الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

في سياق حرب الجماعة الانقلابية ضد الحكومة الشرعية

منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
TT
20

الحوثيون يرغمون التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة

منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)
منع الحوثيون مئات الشحنات القادمة من ميناء عدن من العبور إلى مناطق سيطرتهم (منصات التواصل)

صعَّدت الميليشيات الحوثية من الحرب الاقتصادية ضد الحكومة الشرعية في اليمن، وأرغمت التجار على تحرير تعهدات بالاستيراد عبر مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها، كما أغرقوا السوق بكميات كبيرة من غاز الطهي المستورد، ومنعوا دخول الشحنات التي كانت تأتي من مناطق سيطرة الحكومة، بعد أن استهدفوا مواني النفط ومنعوا تصديره.

وذكرت مصادر تجارية في مناطق سيطرة الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات بعد أسابيع على احتجاز ناقلات البضائع والمواد الغذائية في منفذ الراهدة الجمركي الذي استحدثته بالقرب من خطوط التماس مع القوات الحكومية في محافظة تعز، سمحت بمرور هذه الشحنات، ولكن بعد أن حرر التجار تعهدات بأن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يستوردون فيها عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وأن يلتزموا بتحويل وارداتهم عبر مواني الحديدة.

ومن شأن هذه الخطوة أن تحرم الحكومة اليمنية من مصدر مهم من مصادر تمويل الموازنة العامة، عبر الجمارك والضرائب التي كانت تدفع في مواني الاستيراد والمنافذ الحدودية، قبل أن يتم تخفيف قيود الاستيراد عبر المواني الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

الحوثيون يستولون على عائدات مواني الحديدة المخصصة للرواتب (إعلام حوثي)
الحوثيون يستولون على عائدات مواني الحديدة المخصصة للرواتب (إعلام حوثي)

مسؤولان حكوميان وصفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الخطوة التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي بأنها تصعيد في الحرب الاقتصادية التي أعلنتها ضد الشرعية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما استهدفت مواني تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، وتهديد سفن الشحن بالقصف إذا ما دخلت تلك المواني لنقل شحنات النفط الخام، وهو ما تسبب في إيقاف التصدير وحرمان الحكومة من نصف عائداتها من العملة الصعبة.

استغلال التسهيلات

وفق ما ذكره المسؤولان فإن الحوثيين يحصلون على شحنات مجانية من غاز الطهي الإيراني، ومنعوا توزيع الغاز المنتج محلياً في مناطق سيطرتهم، وهو ما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من عائدات بيع غاز الطهي.

وأوضح المسؤولان أن الميليشيات إلى جانب أنها تحصل على هذه الشحنات بشكل مجاني فإنها تبيعها بزيادة تصل إلى 70 في المائة عن السعر الذي كان يباع به غاز الطهي المنتج محلياً، وهو ما يشكل مصدر دخل غير عادي للميليشيات، يستخدم في تمويل معسكرات تجنيد الأطفال، والتغيير الطائفي، وتكوين ثروات ضخمة، والاستمرار في وضع الاشتراطات والعراقيل التي أفشلت كل جهود إحلال السلام حتى الآن.

المسؤولان اليمنيان أوضحا أن إقدام ميليشيات الحوثي على إغلاق الطرق الرئيسة التي تربط مناطق سيطرة الحكومة بمناطق سيطرتهم منذ 4 أعوام، كان هدفه الضغط على الشرعية والتحالف، من أجل رفع القيود التي كانت مفروضة على تهريب الأسلحة وسط الشحنات التجارية الواصلة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

واتهم المسؤولان الجماعة الحوثية بأنها استغلت التسهيلات التي قُدمت مع بداية تطبيق الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في مطلع العام الماضي، في الحرب الاقتصادية ضد الحكومة، من خلال إرغام التجار على تحويل بضائعهم إلى المواني التي يديرونها، بغرض الحصول على موارد إضافية وحرمان الحكومة منها.

الحوثيون يستهدفون ميناء عدن عبر منع التجار من الاستيراد عبره (إعلام رسمي)
الحوثيون يستهدفون ميناء عدن عبر منع التجار من الاستيراد عبره (إعلام رسمي)

هذا التصعيد جاء عقب إقدام ميليشيات الحوثي على الإطاحة بقيادة الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة صنعاء، برئاسة رجل الأعمال المعروف حسن الكبوس، بسبب اعتراضها على ممارسات الميليشيات مع القطاع التجاري، ومداهمة المحال، وابتزاز التجار، ومصادرة البضائع، وفرض أسعار غير واقعية للسلع.

كما عينت الجماعة على رأس الغرفة التجارية أحد قادتها، ويدعى علي الهادي الذي يعمل مقدم خدمات لوجيستية للمنظمات الإغاثية؛ حيث تم فرضه من خلال جهاز المخابرات المشرف على العمل الإغاثي، كما أنه يستخدم مخازن ووسائل نقل المؤسسة الاقتصادية العسكرية، وليس له علاقة بالعمل التجاري من قبل.

التضخم وصل إلى 45 في المائة

سبق للاتحاد العام للغرف التجارية ومنظمات مجتمع مدني يمنية أن قادوا وساطات محلية متعددة طوال العامين الماضيين، بهدف إعادة فتح الطرق الرئيسية التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرة الميليشيات، إلا أنه عند تنفيذ الاتفاقات، وبعد تنفيذ الجانب الحكومي التزاماته، تعود الميليشيات وترفض ما تعهدت به للوسطاء، وتتمسك بموقفها؛ حيث تستغرق الطرق الفرعية التي يعبرها المسافرون من صنعاء إلى عدن أكثر من 13 ساعة بالسيارة الخاصة، ونحو 20 ساعة في حافلات النقل الجماعي، في حين أن هذه المسافة كانت تقطع خلال 6 ساعات.

وكانت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن جويس وونغ، قد أكدت أن الهجمات على مرافق تصدير النفط «حرمت الحكومة من معظم إيراداتها بالعملة الأجنبية التي تساوي نحو نصف الإيرادات الإجمالية».

الميليشيات الحوثية عينت موالين لها على رأس الغرفة التجارية بصنعاء (إعلام حوثي)
الميليشيات الحوثية عينت موالين لها على رأس الغرفة التجارية بصنعاء (إعلام حوثي)

وذكرت وونغ، عقب مشاورات مع الجانب الحكومي، أن توقف تصدير النفط إلى جانب ارتفاع أسعاره عالمياً، أدى إلى اتساع العجز في المالية العامة اليمنية؛ حيث وصل إلى 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي، وتوقعت أن يتسع هذا العجز أكثر خلال هذا العام «إذا لم تُستأنف صادرات النفط رغم خفض النفقات الضرورية».

ممثلة صندوق النقد الدولي قالت إنه «على الرغم من التفاؤل الحذر بشأن عملية السلام الجارية، فما زالت الأزمة الاقتصادية والإنسانية ماثلة في اليمن»، وإن التقديرات الحالية تشير إلى أن 17 مليون شخص سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، وإن الأسعار المحليّة للغذاء والوقود مرتفعة؛ حيث وصل معدّل التضخم في أسعار الغذاء إلى 45 في المائة في 2022.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

العالم العربي عنصر حوثي خلال تفقده عداداً كهربائياً في صنعاء (إعلام حوثي)

فرض إتاوات في صنعاء على العاملين بقطاع الكهرباء الخاصة

وسَّعت الجماعة الحوثية من حجم الاستهداف للعاملين في قطاع الكهرباء من خلال فرض إجراءات تعسفية تضيق على عملهم في قطاع الكهرباء التجارية الخاصة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم أحد الأحياء في شوارع مدينة عدن (رويترز)

الأمم المتحدة: 6.2 مليون امرأة وفتاة باليمن يواجهن مخاطر العنف في 2025

قال صندوق الأمم المتحدة للسكان إن 6.2 مليون امرأة وفتاة عرضة لمخاطر العنف في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي عملية قطر حاملة بترول يونانية عبر قناة السويس بعد تعرضها لهجمات من جماعة الحوثيين (هيئة قناة السويس)

قناة السويس تتوجس من تجدد التهديدات في البحر الأحمر

جددت «تهديدات» جماعة الحوثيين باستهداف السفن الإسرائيلية المارة بالبحر الأحمر، مخاوف مصرية من تفاقم أزمة قناة السويس، التي تراجعت إيراداتها بشكل لافت.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي عناصر من الحوثيين يحملون السلاح في صنعاء 11 مارس 2025 (إ.ب.أ)

«حماس»: تهديد الحوثيين بمهاجمة سفن إسرائيلية «موقف أصيل داعم للمقاومة»

اعتبرت حركة «حماس» أن تهديد المتمردين اليمنيين باستئناف عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية «يعبّر عن موقف أصيل» و«التزام حقيقي بدعم شعبنا الفلسطيني».

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي جماعة الحوثي تتوعد باستئناف الهجمات على السفن الإسرائيلية بعد انتهاء مهلة لإدخال المساعدات لغزة (إ.ب.أ)

الحوثيون: سنستأنف الهجمات على السفن الإسرائيلية بعد انتهاء مهلة لإدخال المساعدات لغزة

قال الحوثيون إنهم سيهاجمون أي سفينة إسرائيلية تنتهك حظراً تفرضه الجماعة على مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر أو بحر العرب أو مضيق باب المندب أو خليج عدن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
TT
20

الحكومة اليمنية تتعهد بتوفير الوقود لمناطق سيطرة الحوثيين

تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)
تطمينات يمنية للأمم المتحدة بتجنيب السكان آثار العقوبات الأميركية (سبأ)

تعهَّدت الحكومة اليمنية للأمم المتحدة بتوفير المشتقات النفطية وغاز الطهي لمناطق سيطرة الحوثيين عند سريان العقوبات الأميركية على الجماعة، التي من ضمنها حظر استيراد الوقود عبر المواني الخاضعة لسيطرتها.

وخلال لقاء جمع وزير النفط والمعادن سعيد الشماسي، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مع رئيس قسم الشؤون السياسية بمكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن روكسانا يلينا بازركان، والمستشار الاقتصادي للمكتب ديرك يان، أكد الشماسي اهتمام وحرص القيادة السياسية في بلاده على ضمان توفير المشتقات النفطية وغاز الطهي للمواطنين في جميع المحافظات «بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية».

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قد أكد أن التصاريح التي كانت تُمنَح لتفريغ المنتجات النفطية المكررة في اليمن ستنتهي في 4 أبريل (نيسان) المقبل، كما ينصُّ القرار على حظر إعادة بيع المشتقات النفطية أو تصديرها من اليمن، ومنع تحويل الأموال لصالح الكيانات المدرجة في قوائم العقوبات، مع استثناء المدفوعات الخاصة بالضرائب والرسوم والخدمات العامة.

وأشاد وزير النفط اليمني بقرار الإدارة الأميركية حظر استيراد الحوثيين المشتقات النفطية والغازية. وقال إن وزارته، وبدعم من القيادة السياسية، مستعدة للقيام بواجبها في تأمين احتياجات جميع المحافظات، سواء المُحرَّرة أو الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)
اتهامات للحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية (إعلام محلي)

واتهم الشماسي الحوثيين باستيراد مشتقات نفطية وغاز بجودة رديئة، والقيام ببيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة لتمويل مجهودهم الحربي، دون اكتراث للأعباء التي يدفع ثمنها المواطنون، والوضع الاقتصادي الذي يعيشونه، كما اتهمهم باستخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية، مما يُشكِّل تهديداً لأمن وسلامة وحرية الملاحة في المياه الإقليمية والدولية، ويقوِّض جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة.

ووفق المصادر الرسمية، طالب الوزير اليمني بدعم جهود استئناف تصدير النفط الخام، المتوقف منذ استهداف الحوثيين «المدعومين من النظام الإيراني» ميناءي التصدير بمحافظتَي حضرموت وشبوة، مشيراً إلى ما نجم عن ذلك من أضرار جمّة على الاقتصاد في البلاد.

واكتفى ممثلو مكتب المبعوث الأممي - بحسب الإعلام الرسمي- بتوجيه الشكر للحكومة اليمنية ووزارة النفط والمعادن على الجهود التي تبذلها رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأكدوا حرص الأمم المتحدة على دعم عملية السلام.

حرص إنساني

في سياق اللقاءات اليمنية مع المسؤولين الدوليين والأمميين، التقى نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين، مصطفى نعمان، في ديوان الوزارة بالعاصمة المؤقتة عدن، رئيسة قسم الشؤون السياسية في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، روكسانا يلينا بازركان، حيث ناقشا مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وتأثيراتها في التسوية السياسية، وتبعات القرار الأميركي تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً».

الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)
الحكومة اليمنية متمسكة بتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد (سبأ)

ونقلت المصادر الرسمية عن نائب الوزير تأكيده حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على تجنيب المواطنين في كل أنحاء اليمن الآثار السلبية التي ستنجم عن تطبيق القرار الأميركي، الذي استدعته تصرفات ميليشيات الحوثي داخلياً وخارجياً.

وأعاد نائب وزير الخارجية اليمني التذكير بموقف الحكومة المتمسك ببذل كل الجهود لاستعادة الدولة وتثبيت سلطتها في كل أنحاء البلاد. وأكد أن العقبة الحقيقية أمام السلام، «الحوثيون، الذين يواصلون إجبار المواطنين من كل الأعمار على خوض معارك عبثية تدمر كل ما بناه اليمنيون على مدى عقود طويلة».