هل يكون انحدار «تسلا» مدفوعاً بانحيازات إيلون ماسك السياسية؟

الديمقراطيون «محرجون» من امتلاكها... والجمهوريون لا يعوضون الخسارة

الرئيس دونالد ترمب يستمع إلى إيلون ماسك وهو يتحدث في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يستمع إلى إيلون ماسك وهو يتحدث في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ب)
TT

هل يكون انحدار «تسلا» مدفوعاً بانحيازات إيلون ماسك السياسية؟

الرئيس دونالد ترمب يستمع إلى إيلون ماسك وهو يتحدث في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يستمع إلى إيلون ماسك وهو يتحدث في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (أ.ب)

منذ أن تحولت سيارة «تسلا» الكهربائية أيقونة ثورة الجيل الجديد للتكنولوجيا البيئية، كان المشترون يربطونها إيجابياً برئيسها التنفيذي إيلون ماسك؛ فقد عُدّ رجلاً رؤيوياً، وأطلق ثورة في صناعة سيارات المستقبل؛ إذ تستعد «تسلا» لإطلاق نسختها ذاتية القيادة بالكامل عام 2026.

وترافق ذلك مع جاذبية قلّ نظيرها من مناصري الحفاظ على البيئة، داخل الولايات المتحدة وخارجها، الذين تنامت أعدادهم بوتيرة متسارعة؛ ما فرض على معظم شركات السيارات العالمية فتح خطوط إنتاج لسياراتهم الكهربائية، مع ارتفاع الطلب عليها. لكن في الآونة الأخيرة، بدا أن الصورة بدأت في الانقلاب، ليس فقط ضد «تسلا»، بل ضد مجمل السيارات الكهربائية؛ إذ تشير الأرقام إلى تراجع مبيعاتها عالمياً. لكن فيما خص «تسلا» تحديداً، كان لتحالف ماسك مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وانغماسه عميقاً في السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء، نتائج قد تكون مقلقة اقتصادياً بالنسبة للشركة ولماسك نفسه.

حتى إنه لم يسبق لسهم «تسلا» أن يسجل مثل هذا الانخفاض الأحمر؛ ففي سبعة أسابيع متتالية، منذ ذهب إيلون ماسك إلى واشنطن للانضمام إلى إدارة ترمب، انخفضت أسهم الشركة بنسبة 36 في المائة، لتغلق يوم الجمعة عند 270.48 دولار. إنها أطول سلسلة خسائر لـ«تسلا» في 15 عاماً. وأدى هذا الانخفاض إلى تراجع صافي ثروة إيلون ماسك بأكثر من 150 مليار دولار هذا العام.

أخبار جيدة للمنافسين

ومع نشر بيانات تجارية عن مبيعات «تسلا»، بدا أن الشكوك بدأت تُظهر أرقاماً مقلقة للشركة؛ إذ سجلت تراجعاً بنسبة 5.61 في المائة، وهو ما يعد أمراً إيجابياً لمنافسيها. ورغم أن «تسلا» لا تزال أكبر منتج للسيارات الكهربائية في أميركا، وتتصدر قيمتها السوقية صناعة السيارات، تشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد من مالكيها لا نية لديهم، الآن على الأقل، للتخلي عنها. لكنها تُظهر أيضاً أن جاذبيتها تأكّلت، وبدأت تتسبب في خسائر مالية أيضاً، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» المحسوبة على الجمهوريين.

أشخاص يحتجون خارج متجر «تسلا» خلال احتجاجات اليوم الوطني لـ«تسلا» في مدينة نيويورك (رويترز)

عام 2022، كانت الإحصاءات تشير إلى أن 22 في المائة من المشترين المحتملين «يفكرون بالتأكيد» في شراء سيارة «تسلا». وهو ما وضعها على قدم المساواة مع علامات تجارية فاخرة أخرى. وبحلول الصيف الماضي، وبعد انغماس ماسك بالانتخابات الرئاسية وانحيازه لترمب، تراجعت النسبة إلى 7 في المائة.

علاقة ماسك بترمب

وقال نحو 63 في المائة من الذين شملهم استطلاع أُجري في ديسمبر (كانون الأول) إنهم لن يفكروا في شراء سيارة «تسلا»، في قفزة بنحو 10 نقاط مئوية عن ربيع العام الماضي، بسبب تعارضهم مع انحيازات ماسك السياسية. وفي الأسابيع الأخيرة، وبعدما اندفع ماسك في قيادة الوكالة الحكومية «دوج»، وبدأ في فصل عشرات آلاف الموظفين الفيدراليين، وأعلن دعمه لحزب يميني ألماني متطرف، شهدت صالات عرض الشركة احتجاجات في الولايات المتحدة وأوروبا على حد سواء، وتعرضت محطات شحن البطاريات لعمليات تخريب، بما فيها رسم الصليب النازي المعكوف.

وبحسب التقرير، يعود تراجع مبيعات «تسلا» أيضاً لعوامل أخرى مهمة، من بينها تشكيلة مركباتها القديمة نسبياً، والمنافسة المتزايدة من شركات صناعة السيارات الأخرى التي تحاول جذب المشترين بعروض ترويجية تنافسية. كما أثرت مشاكل الجودة وانخفاض قيم إعادة البيع، بعد أن لحق المنافسون بريادتها في التكنولوجيا ونطاق البطاريات.

سكان يحتجون على دور إيلون ماسك في إدارة ترمب خارج وكالة «تسلا» في بالو ألتو بكاليفورنيا (رويترز)

انخفاض مبيعات «تسلا»

في العام الماضي، انخفضت عمليات تسليم سيارات «تسلا» في جميع أنحاء العالم بنسبة 1 في المائة، وهو أول انخفاض منذ أكثر من عقد من الزمان، على الرغم من ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في جميع أنحاء الصناعة بنسبة 25 في المائة، وتحديداً في الصين. وفي الولايات المتحدة، انخفضت مبيعات «تسلا» بنسبة 7 في المائة العام الماضي، وبنسبة 2 في المائة في أول شهرين من هذا العام. وفي الأسواق الأجنبية، بدأت أرقام مقلقة في الظهور؛ إذ سجل شهر فبراير (شباط) انخفاض مبيعاتها في ألمانيا بنسبة 76.3 في المائة، و26 في المائة في فرنسا. وفي الصين سلمت «تسلا» التي تصدر منها إلى دول أخرى، 30688 سيارة جديدة، بانخفاض 49 في المائة عن الفترة السابقة من العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة المنافسة من صانعي السيارات الكهربائية الصينيين.

ويعزو المحللون الانخفاضات جزئياً إلى عوامل السوق، بما في ذلك انتظار العملاء لموديل «واي» من «تسلا» المحدثة المقرر إطلاقها هذا الشهر. ومع ذلك، يقولون إن خيارات ماسك السياسية تشكل عاملاً مهماً، وخاصة في ألمانيا.

وبعدما صعدت قيمة أسهم «تسلا» بشكل كبير بعد فوز الرئيس ترمب، كان المستثمرون يأملون أن يفيد قرب ماسك من الرئيس أعماله؛ إذ إن تركيزه المتزايد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في «تسلا»، سيساهم في نجاح طرح أول سيارة ذاتية القيادة بالكامل في عام 2026. لكن بدلاً من ذلك، انخفضت الأسهم بنسبة 35 في المائة، مما أدى إلى محو معظم المكاسب التي تحققت بعد الانتخابات. ومع ذلك، تقدر قيمة «تسلا» بنحو 847 مليار دولار؛ أكثر من أي شركة سيارات أخرى.

سيارات «تسلا» موديل «واي» في مقر مصنع «تسلا جيغافاكتوري» في براندنبورغ (د.ب.أ)

الجمهوريون لا يعوضون الخسارة

وتشير بيانات المبيعات والاستطلاعات إلى أن السياسة تؤثر على الطلب؛ فمن المرجح الآن أن يقول الجمهوريون إنهم سيشترون سيارة «تسلا» أكثر من الديمقراطيين الذين كانوا أكثر المشترين لها؛ إذ انخفضت نسبتهم من 23 في المائة في أغسطس (آب) الماضي، إلى 13 في المائة في فبراير الماضي. في المقابل، نمت نسبة المشترين الجمهوريين المحتملين من 15 في المائة إلى 26 في المائة، لكن أعدادهم أقل بكثير من المشترين الديمقراطيين؛ إذ إن المحافظين أكثر تردداً في شراء سيارة كهربائية، في الوقت الذي يردد فيه ترمب سياسات تشكك بنظريات الاحتباس الحراري.

وتشير بيانات تسجيل السيارات إلى أن المبيعات انخفضت بشكل حاد العام الماضي في بعض المناطق الحضرية ذات الميول اليسارية، والتي كانت أساسية لنمو الشركة، بما في ذلك نيويورك ولوس أنجليس وسان فرنسيسكو ودالاس، في حين ارتفعت في لاس فيغاس وسولت ليك سيتي وميامي-فورت لودرديل، وهي مناطق جمهورية، لكنها لا تعوض خسارة تلك المناطق.

صورة نشرتها إدارة شرطة تيغارد لنوافذ محطمة لوكالة «تسلا» (أ.ب)

ماسك يثير الجدل

وفي الأشهر الأخيرة، نشر ماسك نفسه على تطبيق «إكس» الذي يملكه، أن «المثيرين للقلق» بالغوا في تقدير سرعة تغير المناخ. وفي ديسمبر، أثار ماسك غضب العديد من الأوروبيين بعد تأييده لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف الذي عارض بناء مصنع «تسلا» في برلين، نافياً أن يكون تغير المناخ من صنع الإنسان. كما دعم ماسك حزب «إصلاح بريطانيا»، وهو حزب شعبوي يريد إلغاء سياسات مكافحة تغير المناخ.

وما زاد من الطين بلة، أن ماسك في حفل تنصيب ترمب، قام مرتين بإشارة مد فيها ذراعه بشكل مستقيم، مع توجيه راحة يده لأسفل، عدّها البعض أنها تشبه التحية النازية. وبعدما قام ناشطون بعرض صورة «تسلا» إلى جانب صورة ماسك رافعاً يده وكتبوا كلمة «هايل» على أحد جدران مصنع الشركة في برلين، قال تقرير الصحيفة إن بعض أصحاب السيارات في الولايات المتحدة وجدوا منشورات على سياراتهم تحثهم على بيع سياراتهم.

وأضاف التقرير أن العديد من المشترين المحتملين لسيارات «تسلا» من كل الموديلات، قرروا إلغاء طلبياتهم المسبقة احتجاجاً على قيادة ماسك لوكالة «دوج» التي تقوم بتنفيذ سياسات ترمب، كما أن بعض مالكي أسهمها يفكرون في بيعها.


مقالات ذات صلة

لماذا قرر ماسك الانسحاب من فريق ترمب؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الملياردير إيلون ماسك (أ.ف.ب) play-circle

لماذا قرر ماسك الانسحاب من فريق ترمب؟

إذا كان هناك شيء واحد لم يتعلمه الملياردير إيلون ماسك في مسيرته المهنية المرموقة في مجال ريادة الأعمال فهو أن في السياسة لكل شيء ثمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب وإيلون ماسك يتحدثان إلى الصحافة خلال جلوسهما في إحدى سيارات «تسلا» على الرواق الجنوبي للبيت الأبيض (أ.ف.ب)

«تسلا» في مهب السياسة... هل تكفي عودة ماسك لإنقاذ العلامة المتضررة؟

تنفس مستثمرو «تسلا» الصعداء بعدما أعلن الرئيس التنفيذي إيلون ماسك عزمه إعادة تركيز اهتمامه على شركة صناعة السيارات الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد رجل يسير خارج معرض لشركة «تسلا» في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

«تسلا» تدشّن أول صالة عرض في الرياض

أطلقت شركة «تسلا» رسمياً أعمالها في السعودية بافتتاح أول صالة عرض ومركز صيانة في العاصمة الرياض، معلنة دخولها المرتقب إلى السوق السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يسير خارج معرض لشركة «تسلا» في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

«تسلا» توقف تلقي طلبات جديدة في الصين لطرازين مستوردين من أميركا

أظهرت بيانات «رويترز»، أن «تسلا» أوقفت تلقي طلبات جديدة لسيارات «موديل إس»، و«موديل إكس» المصنَّعَين في أميركا على موقعها الإلكتروني الصيني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

ماسك ينسحب من لعبة الفيديو المفضلة لديه بعد تعرضه لـ«التنمر الإلكتروني»

انسحب الملياردير الأميركي إيلون ماسك من بث مباشر للعبة فيديو بغضب بعد خسارته المتكررة تحت وطأة تنمر المعلقين الإلكترونيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجدعان من واشنطن: التوترات التجارية تزيد حالة عدم اليقين

الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك في ختام اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (أ.ف.ب)
الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك في ختام اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (أ.ف.ب)
TT

الجدعان من واشنطن: التوترات التجارية تزيد حالة عدم اليقين

الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك في ختام اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (أ.ف.ب)
الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك في ختام اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (أ.ف.ب)

قال رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي، وزير المالية السعودي، محمد الجدعان إن التوترات التجارية تزيد حالة عدم اليقين عالمياً، مشدداً على أن معالجة الديون هي أولوية قصوى.

في حين قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية يؤكدون أهمية خفض حالة عدم اليقين وتوجيه السياسات الاقتصادية.

كلام الجدعان وغورغييفا جاء في مؤتمر صحافي مشترك في ختام اجتماع اللجنة على هامش اجتماعات الربيع المنعقدة في واشنطن.

وقال الجدعان إن «الأعضاء اتفقوا على أن معالجة نقاط الضعف في الديون العالمية ستظل أولوية قصوى»، لافتاً إلى أن «حالة عدم اليقين في التجارة تؤثر في توقعات النمو».

وأشار الجدعان إلى أن عدداً كبيراً من أعضاء صندوق النقد حذر من ازدياد حالة الضبابية جراء التوتر التجاري، مضيفاً أن الأعضاء أجروا مناقشات صريحة حول التوترات التجارية وتداعياتها، و«هو ما كان مطمئناً للغاية».

ولفت إلى أن التوترات التجارية ارتفعت بشكل مفاجئ؛ ما أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين وتقلبات السوق والمخاطر التي تهدد النمو والاستقرار المالي. وقال: «كلما تم حل الصدمات التجارية في وقت مبكر، كان ذلك أفضل».

أضاف: «هذا وقت صعب، لكنه يمثل فرصة لإجراء محادثات بناءة، والحديث عن سوريا خلال الاجتماع أعطانا مجدداً شعوراً بمدى ضرورة تحولها إلى دولة مستقرة». وشدد على ضرورة تقديم الدعم المالي الثنائي ومتعدد الأطراف ضمن برنامج دعم سوريا.

وقال: «إلى جانب سوريا، هناك كثير من الدول بحاجة إلى برامج دعم منها اليمن وفلسطين ولبنان».

أضاف: «بالنسبة لأجندة صندوق النقد الدولي المستقبلي، فلا بد أن يستمر الصندوق في التركيز على تنفيذ مهمته فيما يتعلق بتشجيع التجارة والنمو، وعدم تبنِّي أي سياسات تضر بالرخاء».

وتابع الجدعان: «أعضاء صندوق النقد الدولي يدركون أن إعادة تنظيم حصص الحصص ينبغي أن تهدف إلى عكس أفضل للأوضاع النسبية للأعضاء في الاقتصاد العالمي، مع حماية صوت أفقر الأعضاء».

وشدد على أن أعضاء صندوق النقد الدولي يؤكدون التزامهم بالمؤسسة، ويتطلعون إلى مناقشة مزيد من السبل لضمان بقاء الصندوق مرناً ومركّزاً.

من جهتها، قالت غورغييفا: «لا أريد تجميل الأمور، فالاقتصاد لا يزال يواجه وقتاً عصيباً»، موضحة أن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية اتفقوا على أهمية الحد من عدم اليقين، والعمل على توضيح السياسات.

ولفتت إلى أن الأسواق الناشئة أثبتت جدارتها في بناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات؛ ما يضعها في وضع أفضل. وكشفت البدء في تأسيس لجنة تنسيقية لتقديم برنامج دعم سوريا.

الجدعان متحدثاً خلال المؤتمر الصحافي المشترك (أ.ف.ب)

تعزيز المرونة

في بيان صادر بنهاية الاجتماع، قال الجدعان إن أعضاء اللجنة رحبوا بالجهود الجارية لإنهاء الحروب والنزاعات، مدركين أن السلام ضروري لاستعادة الاستقرار، وتعزيز النمو المستدام.

وذكر أن الاقتصاد العالمي يمر بمنعطف محوري، فبعد سنوات عدة من المخاوف المتزايدة بشأن التجارة، تصاعدت التوترات التجارية بشكل مفاجئ، ما أدى إلى ارتفاع حالة عدم اليقين، وتقلبات السوق والمخاطر التي تهدد النمو والاستقرار المالي. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو في الأجل القريب، وتهيمن المخاطر السلبية المتزايدة على التوقعات.

وقال الجدعان: «سنكثف جهودنا لتعزيز المرونة الاقتصادية، وبناء مستقبل أكثر ازدهاراً. ونحن نؤكد الدور الحاسم لصندوق النقد الدولي في مساعدتنا على اجتياز هذه البيئة الصعبة، بوصفه مستشاراً موثوقًا به وداعماً لأطر السياسات القوية».

ولفت إلى أن هناك حاجة إلى إصلاحات وإجراءات سياسية شاملة وجيدة المعايرة ومتسلسلة ومعلنة بشكل جيد لتعزيز النمو والإنتاجية، وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، و«سوف نتبع سياسات اقتصادية كلية سليمة، ونمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال، وتبسيط اللوائح التنظيمية المفرطة، ومكافحة الفساد، وحشد الابتكار واعتماد التكنولوجيا. وسنعمل على تعميق توجُّهنا نحو إجراء تعديلات مالية مواتية للنمو لضمان القدرة على تحمل الديون، وإعادة بناء الاحتياطات عند الحاجة».

ورأى الجدعان أنه ينبغي أن تراعي التعديلات المالية العامة الآثار التوزيعية، وأن تكون مدعومة بخطة موثوق بها متوسطة الأجل لضبط الأوضاع المالية العامة، مع تعزيز كفاءة الإنفاق العام، وحماية الفئات الضعيفة، ودعم الاستثمارات العامة والخاصة المعززة للنمو، مع مراعاة ظروف البلدان.

وقال: «ستظل البنوك المركزية ملتزمة التزاماً قوياً بالحفاظ على استقرار الأسعار، بما يتماشى مع ولاية كل منها، وستواصل تعديل سياساتها بطريقة تعتمد على البيانات، وتبلغ عنها بشكل جيد. وسنستمر في المراقبة من كثب، وحسب الضرورة، في معالجة نقاط الضعف المالية والمخاطر التي تهدد الاستقرار المالي، مع الاستفادة من مزايا الابتكار.

وشدد على مواصلة دعم البلدان في أثناء قيامها بالإصلاحات ومعالجة مواطن الضعف في الديون وتحديات خدمة الديون، وقال: «نرحب بالتقدم المحرز في معالجة الديون بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين وما بعده. ولا نزال ملتزمين بمعالجة مواطن الضعف في الديون العالمية بطريقة فعالة وشاملة ومنهجية، بما في ذلك زيادة تكثيف تنفيذ الإطار المشترك للديون بطريقة يمكن التنبؤ بها في الوقت المناسب وبشكل منظم ومنسق، وتعزيز شفافية الديون. ونحن نتطلع إلى مزيد من العمل في اجتماع المائدة المستديرة للديون السيادية العالمية بشأن سبل معالجة مواطن الضعف في الديون وتحديات إعادة الهيكلة».

وقال الجدعان: «نؤكد على الدور الحاسم لصندوق النقد الدولي في مساعدتنا على اجتياز البيئة الصعبة الحالية، بوصفه مستشاراً موثوقاً به وداعماً لأطر السياسات القوية. ونؤكد من جديد التزامنا تجاه المؤسسة، ونتطلع إلى مناقشة مزيد من السبل التي تكفل استمرار الصندوق في العمل بمرونة وتركيز، بالتعاون مع الشركاء والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. ونؤكد من جديد تقديرنا لعمل الموظفين عالي الجودة وتفانيهم في دعم الأعضاء، ونواصل التشجيع على بذل مزيد من الجهود لتحسين التمثيل الإقليمي وتمثيل المرأة في مناصب الموظفين، وتمثيل المرأة في المجلس التنفيذي وفي المناصب القيادية في المجلس».