تكتم حوثي على تبعات كارثية لانفجار مخزن أسلحة

ضحايا بالعشرات والجماعة تسعى لحجب المعلومات حول الضحايا والدمار

أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
TT

تكتم حوثي على تبعات كارثية لانفجار مخزن أسلحة

أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)

تسببت انفجارات مخازن أسلحة تابعة للحوثيين بمقتل وجرح العشرات من سكان مديرية بني حشيش شمال شرقي العاصمة صنعاء، إلى جانب تدمير عدد من المنازل، وإثارة الهلع في أوساط الأهالي، في حين شنت الجماعة الحوثية حملات مداهمة واختطافات في محاولة لمنع نشر أخبار أو صور عن الواقعة.

وشهد حي سكني بين منطقتي «خشم البكرة» و«صَرِف» في مديرية بني حشيش، صباح الخميس، ثلاثة انفجارات عنيفة مجهولة السبب، قبل أن يتضح أنها ناتجة عن مخزن ذخيرة استحدثته الجماعة الحوثية وسط المباني السكنية في المنطقة، وعقب الانفجار الأخير اندلعت النيران في المكان لتتواصل بعدها انفجارات الذخيرة في المخزن، مؤدية إلى مقتل وإصابة عشرات السكان، ونقل العشرات منهم إلى المستشفيات القريبة.

وتقدر مصادر محلية عدد القتلى بأكثر من 50 شخصاً، مع احتمالية استمرار الوفيات خلال الأيام القادمة بسبب سوء حالة المصابين الذين يصعب تقدير أعدادهم، خصوصاً أن الشظايا وصلت إلى مناطق وقرى مجاورة، في حين أحصى أحد شهود العيان تهدم وتضرر قرابة 30 منزلاً ومبنى بالقرب من موقع الحادثة.

ويتوقع أن تكون الانفجارات ناجمة عن سوء تخزين الذخائر، بسبب استعجال الجماعة الحوثية في نقلها لمنع استهدافها من الطيران العسكري الأميركي أو الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية.

وذكر سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة الأمن التابعة للجماعة الحوثية فرضت طوقاً أمنياً على المنطقة، ونشرت فيها عدداً من نقاط التفتيش، ومنعت السكان من العبور منها وإليها إلا بعد إجراء تحريات حولهم والتحقيق معهم حول أسباب تحركاتهم وتنقلاتهم، برغم أن غالبيتهم كانوا يحاولون الهرب من الانفجارات أو يسعون للاطمئنان على أقاربهم.

وقال أحد أهالي المنطقة إن الانفجارات استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة وكأنها انفجار واحد متصل، وارتفعت أعمدة الدخان الذي غطى السماء، في حين كانت شظايا الذخائر المنفجرة تتساقط في كل الاتجاهات.

ملاحقات أمنية

ضاعفت الإجراءات الحوثية من هلع السكان خلال اندفاعهم للهرب والنزوح من المنطقة هرباً من الانفجارات، وبينما كانوا يحاولون الهرب لتجنب وصول الانفجارات والشظايا إليهم، أجبرتهم نقاط تفتيش على الانتظار لساعات طويلة.

وأكّد شهود عيان أن عدداً من المنازل القريبة من المخازن التي تعرضت للانفجارات تهدمت بسرعة عند بدء الانفجارات دون أن يُتاح لساكنيها ترتيب هروبهم منها أو حمل مقتنياتهم الثمينة، ولم يعرف مصير الكثير منهم بسبب حالة الهلع وإجراءات الجماعة الحوثية.

وأدى الدخان الكثيف الذي غطى المباني والطرقات إلى حجب الرؤية وعدم قدرة السكان على الاطمئنان على بعضهم خلال هروبهم من المنازل.

سكان نازحون يراقبون مشاهد الانفجارات وأعمدة الدخان (فيسبوك)

وحاول العديد من أصحاب المحال التجارية نقل بضائعهم لتقليل خسائرهم بعد أن طالت الشظايا والحرائق غالبية المباني، الأمر الذي ضاعف من حالة الإرباك والزحام في الطرقات، في حين اضطر غالبيتهم للسعي للنجاة بأنفسهم فقط.

وتلاحق أجهزة أمن الجماعة الحوثية رواد مواقع التواصل الاجتماعي من أهالي المنطقة بتهمة نشر معلومات وصور وتسجيلات فيديو عن الواقعة.

وتستند الجماعة، وفق المصادر المحلية، إلى مواقع وزوايا التصوير في ملاحقتها، حيث داهمت المنازل والمباني التي التقطت منها الصور وتسجيلات الفيديو من جهة، واختطفت عدداً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأجبرتهم على حذف ما نشروا من معلومات أو صور ومقاطع فيديو، وصادرت هواتف العديد منهم.

مطالبات بالإدانة

داهمت أجهزة أمن الجماعة المستشفيات التي نُقل إليها الجرحى للتحفظ عليهم ومنع تصويرهم أو نقل شهاداتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

آثار انفجارات مخازن أسلحة تابعة للحوثيين في حي سكني شرقي العاصمة صنعاء الخميس الماضي (إكس)

وكشفت مصادر طبية أن أقسام الطوارئ في مستشفيات الشرطة وزائد والمؤيد والسعودي الألماني القريبة من المنطقة، اكتظت بالجثث والمصابين الذين كان أغلبيتهم من النساء والأطفال.

وبحسب المصادر فإن أجهزة أمن الجماعة عملت على التحفظ على الجثث والمصابين ومنع التواصل معهم، وحذرت الأطباء والممرضين وموظفي المستشفيات من نقل أي معلومات لأي جهة كانت، وصادرت هواتف المصابين ومسعفيهم.

وتظهر الصور ومقاطع الفيديو التي تسعى الجماعة الحوثية إلى منع انتشارها مشاهد لتدافع السكان المذعورين من المنطقة، وأخرى للانفجارات والحرائق وأعمدة الدخان.

واتهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الجماعة الحوثية بالاستمرار في عسكرة الأحياء السكنية وتحويلها إلى مخازن أسلحة ومواقع إطلاق للصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يعرض المدنيين للخطر، ويخالف القوانين الدولية التي تحظر استخدامهم كدروع بشرية.

ووصف «المركز الأميركي للعدالة» (ACJ)، الواقعة بالكارثة الإنسانية، والخرق الجسيم للقانون الدولي الإنساني.

وعدّ الاستمرار في تخزين الأسلحة والمتفجرات وسط الأحياء السكنية انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، داعياً إلى ملاحقة جميع القيادات الحوثية المتورطة في مثل هذه الممارسات.

وطالب بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل لتحديد ملابسات الحادث، ومحاسبة المسؤولين عنه، وإخلاء الأحياء السكنية من أي مخازن أسلحة.


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
تحليل إخباري موالون للجماعة الحوثية يرفعون صوراً لزعيمهم خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

تحليل إخباري خوفاً على مشروعهم من الانهيار... دعوات حوثية للبحث عن حلول عاجلة للأزمة اليمنية

برزت أصوات من داخل جماعة الحوثيين تدعو إلى التحرك العاجل والبحث عن مخرج للأزمة اليمنية، تحسباً لتفاقم الأوضاع الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الداخل اليمني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي شاشة عملاقة نصبتها الجماعة في إحدى الساحات بصنعاء لمتابعة التصعيد بين إسرائيل وإيران (إكس)

الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

حشد الحوثيون أنصارهم وأجبروا الأهالي على حضور احتفالات «يوم الولاية» واستغلوا الاحتفالات لتأييد إيران في مواجهة إسرائيل، في ظل أوضاع معيشية صعبة يعيشها السكان.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي السعدي مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة (إعلام حكومي)

غروندبرغ: توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن

أمام مجلس الأمن الدولي، أعلن المبعوث الأممي إلي اليمن عن وجود توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن، في حين اتهم مندوب اليمن الحوثيين بعرقلة جهود السلام.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أدان عدم امتثال إيران لالتزاماتها (رويترز)

اليمن يطالب إيران بالكف عن زعزعة أمنه واستقراره

بالتزامن مع إدانتها لعدم الامتثال لالتزاماتها، طالب اليمن إيران بالكف عن زعزعة استقراره، في حين تشهد مناطق سيطرة الحوثيين تحركات موازية للتوترات في المنطقة

وضاح الجليل (عدن)

رسائل حميدتي الودية «لا تلقى اهتماماً» في مصر

السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل حميدتي الودية «لا تلقى اهتماماً» في مصر

السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل البرهان في القاهرة أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

يبدو أن الرسائل الودية الأخيرة لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (الشهير بـ«حميدتي»)، تجاه مصر، لم تجد لها صدى في القاهرة، التي عادة ما تؤكد «احترامها للشرعية والمؤسسات الرسمية السودانية».

ولأول مرة منذ نحو عام ظهر حميدتي، وسط جنوده فيما يبدو أنه معسكر تدريب ميداني يُرجح أنه في إحدى ولايات إقليم دارفور بغرب البلاد، متحدثاً بنبرة تصالحية تجاه مصر، رغم أنه من أسبوعين فقط ظهر عبر مقطع فيديو مكرراً اتهامات سابقة لها بمساندة الجيش السوداني عسكرياً، وهو ما نفته مصر بشدة.

وفي خطاب مسجل بُث مساء الأحد على قناته بمنصة «تلغرام» قال حميدتي: «راجعنا حساباتنا، وتوصلنا إلى أنه يمكن أن نحل مشكلاتنا مع مصر عبر طاولة الحوار والنقاش، وليس بالمشاحنات». وأكد أن «قوات الدعم السريع» ليست ضد أي دولة، وترغب في التعاون مع جميع دول الجوار لتأمين الحدود.

ورداً على تصريحات حميدتي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة مصر تجاه السودان ثابتة، وتتلخص في السعي إلى تحقيق الاستقرار والسلم الأهلي في هذا البلد الشقيق، واحترام سيادته وعدم التدخل في شؤونه، إضافة إلى احترام الشرعية والمؤسسات الرسمية السودانية، وأنها تواصل تعاملها في الملف السوداني انطلاقاً من هذه المبادئ والمعايير».

وجاء خطاب حميدتي بعد نحو أسبوع من سيطرة قواته على منطقة المثلث الاستراتيجية، التي تُشكّل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر، بعدما أعلن الجيش إخلاء قواته من المنطقة في إطار «ترتيبات دفاعية».

وفي كلمته، قال حميدتي: «دخول المثلث، لو ما كان إضافة للجيران فلن يكون خصماً عليهم»، مضيفاً: «ذهابنا إلى الصحراء أمن لجيراننا المصريين والليبيين والتشاديين، كلهم جيراننا، نحترمهم ونحترم حدودهم، ونحن ما عندنا مشكلة مع أي دولة».

من جانبه، قال عضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري لـ«الشرق الأوسط» إنه «بغض النظر عن نيات حميدتي من وراء هذا الكلام، خاصة أنه كان دائم الإساءة لمصر ويكيل الاتهامات غير المسؤولة لها بأنها تدعم الجيش السوداني بالسلاح والطيران، فإن سياسة مصر هي التعامل مع السلطات الشرعية فقط»، منوهاً بأنه «لا يعتقد أن السلطات المصرية تهتم بحديث حميدتي كثيراً لأنه يثبت تضاربه بنفسه».

وأكد بكري أن «مصر ضد تقسيم السودان، ومعنى أن تتعاون مع دقلو، أي تضر وحدة البلاد هناك، وهذا يمثل تهديداً للأمن القومي المصري الذي تتحدد سياستها وفقاً له ومن أجل الحفاظ عليه».

بدوره، قال وكيل جهاز المخابرات المصرية سابقاً اللواء محمد رشاد لـ«الشرق الأوسط» إن «حميدتي يرغب من وراء هذا الحديث الزج بمصر طرفاً في الصراع بالسودان، وهي مناورة منه لمحاولة تأكيد ما نفته القاهرة».

وشدد على أن «مصر ليست طرفاً في الصراع السوداني، لكنها تتعامل وتدعم سياسياً السلطة الشرعية»، موضحاً أن «مصر تستطيع الحفاظ على أمنها وحدودها جيداً... ولا تنتظر وعوداً منه أو من أي خارج على الشرعية».