«الخماسية» رسمت خريطة الطريق لانتخاب رئيس للبنان والمعارضة تتبناها

واشنطن وباريس تتعاطيان بجدية مع تهديد إسرائيل بتوسعة الحرب

من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» في خيمة السفير السعودي (الشرق الأوسط)
من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» في خيمة السفير السعودي (الشرق الأوسط)
TT

«الخماسية» رسمت خريطة الطريق لانتخاب رئيس للبنان والمعارضة تتبناها

من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» في خيمة السفير السعودي (الشرق الأوسط)
من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» في خيمة السفير السعودي (الشرق الأوسط)

يتصرف معظم السفراء الأعضاء في «اللجنة الخماسية» على أن توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان تقف على الأبواب، وأن البيان الذي أصدروه بدعوة من السفيرة الأميركية ليزا جونسون يأتي في سياق إطلاقهم الإنذار الأخير للكتل النيابية لعلها تبادر إلى تقديم التسهيلات السياسية المطلوبة لإخراج انتخاب رئيس للجمهورية من التأزّم، الذي من شأنه أن يوفّر الدعم للضغوط الدولية لمنع إسرائيل من توسعتها، بذريعة إعطاء فرصة للوسيط الأميركي أموس هوكستين في سعيه لإعادة الهدوء إلى الجبهة الجنوبية، تمهيداً لتطبيق القرار 1701، مع أن واشنطن لا تجد مبرراً لـ«حزب الله» بإعطائه الأولوية لوقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية وإصراره على ترحيل الاستحقاق الرئاسي إلى ما بعدها.

سباق بين التهدئة وتوسعة الحرب

وينقل نواب ووزراء عن السفراء قولهم إن عامل الوقت يجب أن يكون حافزاً لانتخاب رئيس للجمهورية، لأن لبنان، بحسب تأكيدهم لـ«الشرق الأوسط»، يدخل الآن في سباق بين التهدئة جنوباً وتوسعة الحرب، وأن التهديدات التي يطلقها رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بتوسعتها تنم عن نيّته تحويل صيف لبنان إلى صيف ساخن، استجابة لتعهده بإعادة المستوطنين الذين نزحوا من المستوطنات الواقعة على تخوم الحدود الدولية للبنان إلى منازلهم في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وحذّر السفراء لبنان مما يترتب على الجنوب من تداعيات في حال أن مسؤوليه أضاعوا البوصلة ولم يتعاطوا بجدية مع التهديدات الإسرائيلية، مع أن المواجهة في الجنوب بين إسرائيل و«حزب الله» تخطت مساندة الأخير لـ«حماس» إلى جره لحرب حقيقية، مع تصاعد وتيرة المواجهة التي لم تعد محكومة بقواعد الاشتباك.

لا تباين بين أعضاء «الخماسية»

ولفت السفراء إلى أن إسرائيل تستدرج «حزب الله» لتوسعة الحرب، رغم أنه يتّبع سياسة ضبط النفس وعدم الانجرار إليها، وسألوا: هل تلتزم إيران بما كانت تعهّدت به في هذا الخصوص بعد مقتل وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، كونه كان يتولى مهمة ضبط إيقاع الحرب في غزة لمنع تمددها إلى جنوب لبنان؟

وفي هذا السياق، تردد، نقلاً عن قول أحد السفراء في «الخماسية» لعدد من النواب، إنه وزملاءه يقرأون في كتاب واحد في تعاطيهم مع انتخاب الرئيس، وأنه لا صحة للتباين داخل اللجنة، وتحديداً بين واشنطن وباريس، وهذا ما تأكد من خلال البيان الذي أصدروه في اجتماع ضم، إضافة إلى السفيرة جونسون، السفراء: السعودي وليد البخاري، والفرنسي هيرفيه ماغرو، والمصري علاء موسى، والقطري عبد الرحمن بن سعود آل ثاني.

ورأى النواب أن سفراء «الخماسية» قطعوا الطريق على من يذهب بعيداً في الرهان على اختلافهم في مقاربتهم للملف الرئاسي، ونقلوا عنهم تأكيدهم أن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس، الذي سيُدرج على جدول أعمال القمة الفرنسية - الأميركية بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن المقررة في باريس في العاشر من يونيو (حزيران) المقبل، ولم يستبعد هؤلاء النواب، ومن بينهم المنتمون إلى كتلة «الاعتدال»، كما تبلّغوا من السفير الفرنسي، أن يوفد ماكرون موفده الرئاسي جان إيف لودريان إلى بيروت في بحر الأسبوع المقبل، في مهمة عاجلة يتطلع من خلالها إلى حثّ الكتل النيابية على ضرورة التلاقي لانتخاب الرئيس، اليوم قبل الغد، لأن هناك ضرورة لإعادة تكوين السلطة على نحو يؤدي إلى تشكيل حكومة فاعلة تأخذ على عاتقها الالتفات للجنوب والعمل على تهدئة الوضع فيه.

فرصة أخيرة لوقف التدهور

وأكد النواب أن زيارة لودريان تأتي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وفي ضوء تصاعد المواجهة العسكرية في جنوب لبنان، وكأنها الفرصة الأخيرة لحث الكتل النيابية على إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية بانتخاب الرئيس، الذي من شأنه أن يمرر رسالة للقمة الفرنسية - الأميركية للاستقواء بها للضغط على إسرائيل بإعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي لوقف التدهور على جبهة الجنوب، لئلا يتفلّت الوضع على نحو يصعب ضبطه والسيطرة عليه.

أما على صعيد قوى المعارضة، فإنها تبدي ارتياحها، كما تقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، لما تضمّنه بيان سفراء اللجنة «الخماسية»، وتتعامل معه بإيجابية غير مشروطة، كونه يشكل الخطوة الأولى الواجب اتباعها لإخراج انتخاب الرئيس من الشروط المستعصية، مؤكدة في نفس الوقت أنه رسم المسار العام لخريطة الطريق على قاعدة الاتفاق على مرشح للرئاسة، وفي حال تعذّر على الكتل النيابية التفاهم على اسمه، لا بد من الذهاب إلى البرلمان بلائحة تضم أسماء محدودة من المرشحين لانتخاب أحدهم، في جلسة نيابية مفتوحة بدورات متعددة إلى حين انتخابه.

ترجيح الخيار الثالث

وأكدت المصادر نفسها أن بيان «الخماسية» يدعو للتشاور، ولا يأتي على ذكر الحوار، وقالت إن السفراء، كما نقل عنهم النواب، لن يتدخلوا في مَنْ يدعو للتشاور أو يرعاه، ويتركون القرار في هذا الخصوص للكتل النيابية، وأن دورهم يقتصر على تسهيل انتخاب الرئيس، وكان لا بد من أن يخطوا خطوة على طريق حث المعنيين بانتخابه لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة، تقديراً منهم بأنه لا مجال لهدر الوقت، وأن هناك ضرورة للتعامل بجدية مع التهديدات الإسرائيلية وعدم الاستخفاف بها، وهذا ما نقله السفراء في لقاءاتهم المنفردة مع النواب المنتمين إلى معظم الكتل النيابية.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن الكتل تتبنى بلا أي تردد ما أورده السفراء في بيانهم، وقالت إنها تبنّت أيضاً المبادرة إلى أطلقتها كتلة «الاعتدال»، وأن الكرة الآن في مرمى محور الممانعة، وتحديداً «حزب الله» الذي يقفل الباب في وجه الجهود الرامية لانتخاب الرئيس، ويعطي الأولوية لغزة، مؤكدة أنها على موقفها بوجوب ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث الذي هو الآن موضع اهتمام دولي وإقليمي، ومنوّهةً بالموقف الذي أطلقه في هذا الخصوص الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على هامش زيارته لقطر.

فهل ستؤدي الضغوط لتليين موقف محور الممانعة؟ وكيف سيتصرف رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ وما مدى استعداد باريس لإيفاد لودريان إلى بيروت بعد تحطم المروحية التي أدت إلى مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوزير عبد اللهيان؟


مقالات ذات صلة

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

المشرق العربي من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرة انتخابية إضافية تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ) play-circle

قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل شخص في غارة إسرائيلية بمسيّرة على بلدة في جنوب لبنان، الاثنين، وفق وكالة الأنباء اللبنانية، وذلك بعد ضربات مكثّفة شهدتها المنطقة في نهاية الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي زائر يتفحص وزن سبيكة ذهبية في متحف مصرف لبنان للعملات (موقع مصرف لبنان)

«المركزي» اللبناني يصدّ طروحات لاستثمار مخزون الذهب

لا يقلّل مسؤول مالي معني من الأهمية الاستثنائية لهذه الطروحات، تزامناً مع سطوع أرقام تناهز 28 مليار دولار مقابلة لقيمة احتياطي الذهب في البيانات المحدثة للبنك.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي مجلس النواب اللبناني

مجلس الشيوخ... خطوة إصلاحية يرتبط اتخاذها بـ«لا طائفية» البرلمان اللبناني

عاد مشروع إنشاء «مجلس الشيوخ» للواجهة مع بدء الاستعدادات السياسية لإنجاز الانتخابات النيابية العام المقبل في لبنان، والحديث عن إجراء تعديلات على قانون الانتخاب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي مبانٍ مدمرة جراء غارة إسرائيلية على بلدة تولين جنوب لبنان (إ.ب.أ) play-circle

قلق دولي من التصعيد في لبنان وحض للأطراف على ضبط النفس

أعرب العديد من الدول عن قلقها من التصعيد في لبنان خوفاً من الإنجرار إلى دوامة العنف مجدداً، بعدما شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على عدة بلدات في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إعلام حوثي: 7 غارات أميركية تستهدف محافظة صعدة شمال غرب اليمن

يمني يتفقد آثار الغارات على أحد المباني غير المنجزة لدى محافظة صعدة (أ.ف.ب)
يمني يتفقد آثار الغارات على أحد المباني غير المنجزة لدى محافظة صعدة (أ.ف.ب)
TT

إعلام حوثي: 7 غارات أميركية تستهدف محافظة صعدة شمال غرب اليمن

يمني يتفقد آثار الغارات على أحد المباني غير المنجزة لدى محافظة صعدة (أ.ف.ب)
يمني يتفقد آثار الغارات على أحد المباني غير المنجزة لدى محافظة صعدة (أ.ف.ب)

قالت قناة المسيرة التلفزيونية التي تديرها جماعة الحوثي في اليمن إن الولايات المتحدة شنت مساء يوم الثلاثاء سبع غارات على مديرية سحار في محافظة صعدة في شمال غرب البلاد. ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى جراء الغارات الأميركية.

وتشن جماعة الحوثي، التي تسيطر على معظم أنحاء اليمن، هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 دعما للفلسطينيين في غزة. وتسببت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة العالمية ودفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة أهداف مرتبطة بالجماعة اليمنية.

وأوقف الحوثيون الهجمات عندما اتفقت إسرائيل وحركة حماس على وقف إطلاق النار في غزة في يناير (كانون الثاني)، لكنها أعلنت في وقت سابق من الشهر الحالي أنها ستستأنف مهاجمة السفن الإسرائيلية حتى توافق إسرائيل على إدخال المساعدات إلى غزة.

وبدأت الولايات المتحدة عملية عسكرية موسعة الأسبوع الماضي ضد الحوثيين، وقالت وسائل إعلام تابعة للجماعة اليمنية إنها أسفرت عن مقتل العشرات.