مخاوف في كاراباخ من تجدد الحرب بين أرمينيا وأذربيجان

باكو تؤكد دخول مساعدات إنسانية إلى الإقليم

عرض أسلحة أرمينية جرى الاستيلاء عليها سابقاً بباكو في 13 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض أسلحة أرمينية جرى الاستيلاء عليها سابقاً بباكو في 13 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

مخاوف في كاراباخ من تجدد الحرب بين أرمينيا وأذربيجان

عرض أسلحة أرمينية جرى الاستيلاء عليها سابقاً بباكو في 13 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض أسلحة أرمينية جرى الاستيلاء عليها سابقاً بباكو في 13 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

في أحد شوارع ستيباناكرت كبرى مدن إقليم ناغورنو كاراباخ، تعبر أولغا غريغوريان عن قلقها من اندلاع معارك جديدة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية بعد 3 أعوام من الحرب الأخيرة، على خلفية توترات متصاعدة حول الجيب الانفصالي. وتقول: «نعيش في خوف دائم».

خاض البلدان حربين للسيطرة على ناغورنو كاراباخ، آخرهما في عام 2020 وانتهت بهزيمة أرمينيا وتحقيق أذربيجان مكاسب ميدانية، وبوقف هش لإطلاق النار برعاية موسكو. لكن وسط انشغال الكرملين في غزوه لأوكرانيا، يتفاقم تدهور الوضع في ناغورنو كاراباخ، لا سيما بعدما اتّهمت أرمينيا أذربيجان بتأجيج أزمة إنسانية بعدما أغلقت باكو العام الماضي، ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيدة التي تربط المنطقة بأرمينيا. ونفت أذربيجان الاتهامات قائلة إنه يمكن لناغورنو كاراباخ تلقي كل الإمدادات اللازمة عبر أذربيجان.

والاثنين، أعلن مسؤول أذربيجاني أن شاحنات محمّلة بمساعدات إنسانية دخلت إلى الإقليم الانفصالي، بعدما اتفق انفصاليون أرمن مع الحكومة في باكو على استخدام الطرق التي تربط الجيب بأرمينيا وأذربيجان. وقال مستشار السياسة الخارجية لرئيس أذربيجان حكمت حاجييف، على شبكات التواصل الاجتماعي: «تمّ ضمان المرور المتزامن لسيارات الصليب الأحمر» عبر ممر لاتشين، الذي يربط الجيب الانفصالي بأرمينيا وعبر طريق أغدام التي تربطه ببقية أذربيجان.

وفي ستيباناكرت، تقول أولغا غريغوريان: «الوضع يتفاقم يوماً بعد يوم». وتضيف: «الناس خائفون من الاستيقاظ على أصوات القذائف مثلما حصل في عام 2020». وتتابع: «لا نعرف كيف نعيش على هذا النحو وكيف نربّي أطفالنا ونحن نعيش في ضغط مستمر ولا أحد يريد مساعدتنا».

ورغم الوساطات المنفصلة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، لم تتوصل يريفان وباكو إلى اتفاق سلام. ورأى رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، في تصريحات له في يوليو (تموز)، أن اندلاع حرب جديدة مع أذربيجان «مرجح جداً». واتهم باشينيان باكو، بحشد قوات قرب الإقليم الانفصالي الذي تسكنه أغلبية من الأرمن وأعلن استقلاله عن أذربيجان بشكل أحادي وبدعم من يريفان قبل أكثر من 30 عاماً.

استفزاز

في مايو (أيار)، قال باشينيان إن أرمينيا تعترف بناغورنو كاراباخ كجزء من أذربيجان، في تصريح عدّ خطوة أولى نحو سلام دائم. لكن باكو تعدّ أن رئيس الوزراء الأرميني يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، إذ لا تزال يريفان تموّل أنشطة القوات الانفصالية من ميزانية الدولة.

وقال مستشار السياسة الخارجية لرئيس أذربيجان حكمت حاجييف: «ألحقت بعض التصرفات الأخيرة من جانب المسؤولين الأرمن أضراراً بالغة بعملية السلام». ولمح إلى رسالة تهنئة نشرها باشينيان بمناسبة ذكرى استقلال ناغورنو كاراباخ في 2 سبتمبر (أيلول)، وأثارت غضب باكو. وأضاف حاجييف: «إجراء ما سُمّي انتخابات رئاسية (في الإقليم) في 9 سبتمبر شكّل استفزازاً جديداً»، متهماً يريفان بـ«نسف» الحوار. وعدّ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هذا الاقتراع غير شرعي.

من جهتها، اتهمت يريفان جارتها بتأجيج أزمة إنسانية في الإقليم بعدما أغلقت باكو العام الماضي، ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيدة التي تربط المنطقة بأرمينيا، وحيث توجد قوات حفظ سلام روسية.

حرب إقليمية كبيرة

ويرى محللون أن عدم إحراز تقدم في محادثات السلام يغذي التوترات ويؤجج المخاوف. وقال المحلل الأميركي بنيامين ماتيفوسيان لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا شكّ في أن احتمال نشوب نزاع مسّلح جديد مرتفع جداً، في وقت تحشد فيه أذربيجان قواتها عند الحدود مع أرمينيا وقرب ناغورنو كاراباخ». وعدّ المحلل السياسي الأذربيجاني فرهاد محمدوف أن «خطر استئناف القتال سيبقى على نطاق واسع مرتفعاً، طالما لم توقّع معاهدة سلام». ورجّح أن «تهاجم باكو أراضي أرمينيا إذا تدخلت يريفان عسكرياً في ناغورنو كاراباخ».

من جانبه، قال المحلل الأرميني هاغوب بالايان إن هجوماً من هذا النوع على الأراضي الأرمينية يمكن أن يتحوّل إلى «حرب إقليمية كبيرة» تنخرط فيها تركيا - حليفة باكو - وخصمها التاريخي إيران التي تراقب بريبة استراتيجية النفوذ التركي في منطقة القوقاز.

وتصاعدت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان مطلع يوليو، بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممر لاتشين، ما تسبب بنقص كبير في الإمدادات. وأثار ذلك مخاوف من تجدد المعارك بين البلدين، خصوصاً في ظل تعزيز أذربيجان انتشارها العسكري عند الحدود.

يذكر أن الحرب الأولى دارت حول مصير الإقليم عند انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينات، وقد أودت بحياة 30 ألف شخص، فيما خلفت الحرب الأخيرة في عام 2020 نحو 6500 قتيل من الجانبين.


مقالات ذات صلة

مقتل عشرة من عناصر شرطة الحدود الباكستانية في هجوم

آسيا أرشيفية لعناصر من  الشرطة الباكستانية عند نقطة تفتيش بعد صدور إنذار أمني في إسلام آباد (إ.ب.أ)

مقتل عشرة من عناصر شرطة الحدود الباكستانية في هجوم

أعلنت السلطات الباكستانية، صباح اليوم (الجمعة)، مقتل عشرة من عناصر شرطة الحدود في هجوم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا جندي بولندي من قوات حفظ السلام التي يقودها «الناتو» يقف عند المعبر الحدودي الرئيسي بين كوسوفو وصربيا في ميردار (رويترز)

كوسوفو تعيد فتح معبرين حدوديين مع صربيا

أعادت كوسوفو فتح معبرين مع صربيا السبت بعد إغلاقهما خلال الليل إثر تظاهرات على الجانب الصربي أدت إلى توقف حركة المرور، وفق ما أعلن وزير الداخلية الكوسوفي.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)
المشرق العربي أرشيفية لمعبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية فبراير 2023 (إ.ب.أ)

«باب الهوى» يعود للعمل و«هدوء حذر» يسود شمال غربي سوريا

عاود معبر «باب الهوى» الحدودي العمل صباح الأربعاء، بعد إغلاق أعقب الاحتجاجات التي سادت أرياف حلب وإدلب والاشتباكات مع القوات التركية.

«الشرق الأوسط» (إدلب)
آسيا صورة من كوريا الشمالية (بكساباي)

كوريا الشمالية تبني طرقاً وجدراناً داخل المنطقة منزوعة السلاح

أفادت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية، السبت، بأنّ الجيش الكوري الشمالي بنى طرقاً وجدراناً داخل المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الشمال والجنوب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أفراد من الجيش الهندي ينظرون أثناء عملية بحث في رياسي في 10 يونيو 2024 بعد أن نصب مسلحون في كشمير كميناً للحافلة المليئة بالحجاج الهندوس (أ.ف.ب)

السلطات الهندية تنفذ عملية بحث واسعة في كشمير بعد هجوم على حجاج هندوس

نفّذ الجيش في كشمير الهندية عملية بحث واسعة النطاق الاثنين، وفق ما أعلنت الحكومة، غداة مقتل تسعة حجاج هندوس في هجوم يعد الأكثر دموية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
TT

خطة هولندية لمكافحة «معاداة السامية»

اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)
اشتباكات في أمستردام بعد مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب وأياكس بالقرب من محطة أمستردام سنترال (رويترز)

أعلنت الحكومة الهولندية، اليوم الجمعة، إطلاق خطة جديدة لمكافحة «معاداة السامية»، بعد أسبوعين من صدامات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخصص مجلس الوزراء مبلغاً إضافياً قدره 4.5 مليون يورو سنوياً لهذه الخطة، سيجري استخدام جزء منه لتعزيز أمن المؤسسات اليهودية والكنس.

وقال وزير العدل ديفيد فان ويل: «للأسف، ازدادت معاداة السامية في هولندا، خلال العام الماضي، كما أظهرت الأحداث التي وقعت في أمستردام قبل أسبوعين».

بعد مباراة في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» بين أياكس أمستردام وفريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي، في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تعرّض مشجعون للأخير إلى الملاحقة والضرب في شوارع العاصمة الهولندية، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح، وإثارة سخط في كثير من العواصم الغربية.

واندلعت حوادث متفرقة قبل المباراة، شملت هتافات معادية للعرب رددها مشجعو مكابي وحرق علم فلسطيني في ساحة دام المركزية، قبل أن يتعرض أنصار الفريق الإسرائيلي لأعمال عنف.

وعَدَّت إسرائيل والسلطات الهولندية أن هذه الأحداث «معادية للسامية».

ونُقل خمسة من مشجعي مكابي إلى المستشفى لفترة وجيزة؛ لتلقي العلاج بعد إصابتهم في أعمال العنف التي أثارت غضب قادة غربيين.

وتشمل استراتيجية الحكومة أيضاً تشكيل فريق عمل معنيّ بمعاداة السامية، وإصدار قوانين أكثر صرامة بشأن «تمجيد الإرهاب» والتحقيق في أعمال العنف المرتكبة خلال الاحتجاجات.

كما سيجري استهداف مشجعي كرة القدم من أجل القضاء على الهتافات المعادية للسامية في الملاعب.

وقال رئيس الوزراء ديك شوف، للصحافيين: «إنه مزيج من القمع والوقاية».