مصير «الناتو» بين ترمب وبايدن

هل نجح الرئيس الأميركي في إسكات المشككين؟

زعماء «الناتو» خلال انعقاد القمة في واشنطن في 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)
زعماء «الناتو» خلال انعقاد القمة في واشنطن في 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)
TT

مصير «الناتو» بين ترمب وبايدن

زعماء «الناتو» خلال انعقاد القمة في واشنطن في 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)
زعماء «الناتو» خلال انعقاد القمة في واشنطن في 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

تململ وقلق وترقب، حالات عكست مشاعر المسؤولين في حلف «الناتو»، الذين اجتمعوا هذا الأسبوع في العاصمة الأميركية واشنطن، في ذكرى تأسيس الحلف الـ75. فرغم الأجندة الحافلة للقمة التي تمحورت بشكل أساسي حول أوكرانيا، فإن التشنجات السياسية الأميركية في موسم الانتخابات الحامي والمتقلب خيّمت على أجوائها، وألقت بظلالها على فعالياتها، خصوصاً في ظل الأداء المثير للجدل للرئيس الأميركي جو بايدن في المناظرة الرئاسية، الذي أثار موجة من المخاوف المتعلقة بقدرته على المضي قدماً في السباق الرئاسي، وهزيمة خصمه ومؤرق نوم كثيرين في «الناتو»، دونالد ترمب، المعروف بمواقفه المتقلبة والمنتقدة للحلف.

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، ما إذا كان بايدن تمكّن من طمأنة المشككين وإثبات أنه أهل للقيادة الأميركية التي يحتاج إليها الحلف للاستمرار، وإلى أي مدى يؤثر شبح ترمب الحاضر الغائب على ثقة الحلف بالولايات المتحدة، إضافة إلى أبرز التحديات أمام الالتزام بأجندة القمة والحفاظ على مستقبل العلاقات الأميركية بالحلفاء.

بايدن مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

تعهدات الحلف الطموحة

يعتبر جيم تاونسند، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة «الناتو»، وكبير الباحثين في مركز الأمن الجديد أن قمة «الناتو» كانت «أكثر نجاحاً من التوقعات» ويفسر قائلاً: «كنا نخشى ألا تحظى أوكرانيا بالاهتمام الذي تحتاج إليه. كما أننا بدأنا نشعر بالقلق بشأن وضع بايدن ودونالد ترمب. لكننا الآن متفائلون جداً فيما يتعلق بأوكرانيا على وجه الخصوص». وذلك في ظل تعزيز المساعدات والدعم لكييف.

وتوافق نجلاء حبريري، محررة الشؤون الدولية في صحيفة «الشرق الأوسط» التي ترافق وفد «الناتو» الصحفي، مع تقييم تاونسند، فتعدد 3 قضايا أساسية ناقشتها القمة: «الأولى هي أوكرانيا؛ حيث جرى الإعلان عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية نوعية ومادية لكييف كطائرات (إف 16)، والثانية هي موضوع الردع والدفاع في (الناتو)؛ إذ جرى الإعلان عن استعداد 500 ألف من قوات (الناتو) لأي تدخل عسكري في حال تطلبت الحاجة، والثالثة هي التركيز على المحيط الهادئ والهندي، تحديداً الصين؛ إذ كانت هناك رسائل قوية جداً، موجهة لبكين بسبب دعمها روسيا في حربها ضد أوكرانيا».

من ناحيتها، تعتبر رايتشل ريزو، كبيرة الباحثين في مركز أوروبا في معهد «ذي أتلانتيك» أن «الهدف من عقد هذه القمة هو تجنب السيناريو الذي حدث العام الماضي في فيلنيوس في قمة (الناتو) عام 2023»، مشيرة إلى أن «الناتو» وأوكرانيا غادرا تلك القمة «محبطين» بسبب وجود فارق واضح بين ما أرادته أوكرانيا وما كان «الناتو» مستعداً لتقديمه. وتشير رايتشل ريزو إلى أن القمة الحالية كانت أفضل بكثير؛ إذ كان الجانبان متوافقين بشكل أفضل، مضيفة: «ما سوف نسمعه عند الحديث عن علاقة أوكرانيا المستقبلية مع حلف شمال الأطلسي هو أنه جرى إضفاء الطابع المؤسسي على دعم (الناتو) لأوكرانيا خلال القمة».

ترمب مع رئيس الوزراء المجري في مارالاغو في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

ترمب «مؤرق نوم» «الناتو»

ويشدد تاونسند على أهمية إضفاء هذا الطابع المؤسساتي على العلاقة بين كييف و«الناتو»، معتبراً أن هذا يعني أنه بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن حلف شمالي الأطلسي سيستمر في تقديم المساعدات لأوكرانيا، لكن تاونسند يحذر من استحالة توقع تصرفات ترمب في حال فوزه، قائلاً: «من الصعب للغاية التنبؤ بما سيفعله مع حلف شمال الأطلسي إن تم انتخابه، أو ما قد يفعله مع ألمانيا. فقد كانت لديه مشاكل مع ألمانيا عندما كان رئيساً، لكن أنغيلا ميركل لم تعد في الحكم بعد الآن، فهل سيتغيّر موقفه؟ لأن بعض خطواته كانت مبنية على الحالة المزاجية التي كان فيها، والصراعات الشخصية بينه وبين أنغيلا ميركل؛ لذلك علينا أن ننتظر ونرى».

وتوافق رايتشل ريزو مع تاونسند في تقييمه لترمب، مشيرة إلى أنه من الصعب جداً تكهن ماذا سيحدث في حال فوز ترمب «لأن الأمر يعتمد نوعاً ما على ما يشعر به في ذلك اليوم»، وذلك في إشارة إلى تقلب مزاجه. وتقول رايتشل ريزو: «من الواضح أن الحلفاء الأوروبيين يشعرون بالقلق بشأن ولاية ثانية لترمب وهم محقون في ذلك، لكنني أقول لهم، انظروا إلى السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، كان خطابه قاسياً ومثيراً للتوتر، لكنه لم ينسحب من (الناتو)، وقال إنه لن ينسحب من (الناتو) في حال انتخابه مجدداً، كما أن الأوروبيين زادوا من الإنفاق الدفاعي، وبدأوا يتحملون مزيداً من المسؤولية عن أمنهم القاري».

من ناحيتها، تقول نجلاء حبريري، التي غطت أعمال القمة من واشنطن، إنه كان من اللافت من خلال حديثها مع مسؤولين رفيعين في الحلف إعرابهم عن قلقهم من حالة عدم اليقين التي ترافق عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وتفسر قائلة: «لقد سُئل ينيس ستولتنبرغ (أمين عام الناتو) عشرات المرات حول هذه النقطة، وكان رده مؤلفاً من 3 عوامل، مؤكداً أن الالتزام الأميركي بـ(الناتو) مستمر وثابت. العامل الأول هو أن الولايات المتحدة تستفيد من (الناتو) كما أنه يستفيد من الولايات المتحدة. النقطة الثانية هي أن غضب ترمب وانتقاده لـ(الناتو) لم يكن موجهاً ضد الحلف بحد ذاته، وإنما لبعض الدول الأعضاء التي لم تكن تساهم بالـ2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في المساهمات الدفاعية لـ(الناتو). والنقطة الثالثة هو أن (الناتو) اليوم ليس هو (ناتو) الأمس. (الناتو) اليوم ضم بلدين جديدين، السويد وفنلندا. (الناتو) اليوم غالبية دول الأعضاء تساهم بالـ2 في المائة، لا بل بعض دول الأعضاء تجاوزت هذا الهدف. (الناتو) اليوم موحد بشكل أكبر، وقد رأيناه في هذه القمة».

بايدن خلال مؤتمر صحافي في اختتام قمة «الناتو» في 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

أداء بايدن و«العاصفة الصيفية»

ويعود سبب الحديث المتكرر عن عودة ترمب إلى البيت الأبيض إلى أداء بايدن المثير للجدل، خصوصاً بعد المناظرة الرئاسية الأولى، في وقت يواجه فيه الرئيس الأميركي دعوات متصاعدة للتنحي من قبل أعضاء حزبه. وقد سعى جاهداً للتصدي لها وإثبات أهليته خلال مشاركته في فعاليات القمة، وتقول رايتشل ريزو إن بايدن حاول إرسال رسالة إلى الحلفاء المتوترين وإلى الديمقراطيين والأميركيين بأنه مستعد للقيام بالمهمة الآن، وعلى مدى 4 سنوات أخرى، مشيرة إلى أنه نجح بذلك جزئياً خلال القمة، لكن هذا غير كافٍ، وتضيف: «إنه بحاجة إلى أن تتكرر تلك اللحظات الناجحة نسبياً مراراً وتكراراً خلال الأشهر الخمسة المقبلة. فلا يمكنه أن يتحمّل الأخطاء والزلات، إذ إنها أصبحت تسلط الضوء على قدرته على القيام بهذه المهمة وقدرته على الفوز». وتعتبر رايتشل ريزو أن بايدن لم يفعل ما يكفي لتهدئة المخاوف، مشيرة إلى استمرار موجة المطالبات له بالتنحي.

ويصف تاونسند الأجواء في واشنطن بـ«قرع الطبول»، مشيراً إلى أن الحديث عن عدم أهلية بايدن لم يتوقف بل يزداد تدريجياً. ويضيف: «إنها عاصفة صيفية، ونحن نشاهد الغيوم تتلبد». ويعتبر تاونسند أن على بايدن «أن يكون مثالياً في كل مرة بين اليوم ونوفمبر، محذراً من أن أي زلة ستكون لها آثار كبيرة، ويشدد تاونسند على أن القرار يعود لبايدن في تحديد مساره، مشيراً إلى أنه سيتأثر بعائلته، خصوصاً زوجته في اتخاذ هذا القرار، ويقول: «أما بالنسبة لكبار الديمقراطيين فعلينا بالانتظار»، محذراً من نفاد الوقت لاتخاذ قرار و«فوات الأوان للتغيير».


مقالات ذات صلة

روسيا: قد ننشر صواريخ نووية رداً على نشر أسلحة أميركية في ألمانيا

أوروبا صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لصاروخ «إسكندر» خلال تدريبات على الأسلحة النووية في مكان غير محدد بروسيا يوم 21 مايو 2024 (أ.ب)

روسيا: قد ننشر صواريخ نووية رداً على نشر أسلحة أميركية في ألمانيا

قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو لا تستبعد عمليات نشر جديدة لصواريخ نووية رداً على خطط أميركا لنشر أسلحة تقليدية بعيدة المدى في ألمانيا.

تحليل إخباري في عام 2018 أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطوير أسلحة لا تشملها معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية «ستارت 3» (رويترز)

تحليل إخباري الخبير الروسي مكسيم ستارشاك: بوتين سيواصل التصعيد النووي ضد الغرب

الحوار متوقف بشكل شبه كلي في السنوات الأخيرة بين موسكو وواشنطن للحد من أسلحة الدمار الشامل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا قادة دول حلف شمال الأطلسي خلال اجتماعهم في واشنطن الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى «الناتو» إعلان حرب

روسيا تعتبر انضمام أوكرانيا إلى الناتو إعلان حرب ضدها، وترفض التكهّنات بشأن نشوب حرب محتمَلة مع الغرب.

أوروبا الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف (أ.ب)

روسيا: تصرف «الناتو» بحكمة قد يمنع دمار الكوكب

قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف إن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو سيكون إعلان حرب على موسكو وإن إظهار الحلف الحكمة هو فقط ما قد يمنع دمار الكوكب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك عبر رابط فيديو في حفل إطلاق منشآت تعدينية جديدة في إقليم دونيتسك الاثنين (رويترز)

الكرملين لا يعارض اتصالات مع واشنطن... و«الناتو» يتحفظ على فكرة «المظلة الجوية»

قال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف: «لا يزال من الممكن إيجاد نقاط التقاء بين روسيا والولايات المتحدة رغم مرور العلاقات ين البلدين بمرحلة مواجهة حادة».

رائد جبر (موسكو)

معركة اختيار بديل لبايدن تشتعل

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته البيت الأبيض ليستقل المروحية الرئاسية في 15 يوليو (تموز) 2024 (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته البيت الأبيض ليستقل المروحية الرئاسية في 15 يوليو (تموز) 2024 (إ.ب.أ)
TT

معركة اختيار بديل لبايدن تشتعل

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته البيت الأبيض ليستقل المروحية الرئاسية في 15 يوليو (تموز) 2024 (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته البيت الأبيض ليستقل المروحية الرئاسية في 15 يوليو (تموز) 2024 (إ.ب.أ)

دخل السباق الرئاسي الأميركي منعطفاً مهماً، يوم الخميس، بعد زيادة ضغوط كبار الديمقراطيين لإقناع الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق، بعد إصابته بفيروس «كوفيد 19»، وسرت تكهنات أن يتم الإعلان عن هذا الانسحاب خلال ساعات أو أيام قليلة.

وانتشرت تقارير أن الرئيس بايدن بدأ يتقبل دعوات كبار الديمقراطيين، مثل نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب السابقة، والسيناتور تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، والرئيس الأسبق باراك أوباما، للانسحاب طواعية من السباق الرئاسي، خاصة بعد استطلاعات الرأي التي أشارت إلى تراجع حظوظه، والمخاوف من خسارة الديمقراطيين لبعض المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، إضافة إلى تراجع الدعم من كبار المانحين الذين جمدوا تبرعات تبلغ أكثر من 90 مليار دولار.

ومع تراجع الذعر الذي أصاب الديمقراطيون خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مع تقبل بايدن لفكرة الانسحاب من السباق الرئاسي، فإن الذعر ما زال مستمراً للبحث عن بديل قوي، يستطيع إنقاذ الحزب والديمقراطيين من هزيمة كبيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وتركزت الأضواء على عدة أسماء، تتقدم سباق الترشيحات كبديل للرئيس بايدن...

كامالا هاريس

ينظر الديمقراطيون إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس (59 عاماً) باعتبارها البديل الواضح والسهل لبايدن، خاصة أنها كانت وما زالت على بطاقة الاقتراع كنائبة للرئيس بايدن، ولن تواجه مشكلة في الاستفادة من الأموال التي جمعتها الحملة خلال الشهور الماضية.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

وتتنافس هاريس بقوة مع قائمة طويلة من الأسماء المرشحة كبديل لبايدن، مثل جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا، وغريتشين ويتمير حاكمة ميتشغان، وجوش شاببيرو حاكم بنسلفانيا، وأسماء أخرى.

ويبحث قادة الحزب الديمقراطي عن مرشح أصغر سناً، ويتمتع بالقدر الكافي من القبول الشعبي والمهارة الانتخابية، وأن يكون ليبرالياً لإرضاء التقدميين في الحزب، وفي الوقت نفسه جذب المعتدلين والمستقلين، والأهم هو القدرة على منافسة ترمب والتغلب عليه.

وأصبحت هاريس تتصدر النقاشات داخل أروقة الحزب الديمقراطي باعتبارها البديل الأفضل بين الأسماء المطروحة، والحجج التي ترفع أسهم هاريس إلى الصدارة حجج أخلاقية ومادية، فهي تتمتع بشرعية أكبر من بقية الأسماء المطروحة كونها نائبة الرئيس وتليه في خط الخلافة الرئاسية، كما سيكون لها الحق في الأموال التي جمعتها حملة بايدن الانتخابية وكل ما يتعلق بموظفي الحملة والتبرعات والمكاتب المختلفة، وهو ما يميز هاريس عن بقية الأسماء المطروحة الذين سيكون عليهم البدء من الصفر في جمع التبرعات.

وتتمتع هاريس بمصداقية في عملها على القضايا التي تبناها بايدن، مثل الرعاية الصحية والسياسة الضريبية والبنية التحتية، ولا تعوقها أسئلة العمر والقدرة العقلية التي يواجهها بايدن، كما أنها مثلت رأس الحربة في حملة بايدن للترويج لحق الإجهاض والرعاية الصحية للمرأة.

وقد يثير احتمال انتخاب أول رئيسة للولايات المتحدة حماس الناشطين في مجال حقوق المرأة. ويعد أمراً جذاباً في نظر النساء الناخبات، وقد يلهم وجود امرأة سوداء على بطاقة الحزب الديمقراطي الناخبين السود للإقبال على صناديق الاقتراع، خاصة في ولايات مهمة، مثل نورث كارولينا وبنسلفانيا وميتشغان ونيفادا.

ويرجح تيار واسع داخل الحزب الديمقراطي اختيار هاريس لتجنب حدوث اقتتال وانقسامات داخل الحزب. لكن هاريس ليست لديها شعبية واسعة داخل أوساط الحزب الديمقراطي، وتواجه اعتراضات وشكوك في ضعف قدراتها وخبرتها السياسية وإخفاقها في ملف السيطرة على الهجرة، وهو ما يستخدمه فريق ترمب الانتخابي بمهارة ضدها.

ويسود الحزب قلق من قدرتها على التغلب على المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

جافين نيوسوم

تتجه الأضواء إلى حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، البالغ من العمر 56 عاماً، أي أصغر من بايدن بربع قرن، وهناك إعجاب داخل الحزب بقدراته في التواصل مع الناخبين وحشد الدعم والتأييد، ونجاحه في إدارة ولاية كاليفورنيا التي تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم.

حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم (إ.ب.أ)

واجتذب نيوسوم الأنظار بعد فوزه الكبير عام 2022 لإعادة انتخابه، وقد قدّم نفسه على أنه يستطيع مواجهة الجمهوريين وتغلب بالفعل على رون دي سانتوس حاكم ولاية فلوريدا في إحدى المناظرات، كما أنه جعل كاليفورنيا ملاذاً للنساء الراغبات في الإجهاض بعد حظر ولايات أخرى هذا الإجراء، ولديه توجهات مؤيدة لسياسات بايدن في مجال حماية البيئة وتنظيم الهجرة غير الشرعية.

وينحدر نيوسوم من عائلة ثرية وتقلد منصب عمدة مدينة سان فرانسيسكو قبل أن يصبح حاكماً لولاية كاليفورنيا.

غريتشين ويتمير

حقّقت غريتشين ويتمير (52 عاماً) الديمقراطية من ولاية ميشيغان فوزاً كبيراً عام 2020 في هذه الولاية المتأرجحة، وجذبت الأنظار إليها كواحدة من 4 نساء وصلن إلى القائمة النهائية لشغل منصب نائب الرئيس قبل أن يختار بايدن نائبته كامالا هاريس.

غريتشين ويتمير (52 عاماً) حاكمة ولاية ميشيغان (أ.ب)

وتلقت ويتمر كثيراً من الثناء لقيامها بسنّ كثير من القوانين التقدمية في ولاية ميتشغان، مثل الإعفاءات الضريبية للعائلات الفقيرة وحماية المثليين وتطبيق إجراءات أكثر صرامة لمراقبة الأسلحة، وجعل السيارات في ديترويت صديقة أكثر للبيئة.

وفي عام 2020، واجهت مؤامرة من قبل متطرفين يمينيين خططوا لاختطافها، وبعد 9 أيام من إلقاء القبض على المتآمرين، عقد ترمب حشداً انتخابياً في ميتشغان وهاجمها وقاد هتافات تطالب بحبسها. وقد نجحت غريتشين ويتمير في استغلال إهانة ترمب لها حينما وصفها بـ«تلك المرأة في ميتشغان» إلى شعار رفع من مكانتها الوطنية.

ومثل حاكم كاليفورنيا، وضعت غريتشين ويتمير لنفسها مكانة خاصة لها بالدفاع عن الحقوق الإنجابية، وتمكنت من التغلب في سباق إعادة انتخابها عام 2022 على خصمها تيودور ديكسون الذي دعمه ترمب بقوة، ما زاد من جاذبيتها داخل أوساط الحزب الديمقراطي. ويقول مقربون منها إنها تفكر في الترشح للرئاسة عام 2028.

أسماء أخرى

هناك أسماء أخرى تتذبذب صعوداً وهبوطاً في بورصة الترشيحات، منها الحاكم ويس مور (ديمقراطي من ولاية ميريلاند) الذي يعد نجماً صاعداً في الحزب الديمقراطي بعد انتخابه حاكماً لولاية ميريلاند قبل عامين.

وقد تصدر عناوين الصحف الوطنية، وحصل على الثناء لاستجابته لانهيار جسر فرانسيس سكوت كي في بالتيمور في وقت سابق من هذا العام.

وتتجه الأنظار أيضاً إلى جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، وهي ولاية رئيسية تمثل ساحة معركة. ويتمتع شابيرو بنسبة تأييد عالية من كل من الديمقراطيين والجمهوريين.

وجد استطلاع أجرته «فيلادلفيا إنكويرر» و«نيويورك تايمز» وكلية «سيينا» في مايو (آيار) أن ما يقرب من ثلث الأشخاص الذين يخططون لدعم ترمب لديهم تقييم إيجابي للحاكم الديمقراطي.

ومن بين تلك الأسماء، اسم السيناتور مارك كيلي الديمقراطي من أريزونا، رائد الفضاء السابق وزوج النائبة السابقة غابي جيفوردز، الذي فاز بعضوية مجلس الشيوخ عام 2020 في ولاية أريزونا الجمهورية تقليدياً. ويقول المحللون إن قوته الانتخابية في ولاية أريزونا، وهي ولاية متأرجحة رئيسية، يمكن أن تساعد الحزب في كسب هذه الولاية.

ويقفز إلى القائمة أيضاً حاكم ولاية كنتاكي آندي بشير، وهو أحد الحكام الديمقراطيين القلائل في ولاية ذات أغلبية جمهورية. فاز بإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، على الرغم من تحدي مرشح جمهوري كان يعدّ نجماً صاعداً في الحزب.

وتدفع بورصة الترشيحات بأسماء أخرى من أعضاء حكومة بايدن، مثل وزير النقل بيت بوتيجيج ووزيرة التجارة جينا ريموندو.

ميشيل أوباما

تعد السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما هي الوجه الوحيد الذي لم يشغل أي منصب سياسي على الإطلاق، لكنها من الوجوه المرشحة بقوة، التي تظهر استطلاعات الرأي تفوقها بوضوح على المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

ووفقاً لاستطلاع، أجرته مؤسسة «إبسوس»، رجّح المشاركون فوز ميشيل أوباما على ترمب بنسبة 50 بالمائة، لكن السيدة الأولى السابقة أوضحت أنها غير مهتمة بالترشح للرئاسة.

ومن واقع التغيرات والمفاجآت في السياسة الأميركية، أن المؤكد أنه لا شيء مستبعد!