«مهرجان برلين» يطرح أفلاماً مهمّة وتساؤلات كثيرة

المحكمة منعقدة بشأن مستقبل «هوليوود»

جيسيكا شستاين بطلة فيلم «أحلام» خلال مؤتمر صحافي في «برلين السينمائي»... (أ.ب)
جيسيكا شستاين بطلة فيلم «أحلام» خلال مؤتمر صحافي في «برلين السينمائي»... (أ.ب)
TT

«مهرجان برلين» يطرح أفلاماً مهمّة وتساؤلات كثيرة

جيسيكا شستاين بطلة فيلم «أحلام» خلال مؤتمر صحافي في «برلين السينمائي»... (أ.ب)
جيسيكا شستاين بطلة فيلم «أحلام» خلال مؤتمر صحافي في «برلين السينمائي»... (أ.ب)

الممثلة ‫جيسيكا شستاين تُبهر في «أحلام». فيلم «ميكي17» يُذهل. «كانال بلوس» الفرنسية تهدد. فيلم نيكول كيدمان «بايبي غيرل» يُثير اهتمام الأوكرانيين... الأخبار كثيرة، لكن وحده ترمب ما زال نجم الدورة الحالية من «مهرجان برلين» حتى الآن.

«أحلام»... (أ.ر كونتنت)

«هناك أجواء قلقة، وكل من جاء إلى برلين هرباً من سطوة ترمب، وجد أنه غير محظوظ في برلين»... كتب مراسل مجلة «ذَ هوليوود ريبورتر»، أمس، ملاحظاً أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، هو الحديث اليومي الفعلي بين كثير من المشاركين، ويتراءى كذلك بين مشاهد بعض الأفلام المعروضة.

‫دلالات

فيلم «ميكي17»؛ جديد المخرج بونغ جون هو، صاحب فيلم «Parasite» الفائز بأربع جوائز «أوسكار» قبل 5 سنوات وباقة من الجوائز المهمّة الأخرى، يقدّم، بين شخصياته، شخصية رجل متهوّر يرتدي قبعة حمراء تشبه تلك التي يرتديها ترمب. في «أحلام»، لمايكل فرنكو، يهرب راقص باليه مكسيكي يعيش في أميركا عائداً إلى المكسيك التي قد لا يستطيع العودة منها إلى الولايات المتحدة.

المخرج بونغ جون هو والممثل روبرت باتنسن في «برلين» قبل عرض فيلمهما «ميكي 17»... (أ.ب)

في سوق الفيلم حديث متواصل بشأن تأثير سياسة البيت الأبيض على «هوليوود». ما تأثير سياسة ترمب في المرحلة المقبلة على صناعة السينما... هل سيقوّض ليبراليتها؟ إحدى حلقات النقاش التي دارت بين عدد من الموزّعين الأميركيين تساءلت: هل ما زال من الممكن تصوير الأفلام في كندا أو المكسيك؟ سابقاً، ومنذ سنوات بعيدة، أمّت الإنتاجات الأميركية هذان البلدان لأسباب اقتصادية؛ لأن التصوير فيهما (تبعاً للحكايات المناسبة) أرخص من التصوير في «هوليوود» أو جوارها.

من منبره في الكونغرس، صرّح برني ساندرز قبل 3 أيام بما يُفيد بأن كل شيء ممكن؛ لأن «الرئيس ونخبته» يسعون إلى السيطرة الكاملة على شؤون الاقتصاد والمجتمع لمصلحة القلة... والمشاركون في دورة «مهرجان برلين» كلهم آذان صاغية... يرددون بعض هذا الاتهام؛ لكنهم في الأساس يتساءلون عن حال التوجه الجديد للبيت الأبيض بالنسبة إلى صناعة السينما.

‫تهديد فرنسي

لا بد من أن يترك كل هذا وضعاً محرجاً بالنسبة إلى نشاطات سوق الأفلام، الشبيهة بتلك التي تُقام في مهرجان «كان» والمقامة على الهامش. في السنوات الماضية، تفاوت الإقبال على هذه السوق، لكنها بقيت أساساً داعماً للمهرجان الألماني الكبير. هذه لا تزال حالها اليوم، لكن الحذر الناتج عن عدم وضوح الرؤية حاضر، وفق مجلة «سكرين» البريطانية.

علاوة على ذلك، هددت إحدى كبرى شركات الإنتاج الفرنسية، وهي «كانال بلوس (+Canal)»، بخفض دعمها للإنتاج الفرنسي إذا ما وافق المعنيون على منح شركة «ديزني» الأميركية إذناً بتمديد عروض واستثمار أفلامها على النت في فرنسا لـ9 أشهر بدل 6 أشهر كما هي الحال الآن.

الدعم الذي توفره «كانال بلوس» لا يُستهان به؛ إذ يبلغ سنوياً 220 مليون يورو (نحو 230 مليون دولار).

من وجهة نظر الشركة العملاقة، كما كتب مدير مجلس إدارتها ماكسيم سعادة (Saada) في صحيفة «لوموند»، أول من أمس، متسائلاً: «هل من العدل منح (ديزني) حق بث أفلامها 9 أشهر مقابل 35 مليون يورو؟ بينما نصرف نحن أضعاف ذلك لدعم السوق الفرنسية؟».

الحال أن «هوليوود» تتمتع بسيطرة كبيرة على السوق الفرنسية للأفلام؛ إذ لا تزال أفلامها تستحوذ على ما بين 40 و50 في المائة من إيرادات السوق الفرنسية كل عام، وفق مجلة «لو فيلم فرنسيه». وإذا ما احتلت «هوليوود» سوق العروض المباشرة على «الأون لاين»، فإن خللاً سيصيب العملية الاقتصادية بكاملها، كما يؤكد سعادة في خطابه التحذيري.

‫مستقبل قريب

بعيداً عن كل ذلك، تثير الأفلام المعروضة الاهتمام، فيما يبدو نجاح الإدارة الجديدة في استحواذ عدد من الأعمال المثيرة للاهتمام. بعضها قد يعيش لموعد الأوسكار في عام 2026.

بداية؛ هناك «رسالة إلى ديڤيد»، من إخراج توم شوڤال وإنتاج نانسي سبيلبرغ؛ شقيقة ستيڤن. هو فيلم تسجيلي يمثل إسرائيل خارج المسابقة، ويدور عن الممثل ديڤيد كونو؛ أحد الرهائن لدى منظمة «حماس».

مدخل الفيلم هو مقاربة الحاضر والماضي بالنسبة إلى ديڤيد وشقيقه إيتان، وذكريات الثاني بشأن أخيه وخطواتهما في العمل السينمائي التي بدأت بفيلم «شباب (Youth)» سنة 2013، وهو فيلم سبق لـ«مهرجان برلين» أن عرضه في ذلك العام.

لا تطرّق يُذكر خارج الإطار التعريفي والنوستالجي المنسوج بعاطفة. لا يوجد أي طرح للحديث عن الوضع السياسي أو الوقوف مع أو ضد أي جهة في ذلك الوضع القائم حالياً.

«ميكي 17»... (وورنر)

بينما استأثر الفيلم بتغطية إعلامية غالباً من قِبل من اعتقدوا أن للفيلم جنوحاً بشأن تحليل واقع ما، فقد تجاوز فيلم الكوري بونغ جون هو، «ميكي17»، التوقعات، وجمع من حوله إعجاب الجمهور العام والنقاد، كما تشير الأخبار الواردة.

في «ميكي17» يؤدي الأميركي روبرت باتنسن دوراً مزدوجاً في حكاية مستقبلية ذات حبكة سياسية بشأن توجه البعض إلى السيطرة على الكوكب وجعل الحياة فوقه متاحة للعنصر الأبيض وحده. في خضم حضور قوي لليمين المتطرّف في أميركا ودول أوروبية عدّة، يقدم «ميكي17» بعض التوقعات المحتملة، لكن المخرج يستخدم حبكته هذه ليسخر من المدّ الفاشي عبر موضوع جاد يعالجه بأسلوب كوميدي.

من ناحيته، لا يشكو «أحلام» مايكل فرنكو من قوّة الإيحاء السياسي من دون الابتعاد عن القيمة الدرامية المتمثلة في قصّة راقص الباليه المكسيكي «فرناندو» (أيزاك هرنانديز) الذي نتعرّف عليه في مطلع الفيلم وهو يحاول - وآخرون - الخروج من حافلة في مكان ما من الأراضي المحاذية للمكسيك. ما يتبدّى أن ركاب الحافلة وجدوا أنفسهم في هذا المكان الخالي والشاسع داخل حافلة مقفلة عليهم.

سندرك سريعاً أن الحافلة دخلت الولايات الأميركية بالتهريب حاملةً مهاجرين غير نظاميين. بعد حين سيجد «فرناندو» طريقه إلى مدينة سان فرنسيسكو حيث تعيش «جنيفر» (جيسيكا شستاين) ليكتشف أنها لم تعد ما اعتاده منها، فهي الآن لا ترغب في أن تبدو صديقة لشاب مكسيكي. سيقود كل ذلك إلى أحداث عاطفية واجتماعية محورها حال المهاجرين المكسيكيين اليوم، علماً بأن المخرج مايكل فرنكو كان صوّر الفيلم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية.


مقالات ذات صلة

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

يوميات الشرق إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

جدّد حديث المخرج المصري عمرو سلامة عن الفنان المصري الراحل إسماعيل ياسين خلال حضوره ضيفاً على «ليك لوك 3» أزمة انتقاد رموز الفن المصري.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)

«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

«طلعت حرب» يعيد التلفزيون المصري إلى ساحة الإنتاج الدرامي

مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)
مؤلف المسلسل خلال لقائه مع المسلماني في القاهرة (الهيئة الوطنية للإعلام)

يعود التلفزيون المصري للإنتاج الدرامي من خلال تقديم مسلسل «طلعت حرب»، الذي يتناول سيرة «رائد الاقتصاد المصري» محمد طلعت حرب، والمقرر عرضه في رمضان 2026، ليكون المشروع الذي يستأنف التلفزيون المصري من خلاله مسار الإنتاج الدرامي بعد 10 سنوات من التوقف، وفق بيان للهيئة الوطنية للإعلام، الأربعاء.

وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، الاتفاق مع مدينة الإنتاج الإعلامي، التي تُعد الهيئة المالك الأكبر لها، على إنتاج المسلسل وبدء الاتفاق على تفاصيله قريباً، مؤكداً خلال لقائه مؤلف العمل محمد السيد عيد، الاتفاق على تواصل التحضيرات للمشروع.

وقال مؤلف المسلسل إن «المشروع كُتب بالفعل قبل عدة سنوات بمبادرة لتقديم عمل درامي يرصد رحلة طلعت حرب ومسيرته، بدعم من بنك مصر، الذي قام بتأسيسه، على أن تتولى مدينة الإنتاج الإعلامي مسؤولية إنتاجه، لكن المشروع تأجل خروجه للنور».

وأضاف عيد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمل مكتوب في 30 حلقة، وتم الانتهاء منه بشكل كامل، وأُعيد إحياؤه مجدداً في الأيام الماضية»، لافتاً إلى أن «المشروع يلقى دعماً كبيراً من (الهيئة الوطنية للإعلام)، مع رغبة في تقديمه بصورة جيدة وبشكل يناسب القيمة التاريخية لطلعت حرب.

وجاء الإعلان عن المشروع بعد أيام من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أهمية الدراما وضرورة مناقشتها لقضايا تعزز القيم الاجتماعية، وعلى أثر ذلك أعلنت «الوطنية للإعلام» تنظيم مؤتمر حول «مستقبل الدراما» الشهر المقبل، بجانب إعلان الشركة «المتحدة» تشكيل لجنة متخصصة للمحتوى الدرامي، ضمن الاستراتيجية القائمة على تحقيق التوازن بين الإبداع والمسؤولية الاجتماعية.

وأكد رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، عبد الفتاح الجبالي، لـ«الشرق الأوسط»، اعتزامهم إقامة مؤتمر صحافي موسع بعد إجازة عيد الفطر، من أجل الكشف عن تفاصيل مسلسل «طلعت حرب» بشكل كامل والإعلان عن فريق العمل.

تسهم الهيئة الوطنية للإعلام بالحصة الكبرى في ملكية مدينة الإنتاج الإعلامي (مدينة الإنتاج الإعلامي)

وحسب محمد السيد عيد، فإن المسلسل يرصد، من خلال حياة طلعت حرب وسيرته، الفترة التي عاش فيها، عبر استعراض كثير من الأحداث التاريخية المهمة التي عاصرها.

ويشكل المسلسل الجديد عودة للتلفزيون المصري لساحة الإنتاج الدرامي، بعد 10 سنوات من توقفه بشكل كامل عن الإنتاج منذ عام 2015، بعدما قدم مسلسل «دنيا جديدة» للمخرج عصام شعبان، بسبب تراكم المديونيات على الأعمال التي أنتجها، وعدم القدرة على سدادها.

ويشيد الناقد الفني محمود قاسم بخطوة عودة التلفزيون للإنتاج الدرامي، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار سيناريو «طلعت حرب» ليكون أول عمل، خطوة تبدو موفقة في ظل سابقة أعمال مؤلفه التاريخية المميزة، على غرار (مشرفة... رجل لهذا الزمان» و«علي مبارك».

وأضاف قاسم أن «التليفزيون قدّم، على مدى عقود، روائع درامية بكوادر لا يزال بعضها موجوداً في الوقت الحالي، وأن توقفه خلال السنوات الماضية لم يكن قراراً صائباً، باعتبار أن الأعمال التي يقدمها من الصعب إنتاجها عبر القطاع الخاص، إلى جانب طبيعة القضايا التي يطرحها، مما يستلزم ضرورة التشجيع على الاستمرارية وزيادة الأعمال التي يجري إنتاجها».

وتعد شركة «صوت القاهرة»، التي أسسها الفنان محمد فوزي عام 1959، من أذرع التلفزيون الإنتاجية في الدراما التلفزيونية، والمتوقفة عن تقديم أعمال جديدة منذ سنوات، في وقت يعمل فيه القائمون على الشركة للعودة والانخراط في تقديم أعمال جديدة قريباً، حسب رئيسة الشركة الإعلامية نادية مبروك.

وقالت مبروك لـ«الشرق الأوسط» إن «الشركة لديها بالفعل كثير من السيناريوهات الدرامية الجيدة التي يمكن تقديمها، لكن هناك مشكلات مالية يجري العمل على معالجتها من أجل إعادة الشركة كجهة منتجة للأعمال الدرامية»، مشيرةً إلى أن هدفهم هو العودة لتقديم أعمال جيدة درامياً، لا سيما أن نجاح الدراما اليوم لم يعد مرتبطاً بوجود النجوم بقدر ما يعتمد على الفكرة التي يقدمها العمل».