تحرك أممي لاحتواء تصعيد الحوثيين في مأرب ولحج

«يونيسيف»: مناطق سيطرة الجماعة على بعد خطوة من المجاعة

تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن والمرض مستمر في التفشي (الأمم المتحدة)
تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن والمرض مستمر في التفشي (الأمم المتحدة)
TT

تحرك أممي لاحتواء تصعيد الحوثيين في مأرب ولحج

تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن والمرض مستمر في التفشي (الأمم المتحدة)
تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن والمرض مستمر في التفشي (الأمم المتحدة)

وسط تحذيرات من أن مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على بعد خطوة واحدة من المجاعة، بدأ المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن تحركات لاحتواء التصعيد الحوثي الميداني، حيث استهدفت الجماعة القوات الحكومية في جبهة العبدية في محافظة مأرب، وفي جبهة حيفان في محافظة لحج.

وذكر المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية أن وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري التقى في العاصمة المؤقتة عدن المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن أنتوني هيوارد والوفد المرافق له.

وزير الدفاع اليمني يشكك في إمكانية الوصول إلى سلام مع الحوثيين (سبأ)

وناقش الاجتماع الذي حضره قائد قوات «درع الوطن» العميد بشير الصبيحي مستجدات الأوضاع الميدانية في ظل اعتداءات الحوثيين في أكثر من جبهة كان آخرها الهجوم الذي استهدف مواقع القوات الحكومية في جبهة العبدية بمحافظة مأرب وأدى إلى مقتل 6 من أفراد قوات العمالقة الحكومية وإصابة آخرين.

وأبلغ وزير الدفاع اليمني المسؤول الأممي أن القوات المسلحة وكافة التشكيلات العسكرية التابع للحكومة على مستوى عال من التنسيق والتعاون لمواجهة اعتداءات الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معهم ممثلة بـ«القاعدة» و«داعش».

وقال الداعري: «إن الحوثيين لم ولن يصدقوا مع أحد ولا يمكن التعويل عليهم للوصول إلى السلام وقد خبر الجميع نقضهم للعهود والمواثيق»، لافتاً إلى خطورتهم على خطوط الملاحة الدولية.

ونسب الإعلام العسكري اليمني إلى وزير الدفاع الداعري القول إن عدداً من السفن الإيرانية وصلت من ميناء بندر عباس مباشرة إلى ميناء الحديدة على البحر الأحمر والخاضع لسيطرة الحوثيين دون أن تخضع هذه السفن للتفتيش، واعتبر ذلك تأكيداً على استمرار تدفق الأسلحة والخبراء الإيرانيين الذين يديرون معركة الحوثيين وعملياتهم في البحر الأحمر.

وفي حين حذر الوزير اليمني من أن بقاء الحوثيين في الأماكن المطلة على الملاحة الدولية سيبقى مصدر تهديد وابتزاز للمنطقة والعالم، نسب الإعلام الحكومي إلى المستشار العسكري للمبعوث الأممي أنه «أكد استمرار الجهود لاحتواء التصعيد وإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار للتوصل إلى خريطة طريق تفضي إلى سلام دائم في اليمن».

انعدام الغذاء

في تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» توقعت أن تصل الاحتياجات في اليمن إلى ذروتها السنوية قبل موسم الحصاد الرئيسي الذي يبدأ في أكتوبر (تشرين الأول).

وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون توقع التقرير حدوث حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل) وهي المرحلة التي تبعد خطوة واحدة عن المجاعة في المحافظات التي كانت غالبية الأسر فيها تعتمد في السابق على المساعدات الغذائية وغير قادرة على التعويض عن التوقف المستمر للمساعدات من برنامج الأغذية العالمي منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

انعدام الأمن الغذائي يزداد في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن (إعلام محلي)

وأوضحت المنظمة الأممية أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 18.2 مليون شخص في اليمن، بما في ذلك 9.8 مليون طفل، سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية خلال العام الحالي، مع نزوح 4.5 مليون شخص داخلياً.

وأضافت أنه خلال الربع الأول من العام الحالي، لا يزال 4.56 مليون شخص نازحين في جميع أنحاء البلاد، ويعيش ما يقرب من 1.5 مليون منهم متأثراً بالصراع والمناخ في 2382 موقع نزوح جماعي.

وأكد تقرير «يونيسيف» أن اليمن شهد أكبر تفشٍ للكوليرا تم الإبلاغ عنه على الإطلاق في التاريخ الحديث خلال المدة من (2016 - 2022)، مما أدى إلى أكثر من 2.5 مليون حالة مشتبه بها و4 آلاف حالة وفاة.

وذكر التقرير أنه في أواخر عام 2023، أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان في عدن عن تفشي وباء الكوليرا في محافظة شبوة وانتشاره إلى المحافظات الأخرى، وبعد ثلاثة أشهر من جهود الاستجابة المنسقة، انخفض التفشي تدريجياً حتى مارس (آذار) الماضي.

وفي المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين - وفق التقرير - سجلت زيادة كبيرة في الحالات (ما يقرب من 20 ألف حالة) في المدة من مطلع يناير (كانون الثاني) إلى نهاية مارس. وفي المدة من 14 إلى 31 من الشهر نفسه، تم الإبلاغ عن أكثر من 6029 حالة من حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد/ الكوليرا، مع 56 حالة وفاة، و47 في المائة من الحالات شديدة سريرياً.

مواجهة الجوع

كان برنامج الأغذية العالمي أكد أن إيقاف توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين تحديداً أدى إلى تدهور كبير في استهلاك الغذاء ووصل لمستويات مقلقة في بعض المحافظات وبلغت نسبته 165 في المائة.

9.8 مليون طفل يمني سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية خلال العام الحالي (إعلام محلي)

وفي تحليل للبرنامج حول أثر توقف المساعدات منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي نتيجة الخلاف مع الحوثيين حول تحديد قوائم المستفيدين أكد أن 61 في المائة من الأسر التي شملتها الدراسة التحليلية وكانت تتلقى المساعدات من برنامج الأغذية العالمي أفادت بأنها أصبحت تعاني من الحرمان الشديد من الغذاء.

وأوضح البرنامج الأممي أن ما يعادل 8.5 مليون شخص يعانون من انتشار سوء استهلاك الغذاء الذي وصل إلى مستويات مقلقة في محافظات حجة وبنسبة 165 في المائة من السكان الذين يواجهون سوء استهلاك الغذاء، تليها محافظة المحويت بنسبة 106 في المائة، ثم محافظة ذمار بنسبة 95 في المائة، والحديدة (84 في المائة)، وصنعاء (80 في المائة)، وعمران (61 في المائة)، والبيضاء (57 في المائة)، والجوف (56 في المائة)، ومدينة صنعاء (24 في المائة).

ووفق ما أورده برنامج الأغذية العالمي فقد ارتفع معدل انتشار سوء استهلاك الغذاء أيضاً بين الأسر النازحة في محافظة عمران إلى 41 في المائة في فبراير (شباط) الماضي مقارنة مع نسبة 25 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقال إن نتائج المسح كشفت عن تدهور كبير في أنماط استهلاك الغذاء بين المستفيدين السابقين من المساعدات.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

أطلقت الأمم المتحدة خطتها لإغاثة 10 ملايين يمني خلال العام الجديد في حين تقدر تقاريرها عدد المحتاجين بأكثر من 19.5 مليون في ظل انهيار اقتصادي متسارع في البلاد

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

أعلن الحوثيون في اليمن إلى أنهم سيقتصرون على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي جندي بحرية أميركي يفحص ذخيرة مقاتلة قبل إقلاعها من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يستقبلون ضربات أميركية في أول أيام «هدنة غزة»

استقبلت الجماعة الحوثية ضربات أميركية في أول أيام «هدنة غزة» فيما ادعت الجماعة مهاجمة حاملة الطائرات «هاري ترومان» للمرة الثامنة منذ وصولها البحر الأحمر

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».