بايدن يلقي خطاب حالة الاتحاد وسط شكوك متزايدة حول صحته الذهنية

 الرئيس الأميركي أمام اختبار لقدراته ونفوذ إدارته في الضغط على إسرائيل

الرئيس جو بايدن يتحدث خلال زيارته لنقطة حدودية بين أميركا والمكسيك في 29 فبراير 2024 (رويترز)
الرئيس جو بايدن يتحدث خلال زيارته لنقطة حدودية بين أميركا والمكسيك في 29 فبراير 2024 (رويترز)
TT

 بايدن يلقي خطاب حالة الاتحاد وسط شكوك متزايدة حول صحته الذهنية

الرئيس جو بايدن يتحدث خلال زيارته لنقطة حدودية بين أميركا والمكسيك في 29 فبراير 2024 (رويترز)
الرئيس جو بايدن يتحدث خلال زيارته لنقطة حدودية بين أميركا والمكسيك في 29 فبراير 2024 (رويترز)

أمضى الرئيس الأميركي، جو بايدن، عطلة الأسبوع الماضي، مجتمعاً مع أقرب مستشاريه في منتجع كامب ديفيد لصياغة خطابه عن حالة الاتحاد، الذي يلقيه يوم الخميس أمام مجلسي النواب والشيوخ.

ويشكل هذا الخطاب تحدياً للرئيس بايدن في مواجهة المخاوف بشأن قدراته الذهنية والبدنية وعمره المتقدم، وهو العامل الرئيسي الذي تكشف استطلاعات الرأي أنه سبب تزايد قلق الناخبين من قدرة الرئيس البالغ 81 عاماً على تولي مهام منصب الرئيس لولاية ثانية. ويأتي الخطاب بعد يومين من انتخابات الثلاثاء الكبير، وقد يعدّ ذلك فرصة للرئيس بايدن لتعزيز مكانته السياسية.

بايدن خلال لقاء لتوضيح خطواته لمحاربة الجريمة بالبيت الأبيض في 28 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

تحديات

تلقي الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والحرب الروسية على أوكرانيا، بظلالهما على الخطاب الثالث لبايدن، حيث يواجه معدلات تأييد متراجعة في تعامل إدارته مع الحربين وشكوكاً في تضاءل نفوذ أميركا، إضافة إلى التهديدات التي يشكّلها تقدم الرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات، والاحتمالات القوية لمباراة عودة، ومواجهة بينهما في الانتخابات الرئاسية.

وقال مسؤولو البيت الأبيض إن خطاب بايدن سيتطرق إلى قضايا داخلية، تتعلق بالوضع الاقتصادي وتراجع معدلات التضخم، وتزايد فرص التوظيف، وحماية الديمقراطية وقضايا الهجرة وحقوق الإجهاض، وإنجازات الإدارة في مجال القروض الطلابية ومكافحة التغير المناخي، كما يتعرض للقضايا الخارجية، خاصة ما يتعلق بالحرب الروسية في أوكرانيا، والعلاقات مع حلف الناتو، وأيضاً الحرب بين إسرائيل و«حماس»، مع تصاعد ضغوط التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي لبذل مزيد من الضغوط الأميركية على إسرائيل، لإحداث تغيير في مسارات الحرب.

قمة مبنى الكابيتول كما تظهر من قاعدة نصب واشنطن خلال صباح ممطر الثلاثاء (أ.ب)

وشدّد المسؤولون على أن الرئيس بايدن سيسلط الضوء على القائمة الطويلة من الإنجازات التي تحققت خلال سنوات ولايته، مؤكدين أن هذه الإنجازات تعكس قدراته الذهنية وتمتعه بالقدرات اللازمة للقيام بمهمته.

مطالب الديمقراطيين

يرى الديمقراطيون أن خطاب حالة الاتحاد سيمثل لحظة مهمة لبايدن لتهدئة المخاوف حول قدراته البدنية والذهنية. وقال النائب رو خانا، الديمقراطي من كاليفورنيا، إن على بايدن أن يقدم رسالة واضحة عما سيقوم به في ولايته الثانية لتحسين الاقتصاد ومساعدة الطبقة العاملة.

وفي ظل احتمالات عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بحلول الخميس، يدعو تيار التقدميين في الحزب الديمقراطي الرئيس بايدن إلى استخدام الخطاب المتلفز لتجديد الدعوة إلى وقف التصعيد والضغط علناً على إسرائيل لوضع حدّ للأزمة الإنسانية الكارثية في غزة.

بايدن يلقي كلمة في مركز لرعاية قدامى المحاربين بمدينة سولت لايك في 10 أغسطس 2023 (أ.ب)

وقالت النائبة الديمقراطية، ألكساندرا كورتيز، إن على الرئيس بايدن استخدام خطاب الاتحاد للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار. وأوضحت أن هذه الرسالة العلنية لإسرائيل ستكون الطريقة الفضلى للتواصل مع الناخبين الأميركيين الغاضبين والشباب الذين ينتقدون انحياز الإدارة لصالح إسرائيل.

وطالب أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الرئيس بايدن بتسليط الضوء على جهود إدارته من أجل وقف إطلاق النار في غزة، ومساعدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وأن يطالب الجمهوريين بتمرير المساعدات بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا، وأن يلقي بالكرة في ملعب الجمهوريين فيما يتعلق بتشديد الضوابط على الحدود الجنوبية، ومعالجة الزيادة في أعداد المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني.

ويتعرض بايدن لانتقادات قاسية من الجمهوريين في قضايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية ومعالجة قضية الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى الانتقادات حول الحرب الروسية في أوكرانيا والحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

ويقول المحللون إن جانباً كبيراً من محاولات بايدن للفوز بولاية ثانية يعتمد على أدائه ومدى قوة رسالته للداخل والخارج، فلا تزال استطلاعات الرأي تشير إلى انخفاض شعبيته وتقدم ترمب عليه في 7 ولايات حاسمة في السباق الانتخابي (أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وميشيغان ونورث كارولينا ونيفادا وويسكونسن)، حيث يفضل الناخبون في تلك الولايات الرئيس السابق ترمب بنسبة 48 بالمائة مقابل 43 بالمائة لبايدن، وفقاً لاستطلاع مورنينغ كونسيل مع وكالة «بلومبرغ».

وقد أظهر استطلاع للرأي لوكالة «أسوشيتد برس» أن نسبة كبيرة من الأميركيين لديها شكوك بشأن القدرات الذهنية للرئيس بايدن، البالغ من العمر 81 عاماً، وأشار 6 من كل 10 أميركيين (بما يمثل 63 بالمائة) إلى أنهم ليسوا واثقين في قدرة بايدن العقلية على الاستمرار في العمل بفاعلية كرئيس، بينما قال 57 بالمائة إن ترمب يفتقر لحدة الذاكرة.

الرد الجمهوري على الخطاب

ستقوم السيناتورة كاتي بريت (الجمهورية من ولاية ألاباما) بتقديم الردّ الجمهوري على خطاب بايدن. وقد اختار الحزب الجمهوري السيناتورة بريت (42 عاماً)، التي تعد أصغر أعضاء الكونغرس، لتلميع صورة حزبهم المسنّ، الذي يهيمن عليه الذكور.

وقالت بريت، في بيان: «إن الحزب الجمهوري هو حزب الآباء والأسر الذين يعملون بجد، وأنا أتطلع إلى وضع هذا المنظور النقدي في المقدمة والوسط». وأضافت: «ليس هناك شك في أن رئاسة الرئيس بايدن الفاشلة جعلت أميركا أضعف وأكثر عرضة للخطر عند كل منعطف. في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ بلادنا، حان الوقت للجيل القادم لتعزيز الحلم الأميركي والحفاظ عليه لأطفالنا وأحفادنا».


مقالات ذات صلة

رئيس مجلس النواب الأميركي يرفض قول إن ترمب خسر انتخابات 2020

الولايات المتحدة​ مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأميركي (رويترز)

رئيس مجلس النواب الأميركي يرفض قول إن ترمب خسر انتخابات 2020

تجاهل الجمهوري مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأميركي، سؤالاً، الأحد، عما إذا كان قد قبل بخسارة دونالد ترمب أمام الرئيس الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)

نيفادا... «ولاية الفضّة» التي تحمل الرؤساء الأميركيين إلى البيت الأبيض

ارتدت نيفادا، المعروفة بـ«ولاية الفضّة» لأهمية هذا المعدن في اقتصادها، مرات اللون الأحمر الجمهوري، ومرات أخرى الأزرق الديمقراطي.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه البلاد سيلاً من المعلومات الزائفة، وأكثر ما يخشاه الناخبون التضليل الإعلامي الصادر عن السياسيين أنفسهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته ميلانيا (د.ب.أ)

ميلانيا ترمب: لا أتفق مع كل قرارات زوجي

كشفت ميلانيا ترمب في مذكراتها الجديدة أنها لا تتفق مع كل قرارات زوجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

احتشد أنصار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، لحضور تجمع انتخابي في الموقع نفسه الذي نجا فيه المرشح الجمهوري من رصاصة كادت تقتله.

«الشرق الأوسط» (بيتسبرغ (الولايات المتحدة))

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
TT

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)

قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه الولايات المتحدة سيلاً من المعلومات الزائفة في الحملة الانتخابية؛ بين المواقع الإخبارية «الزائفة» التي أنشأتها روسيا وإيران، وانتشار الصور المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي... وغيرهما، لكن أكثر ما يخشاه الناخبون هو التضليل الإعلامي الصادر عن السياسيين أنفسهم.

وقال الأستاذ في جامعة نيويورك، جوشوا تاكر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بالنظر إلى 2024، فإن «المعلومات الزائفة التي نُشرت على نطاق واسع؛ إما صادرة عن سياسي، وإما جرى تضخيمها من قبله».

وذكرت دراسة نشرها موقع «أكسيوس»، الأسبوع الماضي، أن 51 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن السياسيين؛ نساء ورجالاً، الذين ينشرون معلومات مضللة، هم مصدر قلقهم الرئيسي.

كما أظهرت أن 35 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعدّون أن «شركات التواصل الاجتماعي لم تستطع الحد من المعلومات المضللة» وأن «الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتضليل الناس».

كما يشعر نحو 30 في المائة بالقلق من نشر الحكومات الأجنبية معلومات زائفة.

عصر «الشك الكبير»

وقال رئيس المعهد الذي أجرى الاستطلاع، جون جيرزيما: «خلال الانتخابات السابقة، كان ثمة خوف دائم من التضليل والتدخل الآتي من الخارج».

وأثار تداول سيل من الصور المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يسميه الباحثون «عصر الشك الكبير»، الذي تراجعت فيه الثقة بالمعلومات المتداولة عبر الإنترنت.

كما دفعت المخاوف المتصاعدة من قدرات الذكاء الاصطناعي بالسياسيين إلى التشكيك في المعلومات المثبتة.

فعلى سبيل المثال، اتهم المرشح الجمهوري دونالد ترمب، دون تقديم أي دليل، منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل صورة ليبدو عدد الحضور أكبر.

ويتناقض تأكيده بشكل كبير مع الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» الموجودون في المكان، ومع حديث الخبراء الذين التقتهم «الوكالة» كذلك.

وأوضح تاكر: «بدأ الناس تقبل انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي»، مضيفاً أن «السياسيين يعرفون ذلك، وبالتالي يملكون خيار محاولة التنصل من الأمور الحقيقية ووصفها بأنها من إنتاج الذكاء الاصطناعي».

«تشويه الحقيقة»

في الأشهر الأخيرة، تحقق فريق تقصي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» من ادعاءات كاذبة عدة تتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية؛ من بينها تصريحات من ترمب وجاي دي فانس؛ مرشحه لمنصب نائب الرئيس، مفادها بأن المهاجرين الهايتيين في أوهايو (شمال) يأكلون القطط والكلاب. وحتى تلك التي تؤكد فيها هاريس أن الرئيس الجمهوري السابق ترك للديمقراطيين «أسوأ مستوى بطالة منذ الكساد الكبير».

وفي استطلاع «أكسيوس»، أعرب 8 ناخبين من أصل 10 عن قلقهم من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وأشار أكثر من نصفهم إلى أنهم غير مكترثين بالسياسة؛ لأنهم «لا يعرفون ما الحقيقة».

ويساور القلق الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين والمستقلين على حد سواء.

لكن السياسيين نادراً ما يواجهون تداعيات قضائية، وذلك بسبب حرية التعبير التي يضمنها الدستور الأميركي والأحكام القضائية المتعددة، وفق خبراء.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بات الانضباط أداة لمكافحة التضليل. لكنه تعرض بدوره لانتقادات المحافظين الذين يعدّونه رقابة.

وقال الأستاذ في جامعة سيراكيوز، روي غوترمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في كل دورة انتخابية، يساورنا القلق نفسه: هل يقول المرشحون الحقيقة؟».

وأضاف: «باستثناء عدم انتخابهم (...) لا تترتب عواقب حقيقية على المرشحين الذين يشوهون الحقيقة؛ سواء بالكذب حول إنجازاتهم، وانتقاد منافسيهم دون دليل».