مسؤول أميركي يستقيل احتجاجاً على «الدعم الأعمى» لإسرائيل

رد إدارة بايدن على حرب غزة «متهور» ويدل على «إفلاس فكري»

الرئيس جو بايدن يتحدث مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسية أثناء توقفها للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا في طريق عودته من إسرائيل إلى واشنطن (أ.ب)
الرئيس جو بايدن يتحدث مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسية أثناء توقفها للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا في طريق عودته من إسرائيل إلى واشنطن (أ.ب)
TT

مسؤول أميركي يستقيل احتجاجاً على «الدعم الأعمى» لإسرائيل

الرئيس جو بايدن يتحدث مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسية أثناء توقفها للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا في طريق عودته من إسرائيل إلى واشنطن (أ.ب)
الرئيس جو بايدن يتحدث مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسية أثناء توقفها للتزود بالوقود في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا في طريق عودته من إسرائيل إلى واشنطن (أ.ب)

استقال مدير الشؤون العامة والكونغرس لدى مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية الأميركية، جوش بول، من منصبه احتجاجاً على قرار إدارة الرئيس جو بايدن مواصلة «الدعم الأعمى»، عبر شحنات الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل، التي تواصل حصارها على غزة.

واتخذ جوش بول قراره الاستقالة في ضوء تبني الرئيس بايدن لما تقوم به إسرائيل منذ مهاجمة «حماس» للمستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإيقاع ما يزيد على 1400 قتيل، بالإضافة إلى احتجاز نحو 200 شخص آخرين، فضلاً عن سعي بايدن إلى طلب 10 مليارات دولار لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل.

وكتب جوش بول الذي كان يشرف لـ11 عاماً من موقعه في وزارة الخارجية على عمليات نقل الأسلحة الأميركية على منصة «لينكد إن» أن «الدعم الأعمى لجانب واحد» من إدارة بايدن يؤدي إلى قرارات سياسية «قصيرة النظر، ومدمرة، وغير عادلة، ومتناقضة مع القيم ذاتها التي نعتنقها علناً». وأضاف أن «رد إسرائيل، والدعم الأميركي لهذا الرد، والوضع الراهن للاحتلال، لن تؤدي إلا إلى معاناة أكبر وأعمق لكل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني»، معبراً عن خشيته من تكرار «الأخطاء التي ارتكبناها في العقود الماضية». وأعلن أنه يرفض أن يكون «جزءاً منها لفترة أطول». وكتب أن رد الإدارة «متهور» ويدل على «إفلاس فكري».

عناصر الدفاع المدني تجلي شاباً جرى إنقاذه من ركام بناية طالها القصف الإسرائيلي في خان يونس بجنوب غزة (أ.ف.ب)

الأسلحة الأميركية

وأبلغ بول وسائل الإعلام الأميركية بأن قطع إسرائيل للمياه والغذاء والرعاية الطبية والكهرباء عن غزة، التي يبلغ عدد سكانها مليونين و300 ألف نسمة، يجب أن يقود إلى توفير الحماية في عدد من القوانين الفيدرالية الموجودة منذ فترة طويلة، التي تهدف إلى عدم استخدام الأسلحة الأميركية من منتهكي حقوق الإنسان، موضحاً أن هذه الحواجز القانونية تفشل. وقال إن «المشكلة في كل هذه الأحكام أنها تقع على عاتق السلطة التنفيذية التي تقرر حصول انتهاكات لحقوق الإنسان»، مضيفاً أن «اتخاذ القرار لا يقع على عاتق كيان أكاديمي غير حزبي، وليس هناك حافز للرئيس لتحديد أي شيء فعلياً».

وعبر جوش بول عن عدم رضاه أيضاً لأن الحكومة الأميركية توافق على العديد من مبيعات أو شحنات الأسلحة إلى دول أخرى، حتى عندما يسود اعتقاد بأن القانون الفيدرالي كان يجب أن يمنعها من المضي في ذلك. وقال إنه «فيما يتعلق بكل هذه الأمور، هناك لحظة حيث يمكنك أن تقول: حسناً، حسناً، كما تعلمون، الأمر خارج عن يدي، لكني أعلم أن الكونغرس سيعارض ذلك»، من خلال إصدار قرار بتعليق عملية النقل أو استجواب المسؤولين في جلسات الاستماع في الكابيتول. وأضاف: «لكن في هذه الحالة، لا يوجد أي رد فعل كبير من الكونغرس، ولا توجد أي آلية إشراف أخرى، ولا يوجد أي منتدى آخر للنقاش، وهذا جزء مما دخل في عملية صنع القرار».

جانب من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

تفويض مطلق

وكذلك رأى أن الاستمرار في إعطاء إسرائيل ما وصفه بأنه «تفويض مطلق لقتل جيل من الأعداء، فقط لخلق جيل جديد، لا يخدم مصالح الولايات المتحدة في نهاية المطاف». وأكد أن «ما يؤدي إليه ذلك هو هذه الرغبة في فرض الأمن بأي ثمن، بما في ذلك التكلفة التي يتحملها السكان المدنيون الفلسطينيون (...) وهذا لا يؤدي في النهاية إلى الأمن». وقال أيضاً: «أعتقد أن هذه الإدارة تعرف بشكل أفضل وتفهم بعض التعقيدات، لكنها لم تضف سوى القليل جداً من هذا الفارق الدقيق على القرارات السياسية التي تُتخَذ».

وكشف جوش بول أنه منذ أن نشر استقالته على الإنترنت الأربعاء تلقى دعماً كبيراً من زملائه في وزارة الخارجية وموظفي الكونغرس. وقال إن «الكثير من الناس يتصارعون مع هذه السياسة الحالية ويجدونها مشكلة كبيرة (...). تأثرت حقاً ببعض الأشخاص الذين تواصلوا معي ليقولوا إنهم يتفهمون ما قمت به. إنهم يحترمون قراري. لقد كانت داعمة للغاية».


مقالات ذات صلة

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص نازحون فلسطينيون من بيت لاهيا خلال انتقالهم إلى جباليا في شمال قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

خاص شتاء صعب ينتظر أهالي غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية

يستقبل سكان قطاع غزة فصل الشتاء الثاني على التوالي، في ظل ظروف صعبة وكارثية في السنة الثانية للحرب الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يمشون على أنقاض مبانٍ دمرت بغارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس في جنوب قطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 7 بغارة إسرائيلية على مقهى غرب خان يونس جنوب قطاع غزة

قال مسعفون، اليوم (الاثنين)، إن سبعة أشخاص على الأقل قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مقهى غرب خان يونس بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مؤتمر صحافي عقب القمة (رويترز)

آلية عربية - إسلامية - أفريقية لدعم القضية الفلسطينية

وقّعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي على آلية ثلاثية لدعم القضية الفلسطينية.

غازي الحارثي (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه محمد مصطفى في الرياض (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان يبحث مع مصطفى وبوحبيب تطورات فلسطين ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان مع محمد مصطفى الجهود المبذولة بشأن مستجدات غزة، كما تطرق وبوحبيب إلى التطورات الراهنة على الساحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

قاضي «أموال الصمت» يؤجل حكمه بشأن إدانة الرئيس المنتخب

الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

قاضي «أموال الصمت» يؤجل حكمه بشأن إدانة الرئيس المنتخب

الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أرجأ القاضي خوان ميرشان، المشرف على المحاكمة الجنائية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في نيويورك، إصدار حكم في القضية الجنائية التي أدين فيها بدفع أموال لممثلة أفلام إباحية مقابل سكوتها، وهي القضية التي عرفت إعلامياً بـ«أموال الصمت».

ووافق القاضي صباح الثلاثاء على التأجيل إلى 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، للنظر في كيفية المضي قدماً مع الوضع الجديد لترمب بصفته رئيساً منتخباً. وكان من المقرر أن يصدر القاضي قراره، ومعرفة ما إذا كان بالإمكان إلغاء الإدانة في القضية بسبب قرار المحكمة العليا بشأن حصانة الرئيس، فيما أعلنت النيابة العامة أنها بحاجة إلى الوقت لتقييم الخطوات التالية بعد انتخاب ترمب لولاية ثانية.

وقد أدين ترمب في مايو (أيار) الماضي في 34 تهمة جنائية تتعلق بدفع أموال، و«التحايل بشأن وثائق مالية». وفي تلك القضية نفى ترمب ادعاء الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز، وأكد أنه لم يرتكب أي خطأ، وندد بحكم المحلفين بإدانته، وعدّ القضية برمتها ذات دوافع سياسية تهدف إلى الإضرار بحملته الانتخابية وعرقلة تقدمه للوصول إلى البيت الأبيض.

رسم فني للمدعية سوزان هوفينغر وهي تسأل ستورمي دانييلز أمام القاضي خوان ميرشان والرئيس الأميركي السابق حينها دونالد ترمب بمحكمة ولاية مانهاتن يوم 7 مايو 2024 (رويترز)

وكان من المقرر إصدار الحكم على ترمب في 26 نوفمبر الحالي، لكن هذا التاريخ أصبح مؤجلاً، وليس من الواضح إلى متى، أو ما إذا كان القاضي سيمضي قدماً في الحكم.

خيارات القاضي

وكانت هناك خيارات عدة أمام القاضي ميرشان: إما تأييد حكم «إدانة ترمب بدفع أموال للممثلة الإباحية ستورمي دانييلز»، وإما رفض الاتهام بالكامل وإلغاء الإدانة ورفض الحكم، خصوصاً في ظل قرار المحكمة الأميركية العليا خلال يوليو (تموز) الماضي منح الرؤساء حصانة واسعة من الملاحقة الجنائية. وكان أمام القاضي أيضاً أن يقضي بمحاكمة جديدة قد تستغرق أكثر من 4 سنوات حتى يغادر ترمب منصبه.

ويعدّ هذا التأجيل هو الثالث في هذه القضية، فقد سبق أن أصدر القاضي ميرشان قرارين، خلال الشهور الماضية، بتأجيل الحكم «لتجنب أي مظهر» بأنه يحاول التأثير على الانتخابات.

وقد ظل فريق محامي ترمب يكافحون منذ أشهر لإلغاء إدانته بهذه القضية الشهيرة في نيويورك. ويجادل خبراء القانون بأن الحصانة من الملاحقة القانونية، التي منحتها المحكمة العليا، تنحصر فقط في الأعمال التي يؤديها الرئيس الأميركي بوصفها جزءاً من عمله. ويشيرون إلى أن ترمب في عام 2016 كان مواطناً أميركياً يخوض حملة انتخابية للرئاسة، لكنه لم يكن منتخباً بعد، ولم يقسم اليمين. ويجادل محامو ترمب بأنه كان رئيساً في عام 2018 حينما بدأت هذه القضية واعترف خلالها مايكل كوهين (محامي ترمب آنذاك) بأن المبالغ المدفوعة لدانييلز دُوّنت في سجلات ترمب بوصفها نفقات قانونية.

الحصانة

ويؤكد المدعون العامون أن إدانة ترمب ارتكزت على أفعال غير رسمية وسلوك شخصي، وأن ذلك لا يوفر له الحصانة التي حكمت بها المحكمة العليا. ولم تحدد المحكمة العليا توصيفاً دقيقاً لـ«الفعل الرسمي» في حكمها، وتركت الأمر للمحاكم الأدنى للفصل بين الفعل الرسمي والفعل غير الرسمي. ووفقاً للقانون، لا يتمتع الرؤساء «المنتخَبون» بالحماية القانونية نفسها التي يتمتع بها الرؤساء الفعليون، لكن ترمب ومحاميه يحاولون الاستفادة من مكانته الفريدة بصفته قائداً أعلى سابقاً ومستقبلياً في بعض القضايا.

أنصار ترمب يتظاهرون دعماً له بمقر إقامته داخل منتجع «مار إيه لاغو» في «بالم بيتش» بولاية فلوريدا (رويترز)

إحدى الحجج التي يدفع بها محامو الرئيس المنتخب أن ترمب حين يدافع عن نفسه فهو لا ينقذ نفسه فقط من عقوبة سجن محتملة؛ بل سينقذ الولايات المتحدة من كارثة وجود زعيمها خلف القضبان.

ويقول ديفيد دريسن، أستاذ القانون بجامعة سيراكيوز، إن محامي ترمب سيحاولون نقل القضية من محكمة الولاية إلى المحكمة الفيدرالية والإصرار على تأكيد الحصانة القانونية للرؤساء، وربما الدفع بالقضية إلى المحكمة العليا، حتى تتسنى لهم إطالة الأمور قليلاً. وأشار دريسن إلى أن قرار القاضي بالتأجيل قد يمتد حتى عام 2029، وحتى إذا أصدر حكماً بالسجن، فسوف يؤجَّل إلى عام 2029، وإذا أصدر حكماً بغرامة مالية، فسوف يعلَّق دفع هذه الغرامة حتي يستنفد محامو ترمب الطعون والاستئنافات القانونية.

ويقول غريغ جيرمان، أستاذ القانون في جامعة سيراكيوز، إنه لا يعتقد أن القاضي ميرشان سيمضي قدماً في إصدار الحكم بعد انتخاب ترمب رئيساً للولايات المتحدة، أو حتى تحديد موعد للحكم عليه؛ لأن وزارة العدل ستتدخل في الأمر لحظر توجيه اتهامات، أو الاستمرار في الملاحقات القضائية، أو سجن الرئيس، أو التدخل في مهام الرئيس بأي شكل من الأشكال.

أما في القضايا الأخرى، فقد أوقف قاضي المحكمة الجزئية لمقاطعة كولومبيا القضية المتعلقة بجهود ترمب لقلب نتيجة انتخابات 2020 ودفع أنصاره إلى الهجوم على مبنى الـ«كابيتول». ومن المحتمل أن تتوقف أيضاً قضية «الوثائق السرية» المتعلقة باحتفاظ ترمب بوثائق رسمية سرية بعد خروجه من البيت الأبيض، وهي قيد الاستئناف حالياً.