واقع مفجع للأمهات والمواليد في اليمن... «الصحة العالمية» تحذر

45‎‎ % فقط من الولادات تحت إشراف طبي

لا يزال النزيف وتسمم الحمل من الأسباب الرئيسة لوفيات الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)
لا يزال النزيف وتسمم الحمل من الأسباب الرئيسة لوفيات الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)
TT
20

واقع مفجع للأمهات والمواليد في اليمن... «الصحة العالمية» تحذر

لا يزال النزيف وتسمم الحمل من الأسباب الرئيسة لوفيات الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)
لا يزال النزيف وتسمم الحمل من الأسباب الرئيسة لوفيات الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)

دقّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن الوضع المتردي لصحة الأمهات والمواليد في اليمن، والذي وصفته بالمفجع، وشددت على الحاجة المُلحّة لتوسيع نطاق التدخلات لإنقاذ الأرواح، وحماية صحة هذه الفئات الأكثر ضعفاً في البلاد.

وأكدت المنظمة أن عقوداً من الصراع والأزمات الإنسانية المُتفاقمة أدّت إلى تدمير النظام الصحي في اليمن؛ حيث تُظهر الإحصاءات صورةً قاتمة للمعاناة، والخسائر، وذكرت أن معدل وفيات الأمهات بلغ 183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية في عام 2020، ووصفت ذلك بأنه تراجعٌ مُدمّر في نتائج صحة الأم.

وإذ نبهت المنظمة إلى أن المضاعفات التي يمكن الوقاية منها، مثل النزيف وتسمم الحمل، لا تزال من الأسباب الرئيسة لوفيات الأمهات، وقالت إن حالات الخداج، والاختناق، والالتهاب الرئوي، وتسمم الدم ساهمت في ارتفاع معدلات وفيات حديثي الولادة بشكل غير مقبول.

وفي ظل نقص وتراجع تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حذّرت المنظمة من تفشي سوء التغذية، وفقر الدم بين النساء في سن الإنجاب، ما يُعرّض صحتهن وصحة أطفالهن للخطر.

وبحسب فريما كوليبالي زيربو، القائمة بأعمال ممثلة منظمة الصحة العالمية في اليمن، «فإن واقع الأمهات والمواليد الجدد في اليمن مفجع». وخلف الإحصاءات، تكمن قصص معاناة، وخسائر فادحة.

وجزمت بأنه لا يمكن قبول هذا الوضع الراهن، وشددت على وجوب التحرك بفاعلية، والتزام راسخ لضمان بدايات صحية، وتمهيد الطريق لمستقبل واعد.

دعم أساسي

أكدت منظمة الصحة العالمية في اليمن أنها تعمل بلا كلل مع شركائها في مجال الصحة لتقديم الدعم الأساسي، وتنفيذ التدخلات المنقذة للحياة، بما في ذلك تعزيز أنظمة الرصد لفهم وفيات الأمهات، والاستجابة لها بشكل أفضل، وتحسين جودة الرعاية في المرافق الصحية، وضمان الوصول إلى خدمات القابلات الماهرات، ورعاية التوليد الطارئة.

وإلى جانب ذلك، تعمل المنظمة على توفير الأدوية، والمعدات، واللوازم الأساسية للمرافق الصحية، وتدريب ودعم القابلات، ومقدمي الرعاية الصحية الآخرين؛ ومعالجة سوء التغذية من خلال برامج الفحص، والاستشارات الغذائية، والمكملات الغذائية.

183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية في صفوف الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)
183 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية في صفوف الأمهات في اليمن (الأمم المتحدة)

وتحدثت المنظمة عن الحاجة إلى زيادة تمويل تدخلات صحة الأم والوليد، وإعطاء الأولوية للنظام الصحي، وتعزيزه، وإلى تعاون جميع الجهات المعنية لتذليل العقبات التي تحول دون الوصول إلى الرعاية الصحية، وضمان حصول كل أم ومولود جديد على الرعاية التي يحتاجانها.

ورأت مديرة مكتب الصحة العالمية أن مستقبل اليمن يعتمد على صحة ورفاهية أمهاته، وأطفاله. ودعت ليكون هذا العام نقطة تحول، لعقد العزم جماعياً على حماية مستقبل واعد لجميع اليمنيين، والاستثمار فيه.

ووفق بيانات المنظمات الإغاثية، فإن 45 في المائة فقط من الولادات في اليمن تتم تحت إشراف طاقم صحي، فيما يبلغ معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة نحو 21.9 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية.

وبحسب البيانات نفسها، يعمل نحو نصف المرافق الصحية فقط بكامل طاقتها، وتواجه تلك التي لا تزال تعمل نقصاً حاداً في الأدوية الأساسية، والمعدات، والموظفين المؤهلين.

حواجز إضافية

خلق الصراع الذي فجره انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن حواجز إضافية أمام الرعاية الصحية، كما أن إغلاق الطرق بين المحافظات، والقيود المفروضة على التنقلات، والفقر الشديد عقّد الوصول إلى المرافق العاملة، وجعله أمراً خطيراً، وغالباً مستحيلاً بالنسبة للنساء الحوامل.

وطبقاً لبيان «الصحة العالمية»، يواجه اليمن تحديات شديدة فيما يتعلق بتغذية الأمهات، حيث تعاني نحو 20 في المائة من النساء الحوامل من سوء التغذية الحاد، مما يؤثر بشكل مباشر على نتائج الولادة. وتظل ممارسات الولادة التقليدية شائعة بحكم الضرورة، حيث تساعد القابلات التقليديات نحو 30 في المائة من الولادات.

كثير من الأطفال اليمنيين يعيشون في مخيمات مؤقتة دون خدمات أساسية (الأمم المتحدة)
كثير من الأطفال اليمنيين يعيشون في مخيمات مؤقتة دون خدمات أساسية (الأمم المتحدة)

وتؤكد المنظمة الأممية أن اليمن يواجه نقصاً كارثياً في القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية، حيث فرّ العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية، أو نزحوا، أو ظلوا من دون رواتب لسنوات.

ورغم هذه التحديات الهائلة، تحافظ المنظمات الإنسانية على خدمات الأمومة المحدودة حيثما أمكن، رغم أن الوصول لا يزال مقيداً بشدة في العديد من المناطق.

وتقول المنظمة إن الوضع مزرٍ بشكل خاص بالنسبة لنحو 4.5 مليون نازح داخلي، وكثير منهم من النساء والأطفال الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة من دون خدمات أساسية.


مقالات ذات صلة

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

العالم العربي محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن بصورة غير مسبوقة، وبلغت ساعات الإطفاء 22 ساعة في اليوم، بالتوازي مع تراجع سعر العملة المحلية إلى أدنى مستوى على الإطلاق.

محمد ناصر (تعز)
الخليج الدكتور عبد الله الربيعة والوزيرة جيني تشابمان خلال لقائهما في لندن الاثنين (مركز الملك سلمان للإغاثة)

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة» ووزارة الخارجية البريطانية بياناً مشتركاً لتوسيع نطاق الاستجابة للكوليرا في جميع أنحاء اليمن، يستفيد منه 3.5 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت ضربة في صعدة عشرات القتلى.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

المقاتلات الأميركية تتصيّد مقرات لمخابرات الحوثيين

مع استمرار الحملة الأميركية ضد الحوثيين في اليمن كثَّفت الضربات من استهداف مقار أجهزة مخابرات الجماعة، ومراكز للقيادة والسيطرة خلال الأيام القليلة الماضية.

محمد ناصر (تعز)

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
TT
20

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، بصورة غير مسبوقة، وبلغت ساعات الإطفاء 22 ساعة في اليوم، بالتوازي مع تراجع سعر العُملة المحلية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار.

وازدادت الأزمة حدة بسبب نفاد الوقود، وتوقف شركة «صافر» الحكومية عن تزويد المحطة الرئيسية بحصتها من الوقود الخام، بسبب ما قيل إنه تأخُّر الحكومة عن سداد مديونيتها.

كما ساهم إلغاء الحكومة عقود شراء الطاقة من القطاع الخاص -والذي كان يكلف الحكومة مليوني دولار يومياً- في تراجع القدرة التوليدية إلى مستويات متدنية جداً؛ حيث تعود الخدمة ساعتين فقط في اليوم الواحد، وهو ما أدى إلى خروج مظاهرات احتجاجية إلى شوارع المدينة؛ حيث قطع المحتجون بعض الشوارع وأحرقوا الإطارات المستعملة.

وردد المحتجون الهتافات المنددة بالأداء الحكومي وتردي الخدمات، وطالبوا بحل عاجل لأزمة الكهرباء، بينما تولت قوات الأمن تفريق الاحتجاجات.

محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)
محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

وذكر المحتجون أن 5 منهم أُوقفوا لدى الشرطة، وسط دعوات متزايدة لمواصلة الاحتجاجات التي شملت عدداً من مديريات المدينة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وعدم وجود حلول عاجلة لتوفير الوقود ومعالجة النقص في الخدمة.

وحذَّرت مصادر سياسية من تنامي هذه الاحتجاجات وخروجها عن السيطرة، كما حدث في مرات سابقة، حين اقتحم المحتجون قصر معاشيق؛ حيث يقيم مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة.

تهاوي العُملة

وسط هذه التطورات واتساع الأزمة الإنسانية في البلاد التي طالت أكثر من 17 مليون شخص، بينهم 5 ملايين طفل، سجَّل الريال اليمني أدنى سعر له في تاريخ البلاد أمام الدولار؛ حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 2500 ريال.

ويعود السبب الرئيسي لهذا التراجع الحاد إلى استمرار توقف تصدير النفط، نتيجة استهداف الحوثيين مواني التصدير، وتهديد السفن حتى لا تدخل إليها، وهو ما فاقم من الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة المعترف بها دولياً، وجعلها غير قادرة على تغطية كامل رواتب الموظفين العموميين.

الريال اليمني يهوي إلى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية (إعلام محلي)
الريال اليمني يهوي إلى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية (إعلام محلي)

وبينما كان المحتجون يغلقون الشوارع، أكد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك أنه تم تفعيل لجنة مناقصات شراء ونقل وتوزيع الوقود للكهرباء، مما أسهم في ترشيد الإنفاق بمئات الملايين من الدولارات في عام واحد.

كما وجَّه بن مبارك بإلغاء عقود الطاقة المشتراة في محافظة عدن التي كانت تمثل عبئاً مالياً على الدولة، وتُهدر خلالها ملايين الدولارات سنوياً، وقال: «تخيلوا أننا نصرف سنوياً 600 مليون دولار على شراء الكهرباء، ومع هذا فإنها غير منتظمة».

تفهُّم أمني

أكدت الأجهزة الأمنية في عدن تفهمها الكامل لحالة الغضب الشعبي التي تسود الأوساط المجتمعية، نتيجة استمرار انقطاع التيار الكهربائي بسبب نفاد الوقود المشغِّل لمحطات الطاقة، وقالت إنها تساند المطالب المشروعة للمواطنين، ودعت إلى التعبير عن الاحتجاجات بالطرق السلمية والقانونية.

وأكدت الشرطة في بيان لها عقب هذه الأحداث، رفضها القاطع لأي اعتداء أو مساس بالممتلكات العامة والخاصة، وحذَّرت من محاولات استغلال حالة الغضب لتنفيذ أعمال تخريبية تضر بمصالح المواطنين وأمن المدينة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

ودعت الشرطة في عدن إلى التحلِّي بضبط النفس واليقظة، وعدم الانجرار وراء محاولات مشبوهة تهدف إلى الإخلال بالأمن والاستقرار. ونبَّهت إلى خطورة استغلال القُصَّر في أعمال التخريب، وأكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أولياء أمور القُصَّر الذين يثبت تورط أبنائهم في مثل هذه الأعمال التي تمس الأمن والاستقرار.

وعلى صعيد منفصل، أوقفت مصلحة السجون استقبال أي سجناء جدد بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية من وزارة المالية، بعد أن تراجعت عن هذه الخطوة قبل شهرين، وكانت للأسباب ذاتها.

ووجَّه رئيس المصلحة، اللواء علي عبد الرب، مديري الفروع في المحافظات، بالتوقف عن استقبال أي سجناء جدد من تاريخ 28 أبريل (نيسان) الجاري، مع التوقف التام عن نقل السجناء إلى النيابات والمحاكم، وإبلاغهم بإمكانية ترتيب عقد الجلسات في مقر الإصلاحيات، حرصاً على سير العدالة.

وتضمنت توجيهات رئيس مصلحة السجون عدم السماح بالنزولات والزيارات، وإقامة الأنشطة للمنظمات الإنسانية المرخصة، وكذا تقليص الزيارات للسجناء، نتيجة عدم صرف الموازنة الشهرية، ما يهدِّد بالانهيار؛ لأن وقف التغذية يؤثر على خدمة السجناء.

وذكر المسؤول الحكومي أن خطابات رئيس الحكومة والقضاء إلى وزارة المالية بضرورة صرف موازنة السجون بصورة استثنائية، قد باءت بالفشل، رغم المتابعة المستمرة.