​أزمة الاقتصاد في اليمن تتفاقم رغم جهود الإصلاحات

تصعيد الحوثيين أحبط جهود السلام وخطط التعافي

ازدياد التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
ازدياد التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
TT

​أزمة الاقتصاد في اليمن تتفاقم رغم جهود الإصلاحات

ازدياد التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
ازدياد التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة اليمنية (إعلام حكومي)

مع إصرار الحوثيين على الانخراط في الصراع الإقليمي، والانعكاس السلبي لذلك على جهود إحلال السلام في اليمن، تفاقمت الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الحكومة اليمنية بسبب استمرار توقف تصدير النفط الذي يُعَدّ أهم مصدر للعملة الصعبة.

وأوضحت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أن جهود معالجة الوضع الاقتصادي بموجب التفاهمات التي رعتها الأمم المتحدة تجمدت عند الخطوات الأولى التي اتخذها البنك المركزي في عدن بوقف إجراءاته ضد البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، فيما لا يزال الحوثيون يرفضون السماح بالحوالات المالية عبر الشبكة الموحدة من المناطق المحررة من الحوثيين حتى الآن.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

ووفقاً لما ذكرته المصادر، فإن الحكومة تواجه تحديات كبيرة في توفير رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، وقد اتخذت إجراءات تقشفية شديدة، كما أقدمت على إصلاحات مهمة في الجانب المالي والإنفاق، حيث منعت الوزارات والجهات من الصرف من عائدات الصناديق التخصصية، وربطت ذلك بوزارة المالية؛ لكونها الجهة الحكومية الوحيدة المخولة بإدارة الجانب المالي. كما أنها تواصل عملها لتحسين تحصيل الإيرادات وتوريدها إلى البنك المركزي، ومنع الجبايات غير القانونية.

ووفق المصادر، أسهمت المنحة المالية السعودية لدعم الموازنة، والإصلاحات التي تم اتخاذها ويستمر العمل بها بشكل كبير في استمرار صرف رواتب الموظفين، والإيفاء بالالتزامات الحكومية، وتقديم الخدمات للسكان في أدنى الحدود.

وحذرت المصادر من أنه إذا ظل الوضع الاقتصادي على هذه الحال من التدهور، فسوف تواجه الحكومة صعوبات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها، خاصة أن هذه التحديات تأتي متزامنة مع تراجع مقدار الدعم الدولي للاحتياجات الإنسانية بشكل لافت.

أزمة «اليمنية»

ذكرت المصادر الحكومية اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين مستمرون في السيطرة على ثلاث من طائرات الخطوط الجوية اليمنية، ويُسيّرون عبرها رحلات يومية إلى العاصمة الأردنية عمّان بشكل منفصل عن الإدارة العامة للشركة في عدن.

كما أقدم قادة الجماعة - بحسب المصادر - على إغلاق النظام الإداري والمالي عن الإدارة العامة، وقطعوا المخصصات المالية الشهرية للعاملين في الشركة بمناطق سيطرة الحكومة، ووصلوا إلى مرحلة الفصل شبه الكامل للشركة في مناطق سيطرتهم عن مكاتبها في مناطق سيطرة الحكومة.

الحوثيون يواصلون احتجاز ثلاث طائرات تتبع "اليمنية" ويعملون على تقسيم الشركة (إعلام حكومي)

وأظهر تعميم داخلي منسوب إلى رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، ناصر محمود محمد، مستوى التصعيد الذي وصلت إليه الأوضاع مع الإدارة الأخرى الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث طلب التعميم من نواب المدير العام ومديري الإدارات الرئيسية ومديري الأقاليم والإدارات التخصصية ومديري المناطق الداخلية والخارجية، وقف التعامل مع تعليمات نائب مدير العمليات؛ «نظراً لاستمرار التصعيد في إدارة التشغيل، وإيقاف مستحقات الطاقم المشغل للطائرات المنطلقة من عدن».

ويتهم التعميم نائب مدير العمليات باستغلال الوضع الراهن للسعي إلى فصل الشركة وخلق حالة من الفوضى، متجاوزاً صلاحياته من دون أي وجه قانوني ومن دون التنسيق، مستغلاً ضعف وعدم فهم خليل جحاف (فرضه الحوثيون قائماً بأعمال رئيس مجلس الإدارة في صنعاء) بآلية العمل في إدارة العمليات.

وتضمّن التعميم الإعلان عن تكليف بديل لنائب مدير العمليات، وأمرَ بوجوب أخذ أي معلومات متعلقة بهذه الإدارة مباشرة من رئيس مجلس الإدارة أو المكلف بأعمالها، وحذّر من أنه في حالة التعامل بغير ذلك ستتحمل كل الإدارات المسؤولية عما يترتب على هذا الأمر، وفق أنظمة ولوائح الشركة.

التهدئة الاقتصادية اليمنية أوقفت قرارات البنك المركزي في عدن (إعلام حكومي)

وذكرت مصادر سياسية أن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ استدعى ممثلي الأحزاب اليمنية إلى العاصمة الأردنية (عمّان) منذ أيام بهدف عقد لقاءات منفصلة مع ممثلي كل حزب.

وفي حين سيركز النقاش على استكشاف ممكنات استئناف مسار التسوية، وصفت المصادر هذه الخطوة بأنها محاولة غير فاعلة؛ لأن تعثر مسار السلام سببه الحوثيون، واستهدافهم الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وإصرارهم على أن يكونوا طرفاً في الصراع الإقليمي.


مقالات ذات صلة

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

العالم العربي الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

عبر رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية عن قلقهم الشديد إثر إحالة الحوثيين المعتقلين من الموظفين الأمميين والإغاثيين إلى النيابة الجزائية تمهيداً لمحاكمتهم

علي ربيع (عدن)
العالم العربي استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

شنت الجماعة الحوثية حملة ميدانية تستهدف معامل وورش صياغة الذهب والمجوهرات في صنعاء، وفرضت على ملاكها دفع إتاوات مالية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي حرب غزة منحت الحوثيين مبرراً لهجماتها ضد السفن التجارية وإسرائيل (رويترز)

الحوثيون والرد الإسرائيلي المرتقب... حذر وترتيبات وتمسك بالتصعيد

على الرغم من الهجمات الحوثية ضد إسرائيل وضربات الأخيرة الانتقامية من الجماعة في الحديدة فإن المواجهة بين الطرفين لا تزال محكومة بالحذر وترتيب الأولويات

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى المساعدات الغذائية (الأمم المتحدة)

اليمن يتصدر الدول الأكثر احتياجاً للمساعدات الغذائية

رسمت شبكة دولية معنية بمراقبة المجاعة صورة قاتمة لمستقبل الأمن الغذائي في اليمن، وقالت إنه سيظل في المراكز الأولى لقائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط)

وزير الدفاع اليمني: الحوثيون لن يتوقفوا حتى لو انتهت الحرب

استبعد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن تتوقف العمليات الحوثية ضد سفن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي بمجرد توقف حرب غزة، متهماً الجماعة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يتصدر الدول الأكثر احتياجاً للمساعدات الغذائية

الأمن الغذائي في اليمن شهد خلال العام الماضي تحسناً طفيفاً (الأمم المتحدة)
الأمن الغذائي في اليمن شهد خلال العام الماضي تحسناً طفيفاً (الأمم المتحدة)
TT

اليمن يتصدر الدول الأكثر احتياجاً للمساعدات الغذائية

الأمن الغذائي في اليمن شهد خلال العام الماضي تحسناً طفيفاً (الأمم المتحدة)
الأمن الغذائي في اليمن شهد خلال العام الماضي تحسناً طفيفاً (الأمم المتحدة)

مع تأكيد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالغة بالقطاع الزراعي في اليمن وفاقمت من الأمن الغذائي، رسمت شبكة دولية معنية بمراقبة المجاعة صورة قاتمة لمستقبل الأمن الغذائي في هذا البلد، وقالت إنه سيظل في المراكز الأولى لقائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية حتى الربع الأول من العام المقبل.

ووفق شبكة الإنذار المبكر المعنية بالمجاعة، فإن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن سوف تستمر دون أي تحسن. وقالت الشبكة إنه من المتوقع أن يحتل اليمن المركز الثاني في قائمة 31 بلداً تغطيها الشبكة، في معدل عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية وإنسانية عاجلة بحلول شهر أبريل (نيسان) 2025، بعد السودان، وتليهما الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وإثيوبيا.

الفيضانات ألحقت أضراراً جسيمة بالمجتمعات الزراعية (الأمم المتحدة)

وسيظل عدد اليمنيين الذين بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية إنسانية في مارس (آذار) المقبل، عند حدود 19 مليون شخص، وهو ما يعني أن أكثر من 55 في المائة من السكان بحاجة إلى هذه المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب التقرير.

ونبهت الشبكة إلى أن استمرار الظروف الاقتصادية السيئة وفرص كسب الدخل المحدودة على مستوى البلاد، سيؤديان إلى انتشار واسع النطاق لانعدام الأمن الغذائي على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي)، أو نتائج أسوأ في معظم المحافظات.

وأكدت أن أسرة واحدة على الأقل من بين كل 5 أسر تواجه فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، مصحوبة بسوء تغذية حاد مرتفع أو أعلى من المعتاد.

فجوات شديدة

وطبقاً لما أكدته شبكة الإنذار المبكر من المجاعة، فإنه في حال استمر برنامج الأغذية العالمي في توقيف توزيع المساعدات الغذائية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في شمال اليمن، فإن «السيناريو الأكثر ترجيحاً» أن تظل هذه المناطق تعاني من تفاقم حاد لأزمة انعدام الأمن الغذائي على مستوى الطوارئ (المرحلة الرابعة) حتى أبريل (نيسان) المقبل.

المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تواجه فجوات شديدة في استهلاك الغذاء (إعلام محلي)

وأظهرت البيانات أن أسرة واحدة من كل 5 أسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ستواجه فجوات شديدة في استهلاك الغذاء تؤدي إلى سوء تغذية حاد شديد أو زيادة في الوفيات، طوال فترة التوقع.

وأكدت أن العدد الإجمالي للمحتاجين للمساعدات الغذائية في البلدان التي تخضع لمراقبة شبكة الإنذار المبكر للمجاعة، يتراوح بين 130 و140 مليون شخص، وأن 10 في المائة من هذا العدد يتركز بشكل أساسي في السودان واليمن والكونغو الديمقراطية.

وتوقعت الشبكة أن تسهم نيجيريا وإثيوبيا وأفغانستان وجنوب السودان بنسبة تتراوح بين 5 و9 في المائة من إجمالي احتياجات المساعدات الغذائية.

عواقب وخيمة

أكدت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية أن الفيضانات التي نتجت عن الأمطار الغزيرة في أغسطس (آب) الماضي، خلال ذروة موسم الخريف في اليمن، ألحقت أضراراً جسيمة بالمجتمعات الزراعية في المرتفعات الغربية والمناطق المنخفضة. وأوضحت أن اليمن يواجه عواقب وخيمة على الأمن الغذائي والاقتصاد بشكل عام بسبب الأضرار الناجمة عن الفيضانات.

وبحسب التقرير، فإن المنطقة المتضررة من الفيضانات تبلغ 341.296 هكتاراً، بينما كان تأثير الفيضانات في المناطق الحضرية والريفية (مناطق الاستيطان) بمساحة 217 هكتاراً.

أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى المساعدات الغذائية (الأمم المتحدة)

وبلغ عدد السكان المتضررين بشكل مباشر 210.084 فرداً. وتم تحديد الأراضي الزراعية المتضررة بمساحة 98.726 هكتاراً، بما في ذلك المحاصيل العشبية، والمحاصيل الشجرية، والبساتين، وأشجار النخيل.

وبشأن تأثير الثروة الحيوانية، تضرر 279.400 من الأغنام والماعز، كما طالت الأضرار الجسيمة البنية التحتية مثل قنوات الري ومرافق تخزين المياه، مما أعاق جهود التعافي.

وتوقعت المنظمة الأممية أن يؤدي فقدان المحاصيل وانخفاض الدخل الزراعي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحالي في اليمن، وهو أمر بالغ الأهمية بالفعل بسبب الصراع المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي.