مفاوضات الإقرار بالذنب في «محاكمات سبتمبر» لا تزال جارية في غوانتانامو

مَطالب للقاضي بإلغاء عقوبة الإعدام

مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)
مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)
TT

مفاوضات الإقرار بالذنب في «محاكمات سبتمبر» لا تزال جارية في غوانتانامو

مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)
مدخل محكمة العدالة في معسكر غوانتانامو التي تنظر قضية المتهمين بـ«هجمات سبتمبر» (نيويورك تايمز)

حرصَ المدعي العام الرئيسي على إطلاع القاضي على تفاصيل المحادثات، في محاولةٍ منه لدحض الادعاء بأن أعضاء الكونغرس تدخلوا بشكل غير قانوني في المفاوضات.

قال المدعي العام الرئيسي للمحكمة في خليج غوانتانامو يوم الأربعاء، إن المدعين العامّين ومحامي الدفاع لا يزالون يتفاوضون بشأن صفقة إقرار بالذنب للمتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، على الرغم من رفض إدارة بايدن الموافقة على بعض الشروط المقترحة.

صورة مرسومة لخالد شيخ محمد المدبِّر الرئيسي للهجوم في محاكمات سبتمبر (نيويورك تايمز)

وناقش كلايتون تريفيت، المدعي العام، لأول مرة في جلسة علنية تفاصيل رئيسية للمفاوضات، قائلاً: «كل هذا يدور حولنا». وأضاف: «لقد اتفقنا على فعل أشياء معينة حول بعض الأمور، وما زالت المواقف التي اتخذناها في ذلك الوقت متاحة».

في مفاوضات سرية إلى حد كبير جرت بين عامي 2022 و2023، عرض المدّعون العامّون إسقاط عقوبة الإعدام من القضية مقابل اعترافات تفصيلية يدلي بها الرأس المدبِّر المزعوم، خالد شيخ محمد، وأربعة آخرون متهمون معه بالضلوع في عملية اختطاف الطائرات التي أودت بحياة ما يقرب من 3000 شخص. ومنذ ذلك الحين، حُكم على واحد من الرجال الخمسة بعدم أهليته العقلية للمحاكمة.

جاءت جلسة الإحاطة بناءً على طلب قانوني تقدم به محامو عمار البلوشي، أحد المتهمين وابن شقيق خالد شيخ محمد، يطلبون فيه من القاضي رفض القضية أو على الأقل إلغاء عقوبة الإعدام إثر تدخل سياسي حقيقي أو ظاهر من السيناتور تيد كروز، عضو الحزب الجمهوري عن ولاية تكساس، وأعضاء آخرين في الكونغرس خلال الصيف الماضي.

في أغسطس (آب) 2023، بدأ هؤلاء الأعضاء في الكونغرس في حث أقارب ضحايا الحادي عشر من سبتمبر، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على الضغط على الرئيس بايدن لإحباط أي صفقة تمنع عقوبة الإعدام.

في ذلك الوقت، كان البيت الأبيض يقرر ما إذا كان سيوافق على شروط معينة تم البحث عنها من خلال المحادثات، ومعظمها متعلق بتعويض الأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت بالمتهمين جراء التعذيب الذي تعرضوا له في السنوات الأولى من احتجازهم بمعزل عن العالم من وكالة الاستخبارات المركزية. وقالت ريتا جيه رادوستيتز، محامية البلوشي، إن كروز قام بعد ذلك بـ«جولة انتصار».

إدارة بايدن مستعدة لإبرام صفقة إقرار بالذنب

ونشر كروز على وسائل التواصل الاجتماعي يقول: «كانت إدارة بايدن مستعدة لإبرام صفقة إقرار بالذنب معهم». وأضاف: «بعد أن ضغطت على وزارة الدفاع، تراجعوا عن مسارهم ورفضوا صفقة الإقرار بالذنب. كان فوزاً كبيراً للعدالة».

لكنّ كلاً من محامي الدفاع والادعاء العام أبلغا القاضي يوم الأربعاء، أن موقف البيت الأبيض لم يعرقل المحادثات.

عندما تدخل كروز، كان محامو الدفاع «يعملون مع الادعاء لتبسيط جميع إجراءات التقاضي لعرض تدقيق كامل لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والإجابة عن جميع أسئلة أفراد عائلات الضحايا بشأن ما حدث» في جلسة علنية، حسب غاري، محامي خالد شيخ محمد.

وأضاف أنه في أي صفقة، سيتم رفع عقوبة الإعدام عن الطاولة وإجراء محاكمة صغيرة وبث وقائع الهجوم. يسعى المتهمون إلى الحصول على ضمانات لمنع إصابات الرأس والأضرار المعوية والأمراض العقلية التي تعرضوا لها خلال فترة احتجازهم من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية؛ والاستمرار في تناول الطعام وأداء صلاة الجماعة، بدلاً من احتجازهم في الحبس الانفرادي؛ وتحسين التواصل مع عائلاتهم بدلاً من الاكتفاء بمكالمات الفيديو المسجلة.

لكنَّ تريفين قال إن هذه المطالب، التي تسمى «المبادئ السياسية»، تتطلب بنية تحتية وتمويلاً وموافقة من السلطة التنفيذية. لذلك حوَّلها إلى المستشار العام لوزارة الدفاع بينما كان فريقه يتفاوض سراً حول كيفية تنفيذ اتفاقية الإقرار بالذنب في محكمة غوانتانامو.

وقال إن الكونغرس لديه مصالح مشروعة في هذا الجانب من المفاوضات لأن بعض الضمانات ستتطلب تمويلاً -والكونغرس هو من يقرر ميزانية البنتاغون.

وقال سووردز إن التسوية التفاوضية في غوانتانامو لا تشبه التسوية في المحكمة الفيدرالية، حيث يأتي المتهم للإقرار بالذنب ويحكَم عليه دون محاكمة.

معسكر «جاستس» حيث تُعقد محاكمات السجناء (نيويورك تايمز)

اللجان العسكرية لعدة أشهر

وأضاف سووردز أن هذه المفاوضات بين محامي الادعاء والدفاع كانت تسير نحو عملية طويلة في محكمة مفتوحة تتضمن إقراراً مفصلاً وعرض الجريمة وشهادة الضحايا وربما فرصة لأفراد العائلات للقاء المتهمين والإجابة عن أسئلتهم.

في اللجان العسكرية، يمكن أن تستمر هذه العملية لعدة أشهر. وقد أخبر تريفين القاضي بأن عدد أقارب ضحايا الاعتداءات يقدَّر بنحو 20 ألف شخص، ولا يوجد اتفاق «بشأن تعريف العدالة في هذه القضية وماهية العقوبة المناسبة». وتعد هذه الجلسة نادرة، إذ لم يحضر سوى قريب واحد في الشرفة المخصصة للحضور.

وقالت كولين كيلي، التي قُتل شقيقها بيل في مركز التجارة العالمي: «أنا سعيدة لسماع أنهم ما زالوا يتحدثون، وأن هناك انفتاحاً على التوصل إلى حل معقول يسدل ستار النهاية لجميع المعنيين».

وقالت إنها تقصد بـ«الجميع» عائلات «الحادي عشر من سبتمبر»، والادعاء، ومحامي الدفاع، الذين تحمَّل بعضهم هذه المسؤولية منذ عقدين. حضرت كيلي، مؤسِّسة حركة «أسر الحادي عشر من سبتمبر من أجل غدٍ مسالم» إلى غوانتانامو يوم السبت، جلسات الاستماع بصفتها مراقبة «غير حكومية» معتمَدة من المحكمة، على مدار أسبوع كامل.

ويعدّ هذا هو الأسبوع الثالث من جلسات ما قبل المحاكمة التي تستمر خمسة أسابيع. وفي الواقع، لم يدعُ المدعون أياً من أفراد العائلات كمراقبين ضيوف.

يمكن احتجاز خالد شيخ محمد إلى الأبد

والشهر الماضي، عندما كان أفراد العائلات يشاهدون الإجراءات، أخبر مدعٍّ عامٌّ آخر القاضي أنه بغضّ النظر عن نتيجة محاكمتهم، يمكن احتجاز خالد شيخ محمد والآخرين إلى الأبد، في شكل من أشكال الاحتجاز الوقائي. وكشف تريفين عن تفاصيل المحادثات المستمرة قائلاً إنه لم يكن هناك أي تأثير غير قانوني على فريقه. وقال: «لم يهددني أحد»، مضيفاً أنه لم يتعرض لضغط «لعدم التفاوض للوصول إلى ما تُعدّ نتيجة عادلة». ويوم الأربعاء، قال دارين ميلر، المتحدث باسم كروز، إن السيناتور سيواصل جهوده.

وقال ميلر: «خلال فترة عمله في مجلس الشيوخ، قاد السيناتور كروز جهوداً لمكافحة الإرهابيين، بدءاً من الحوثيين الذين تسيطر عليهم إيران ومروراً بـ(القوات المسلحة الثورية الكولومبية) وانتهاء بحركة (حماس)، بالإضافة إلى الدعوة ضد صفقات الإقرار بالذنب للإرهابيين المتهمين بالتخطيط لـ(11 سبتمبر)، مضيفاً أنه سيواصل هذا الجهد».

* «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

انتقادات لبلينكن بعد تقرير عن جلسات علاجية لموظفين عقب فوز ترمب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
TT

انتقادات لبلينكن بعد تقرير عن جلسات علاجية لموظفين عقب فوز ترمب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

انتقد نائب جمهوري من ولاية كاليفورنيا، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بعد أن وردت أنباء عن أن الوزارة عقدت جلسات علاجية للموظفين الذين انزعجوا من فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات.

وقال النائب داريل عيسى، في رسالة إلى بلينكن، الأسبوع الماضي: «أنا قلِق من أن الوزارة تلبي احتياجات الموظفين الفيدراليين الذين (دمّرهم) الأداء الطبيعي للديمقراطية الأميركية، من خلال توفير المشورة الصحية العقلية المموَّلة من الحكومة؛ لأن كامالا هاريس لم تُنتخب رئيسة للولايات المتحدة».

تأتي الرسالة بعد تقريرٍ نشره موقع «فري بيكون»، في وقت سابق من هذا الشهر، والذي زعم أن جلستين علاجيتين عُقدتا في وزارة الخارجية بعد فوز ترمب، حيث أخبرت مصادر الموقع أن إحدى هذه الحالات كانت بمثابة «جلسة بكاء».

ووفق ما نقلت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد جرى إرسال بريد إلكتروني إلى موظفي الخارجية الأميركية لـ«ندوة عبر الإنترنت ثاقبة منفصلة نتعمق فيها في تقنيات إدارة الإجهاد الفعّالة لمساعدتك على التنقل في هذه الأوقات الصعبة»، بعد فوز ترمب.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ووفقاً لرسالة البريد الإلكتروني: «التغيير ثابت في حياتنا، لكنه غالباً ما يؤدي إلى التوتر وعدم اليقين، انضم إلينا في ندوة عبر الإنترنت ثاقبة نتعمق فيها في تقنيات إدارة الإجهاد الفعّالة لمساعدتك على التنقل في هذه الأوقات الصعبة. ستوفر هذه الجلسة نصائح واستراتيجيات عملية لإدارة الإجهاد والحفاظ على صحتك».

وفي رسالته إلى بلينكن، زعم عيسى أن الجلسات المبلَّغ عنها كانت «مزعجة»، وأن «المسؤولين الحكوميين غير الحزبيين» ينبغي ألا يعانوا «انهياراً شخصياً بسبب نتيجة انتخابات حرة ونزيهة».

وبينما أقر النائب الجمهوري بأن الصحة العقلية لموظفي الوكالة مهمة، فقد تساءل عن استخدام أموال دافعي الضرائب لتقديم المشورة لأولئك المنزعجين من الانتخابات، مطالباً بإجابات حول عدد الجلسات التي جرى إجراؤها، وعدد الجلسات المخطط لها، ومقدار تكلفة الجلسات على الوزارة.

كما أثار عيسى مخاوف من أن الجلسات قد تثير أيضاً تساؤلات حول استعداد بعض موظفي وزارة الخارجية لتنفيذ رؤية ترمب الجديدة لـ«الخارجية» الأميركية.

وذكرت الرسالة: «إن مجرد استضافة الوزارة هذه الجلسات يثير تساؤلات كبيرة حول استعداد موظفيها لتنفيذ أولويات السياسة القانونية التي انتخب الشعب الأميركي الرئيس ترمب لملاحقتها وتنفيذها».

وتابع النائب الأميركي: «إن إدارة ترمب لديها تفويض بالتغيير الشامل في ساحة السياسة الخارجية، وإذا لم يتمكن ضباط الخدمة الخارجية من متابعة تفضيلات الشعب الأميركي، فيجب عليهم الاستقالة والسعي إلى تعيين سياسي في الإدارة الديمقراطية المقبلة».