قطاع التجارة والصناعة تحت سيطرة الحوثيين يواجه الإفلاس

وزير انقلابي متهم بالفساد والتعسف وتعيين الموالين

مقر وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقر وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية (فيسبوك)
TT

قطاع التجارة والصناعة تحت سيطرة الحوثيين يواجه الإفلاس

مقر وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقر وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية (فيسبوك)

يشهد قطاع التجارة والصناعة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تردياً في الخدمات وتراجعاً كبيراً في الإيرادات، نتيجة ممارسات القيادي محمد المطهر المشرف على القطاع، الذي طال فساده قطاعات أخرى مثل الأوقاف والأشغال العامة، وتسبب نهجه في توقف مستحقات الموظفين الذين يجري إقصاء وتهميش العشرات منهم.

وأفادت مصادر في قطاع الأشغال بالعاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بأن المطهر تجاوز في ممارساته قطاع التجارة الذي يشرف عليه، وأقدم على ممارسات فساد في قطاعات أخرى، دون أن تصدر أي مواقف مناهضة لتلك الممارسات.

وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثي غير المعترف بها (إعلام حوثي)

وقالت المصادر إن المطهر استولى على مساحة من الأراضي في حي الحصبة شمال صنعاء، وكان يخطط لبناء حديقة أطفال عليها قبل الانقلاب الحوثي، وحولها إلى سوق بإنشاء متاجر أجرها لعدد من الباعة، أغلبهم من تجار الأثاث المستعمل.

وأشارت المصادر إلى أن المطهر تلقى مساندة من شخصيات حوثية في قطاع الأشغال، عملت على مضايقة الباعة المتجولين وبائعي الأثاث المستخدم، لإجبارهم على الانتقال إلى هذه السوق واستئجار محلات فيها.

ولم يصدر عن قطاعي الأوقاف والأشغال أي موقف تجاه ممارسات المطهر سواء باستيلائه على أرض مملوكة للدولة التي انقلبت عليها الجماعة، أو بتحويلها إلى سوق تجارية والإشراف عليها وتحصيل إيجاراتها.

تعيينات شفوية

يشتكي عدد كبير من موظفي قطاع التجارة والصناعة في صنعاء من تعسفات جديدة، مثل منعهم من دخول مقرات القطاع، وتهديدهم بحرمانهم من المستحقات المالية في حال الإصرار على الحضور أو الحديث عن الممارسات والإجراءات المخالفة للقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبحسب المصادر، فإن مدير مكتب القيادي الحوثي محمد المطهر الذي يتولى وزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلابيين الحوثيين التي لا يعترف بها أحد، طلب من الموظفين المقصيين الامتنان لعدم إيقاف مستحقاتهم المالية.

قرارات وتعيينات شفوية في قطاع الصناعة والتجارة بصنعاء أدت إلى تراجع الإيرادات وتوقف مستحقات الموظفين (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن المطهر يصدر قرارات شفوية، وأغلبها مخالفة للقانون واللوائح، وحتى للنهج الذي كان يعمل به سلفه عبد الوهاب الدرة، ولا يقبل أي اعتراض أو نقاش لقراراته.

ويتحايل المطهر على بند في قرار قيادة الجماعة بحل حكومة الجماعة الحوثية غير المعترف بها، قضى باستمرار عملها حتى تشكيل حكومة جديدة مع نزع صلاحياتها في إصدار القرارات، خصوصاً قرارات التعيين؛ بإصدار توجيهات شفوية في مختلف شؤون القطاع، بما في ذلك قرارات بإنشاء أقسام وإدارات جديدة، وتعيين مديرين ورؤساء عليها.

وإلى جانب التعيينات؛ تشمل التوجيهات والقرارات الشفوية عزل أو نقل مديري الإدارات القديمة، حيث يزاول المعينون بتلك القرارات مهامهم بصلاحيات كاملة، ويصدرون بدورهم قرارات وتوجيهات شفوية، خصوصاً ما يتعلق بإصدار السجلات وتسجيل الوكالات والشركات والعلامات التجارية الجديدة.

ومن ضمن ممارسات المطهر للسيطرة على القطاع وتعيين المقربين منه والموالين لجناح عبد الكريم الحوثي عم زعيم الجماعة؛ إصدار قرارات تأديبية بحق مديري ورؤساء أقسام وموظفين بحجة ارتكابهم مخالفات قانونية، واتخاذ تلك التهم مبررات لإزاحتهم.

صراع الأجنحة الحوثية يؤدي إلى مزيد من الفساد وتردي الخدمات والعجز عن مواجهة التحديات الداخلية (غيتي)

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، قرر قبل 9 أشهر، إقالة الحكومة الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، بعد ازدياد الشكاوى من فسادها، على أن تستمر بأداء مهامها حتى تشكيل حكومة انقلابية جديدة، مطلقاً وعوداً بإحداث تغييرات جذرية في منظومة الحكم التي تسيطر عليها الأجنحة المتصارعة على الأموال والنفوذ، إلا أن ذلك لم يتحقق.

تحدي القيادات العليا

استمر القيادي الحوثي محمد المطهر بإصدار قرارات التعيينات، رغم توجيه رئيس حكومة الجماعة عبد العزيز بن حبتور له أكثر من مرة بالتوقف عن إصدارها من دون موافقة الجهات المعنية عليها.

وجاء في مذكرة صادرة عن القيادي أحمد حامد، مدير مكتب رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي)، أن قرارات المطهر التي أصدرها بتعيين بعض الشخصيات في الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس لم تمر عبر الآليات المتبعة، وعدّتها ملغية.

إلا أن المطهر، وبحسب المصادر، يرد على تلك التوجيهات والمذكرات، وأمام موظفي الوزارة بالسخرية منها، واعتبار نفسه أكبر من أن يتلقى مثلها، وبعبارة واحدة يكررها باستمرار عند كل مرة يسمع فيها كلمة القانون؛ هي «توجيهاتي هي القانون».

وتسببت تلك الإجراءات بتوقف نشاط فروع القطاع ومكاتب تسجيل حقوق الملكية وتوكيلات الشركات الأجنبية، وتراجعت هذه الخدمات بشكل كبير، وترتب على ذلك انخفاض مهول في إيرادات القطاع، وبالتالي تراجع المستحقات المالية لغالبية الموظفين، وحرمانهم من الحوافز التي يتحصلون عليها نتيجة استمرار هذه الخدمات.

بعد 9 أشهر من إقالة الحكومة الانقلابية لا تزال الجماعة الحوثية عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة (أ.ف.ب)

ورغم توقف رواتب غالبية الموظفين العموميين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية منذ ما يقارب 8 أعوام؛ فإن موظفي القطاعات الإيرادية يحصلون على حوافز ومكافآت من إيرادات هذه القطاعات، ويرى مراقبون أن الجماعة اضطرت لمنح هؤلاء الموظفين جزءاً من مستحقاتهم لحاجتها إلى استمرارهم في مهاهم من أجل تدفق الإيرادات.

وفي فبراير (شباط) الماضي، ألزمت الجماعة الحوثية برلمانها غير الشرعي بسحب قرار حجب الثقة عن المطهر، الذي صدر بعد عدة جلسات لمناقشة التهم الموجهة له بالفساد، والتسبب في هروب التجار ورجال الأعمال من صنعاء، وفق ما صرح به عضو مجلس حكم الجماعة سلطان السامعي.

ويرجح أن الجناح الذي يقوده عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي الذي يتولى وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب ويساعده فيها نجل مؤسس الجماعة علي حسين الحوثي، وعبد الحكيم الخيواني رئيس ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات، كان وراء إلزام البرلمان بالتراجع عن قرار سحب الثقة.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.