«الجرس»... معرض قاهري يعكس ثنائية الإرادة الحرة والخضوع

عبر أكثر من 30 عملاً فنياً

لوحة تعبر عن سلطة الجرس وفلسفته (الشرق الأوسط)
لوحة تعبر عن سلطة الجرس وفلسفته (الشرق الأوسط)
TT

«الجرس»... معرض قاهري يعكس ثنائية الإرادة الحرة والخضوع

لوحة تعبر عن سلطة الجرس وفلسفته (الشرق الأوسط)
لوحة تعبر عن سلطة الجرس وفلسفته (الشرق الأوسط)

يعتمد الفنان التشكيلي المصري محمد التهامي على ثيمة «الجرس» ليمنحها معاني فلسفية ودلالات متنوعة عبر لوحاته الفنية، وجاء معرضه تحت هذا العنوان ليقدم أكثر من تصور ورؤية لفكرة الجرس، وما تحمله آلة التنبيه تلك من معان ربما تكون متناقضة أو متضاربة.

«الجرس ليس مجرد صوت ينبه الأذن، بل هو رمز فلسفي عميق يعبر عن جوهر العلاقة بين النداء والاستجابة، بين القوة والطاعة، بين الإرادة الحرة والخضوع». بهذه الكلمات يفتتح الفنان كلمته التعريفية عن المعرض الذي يستضيفه غاليري «ضي» بالزمالك (غرب القاهرة) حتى 22 فبراير (شباط) الحالي، الذي يضم أكثر من 30 لوحة تعبّر عن رمزية الجرس، وعن حضوره وسطوته على البشر بطريقة أو بأخرى، بالإضافة إلى عمل مركب تحت الثيمة نفسها.

الفنان محمد التهامي بجوار إحدى لوحاته (الشرق الأوسط)

ويقول الفنان محمد التهامي إنه استخدم الجرس في الأعمال الفنية على عكس المتعارف عليه في الواقع، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الجرس صوت تنبيه في العادة، لكنني استخدمته بوصفه رمزاً لفكرة التضاد والتناقض، بين القوة والضعف، وبين الخضوع والتمرد، وقد وصل معي الأمر لدرجة أن بعض الأشخاص في الأعمال التصويرية لا يكتفون بالاستماع للجرس أو طاعته، ولكن يرتدون الجرس».

ويلفت التهامي إلى أنه لا يريد أن يفرض رؤية على المتلقي ولكنه يتركه ليرى ما يشاء في اللوحات، فربما رأى في الحضور الجماعي تحت الجرس فكرة «القطيع»، وربما تلمس البعض محاولات للمقاومة يقوم بها الأشخاص داخل اللوحة للتخلص من تأثير أو نداء الجرس.

ورغم أن الفنان الشاب يعمل معيداً بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان قسم الغرافيك، فإنه لم يقدم أعمالاً في فن الحفر (الغرافيك)، وإنما قدّم أعمالاً في فن التصوير، والعمل المركب والاسكتشات، وتنويعات على فكرة الجرس وحضوره في الشارع أو في ذهن الإنسان.

وأوضح أنه قدّم هذه التنويعات بالتصوير أو اسكتشات الأحبار على الورق أو العمل المركب لإعطاء أكثر من معنى للفكرة التي يطرحها، لكن تبقى أعمال التصوير (اللوحات الكبيرة) هي النتاج النهائي، أو تعبر عن مركز الفكرة.

القرية من ضمن أعمال الفنان (الشرق الأوسط)

وضمن المعرض توجد غرفة شبه مظلمة بها عدد من الكراسي المعلقة قبالة الجدار وكرسي واحد في مواجهتها مع أصوات أجراس تأتي من الخلفية تتبعها ضوضاء. يقول التهامي عن هذا العمل المركب: «هذا العمل اسمه (حضرة الأستاذ) ضمن فنون الأعمال المركبة (الأنستليشن)، وفكرته تقوم على أنه يبدو مثل فصل دراسي، وقد وضعت في الصوت الخاص بالعمل المركب عدة أصوات غير مفهومة، ثم التنبيه بجرس بسيط، ثم جرس تنبيه طويل ينتهي فيه الصوت تماماً، كان الجرس رمزاً للقوة، بمعنى أنه لا أحد يتحدث بعد صوت الجرس الكبير».

ويتابع: «أما بخصوص البورتريهات المرسومة على كل كرسي فهي تعبيرية، تعبر عن فئات شعبية بعضها لا يريد النظر ويخاف من المواجهة، وهناك من يعلن عن الخوف، وهناك من يبدو على ملامحه الترقب، وهناك من يشعر بالملل، وغيرها من المشاعر والأحاسيس التي تعكسها الوجوه».

العمل المركب للفنان ضمن المعرض (الشرق الأوسط)

وتتجلى القرية في كثير من أعمال الفنان، سواء اللوحات التصويرية أو الاسكتشات، ويوضح هذا الأمر: «رغم أنني لم أعش في قرية فإن تفاصيل القرية تجذبني ببساطتها وبراحها وكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، وقد ذهبت إلى أكثر من قرية واستلهمت منها لوحات وأعمالاً عدة، سواء متعلقة بالبشر، أو بالحقول والأدوات الخاصة بالزراعة أو بالحيوانات».

معرض «الجرس» هو المعرض الثاني للفنان محمد التهامي، وقبله كان معرض «نباح» الذي ركز فيه على رسم الكلاب في هيئات وبطرق مختلفة، ويتضمن معرضه الحديث لوحات من معرض «نباح» تبدو فيها الكلاب وكأنها تعبر عن مفاهيم خاصة أيضاً، بحسب ما يذكره الفنان.

إحدى لوحات الفنان من معرضه السابق «نباح» (الشرق الأوسط)

«في كل لوحة عن الكلاب كنت أضع رمزاً معيناً، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فهناك لوحة تسمى (شخصنة) تعبر عن شخصية كل كلب، منها اللامبالي، ومنها الشرس، ومنها الذي يفصح عن الشهوة، وقد رسمت لوحة للكلاب على هيئة رغيف عيش، ولكن دون رسم الرغيف بشكل مباشر».

وعبر هذا المعرض يقدم الفنان رؤية لفكرة الجرس ضمن ما يمكن عده المدرسة التعبيرية الرمزية، من خلال تقنياته، وأسلوبه الخاص الذي سعى إلى تقديمه والتأكيد عليه في أكثر من عمل فني.


مقالات ذات صلة

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)

معرض «شمس» لماركو بالومبي تحية مشرقة من لبنان إلى إيطاليا

يحتار المرء كيف يحدد معاني كلمة «شمس»، فهي تحمل الدفء والأمل والضوء والحرية وغيرها. ولكن المصور الفوتوغرافي الإيطالي، ماركو بالومبي، جمع فيها كل هذه الصفات في…

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق موتيفات شعبية وتراثية في «صندوق الدنيا» وسط أجواء رمضانية (الشرق الأوسط)

«صندوق الدنيا»... كرنفال للألوان والموتيفات الشعبية في ليالي رمضان

هدف معرض «صندوق الدنيا» بغاليري «آرت كورنر» في الزمالك جمع شمل الفنانين ضمن مهرجان فنّي في ليالي رمضان المُبهجة، والاستمتاع بأعمالهم والتحاور حولها...

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)

معرض فني مصري يرصد ملامح مصر في الشخوص والأماكن

في 153 عملاً فنياً، يتناول الفنان التشكيلي المصري، مراد درويش، موضوعات شتى بخامات متنوعة وإن كانت مكثفة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
كتب معرض لندن للكتاب... التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والحقوق الفكرية

معرض لندن للكتاب... التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والحقوق الفكرية

بعد بدايات متواضعة من قاعة فندق بيرنرز في وستمنستر عام 1971 أصبح معرض لندن للكتاب (LBF) – الحدث العالمي الأهم في صناعة المحتوى الإبداعي خلال فصل الربيع

ندى حطيط (لندن)

رحيل أيقونة المسرح اللبناني أنطوان كرباج

الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
TT

رحيل أيقونة المسرح اللبناني أنطوان كرباج

الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)

توفي الممثل اللبناني أنطوان كرباج، اليوم (الأحد)، عن عمر ناهز 90 عاماً بعد أن أمضى سنواته الأخيرة في أحد مستشفيات بيروت فاقداً للذاكرة بفعل مرض ألزهايمر.

وقالت نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان في بيان: «غادرنا عظيم من بلادنا. بدأ حياته ملكاً وبقي كذلك طيلة مسيرته الفنية. قامة مسرحية ودرامية أغنت المكتبة الإبداعية بالعديد من الأعمال العظيمة خاصة على المسرح الجاد والاستعراضي مع العمالقة الأخوين الرحباني والأيقونة اللبنانية السيدة فيروز».

ولد كرباج عام 1935 في قرية زبوغا بمحافظة جبل لبنان وبدأ مسيرته الفنية مطلع الستينات حين التحق بمعهد المسرح الحديث التابع للجنة مهرجانات بعلبك الدولية بإدارة منير أبو دبس.

أدى كرباج أدواراً بارزة في عدد من مسرحيات الأخوين رحباني وجسد شخصيات تتطلب أداء مركباً مثل «فاتك المتسلّط» في مسرحية «جبال الصوان»، و«الملك غيبون» في مسرحية «ناطورة المفاتيح»، و«الوالي» في «صح النوم»، و«القائد الروماني» في مسرحية «بترا»، و«اليوزباشي عسّاف» في «صيف 840».

أجاد أدوار الشر والخير على حد سواء في الدراما التلفزيونية منذ تجسيده شخصية «جان فلجان» في مسلسل «البؤساء» لفيكتور هوغو عام 1974.

وتوالت مسلسلاته التي تنوعت بين الشعبية والمستوحاة من الأعمال الأدبية، فقدم مسلسل «ديالا» مع الفنانة اللبنانية الراحلة هند أبي اللمع، ومسلسل «لمن تغني الطيور»، ومسلسل «أوراق الزمن المر» مع منى واصف وجوليا بطرس.

لمع في مسلسل «بربر آغا» الذي كتب له القصة والسيناريو والحوار أنطوان غندور وأخرجه باسم نصر لتلفزيون «لبنان» عام 1979.

وعلى المسرح أدى كرباج أدواراً تنقل فيها بين روايات الأدب العالمي مثل «ماكبث» للإنجليزي ويليام شكسبير، و«الذباب» للفرنسي جان بول سارتر.

تقلد منصب نقيب الممثلين في لبنان من عام 2005 إلى عام 2009.