قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

وزير يمني انتقد «التراخي الدولي» ضد انتهاكات الانقلابيين

عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
TT

قلق أوروبي من استمرار اعتقال الحوثيين موظفي الوكالات الأممية

عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)
عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في زيارة سابقة لعدن (سبأ)

عبّر سفراء الاتحاد الأوروبي لدى اليمن عن قلقهم العميق إزاء استمرار الحوثيين في اعتقال عشرات الموظفين في الوكالات الأممية والدولية والمحلية وإخفائهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، داعين إلى الإفراج عنهم دون شروط.

وتزامن القلق الأوروبي مع تصريحٍ لوزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، ندد فيه بانتزاع الحوثيين الاعترافات بالإكراه من المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، منتقداً ما وصفه بـ«تراخي المجتمع الدولي» إزاء انتهاكات الجماعة المدعومة من إيران.

الحوثيون كثفوا حملات الاعتقال في أوساط الموظفين الإغاثيين بمناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

وقال رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي لدى اليمن في بيان على منصة «إكس»، (الخميس)، إنهم يشعرون بقلق عميق إزاء الاحتجاز التعسفي من الحوثيين لموظفين لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية وبعثات دبلوماسية في اليمن.

وأكد السفراء الأوروبيون أن استمرار احتجاز الحوثيين للموظفين الإنسانيين دون أي تواصل معهم لأكثر من 90 يوماً حتى الآن «يعوق بشدة قدرة المجتمع الدولي على مساعدة ملايين اليمنيين المحتاجين إلى المساعدات بشكل عاجل».

وشدد السفراء على أنهم يدعمون بشكل كامل ويؤكدون الدعوات الدولية المتكررة، التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين في سجون الجماعة الحوثية.

كانت الجماعة قد أطلقت في يونيو (حزيران) الماضي موجة اعتقالات شملت 13 موظفاً يمنياً في الوكالات الأممية وعشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإغاثي والإنساني، حيث تحدثت تقارير حقوقية عن اعتقال نحو 70 شخصاً.

ودأبت الجماعة الحوثية على توجيه تهم إلى المعتقلين في المنظمات الأممية والدولية بـ«التخابر والتجسس» لمصلحة الولايات المتحدة، وانتزاع اعترافات بالإكراه تُدين المعتقلين، وبثها عبر وسائل إعلامها.

الحوثيون اعتقلوا موظفاً يمنياً بمكتب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في صنعاء (الأمم المتحدة)

ولم تفلح حتى الآن المطالب الأممية والدولية في إقناع الجماعة الحوثية بالإفراج عن المعتقلين، وسط دعوات الحكومة اليمنية المتكررة لنقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى مدينة عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد.

اعترافات مفبركة

على خلفية الاعترافات «المفبركة» التي تبثها الجماعة الحوثية للموظفين لدى المنظمات الأممية والدولية المعتقلين، وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، ذلك بأنه «جريمة نكراء».

وقال الإرياني، في تصريح رسمي: «إن ما تنشره ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، من اعترافات متسلسلة ومفبرَكة لنخبة المجتمع من أكاديميين وخبراء وموظفين في المنظمات الدولية والمحلية، والبعثات الدبلوماسية، أفنوا حياتهم في خدمة البلد، واستخدامهم مادةً للدعاية الإعلامية والبروباغندا السياسية، جريمة نكراء لم يسبق لها مثيل، إذ تكشف عن همجية الجماعة وتخلفها وتجردها من كل القيم والاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، واستهانتها واستخفافها باليمنيين»، على حد قوله.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (رويترز)

وأوضح الوزير اليمني أن المتتبع لهذه السلسلة من الاعترافات المُفبركة، ومضامينها التي قال إنها «تثير السخرية»، يكتشف أن ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، قد رسم سيناريو مُسبقاً لمزاعم وجود نشاط استخباراتي أجنبي في اليمن، ثم بحث عن ضحايا لأداء الأدوار في تلك المشاهد الهزيلة لإثبات صحة تلك المزاعم.

وأضاف أن الجماعة لقَّنت المعتقلين عبارات الاعتراف «مقابل وعود بالإفراج عنهم، دون أي اعتبار لأعمارهم ومكانتهم وأدوارهم في خدمة المجتمع، ومشاعر أهاليهم».

وأشار الإرياني إلى أن الهدف مما وصفها بـ«الدعاية السياسية الرخيصة» هو الادعاء أن اليمن كان قبل انقلاب الحوثي مسرحاً للتدخلات الأجنبية، وساحة لنشاط الاستخبارات الدولية، قبل أن يأتي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لوضع حد لهذا الاختراق.

وإضافة إلى هذا الهدف، قال الوزير اليمني إن الجماعة الحوثية تسعى إلى شرعنة سياساتها التدميرية الممنهجة لمؤسسات الدولة، واستمرار وصايتها على المنظمات الدولية والمحلية، وفرض قيودها على الحريات العامة والخاصة، وإرهاب المجتمع. وفق تعبيره.

ادعاءات باطلة

أكد وزير الإعلام اليمني في تصريحه أن الضحايا الأبرياء الذين تعرضوا للاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي من الحوثيين طيلة أعوام، ولُطخت سمعتهم بنشر صورهم واعترافاتهم التي انتُزعت تحت الضغط والإكراه، كانوا يؤدون مهامهم الروتينية ووظائفهم بشكل اعتيادي في مؤسساتهم ومنظماتهم وسفاراتهم، كما هو حاصل في كل دول العالم، وأن كل ما تروِّج له ميليشيا الحوثي من تهم تجسس بحقهم، هي ادعاءات كاذبة وتهم باطلة ليس لها أساس مادي ولا معنوي.

موظفون أمميون وعاملون سابقون في السفارة الأميركية اعتقلهم الحوثيون بتهمة التجسس (إعلام حوثي)

واتهم الإرياني المجتمع الدولي بالتراخي في التعامل مع الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية، و«غضّ الطرف عن ممارساتها الإجرامية»، وقال إن ذلك «أسهم في الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة التي تقتحم فيها الميليشيا مقرات المنظمات الدولية، وتتعامل مع موظفيها والبعثات الدبلوماسية على أنهم جواسيس وعملاء، وتقتادهم إلى المعتقلات، وتتخذهم على طريقة (داعش) و(القاعدة) أدوات للدعاية والضغط والابتزاز والمساومة».

وطالب وزير الإعلام اليمني بموقف دولي حازم إزاء انتهاكات الحوثيين الصارخة للقانون الدولي والإنساني، واتخاذ إجراءات قوية ورادعة تتناسب مع الجرائم التي يرتكبونها.

ودعا الإرياني إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الجماعة الحوثية لإطلاق جميع المحتجزين قسراً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، والبعثات الدبلوماسية والشروع الفوري في تصنيفها «منظمةً إرهابيةً عالميةً»، ودعم الحكومة فرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».