الحوثيون يوسعون اعتقالاتهم في تعز ويختطفون طفلين في ذمار

اتهامات للجماعة باستباق ذكرى «الثورة اليمنية» وإرهاب المعلمين

الجماعة الحوثية توسع حملات اعتقالاتها في أوساط السكان مع اقتراب ذكرى «الثورة اليمنية» (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية توسع حملات اعتقالاتها في أوساط السكان مع اقتراب ذكرى «الثورة اليمنية» (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يوسعون اعتقالاتهم في تعز ويختطفون طفلين في ذمار

الجماعة الحوثية توسع حملات اعتقالاتها في أوساط السكان مع اقتراب ذكرى «الثورة اليمنية» (أ.ف.ب)
الجماعة الحوثية توسع حملات اعتقالاتها في أوساط السكان مع اقتراب ذكرى «الثورة اليمنية» (أ.ف.ب)

تشن الجماعة الحوثية منذ أيام حملة اعتقالات واسعة في عدد من مناطق سيطرتها، وتوسعت، أخيراً، في مديريتين تابعتين لمحافظة تعز (جنوب غربي)، طالت شخصيات سياسية واجتماعية وتربوية، مع توقعات باتساع تلك الحملات، استباقاً لذكرى «الثورة اليمنية»، كما حدث خلال العامين الماضيين.

وتواصل الجماعة الحوثية، منذ ثلاثة أسابيع، اعتقال العشرات من أهالي مديرية خدير التابعة لمحافظة تعز، وتتهم بعضهم بالتخابر مع الحكومة الشرعية، أو تنفيذ أنشطة سياسية محظورة، بينما تلاحق المعلمين بتهمة مخالفة المقررات الدراسية التي فرضتها منذ سيطرتها.

وشهدت مديرية ماوية، في المحافظة نفسها، اعتقال أكثر من 10 من الشخصيات الاجتماعية والتربوية، خلال الأيام الماضية، واحتجازهم في مدينة الصالح السكنية، الواقعة على الطريق الرابط بين مدينتي تعز وإب، التي حولتها الجماعة منذ سيطرتها على المنطقة إلى معتقل، وجاءت هذه الحملة بعد أسابيع من اعتقال مجموعة من شباب المديرية بحجة الاشتباه في تنقلاتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظة تعز، أن حملات الاعتقال مستمرة منذ أسابيع لأسباب مجهولة في الغالب، إلا أن ضحاياها، خلال الأيام الماضية، كانوا من العمال المتنقلين بين مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وغالبيتهم من العمال أو الباعة وسائقي سيارات النقل والأجرة، وفي الأيام الأخيرة طالت شخصيات اجتماعية وسياسية وتربوية.

وبينت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاعتقالات التي طالت العمال والباعة وسائقي السيارات، تنتهي بإلزام المعتقلين بكتابة تعهدات بعدم الانتقال خارج مناطق سيطرة الجماعة إلا بعد تقديم مبررات لذلك، والإفصاح عن أنشطتهم وتحركاتهم في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، والإبلاغ عن أي تحركات للجيش والأمن يستطيعون ملاحظتها هناك.

وبحسب المصادر، تجبر الجماعة الحوثية عائلات هؤلاء المعتقلين، على التزام الصمت وعدم النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، أو إبلاغ وسائل الإعلام، مقابل تسهيل إجراءات الإفراج عنهم، متوعدة بعدم إطلاق أي معتقل يجري النشر عن حالة اعتقاله.

اعتقالات احترازية

وتسببت الاعتقالات بإرهاق أهالي المعتقلين مالياً، حيث لا يسمح بزيارتهم أو إدخال مواد غذائية أو أدوية أو ملابس لهم إلا بعد دفع رشوة، وهو الأمر الذي يتكرر عند رغبة العائلة في مقابلة القادة الحوثيين المسؤولين عن عمليات الاعتقال، أو السماح للوسطاء بالتدخل.

«مدينة الصالح» السكنية تحولت تحت سيطرة الحوثيين إلى معتقل كبير (إكس)

ويرى أهالي المديريتين، أن حملات الاعتقالات، تأتي في سياق توجه حوثي لإلزام التربويين بتدريس المضامين التي فرضتها الجماعة في المناهج والمقررات الدراسية لخدمة مشروعها، وطبعت لأجلها كتباً مدرسيةً جديدة منذ بدء سيطرتها، في حين يرفض غالبية المعلمين تقديم هذه المضامين للتلاميذ والطلاب.

كما تتوقع الأوساط الحقوقية، أن تستمر حملات الاعتقالات وتتوسع خلال الأيام والأسابيع المقبلة، ضمن تحضيرات الجماعة لعدد من المناسبات، كما حدث خلال الأعوام الماضية.

وبينما تستعد الجماعة الحوثية لتنظيم احتفالات كبيرة في مختلف مناطق سيطرتها بمناسبة ذكرى المولد النبوي، التي تستغلها للدعاية لمشروعها الذي يُوصف بالطائفي، فإنها تخشى من ردة فعل السكان بالاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر»، التي يبدأون الاستعداد لها قبل موعدها بأسابيع.

ويقول أحد الناشطين المنتمين إلى مديرية خدير لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة الحوثية تدرك أن احتفالاتها بالمولد النبوي بتلك الطريقة التي تحتكر بها هذه المناسبة لصالحها، مستفزة للسكان وتدفعهم للتعبير عن رفضهم لتلك الممارسات بمختلف الوسائل والطرق، ومن ذلك الاحتفال بذكرى «الثورة اليمنية».

من احتفالات السكان في صنعاء بذكرى «الثورة اليمنية» العام الماضي (إكس)

وينوه الناشط الذي طلب التحفظ على بياناته حفاظاً على سلامته، إلى أن احتفالات الجماعة بالمولد النبوي تثير حفيظة المجتمع لكونها تدعي احتكار الحق بالاحتفال به من جهة، وتستغله لفرض نهجها وسيطرتها من جهة ثانية، إلى جانب حملات الجباية والإتاوات التي تفرضها باسم التبرع لهذه المناسبة، في ظل أوضاع معيشية وخدمية سيئة.

تنكيل بعائلة معلم

في سياق متصل، اختطفت الجماعة الحوثية، السبت الماضي، طفلين من أبناء معلّم معتقل لديها منذ قرابة أسبوعين في محافظة ذمار (جنوب صنعاء)، بعد محاصرة منزله، لإجبارهما على نفي الانتهاكات التي طالت عائلتهما.

وأعلنت مصادر حقوقية، أن الجماعة الحوثية اختطفت الطفلين سياف (16 عاماً) وعلي (15 عاماً)، من أبناء المعلم المعتقل لديها محمد حسين ناجي، واقتادتهما إلى سجن إدارة أمن مديرية جهران حيث يُحتجز والدهما.

واتهمت منظمة «مساواة» الحقوقية المحلية، الجماعة الحوثية باختطاف الطفلين بغرض إجبارهما على نفي واقعة الحصار الذي فرضته على منزل العائلة في مديرية جهران شمال المحافظة.

مجموعة من مسلحي الجماعة الحوثية خلال حصار منزل معلم مختطف لديها في ذمار (إكس)

واختطفت مجموعة من المسلحين يتبعون قيادياً حوثياً يُدعى أبو عبد الله المؤيد، أواخر الشهر الماضي، المعلم ناجي، من سوق مدينة معبر، مركز المديرية، دون توجيه تهم واضحة له.

وأتبعت ذلك الاعتقال بتعريض عائلة المعلم المعتقل لمضايقات مستمرة تمثلت بحصار المنزل، وتهديد عائلته بالقتل والطرد والاختطاف، وفقاً لـ«الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان».

ومنذ أسابيع، ينفذ الحوثيون حملات اعتقال واسعة لملاحقة الناشطين السياسيين والحوقوقيين والتربويين والشخصيات الاجتماعية في عدد من المحافظات، خصوصاً محافظة إب، إلى جانب ملاحقة أعضاء حزب «المؤتمر الشعبي العام» في صنعاء وموظفي المنظمات الدولية وعمال الإغاثة.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.