تقرير: كيف تشن روسيا حربها الإعلامية في النيجر وأفريقيا؟

متظاهرون يرفعون العلم الروسي خلال مظاهرة في يوم الاستقلال في نيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون العلم الروسي خلال مظاهرة في يوم الاستقلال في نيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT

تقرير: كيف تشن روسيا حربها الإعلامية في النيجر وأفريقيا؟

متظاهرون يرفعون العلم الروسي خلال مظاهرة في يوم الاستقلال في نيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون العلم الروسي خلال مظاهرة في يوم الاستقلال في نيامي عاصمة النيجر في 3 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

تمثل شركة «فاغنر»، «العلامة الرئيسية للوجود الروسي في أفريقيا... والذراع القوية التي لا غنى عنها لروسيا بفضل نشرها الأخبار الكاذبة الفعالة للغاية... وهي الدليل المادي على نفوذ موسكو في أفريقيا»، وفق تقرير نشرته أمس (الاثنين) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«فاغنر = الأمان والكرامة والقوة!» تم التلويح بهذا الشعار المكتوب على اللافتات خلال مظاهرة لدعم الانقلابيين في ملعب «سيني كونتشي» في نيامي عاصمة النيجر، يوم الأحد، إلى جانب عدد قليل من الأعلام التي تحمل صورة «فاغنر»؛ الشركة العسكرية الروسية الخاصة التي يرأسها يفغيني بريغوجين.

تمثل «فاغنر» الآن الذراع القوية التي لا غنى عنها لروسيا في أفريقيا بفضل الأخبار المزيفة الفعالة للغاية في الدعاية، وفق التقرير. ففي يوم الأحد 6 أغسطس (آب)، مثلاً، زادت الحسابات (على وسائل التواصل الاجتماعي) المرتبطة بشركة بريغوجين الضغط من خلال تنظيم «حملة تضليل»، تقول بوصول مجموعة من المقاتلين إلى باماكو عاصمة مالي للانضمام إلى النيجر، وهذا خبر غير صحيح، حسب مجموعة «كل العيون على فاغنر» (All Eyes on Wagner)، التي تشير إلى أنه تم تنسيق هذه العملية الدعائية لـ«فاغنر» من مالي.

وفقاً للباحثين في مجموعة «كل العيون على فاغنر»، فإن لدى «فاغنر» مهمة تأثير مهمة جداً. «تستخدم المجموعة طرقاً عديدة، مثل تمويل وسائل الإعلام والصحافيين الأفارقة، أو رعاية المحتوى الإعلاني على الشبكات الاجتماعية، والتحشيد على الإنترنت».

وحسب التقرير، يتلاعب الكرملين بالمعلومات من خلال الاستفادة من الخطاب المؤيد للأمة الأفريقية والمعادي للوجود الفرنسي. يشرح أنطوان غلاسر، الصحافي وكاتب العديد من الكتب عن أفريقيا: «روسيا تستفيد (في أفريقيا) من المشاعر المعادية للفرنسيين، وتستغلها للانخراط في حرب إعلامية ضد الغرب»، وهي استراتيجية كانت موجودة منذ سنوات.

ويوضح الباحث جون ليشنر، أنه «في أفريقيا الوسطى، تمتلك (فاغنر) محطات إذاعية عدة، التي تشكل عنصراً مهماً للحصول على المعلومات في أفريقيا». وأفادت مجموعة «كل العيون على فاغنر» بأنه في بوركينا فاسو على سبيل المثال، «جرت عملية تضليل كبرى (من فاغنر) في بداية العام لدعم المجلس العسكري (في البلد)، مع محتوى إعلاني مدعوم على (فيسبوك)». وقد تمت إعادة استثمار الصفحات نفسها على شبكات التواصل الاجتماعي في أبريل (نيسان) في النيجر، عندما كان وفد من البرلمانيين الفرنسيين في نيامي عاصمة النيجر (للتحريض ضد فرنسا)».

تعتمد روسيا بشكل تقليدي أكثر على روافعها الرسمية لتعزيز علاقاتها بأفريقيا، وفق تييري فيركولون، الباحث في «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية» (Ifri) ومنسق مرصد أفريقيا الوسطى والجنوبية، الذي يشرح أن روسيا تعتمد في البداية على الاتصال الدبلوماسي لتعزيز نفوذها بالقارة. ويتابع: «وعبر سفاراتها في القارة، واستخدام الزيارات العديدة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أفريقيا، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وشبكات التواصل الاجتماعي الرسمية وحسابات (يوتيوب) بشكل كبير لنقل خطاب بوتين المناهض للغرب». ويلاحظ الباحث جون ليشنر، أنه منذ إغلاقها في أوروبا، كانت قناة «آر تي» (RT) الروسية، وهي منفذة دعاية تمولها الكرملين، تعيد توجيه نفسها نحو أفريقيا. «وجود فعال، لأن المحتوى مجاني، وهي أكثر وجوداً في البلدان التي لا يوجد فيها الكثير من الصحافيين المستقلين».

و«خارج المجال الدبلوماسي، تنشر روسيا نفوذها في القارة الأفريقية بطرق أكثر تكتماً، كما هو الحال في مجتمع الأعمال»، هذا ما يؤكده الباحث تييري فيركولون، قائلاً إن «الأوليغارشيين الروس في أفريقيا كثيرون، ولديهم شبكات خاصة بهم بين الدوائر الاقتصادية والسياسية». ويضيف فيركولون: «هناك طريقة أخرى للنفوذ الروسي في أفريقيا تتمثل في إرسال وفود من الكنيسة الأرثوذكسية إلى دول مثل كينيا أو بوروندي أو الكونغو برازافيل».

ولفت التقرير إلى أن الكرملين يعتمد أيضاً على مؤيدين من الأفارقة يتمتعون بشعبية كبيرة على الشبكات الاجتماعية.


مقالات ذات صلة

مالي تعلن الحرب على مناجم الذهب «غير القانونية»

أفريقيا منجم لاستخراج الذهب بطريقة غير شرعية في مالي (أ.ف.ب)

مالي تعلن الحرب على مناجم الذهب «غير القانونية»

أعلن المجلس العسكري الحاكم في دولة مالي، الحرب على التنقيب غير القانوني عن الذهب في مناجم غير شرعية، تحولت مؤخراً إلى مصدر مهم لتمويل التنظيمات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا مواطنون ماليون يحتفلون بعودة جنود من الجيش من معارك ضد الإرهاب (الجيش المالي)

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

نفذ الجيش المالي عملية عسكرية «خاصة» على الحدود مع النيجر، أسفرت عن اعتقال قيادي بارز في «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)

بعد قرار تشاد... هل خسرت فرنسا آخر موطئ قدم في الساحل؟

تشاد تنهي اتفاق التعاون العسكري والأمني مع فرنسا، لتلتحق بركب دول الساحل؛ مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي دخلت في قطيعة مع فرنسا.

الشيخ محمد (نواكشوط)

مصرع عشرات النسوة في انهيار منجم للذهب بدولة مالي

لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
TT

مصرع عشرات النسوة في انهيار منجم للذهب بدولة مالي

لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)
لقطات شاشة من مقاطع فيديو للمأساة التي وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو بمنطقة خاي (صحافة محلية)

لقي ما لا يقل عن 48 شخصاً، غالبيتهم من النساء، مصرعهم، السبت، جراء انهيار موقع غير قانوني لاستخراج الذهب في غرب مالي، غير بعيد من الحدود مع دولة السنغال.

وبحسب مصادر محلية عديدة، فإن المأساة وقعت في قرية صغيرة تدعى بيلالكوتو، بمنطقة خاي؛ حيث تنتشر مناجم الذهب التي يستخدمها الأهالي بطريقة غير قانونية، وأغلبها عبارة عن مناجم مهجورة، بعد أن تركتها الشركات الأجنبية.

لقطات شاشة من مقاطع فيديو لآلة عملاقة يستخدمها السكان للحفر ونقل الحجارة انقلبت فوق منجم صغير (صحافة محلية)

نساء وأطفال

قالت مصادر محلية إن آلة عملاقة يستخدمها السكان للحفر ونقل الحجارة انقلبت فوق منجم صغيرة كانت داخله مجموعة من النسوة يبحثن عن الذهب بوسائل تقليدية، تعتمد على تصفية التربة المشبعة بالذهب في مياه بركة ماء عملاقة بالمنجم.

وأضافت المصادر أن المأساة حدثت في موقع مهجور كانت تديره شركة صينية، ولكنها تخلَّت عنه بعد تراجع عائداته، ليستغله السكان المحليون، ولكن بوسائل بدائية، ودون الالتزام بمعايير السلامة المعهودة في المناجم.

وقال مصدر محلي إنه بسبب حادث الانهيار «سقط بعض الضحايا في المياه، ومن بينهم امرأة تحمل طفلها على ظهرها».

وتسبب الحادث في وفاة 48 شخصاً على الفور، كان أغلبهم نسوة حوامل ومرضعات، من سكان القرى المجاورة للمنجم؛ حيث يُعدّ نشاط التنقيب عن الذهب أحد الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأهالي منذ قرون.

وتسبب الحادث في تعرض 10 أشخاص على الأقل لإصابات خطيرة نقلوا على أثرها إلى المستشفى، وأكدت المصادر المحلية ذاتها أن الحصيلة لا تزال مؤقتة، وقد ترتفع، نظراً لخطورة حالة بعض المصابين.

في غضون ذلك، لا تزال عمليات البحث مستمرة، حيث يتجمهر المئات من سكان القرى بحثاً عن ذويهم المفقودين، وتحاول السلطات المحلية تسريع وتيرة عمليات الإنقاذ لعلها تنقذ أرواح بعض المفقودين.

حوادث مميتة

مالي التي تُعدّ واحدة من أفقر بلدان العالم، وتعاني من حرب أهلية طاحنة منذ نحو عقدين من الزمن، تُعدّ في الوقت ذاته واحدة من أغنى دول أفريقيا بمعدن الذهب، وأغلب إنتاج البلاد من المعدن الثمين يأتي من مناجم غير قانونية تسيطر عليها قبائل أو عصابات أو حتى مجموعات إرهابية مسلحة.

وتشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من ذهب دولة مالي لا يدخل الدورة الاقتصادية للبلاد، وإنما يتم تهريبه نحو الأسواق السوداء، وقبل أشهر أعلنت السلطات العسكرية في مالي عن خطة للسيطرة على مناجم الذهب غير القانونية.

لقطات شاشة من مقاطع فيديو متداولة من موقع المأساة (صحافة محلية)

من جانب آخر، تودي هذه المناجم بحياة المئات سنوياً في دول غرب أفريقيا، عموماً. ولكن، في مالي بشكل خاص، تشهدُ المناجم الأهلية بانتظام حوادث انهيار مميتة، من أخطرها حادث انهيار، العام الماضي، راح ضحيته أكثر من 70 شخصاً كانوا داخل منجم للتنقيب عن الذهب في أقصى جنوب مالي.

ونهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لقي ما لا يقل عن 10 عمال، معظمهم من النساء، مصرعهم، إثر انهيار منجم ذهب في جنوب البلاد.