انقلابيو اليمن يستولون على أكبر شركتين لصناعة الأدوية

اعتقال 8 مديرين بينهم امرأة تمهيداً لمحاكمتهم

شركتان يمنيتان تغذيان السوق المحلية بالأدوية كما تصدّران كميات كبيرة إلى القرن الأفريقي (إعلام محلي)
شركتان يمنيتان تغذيان السوق المحلية بالأدوية كما تصدّران كميات كبيرة إلى القرن الأفريقي (إعلام محلي)
TT

انقلابيو اليمن يستولون على أكبر شركتين لصناعة الأدوية

شركتان يمنيتان تغذيان السوق المحلية بالأدوية كما تصدّران كميات كبيرة إلى القرن الأفريقي (إعلام محلي)
شركتان يمنيتان تغذيان السوق المحلية بالأدوية كما تصدّران كميات كبيرة إلى القرن الأفريقي (إعلام محلي)

فيما كان الرأي العام اليمني مشغولاً بالمواجهة الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي الانقلابية، أقدمت الأخيرة على وضع يدها على أكبر شركتين للصناعات الدوائية في البلاد؛ بحجة أن هناك مساهمين يعارضون توجهاتها ولم تكن تحصل على أرباحهم طوال السنوات السابقة، حيث قامت باعتقال ثمانية من مديري الشركتين، وعيّنت أحد أتباعها حارساً قضائياً.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة وعبر ما يسمى «الحارس القضائي» قامت بالسيطرة على أكبر شركتين لتصنيع الأدوية في اليمن، وهما «الشركة الدوائية الحديثة»، و«الشركة العالمية لصناعة الأدوية»، وأن مدير مكتب مجلس حكم الجماعة الانقلابية أحمد حامد أصدر قراراً بتعيين صالح دبيش حارساً قضائياً على الشركتين، بعد أن قامت عناصر المخابرات الحوثية بمداهمتهما، واختطاف ثمانية من المديرين بينهم سيدة.

الشركتان اليمنيتان فتحتا معاملهما لطلبة الصيدلية للحصول على الدروس التطبيقية (إعلام محلي)

ووفق المصادر، فإن المختطفين الثمانية هم فاطمة عيشان مدير المشتريات، وفهيم الخليدي نائب المدير العام، وعبد الله شرف مدير المبيعات، ومختار المخلافي مدير الموارد البشرية، وعبد الخالق الغولي مدير النظام، وصفوان الأغبري مدير البحث والتطوير، وعبد المجيد قشنون مدير الصيانة، ومحمد المعمري مسؤول الصندوق، إلى جانب وليد الشطفة مدير الشركة الذي يعد أحد أبرز رجال الأعمال الذين عملوا على توطين صناعة الأدوية، واستيراد وشراء الخبرات العالمية في هذا المجال.

وبيّنت المصادر أن الجماعة الحوثية برّرت قرارها بمصادرة الشركتين اللتين يعمل فيهما أكثر من ألف موظف بأن هناك أربعة مساهمين يصنفون على أنهم في صفوف خصوم الجماعة، وأنها لا تتسلم أرباحهم السنوية من إدارة الشركة، كما يحصل مع مجموعة أخرى من المساهمين تورد أرباحهم السنوية التي تقدر بربع مليون دولار إلى مكتب ما يسمى الحارس القضائي بخلاف الجبايات التي تدفعها الشركتان للجماعة تحت أسماء متعددة.

وأوضحت المصادر أن مدير مكتب حكم الجماعة الحوثية يتولى الإشراف على القطاع المالي الذي يديره تاجر السلاح صالح الشاعر المعين حارساً قضائياً مزعوماً، وأنه يهدف إلى محاكمة المديرين الثمانية المعتقلين بتهمة التستر على من يسميهم «الخونة»، وهي التهمة التي يستند عليها القاضي في محكمة الإرهاب وأمن الدولة عند إصداره أحكاماً بالسجن والإعدام، ومصادرة الممتلكات التي طالت العشرات من المعارضين أو السياسيين المؤيدين للحكومة والتحالف الداعم لها.

الجماعة الحوثية اعتقلت 11 موظفاً أممياً خلال أسبوع ولفقت لموظفين سابقين تهماً بالتخابر (إ.ب.أ)

وكانت منظمات اقتصادية وحقوقية ذكرت أن الجماعة الحوثية استولت منذ تسعة أعوام على أكثر من 38 شركة، بينها شركة اتصالات وبنوك تجارية وشركات مقاولات ومستشفيات، بخلاف المباني المملوكة لسياسيين أو أعضاء في البرلمان ممن عارضوا الانقلاب على الحكومة الشرعية، وبلغ إجمالي المبالغ التي تحصل عليها الجماعة من هذه الشركات نحو 1.7 مليار دولار وفق تقديرات هذه المنظمات.

تبييض وتهريب

في غضون ذلك، ذكرت تقارير محلية يمنية أن الجماعة الحوثية تدير شبكة تنشط في جرائم غسل وتبييض الأموال، من خلال تجارة المخدرات، والاستيلاء على الأموال العامة والخاصة، والأراضي، وتهريب السلاح.

وقالت المصادر إن هذه الشبكة ترتبط ارتباطاً مباشراً بمكتب عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة، وجميع عناصرها قيادات في جهاز مخابرات الجماعة أو في رئاسة أركانها، ومهمتها التحايل والالتفاف على العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة وبريطانيا، وعلى تهريب الأسلحة.

ووفق هذه التقارير، فإن محمد عباس قاسم عامر (أبو خليل) وكيل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي هو المشرف الرئيسي على عملية تبييض الأموال وإدارة القطاع الاقتصادي، حيث يشرف على منظومة مالية واقتصادية معقّدة لتوفير الأموال وتهريب الأسلحة وتجنب العقوبات.

كما يعد عامر، وفق المصادر، من أهم العناصر الأمنية والاستخباراتية الحوثية المتحكّمة في الوضع الاقتصادي السري، ويساعده في ذلك عبد الإله الحمران صهر زعيم الجماعة، وحسن أحمد الكحلاني (أبو شهيد) الذي يشغل موقع وكيل القطاع الخارجي - رئيس دائرة العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات - الذي يتولى مهام مراقبة واستهداف رجال الأعمال، حيث يتحرك متخفياً وبهويات متعددة وأسماء مزورة.

مسلحون حوثيون في محيط مكتب الأمم المتحدة بصنعاء (إ.ب.أ)

وبالإضافة إلى ذلك يبرز اسم القيادي الحوثي محمد الطالبي (أبو جعفر) الذي يشغل مساعد وزير الدفاع لشؤون الدعم اللوجيستي ومدير دائرة المشتريات بوزارة الدفاع في حكومة الانقلاب، حيث يتولى مهمة شراء وتخزين ونقل الأسلحة، وقد ظهر اسمه لأول مرة ضمن اعترافات خلية لتهريب الأسلحة الإيرانية تم ضبطها قبل أربعة أعوام في الساحل الغربي لليمن، ويعد الساعد الأيمن لتاجر السلاح الشهير صالح مسفر الشاعر المعين مساعداً لرئيس أركان الحوثيين للشؤون اللوجيستية.

ووفق ما جاء في تلك الاعترافات فإن أحمد حلص، يتولّى تهريب الأسلحة في قطاع البحر الأحمر والقرن الأفريقي، فيما يتحمل إبراهيم حلوان وكنيته «أبو خليل»، مهمة تهريب الأسلحة من إيران إلى بحر عُمان، ومن هناك يقوم علي الحلحلي بنقل الأسلحة إلى قبالة سواحل المهرة ليتسلمها منه عبد العزيز محروس، المشرف على التهريب في قطاع خليج عدن.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).