إيريكا نايت، المتحدثة باسم باتيل لصحيفة «واشنطن بوست»: «لقد تجاوز السيد باتيل كل الحدود. وذلك يشمل اجتماعات لا حصر لها مع أعضاء مجلس الشيوخ، والكشف عن جميع مصادر الدخل والإبلاغ عنها، وتقديم مئات الصفحات من الوثائق، والرد على مئات الصفحات من الأسئلة للتسجيل، والإدلاء بشهادته لمدة ست ساعات في جولات متعددة من الاستجواب أمام لجنة القضاء بمجلس الشيوخ. وقد قام مجلس الشيوخ بتقييم جميع الصراعات والمخاوف المحتملة».

وأضافت: «يتطلع السيد باتيل إلى التصويت في لجنة القضاء بمجلس الشيوخ يوم الخميس القادم والتأكيد السريع من قبل مجلس الشيوخ حتى يتمكن من البدء في العمل على إعادة تركيز مكتب التحقيقات الفيدرالي على جعل بلدنا أكثر أماناً».

وبصفته مديراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، سيشغل باتيل أحد أعلى المناصب في إدارة أشارت إلى تراجعات محتملة في السياسة الأميركية تجاه روسيا.

وشكك ترمب في دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا وسط مخاوف بين المسؤولين الأميركيين والأوروبيين من أنه قد يسعى إلى إنهاء الحرب بشروط مواتية لموسكو.

وتحركت المدعية العامة الأميركية بام بوندي بسرعة لتفكيك وحدة خاصة أنشئت أثناء إدارة بايدن لفرض العقوبات على روسيا وملاحقة الانتهاكات التي ارتكبها الأوليغارشيون المؤيدون لبوتين.

وتم إدراج الدفعة التي تلقاها باتيل على أنها «مكافأة» في تقرير الإفصاح المالي المقدم إلى مكتب أخلاقيات الحكومة الأميركية، وهي وكالة مكلفة مراجعة الإفصاحات المالية للمرشحين الذين أكدهم مجلس الشيوخ داخل السلطة التنفيذية.

يشار إلى أن باتيل كان لسنوات حليفاً مخلصاً لترمب، وله رأي مماثل له في ما يتعلق بنظرية «الدولة العميقة»، وهو مصطلح يستخدمه الرئيس المنتخب للإشارة إلى البيروقراطية الحكومية، حسب وكالة أنباء «أسوشييتد برس».

وقد ألَّف باتيل كتاباً حول هذه النظرية.

وكان باتيل جزءاً من مجموعة صغيرة من مؤيدي ترمب الذين رافقوه إلى المحكمة، خلال محاكمته الجنائية الأخيرة في نيويورك؛ حيث أخبر المراسلين أن ترمب كان ضحية «سيرك غير دستوري».

وفي يوم السبت الموافق 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن ترمب على حسابه بمنصة التواصل الاجتماعي التي أنشأها «تروث سوشيال» أنه رشح القانوني والسياسي الأميركي ذا الأصول الهندية كاش باتيل لتولي قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكان أحد مستشاريه خلال ولايته الرئاسية الأولى.