الحوثيون يهربون من المواجهة الاقتصادية إلى التصعيد الكلامي

عمليات اجتثاث مرتقبة في المؤسسات وتغيير للهياكل الإدارية

زعيم الحوثيين يسعى لابتزاز الحكومة اليمنية وحصد المكاسب دون إنهاء الانقلاب (رويترز)
زعيم الحوثيين يسعى لابتزاز الحكومة اليمنية وحصد المكاسب دون إنهاء الانقلاب (رويترز)
TT

الحوثيون يهربون من المواجهة الاقتصادية إلى التصعيد الكلامي

زعيم الحوثيين يسعى لابتزاز الحكومة اليمنية وحصد المكاسب دون إنهاء الانقلاب (رويترز)
زعيم الحوثيين يسعى لابتزاز الحكومة اليمنية وحصد المكاسب دون إنهاء الانقلاب (رويترز)

بعد عامين ونصف العام منذ سريان الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، وجد الحوثيون أنفسهم عاجزين عن المواجهة الاقتصادية مع الجانب الحكومي، فاختار زعيمهم عبد الملك الحوثي الهروب نحو التصعيد الكلامي والسعي للابتزاز، في وقت يتنامى فيه الصراع الداخلي، وتزداد الأوضاع المعيشية للسكان رداءة، حيث يواجه 6 ملايين شخص شبح المجاعة.

وتؤكد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً التزامها بنهج السلام، واتفاق الهدنة، وبينت أنها تمارس حقها السيادي في المعركة الاقتصادية التي بدأها الحوثيون منذ عام 2019 بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة، ووصولاً إلى ضرب موانئ تصدير النفط.

طفل يمني خلال تجمع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

وفيما يرد الحوثيون على ذلك بالحديث عن مؤامرة دولية وإقليمية، بدأوا التصعيد باحتجاز أربع من طائرات الخطوط الجوية اليمنية وصولاً إلى رفض استئناف الرحلات التجارية من صنعاء، وسعيهم لمصادرة أصول وأموال الشركة.

وذكرت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين كانوا يخططون للحصول على الفوائد المالية والاقتصادية المنصوص عليها في خريطة طريق السلام التي اقترحتها الأمم المتحدة فقط، ولكنهم لن يلتزموا بعد ذلك بتنفيذ أي مضامين أخرى تتعلق بفتح الطرقات وإنهاء الانقسام المالي، وتثبيت وقف إطلاق النار، والدخول في محادثات سياسية تؤدي إلى إنهاء الحرب والانقلاب.

عرقلة السلام

وفق المصادر الحكومية اليمنية، فإن الجماعة الحوثية والتي كانت سبباً في عرقلة تنفيذ خريطة طريق السلام من خلال الذهاب إلى مهاجمة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، تعتقد أنها ومن خلال التصعيد والتلويح بالعودة للحرب أن بإمكانها ابتزاز الشرعية وداعميها.

ورأت المصادر في ذلك تعبيراً عن انعدام الحيلة لدى الجماعة الانقلابية في المواجهة الاقتصادية مع الحكومة، والتي تقترب من ذروتها بانتهاء المهلة التي منحها البنك المركزي اليمني في عدن للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة لنقل مراكز عملياتها إلى عدن، وتهديده بسحب نظام المراسلات البنكية، ووضعها في القائمة السوداء استناداً إلى قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال.

وربطت المصادر التصعيد الخطابي للحوثيين بالأزمة الداخلية التي تعيشها الجماعة أيضاً مع بلوغ الصراع بين أجنحتها مرحلة متقدمة، وقالت إن ذلك الصراع كان ولا يزال سبباً في فشل زعيمهم بالمصادقة على تشكيل حكومة جديدة رغم مضي نحو تسعة أشهر على إقالة الحكومة الحالية، إلى جانب تحد آخر مرتبط بمواجهة مطالب الأطراف القبلية التي قاتلت في صفوف الجماعة طوال السنوات الماضية، وتعتقد أنه حان الوقت للحصول نصيبها من الثروة والسلطة التي استأثرت بها سلالة الحوثي.

ويتوقع المراقبون للشأن اليمني أن يزداد التصعيد الكلامي الحوثيين مع القرار الأخير الذي اتخذه محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، والذي ألغى بموجبه التراخيص المصرفية لستة مصارف في مناطق سيطرة الحوثيين.

ومع أن القرار استثنى من الإلغاء فروع البنوك الستة التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، فإنه ألزم هذه البنوك باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار مع مراعاة استيفاء حقوق المودعين لديها.

تهديد ووعيد

ظهرت آثار المواجهة الاقتصادية بجلاء في الخطاب الذي ألقاه زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أخيراً، والذي وصف فيه توجيهات البنك المركزي اليمني بنقل مراكز عمليات البنوك إلى مدينة عدن بأنها «خطوة جنونية»، وأنه لا أحد في العالم يفكر بهذه الطريقة.

وأقر الحوثي بشكل علني أن لهذه الخطوة «أثراً سيئاً على الواقع المعيشي»، قبل أن يعود ويقول إن جماعته لن تقف مكتوفة الأيدي «أمام الخطوات الجنونية».

وفي تبريره للصراع الداخلي الذي كان سبباً في عجزه عن تشكيل حكومة بديلة لحكومة الانقلاب التي لا يعترف بها أحد، قال الحوثي إن التأخير سببه «المسار» الذي يحتاج إلى عمل ومواكبة مستمرة، بما في ذلك السعي لتطهير مؤسسات الدولة، وقال إنهم راجعوا هياكل ونظم الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها، وشخصوا مكامن الخلل والتضخم والتداخل فيها.

ملايين اليمنيين تتهددهم المجاعة فيما يهرب الحوثيون نحو التصعيد (إعلام حكومي)

وفي إشارة واضحة إلى اعتزام الجماعة تنفيذ عملية تطهير جديدة للكادر الوظيفي في مؤسسات الدولة وإحلال عناصرها بدلاً عنهم، كما حدث في السابق حين تم إبعاد نحو 60 ألف موظف، وصف الحوثي في خطابه وضع المؤسسات ومختلف الجهات الرسمية بأنه «ملغّم بالعناصر التي تعمل على الإفشال والإعاقة، وإفساد الأمور».

وزعم الحوثي أن الجماعة بعد استكمال موضوع تشكيل الحكومة الانقلابية الجديدة سوف تتجه صوب تطهير الجهاز القضائي، ثم بقية الجهات والمؤسسات.

ومع إدراك الحوثي الرفض الشعبي لمحاولة «تطييف» مؤسسات الدولة المختطفة، طالب في خطبته «بتعاون شعبي وتفهم لمتطلبات مسار التصحيح والتغيير»؛ لأن جماعته تعمل في ظروف معقّدة، وكشف عن أنها أعادت تصميم الهياكل الإدارية، والأهداف والمهام.


مقالات ذات صلة

اليمن يطلق حملة لتحصين 3 ملايين شخص ضد الكوليرا

العالم العربي تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)

اليمن يطلق حملة لتحصين 3 ملايين شخص ضد الكوليرا

للحد من تصاعد الإصابات بالكوليرا، أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن حملة لتحصين أكثر من 3 ملايين شخص، بالتعاون مع منظمتي «الصحة العالمية» و«اليونيسيف».

محمد ناصر (تعز (اليمن))
المشرق العربي زعيم الحوثيين تجاهل الأحداث المتسارعة في سوريا وتطورات الشأن اللبناني (إ.ب.أ)

زعيم الحوثيين يتحاشى أحداث سوريا ويعوّل على الفصائل العراقية

تجاهل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه الأسبوعية الأحداث المتسارعة في سوريا والشأن اللبناني، مكتفياً بالحديث عن تنسيق جماعته مع الفصائل العراقية.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني (سبأ)

الزنداني يدعو إلى ضغط دولي لوقف انتهاكات الحوثيين

جدّد وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني الدعوة إلى ضغط دولي على الجماعة الحوثية لوقف انتهاكاتها ودفعها نحو السلام ووقف تهديدها الملاحة الدولية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي السفينة «غالاكسي ليدر» التي بدأ الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر بقرصنتها تحت مزاعم دعم قطاع غزة المحاصر (إ.ب.أ)

هيئة بحرية تبلغ عن حادث شمال غربي الحديدة في اليمن

أبلغت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم الجمعة، عن حادث على بعد 105 أميال بحرية شمال غربي الحديدة في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي معاقون يشاركون في وقفات احتجاجية تخدم أجندة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخضِعون أطفالاً معاقين للتعبئة الطائفية

أخضعت الجماعة الحوثية عشرات الأطفال اليمنيين المعاقين لتلقي دروس وبرامج تعبوية في العاصمة المختطفة صنعاء، ضمن ما تسميه «دورات توعوية».


اليمن يطلق حملة لتحصين 3 ملايين شخص ضد الكوليرا

تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)
تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطلق حملة لتحصين 3 ملايين شخص ضد الكوليرا

تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)
تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)

في الوقت الذي بلغ فيه عدد الإصابات المسجلة بوباء الكوليرا نحو 200 ألف حالة خلال العام الحالي، أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن حملة لتحصين أكثر من 3 ملايين شخص ضد الوباء، بالتعاون مع منظمتي «الصحة العالمية» و«اليونيسيف»؛ إذ ستغطي هذه المرحلة 6 محافظات، وبمشاركة 7 آلاف عامل.

وذكر وزير الصحة اليمني، قاسم بحيبح، أن حملة التحصين الطارئة ضد مرض الكوليرا التي تنفذ بدعم من «حلف اللقاح العالمي»، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، تأتي في إطار جهود الحكومة لمكافحة انتشار الوباء، والحد من تأثيره على الصحة العامة، خصوصاً في المناطق الأكثر تأثراً بالمرض.

7 آلاف شخص سيعملون على تحصين المستهدفين من منزل إلى منزل (إعلام محلي)

ووفق الوزير اليمني، فإن الحملة تعد خطوة مهمة في إطار الاستجابة الصحية السريعة لمواجهة التحديات التي فرضها تفشي الكوليرا في بعض المناطق؛ حيث تستهدف شريحة واسعة من السكان من عمر عام وما فوق في المناطق الموبوءة، وذلك بهدف تعزيز المناعة المجتمعية، وتقليل خطر انتشار المرض.

وأوضح بحيبح أن الحملة الطارئة للتحصين تستند إلى خطة وطنية شاملة، بالتعاون مع شركاء القطاع الصحي؛ حيث سيجري توزيع اللقاحات بشكل مجاني من خلال الفرق الطبية المتنقلة والمراكز الصحية في المناطق المستهدفة. قائلاً إن الوزارة بذلت جهوداً كبيرة لضمان توفير اللقاحات بكميات كافية، وأن فرق التحصين مدربة بشكل كامل على الإجراءات اللازمة لضمان وصوله بأمان وسلامة للمستهدفين.

دعوة لإنجاح الحملة

في حين دعت وزارة الصحة اليمنية السكان إلى التعاون الكامل مع الفرق الطبية، والتوجه للحصول على اللقاح، لأن الوقاية هي السبيل المثلى للتصدي لهذا المرض، تعهّدت السلطة المحلية بالعاصمة المؤقتة عدن بدعم وإنجاح الحملة، وبما ينعكس إيجاباً على صحة السكان.

وشدّدت السلطات في عدن على ضرورة الالتزام بأدبيات الحملة في إعطاء اللقاحات، والوصول إلى المنازل المستهدفة، والإسهام في إنشاء قاعدة بيانات سليمة للحملة تُساعد صناع القرار والمختصين في تحديد خط سير التحصين ضد الكوليرا.

وتحدّث في حفل إطلاق الحملة كل من مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في عدن محمود ظاهر، وناصر قدورة ممثل منظمة «اليونيسيف»، إذ أكدا أهمية تحصين المجتمع المستهدف ضد الكوليرا، ونبّها إلى أهمية مواصلة حملات التحصين، لتشمل كل المحافظات اليمنية، والوصول إلى اليوم الذي يتم فيه الإعلان رسمياً عن خلو هذا البلد من وباء الكوليرا.

وستغطي الحملة، التي ستستمر أسبوعاً، 34 مديرية، موزعة على 6 محافظات يمنية، وسيعمل على تنفيذها من منزل إلى منزل كادر صحي يبلغ عدده 7 آلاف شخص، موزعين على 3820 فرقة ثابتة ومتحركة.

أغلب حالات الإصابة بالملاريا في الجزيرة العربية مسجلة في اليمن (الأمم المتحدة)

انتقال مرتفع للملاريا

وكانت منظمة الصحة العالمية قد صنّفت اليمن من بين 6 بلاد في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ​​توجد فيه مناطق ذات انتقال مرتفع للملاريا، وتمثل غالبية حالات الملاريا في شبه الجزيرة العربية.

وأكدت المنظمة أن تقرير الملاريا العالمي يقدر بأن أكثر من 21 مليون شخص في هذا البلد معرضون لخطر الإصابة بالملاريا. كما تعد حمّى الضنك، التي تتداخل مع الملاريا في المناطق الموبوءة، مشكلة صحية عامة رئيسة.

ومنذ بداية هذا العام، وطبقاً لما أوردته الصحة العالمية، أبلغ اليمن عن 1.051.287 حالة مشتبهاً بها من الملاريا و13.739 حالة مشتبهاً بها بحمى الضنك.

ونبّهت إلى أن العوامل المناخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية في المناطق الساحلية الغربية عرضة للانتشار بشكل خاص. وقد أسهمت التقلبات الجوية الأخيرة في انتشار الأمراض المنقولة، ما يعرض المجتمعات الضعيفة للخطر.