تحركات مصرية سياسية واقتصادية لتنشيط الملاحة في قناة السويس

«الهيئة» تخفض رسوم العبور لتشجيع السفن

تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
TT

تحركات مصرية سياسية واقتصادية لتنشيط الملاحة في قناة السويس

تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

تكثف مصر تحركاتها السياسية والاقتصادية بهدف عودة حركة الملاحة بقناة السويس إلى طبيعتها، في ظل تراجع كبير لحركة السفن منذ بداية حرب غزة عام 2023، وما نتج عنها من توترات أمنية بالبحر الأحمر.

وبينما تبذل القاهرة جهوداً دبلوماسية على مستويات عدة لخفض التوترات بالبحر الأحمر، أعلنت هيئة قناة السويس، الثلاثاء، خفض رسوم عبور بعض السفن الكبرى، في محاولة لتشجيعها على العودة لمسارها المعتاد.

وتُشكّل قناة السويس مصدراً رئيساً للدخل القومي لمصر، إلا أنها تعرضت لضغوط كبيرة بعد هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على طرق الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، رداً على الحرب الإسرائيلية في غزة. ووفق تقارير رسمية، انخفضت إيرادات مصر من القناة بنسبة 60 في المائة خلال العام الماضي، ما يعادل خسارة قدرها 7 مليارات دولار.

وخلال استقباله وفداً من مجموعة «إيه بي مولر - ميرسك» الدنماركية الرائدة في مجال الشحن والنقل البحري، أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، عن «أمله أن تشهد الفترة المقبلة استعادة حركة الملاحة البحرية إلى مستوياتها الطبيعية».

وقال عبد العاطي، بحسب بيان للخارجية المصرية، إن «اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة يعد خطوة مهمة نحو استعادة الأمن والاستقرار بمنطقة البحر الأحمر، وتحقيق الأمن للملاحة البحرية، وتأمين حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد».

وزير الخارجية المصري يستقبل وفد «إيه بي مولر - ميرسك» الدنماركية الرائدة في مجال الشحن والنقل البحري (الخارجية المصرية)

وأعلنت سلطنة عُمان، الأسبوع الماضي: «التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة، وجماعة الحوثيين اليمنية»، وقالت «الخارجية» العمانية في إفادة لها: «لن يستهدف أي من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب، بما يؤدي لضمان حرية الملاحة، وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي»، لكن الجماعة اليمنية نفت أن يتضمن الاتفاق السفن الإسرائيلية.

وضمن تحركاتها لتجاوز الأزمة، تبدأ مصر، الخميس المقبل، تطبيق حزمة حوافز وتخفيضات على رسوم العبور بالقناة، تبلغ وفق الهيئة، نسبة 15 في المائة من رسوم عبور سفن حاويات ذات حمولة صافية 130 ألف طن أو أكثر (محملة أو فارغة)، ولمدة 90 يوماً.

ويتوقع خبير النقل الدولي الدكتور أسامة عقيل «عودة حركة الملاحة إلى قناة السويس تدريجياً، لكنها لن تعود لطبيعتها بنسبة مائة في المائة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «العامل الرئيس الذي يحكم عودة الملاحة لطبيعتها هو العبور الآمن بنسبة مائة في المائة، وهو أمر لم يحدث حتى الآن، ويتطلب استقراراً تاماً بمنطقة البحر الأحمر».

وبحسب عقيل، فإن «الملاحة ستتحسن تدريجياً في القناة يوماً بعد يوم نتيجة الاتفاقات التي تنهي التوتر بالمنطقة، وسيكون تحسناً ملموساً، وكلما زاد استقرار المنطقة زادت معدلات عودة الملاحة لطبيعتها».

ويعد عقيل «تخفيضات الرسوم حوافز جيدة يمكن أن تؤثر بشكل قوي عندما تعود الأمور الأمنية لطبيعتها».

رئيس هيئة قناة السويس خلال اجتماعه مع ممثلي 25 جهة من الخطوط والتوكيلات الملاحية (الهيئة)

وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في إفادة رسمية، الثلاثاء، إن التخفيضات تأتي «تلبية لمتطلبات كثير من العملاء من ملاك ومشغلي سفن الحاويات، وسعياً إلى تشجيع الخطوط الملاحية الكبرى على العودة للعبور من قناة السويس مرة أخرى في ظل الظروف المواتية، وما تشهده الأوضاع الأمنية في منطقة البحر الأحمر من استقرار وهدوء نسبي».

وأكد عقب استقباله السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني «سعي الهيئة الدائم إلى مواكبة المتغيرات المتسارعة في صناعة النقل البحري، والتعامل بمرونة مع التحديات الراهنة في منطقة البحر الأحمر على النحو الأمثل، وذلك بتحقيق التواصل المستمر والفعّال مع الأطراف المعنية كافة في المجتمع الملاحي الدولي».

ونقل البيان المصري عن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني، «اهتمامه بمتابعة تطورات الأوضاع بمنطقة البحر الأحمر في ضوء ما تمثله قناة السويس من أهمية استراتيجية لحركة التجارة العالمية»، معرباً عن أمله في «استمرار الاستقرار في الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وعودة معدلات الملاحة بالقناة إلى طبيعتها السابقة».

وثمّن كواروني «الجهود المصرية المبذولة لاستعادة الاستقرار بمنطقة البحر الأحمر، ودعوتها المستمرة لإعلاء الحلول السلمية لإنهاء مسببات الصراع، وعودة السلام إلى المنطقة».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، أن «الجهود المصرية لاستعادة الهدوء بمنطقة البحر الأحمر تسير في الاتجاه الصحيح سياسياً واقتصادياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من قوة التحركات المصرية، فإن استقرار منطقة البحر الأحمر مرهون بعوامل وملفات أخرى، منها نجاح المفاوضات الأميركية - الإيرانية، وهو ملف ربما سيكون له تأثير على التزام الحوثيين بأي اتفاق، لذلك تحتاج الجهود المصرية إلى سياسة النفس الطويل نتيجة تعقد المشهد الإقليمي».

ودعا رئيس هيئة قناة السويس، الجمعة الماضي، كل الخطوط الملاحية إلى «التفكير بجدية في تقييم جداول إبحارها، والنظر في إمكانية اتخاذ قرارات لعودة تدريجية لبعض السفن التابعة لها للعبور بالمنطقة».

وأكد ربيع خلال لقائه مع ممثلي 25 جهة من الخطوط والتوكيلات الملاحية الكبرى، أهمية «التفاعل الإيجابي مع المستجدات الراهنة، والعمل المشترك لتخفيف الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية، ومناقشة سُبل وآليات العودة التدريجية للعبور بالمنطقة».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: الملاحة بالبحر الأحمر تزيد 60 % بعد تقليص الحوثيين نطاق أهدافهم

العالم حاويات تعبر قناة السويس في الإسماعيلية بمصر (رويترز - أرشيفية)

الاتحاد الأوروبي: الملاحة بالبحر الأحمر تزيد 60 % بعد تقليص الحوثيين نطاق أهدافهم

قال الأميرال فاسيليوس غريباريس قائد مهمة «أسبيدس» البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي إن حركة الملاحة في البحر الأحمر زادت 60 في المائة إلى 36-37 سفينة يومياً.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد سفينة حاويات تمر في قناة السويس (رويترز)

ارتفاع حركة الشحن بالبحر الأحمر 60 في المائة منذ أغسطس الماضي

قال قائد مهمة «أسبيدس» البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، إن حركة الملاحة في البحر الأحمر زادت 60 في المائة إلى 36 - 37 سفينة يومياً، منذ أغسطس الماضي.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وخويي هايلونغ رئيس شركة «كومفلي هونغ كونغ» الصينية خلال توقيع عقد المشروع (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر توقع عقداً مع شركة صينية لإنشاء مجمع صناعي باستثمارات 20 مليون دولار

أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، توقيع عقد مشروع مع شركة صينية، لإنشاء مجمع صناعي متكامل بمنطقة القنطرة غرب الصناعية، لصناعة الحقائب وأمتعة السفر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة ملتقطة في 2 يونيو 2025 بالقاهرة تظهِر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (د.ب.أ)

السيسي يؤكد «حتمية» عودة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة، «حتمية» عودة الملاحة إلى طبيعتها في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري ترمب في القمة الخليجية - الأميركية بالرياض - 14 مايو 2025 (د.ب.أ)

تحليل إخباري بعد زيارة ترمب... عاصفة جيو-سياسيّة إيجابية تهب على العالم العربيّ

ما يجدر الوقوف عنده في زيارة الرئيس ترمب إلى منطقة الخليج العربيّ، هو أن العلاقة الخليجيّة، وبالتالي العربيّة، أصبحت علاقة عضويّة مُمأسسة.

المحلل العسكري (لندن)

أميركا تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية في الشرق الأوسط

حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
TT

أميركا تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية في الشرق الأوسط

حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

قال مسؤولان أميركيان، اليوم الجمعة، إن الولايات المتحدة تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية، ومنها السفن، في الشرق الأوسط، رداً على الضربات الإسرائيلية والانتقام الإيراني المحتمل.

وأمرت البحرية الأميركية المدمرة «توماس هودنر» للبدء بالإبحار نحو شرق البحر المتوسط، كما وجهت مدمرة ثانية بالبدء في التحرك قدماً في اتجاه المنطقة لتكون متاحة في حال طلب البيت الأبيض استخدامها.

وقال المسؤولان إن الرئيس دونالد ترمب بصدد عقد اجتماع مع كبار أعضاء مجلس الأمن القومي لمناقشة الوضع، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

حاملة الطائرات الأميركية جورج واشنطن ومجموعتها القتالية (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

وقد أدلى المسؤولان الأميركيان بالتصريحات شريطة عدم الكشف عن هويتهما، بدعوى الكشف عن تفاصيل لم يتم الإعلان رسمياً عنها بعد.

يذكر أن القوات الأميركية في المنطقة اتخذت تدابير احترازية منذ عدة أيام، من بينها السماح لأفراد عائلات العسكريين بمغادرة القواعد في المنطقة طوعاً، وذلك تحسباً للضربات الإسرائيلية وحماية هؤلاء الأفراد في حال وقوع رد واسع النطاق من جانب طهران.

أحد عناصر البحرية الأميركية فوق جناح طائرة حربية على متن حاملة الطائرات «كارل فينسون» (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

وعادة ما يتمركز نحو 30 ألف جندي في الشرق الأوسط، ويوجد نحو 40 ألف جندي في المنطقة الآن، وفقاً لمسؤول أميركي ثالث. وقد ارتفع هذا العدد ليصل إلى 43 ألف جندي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وسط التوترات المستمرة بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

ولدى البحرية الأميركية أصول إضافية يمكن أن تدفع بها إلى الشرق الأوسط إذا لزم الأمر، خاصة حاملات الطائرات ومجموعتها القتالية التي تبحر معها. وتتمركز حاملة الطائرات «كارل فينسون» في بحر العرب، وهي حاملة الطائرات الوحيدة في المنطقة.

وقال أحد المسؤولين إن حاملة الطائرات «نيميتز» موجودة في المحيطين الهندي والهادي ويمكن توجيهها إلى الشرق الأوسط إذا لزم الأمر، كما أن حاملة الطائرات «جورج واشنطن» غادرت للتو ميناءها في اليابان ويمكن توجيهها إلى المنطقة إذا ما طُلب منها ذلك.