تركيا: لمن سيصوت 5.2 ملايين شاب ينتخبون للمرة الأولى؟

يتنافس عليهم المرشحون والأحزاب ولا يمكن التنبؤ بتوجهاتهم

شاب تركي ينتظر دوره للإدلاء بصوته في سفارة بلاده بالكويت في 5 مايو الحالي (أ.ف.ب)
شاب تركي ينتظر دوره للإدلاء بصوته في سفارة بلاده بالكويت في 5 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: لمن سيصوت 5.2 ملايين شاب ينتخبون للمرة الأولى؟

شاب تركي ينتظر دوره للإدلاء بصوته في سفارة بلاده بالكويت في 5 مايو الحالي (أ.ف.ب)
شاب تركي ينتظر دوره للإدلاء بصوته في سفارة بلاده بالكويت في 5 مايو الحالي (أ.ف.ب)

يقول كل مرشح للرئاسة في تركيا إنه سيفوز بأصوات الشباب، وكثير من السياسيين والأحزاب المتنافسين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تجرى في 14 مايو (أيار)، يقولون ذلك أيضاً.

لكن يبدو أنه لا يجب أن يثق أحدٌ بنسبة كبيرة في أنه ضمن أعلى أصوات بين الشباب، لأن هذا الجيل، الذي يعرف في تركيا باسم «الجيل زد»، له تفضيلات مختلفة تماماً عما يفكر فيه غالبية السياسيين، ووسائله للوصول إلى ما يريد من معلومات عن أي موضوع مختلفة تماماً.

غالبية الشباب لا تشغلهم السياسة بقدر ما يشغلهم الهاتف الجوال وجهاز الحاسوب اللوحي، والعثور على أدوات التكنولوجيا بأسعار رخيصة، كما أنهم مشغولون كثيراً بالمستقبل وفرص الحياة في تركيا، والبحث عن فرص للهجرة منها من أجل حياة أفضل، كما تؤكد العديد من الدراسات التي صدرت في السنين الأخيرة.

وسط الحشود التي اجتمعت في ميدان مالتبه في إسطنبول، السبت، للاستماع إلى المرشح الرئاسي للمعارضة كمال كليتشدار أوغلو، وقادة أحزاب «تحالف الأمة»، ظهرت لافتات يحملها شباب حملت عبارات من قبيل «الجيل (زد) يريد تركيا تحمل مستقبلاً أفضل له»، وأخرى تقول: «الجيل (زد) يريد العدالة في وطن متقدم» و«جيل (زد) الذي يصوت للمرة الأخرى يعدك بالتصويت لك».

كتلة الشباب الذين سيصوتون للمرة الأولى في الانتخابات تبلغ 5.2 مليون شاب، أي ما يعادل 7.5 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين، البالغ 64 مليوناً و113 ألفاً و941 ناخباً. وإذا اتجهت الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية سيضاف إلى قائمة الناخبين 47 ألف شاب بلغوا سن الـ18 عاماً.

هؤلاء جميعاً ولدوا في ظل حكم «حزب العدالة والتنمية» والرئيس رجب طيب إردوغان. لم يروا أي تغيير، وكثيرون منهم سئموا السياسة، ولا يقرأون الصحف أو يتابعون نشرات الأخبار على قنوات التلفزيون، ومصدرهم في الغالب منصات التواصل الاجتماعي، التي تعد أيضاً مسرحهم للتعبير عن أنفسهم.

بحسب دراسة أعدتها مؤسسة البحوث الاقتصادية والسياسية التركية، يتركز معظم الشباب الذين سيصوتون للمرة الأولى في منطقة جنوب شرقي البلاد، ذات الغالبية الكردية، وأعلى الولايات التي توجد بها نسبة كبيرة من الشباب، هي: شرناق، هكاري، سيرت، وأغري، على التوالي، بينما الولايات التي يوجد بها أقل عدد من الشباب هي: موغلا، أوردو، باليكسير، إزمير، وبورصة.

وذكر التقرير أن مليوناً و166 ألف ناخب شاب موجودون في إسطنبول، التي يتولى رئاسة بلديتها أكرم إمام أوغلو، المرشح لمنصب نائب الرئيس، حال فوز المعارضة، الذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط الشباب، ويؤكد أن الانتخابات المقبلة هي انتخابات الشباب، و285 ألفاً في إزمير، و176 ألفاً في أنقرة، سيدلون بأصواتهم للمرة الأولى.

وأوضح أن النسبة الكبيرة من الشباب يفضلون عدم متابعة الأخبار بعد فترة وباء «كورونا»، كما هي الحال في معظم أنحاء العالم، ويفضلون منصات التواصل الاجتماعي.

أظهرت الاستطلاعات أن 20 في المائة فقط من الشباب يؤيدون مرشح تحالف «الشعب» إردوغان، ولذلك بدأ منذ ما يقرب من عام عقد لقاءات مع مجموعات من الشباب وجهاً لوجه.

وانتبه مرشح تحالف «الأمة» المعارض كمال كليتشدار أوغلو، إلى الأمر، فركز كثيراً على التواصل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال مقاطع فيديو يصورها من صالون منزله أو من المطبخ، كما أنشأ حساباً على تطبيق «تيك توك» المنتشر بين الشباب والنساء، لا سيما المحسوبات على تيار «المحافظين» المؤيد تقليدياً لإردوغان.

واجتذب كليتشدار أوغلو أكثر من نصف مليون متابع على «تيك توك»، الذي انضم إليه قبل أسابيع من الانتخابات، بينما تخطت نسبة مشاهدة بعض المقاطع التي يبثها عبر تلك المنصات أكثر من 30 مليون متابع، كما حدث مع الفيديو الذي تحدث فيه عن هويته العلوية، وانتشر بشكل واسع جداً داخل تركيا وخارجها.

ولدى رئيس حزب «التغيير» مصطفى صاري غل، الذي أعلن دعمه لكليتشدار أوغلو، وخوض الانتخابات البرلمانية على قائمة «حزب الشعب الجمهوري»، الذي سبق أن انشق عنه، ما يقرب من مليون متابع على «تيك توك» يتابعون تعليقاته على القضايا المطروحة على جدول الأعمال، كما يظهر أحياناً وهو يغني، أو يشارك فيديوهات فكاهية قصيرة.

ويقول مرشح الرئاسة، رئيس حزب «البلد» محرم إينجه، إن غالبية الأصوات التي سيحصل عليها تتركز في أوساط الشباب، بعد أن نشر رقصة قام بأدائها في حافلة الانتخابات، وكذلك رقصة شعبية في أحد الميادين، حققتا نسبة مشاهدة عالية.

يؤكد الخبراء أن منصات التواصل الاجتماعي تقدم متنفساً أكثر ديمقراطية، وتوفر للناس فرصة للنقاش والتضامن في هذه الفترة، وستكون وسيلة حاسمة في الاختيار، كما أكد أستاذ العلوم السياسية التركي توغتشا أرتشين لـ«الشرق الأوسط».

وأضاف أرتشين أنه على الرغم من النقاط المشتركة بين الشباب مثل البطالة واليأس من المستقبل، هناك مجموعات تختلف من حيث التوزيع الإقليمي بين الهوية والتعليم باللغة الأم.

أما عن تفضيل الشباب لمنصات التواصل الاجتماعي، فقال إن هذا يرجع إلى عدم ثقة الشباب في وسائل الإعلام التقليدية الخاضعة بشكل شبه كامل للحكومة، وتزايد اليأس لديهم من تصريحات السياسيين.

أما عن الشباب أنفسهم، فتتباين أمزجتهم، فالشاب أحمد يلديز، البالغ من العمر 19 عاماً المقيم في منطقة الفاتح، معقل المحافظين المؤيدين لإردوغان، فقال إن «إردوغان يجب أن يرحل في الانتخابات المقبلة... لن أصوت له».

على العكس، قال محرم كاليجي، البالغ من العمر 23 عاماً، إنه سيصوت لإردوغان على الرغم من أنه عاطل عن العمل.

أما محمود كليتش (18 عاماً)، فقال إنه سيصوت لكليتشدار أوغلو لأنه يريد أملاً في المستقبل، كما أنه قدم وعوداً بدعم الشباب لاقتناء وسائل التكنولوجيا واستخدامها بحرية.



بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

عزّزت الصين انتشارها العسكري حول تايوان خلال الساعات الـ24 الماضية، مع إرسالها 53 طائرة عسكرية و19 سفينة، وفق ما أفادت به، الأربعاء، سلطات الجزيرة، واصفة بكين بأنها «مثيرة مشاكل».

وتُعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وتؤكد عزمها على إعادة ضمها مستقبلاً، حتى لو بالقوة.

وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى عام 1949، عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة، إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيس أمام القوى الشيوعية، بقيادة ماو تسي تونغ.

حاملة الطائرات الصينية «لياونينغ» ومجموعتها القتالية خلال تدريبات في أكتوبر 2024 (موقع الجيش الصيني)

وقالت تايوان، الأربعاء، إنها رصدت خلال الـ24 ساعة الماضية 53 طائرة عسكرية صينية و19 سفينة حول الجزيرة، في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان: «تُولّد هذه التصرفات حالة من عدم اليقين وأخطاراً في المنطقة، وتتسبب في اضطرابات للدول المجاورة، وتؤكد أن الصين مثيرة مشاكل تُهدد السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع، وستضمن «ألا يقوم أحد بأي شيء لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان».

وأضاف، الأربعاء، لصحافيين في قاعدة أميركية في اليابان: «نقولها مجدداً، سياستنا لم تتغير. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على وسائل للدفاع عن نفسها».

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: «إن الطائرات والسفن، وبينها 11 سفينة حربية، رصدت خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحاً (22.00 ت.غ الثلاثاء)».

لقطة من فيديو للجيش الصيني تُظهر ضابطاً ينظر للأفق عبر منظار مكبر على متن قطعة بحرية (أرشيفية - الجيش الصيني)

وهذا أعلى عدد من الطائرات والسفن الصينية التي ترصدها تايوان منذ المناورات العسكرية التي نظمتها بكين في أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على خطاب الرئيس لاي تشينغ تي، في العيد الوطني لتايوان قبل أيام من ذلك. وعند انتهاء تلك المناورات، رُصِد عدد قياسي، بلغ 153 طائرة صينية، في يوم واحد قرب الجزيرة، إضافة إلى 14 سفينة صينية.

والثلاثاء، أعلنت تايوان أنها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية، و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، وأدانتها بكين بشدّة.

جنود من الجيش الصيني خلال التدريبات (أرشيفية - موقع الجيش الصيني)

وفي المجموع، نشرت بكين نحو 90 سفينة على مساحة أوسع، في مياه بحر الصين الشرقي والجنوبي، وكذلك في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين، فيما وصفته تايبيه بأنها من كبرى المناورات البحرية منذ سنوات.

وقامت هذه السفن (60 سفينة حربية، و30 أخرى تابعة لخفر السواحل الصينيين) بمحاكاة مهاجمة سفن أجنبية، وتعطيل طرق شحن في المياه المحيطة بتايوان «لرسم خط أحمر» قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفق ما أوضح مسؤول أمني تايواني.

ولم يُعلن الجيش الصيني ووسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة النشاط في هذه المناطق.

لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية صرّحت، الثلاثاء، بأن الصين «ستدافع بقوة» عن سيادتها.

مقاتلة تظهر خلال دورية الاستعداد القتالي والتدريبات العسكرية حول جزيرة تايوان التي نفذها الجيش الصيني (أرشيفية - أ.ب)

وتأتي هذه المناورات بعد أيام من انتهاء جولة قام بها الرئيس التايواني، وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام، وأثارت غضباً صينياً عارماً، وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين.

وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في مايو (أيار).

وخلال جولته، أجرى لاي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، ما أثار غضب بكين.

وتتهم الصين لاي، مثل الرئيسة السابقة تساي إنغ وين، بالرغبة في تعميق الانفصال الثقافي مع القارة، منددة بالتصرفات «الانفصالية».

وتايوان التي تحظى بحكم ذاتي تُعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة، وكونها دولة ذات سيادة.

وبكين، التي تعارض أيّ اتصال رسمي بين تايبيه ودول أجنبية، دانت «بشدة» جولة لاي، وحضّت الولايات المتحدة على «التوقف عن التدخل في شؤون تايوان».

وكذلك، حذّرت بكين تايوان من أي محاولة «تهدف إلى الاستقلال بمساعدة الولايات المتحدة»، مؤكدة أنها «ستفشل».