الإضراب يوقف التعليم بمناطق يمنية خاضعة للشرعية

الحوثيون في صدارة منتهكي حقوق المعلمين

المعلمون يطالبون برفع الرواتب لتتناسب مع الزيادة في أسعار السلع (إعلام محلي)
المعلمون يطالبون برفع الرواتب لتتناسب مع الزيادة في أسعار السلع (إعلام محلي)
TT

الإضراب يوقف التعليم بمناطق يمنية خاضعة للشرعية

المعلمون يطالبون برفع الرواتب لتتناسب مع الزيادة في أسعار السلع (إعلام محلي)
المعلمون يطالبون برفع الرواتب لتتناسب مع الزيادة في أسعار السلع (إعلام محلي)

شل الإضراب العام قطاع التعليم في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) احتجاجاً على تأخر صرف المرتبات لمدة شهرين، وللمطالبة بإعادة النظر في هيكل الأجور. فيما شهدت محافظات عدن ولحج إضرابات جزئية ووقفات احتجاجية للأسباب ذاتها.

هذه التحركات التي تشهدها مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، تأتي فيما يواصل الحوثيون قطع رواتب جميع الموظفين، بمن فيهم المعلمون، منذ ثمانية أعوام. كما تزامنت مع تأكيد تقرير حقوقي دولي أن الحوثيين يحتلون المرتبة الأولى في انتهاك حقوق المعلمين والأكاديميين، وأنهم تورطوا في وقائع اختطاف وتعذيب عددٍ منهم ضمن سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني، وتعطيل العملية التعليمية.

وذكرت مصادر تعليمية لـ«الشرق الأوسط» أن جميع المدارس الحكومية في محافظة تعز أغلقت أبوابها نتيجة الإضراب الشامل، بعد انقضاء مهلة الأسبوع التي مُنحت للحكومة للاستجابة لمطالب المعلمين الذين رفعوا الشارات الحمراء قبل الدخول في مرحلة الإضراب الشامل.

معلمون يمنيون يحتجون أمام مبنى محافظة عدن (إعلام محلي)

ويطالب المعلمون في المحافظة بصرف رواتبهم لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، وبدل غلاء المعيشة، أسوة بما حصل عليه نظراؤهم في عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة.

تحرك نقابي

وحملت النقابة التعليمية في تعز السلطتين المحلية والمركزية المسؤولية عما سيترتب على إجراءاتها من أضرار على العملية التعليمية. وقالت إن الإضراب الشامل عن العمل في جميع المدارس والمرافق التعليمية في المحافظة بدأ من يوم الأحد، وتم خلاله تعليق جميع الأنشطة التعليمية في خطوة تصعيدية لضمان تلبية مطالب المعلمين والتربويين.

ودعت النقابة جميع المعلمين والتربويين إلى وحدة الصف والتكاتف وتنفيذ الفعاليات الاحتجاجية، على أساس أن ذلك هو الطريق الصحيحة لتحقيق مطالبهم، وحماية مستقبل الطلاب.

وكان المعلمون في المحافظة استبقوا الإضراب الشامل ونظموا مسيرة احتجاجية أمام ديوان عام المحافظة، رددوا خلالها الشعارات المنددة بالأوضاع المعيشية للمعلمين، وحملوا لافتات تدعو لصرف الرواتب وإعادة النظر في هيكل الأجور والمرتبات.

الحوثيون استهدفوا أساتذة الجامعات والمدارس بالاعتقالات والفصل من العمل (إعلام محلي)

وبحسب مصادر في قطاع التعليم، بدأ الإضراب في أرياف محافظة تعز قبل أن ينتقل إلى عاصمتها، حيث أغلقت المدارس أبوابها بشكل كامل، ووجهت الدعوة إلى جميع الموظفين للمشاركة في الاحتجاجات للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة أيضاً. وأكد المعلمون على ضرورة انتظام صرف الرواتب، وإعادة النظر في هيكل الأجور وزيادة المرتبات، وتسكين الموظفين النازحين في قوائم المستحقين للرواتب مع العلاوات.

وفي محافظة عدن، التي سبقت الإضراب في تعز من خلال الإضراب الجزئي، تظاهر العشرات من المعلمين أمام مبنى المحافظة للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة، وبتعديل هيكل الأجور لكي يتناسب ذلك مع الزيادة الكبيرة في أسعار السلع. وقالوا إن القيمة الشرائية للرواتب تراجعت من 200 دولار إلى ما يعادل 25 دولاراً في الشهر بسبب تدهور سعر العملة المحلية.

ومع تمدد الإضراب إلى مدارس في محافظتي لحج وأبين المجاورتين، عدّت نقابة المعلمين والتربويين في عدن الإضراب وسيلة للوصول للحقوق وليس هدفاً بحد ذاته، مؤكدة في الوقت نفسه على استمرار الإضرابات التي تشل العملية التعليمية في عدن حيث العاصمة اليمنية المؤقتة حتى تنفيذ المطالب المشروعة لتحسين أوضاع المعلمين، وضمان صرف رواتبهم بانتظام وإقرار الزيادة المعلن عنها.

ويقول المعلم فكري إن رواتبهم أصبحت تساوي الآن أقل من 25 دولاراً، ومع هذا فإن الحكومة تتأخر في صرفها، في حين تمنح رواتب لعدد كبير من المسؤولين بالدولار.

الانتهاكات الحوثية

وفي سياق متصل بحقوق المعلمين، أكد تقرير حقوقي أن جماعة الحوثي المسلحة تصدرت قائمة الجهات المسؤولة عن الانتهاكات التي طالت أكاديميين ومعلمين في اليمن منذ انقلابها على السلطة الشرعية في عام 2014.

وأكد التقرير الذي حمل عنوان «مصابيح خلف القضبان»، الصادر عن بوابة المحاسبة والتقاضي الاستراتيجي في المجلس العربي، تعمد الجماعة الحوثية اختطاف وتعقب المعلمين والأكاديميين، ضمن سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية.

وقفة احتجاجية للمعلمين أمام مبنى محافظة تعز (إعلام محلي)

ورصد التقرير أكثر من 20 حالة اختطاف وإخفاء قسري طالت أكاديميين وتربويين، إلى جانب 8 شهادات لأسر الضحايا، و8 شهادات للمفرج عنهم.

التقرير الذي وثق حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الحوثيين يقدم تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق التي حصل عليها، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب، ونقل شهادة أربعة من المختطفين عن تعرضهم «لأشكال قاسية» من التعذيب الجسدي والنفسي. كما تضمنت الشهادات وصفاً لمحاكمات قال إنها تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.

ورصد التقرير انتهاكات متنوعة بحق الأكاديميين والمعلمين في سجون الحوثي، بما في ذلك القتل، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والاعتداء الجسدي، والتهم الملفقة، وتهديد أسر المعتقلين، وأحكام الإعدام، والفصل التعسفي من الوظائف، ومصادرة الممتلكات، والتهجير بعد الإفراج.

ويسلط التقرير الحقوقي الضوء على وقائع الاختطاف والتعذيب في عدة محافظات تحت سيطرة الحوثيين وتشمل صنعاء، والحديدة، وحجة، وتعز، وإب. ويبين أن معظم الضحايا ينتمون سياسياً إلى حزبي «التجمع اليمني للإصلاح»، و«المؤتمر الشعبي العام». وذكر أن من بين المستهدفين شخصيات بارزة مثل وزراء ومستشارين حكوميين، ورموز نقابية، ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

ويغطي التقرير الفترة من مايو (أيار) 2015 حتى أغسطس (آب) 2024، ويوصف التقرير هذه الفترة بأنها الحقبة التي شهدت «أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان». ودعا إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف التعذيب وسوء المعاملة، وإلغاء أحكام الإعدام، وتوفير الرعاية الطبية، والتعاون الكامل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: اعترضنا ثلاث مسيرات من جهة الشرق خلال ساعة واحدة

شؤون إقليمية صاروخ ينطلق من إحدى بطاريات نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: اعترضنا ثلاث مسيرات من جهة الشرق خلال ساعة واحدة

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض في غضون ساعة واحدة ثلاث طائرات من دون طيّار أطلقت من جهة الشرق، اثنتان منها على الأقل أطلقتا من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

حديث حوثي عن غارات غربية استهدفت صنعاء وعمران والحديدة

أقرّ الحوثيون بتلقي خمس غارات استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران الخميس وذلك غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

الحارس الحوثي القضائي يشعل خلافات مع أجنحة الجماعة

فجّرت ممارسات الحارس القضائي الحوثي الجديد المكلف مصادرة أموال المعارضين، خلافاً بين أجنحة الجماعة بعد أن امتدت هذه الممارسات إلى أحد وجهاء القبائل المتعاونين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية في صنعاء على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

كثّفت الجماعة الحوثية من الاعتقالات في صعدة بالتوازي مع إطلاقها سراح عدد من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي»، مقابل ضمانات بعدم القيام بأي سلوك يناهض توجهات الجماعة.

محمد ناصر (تعز)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.