تحذيرات دولية: ملايين اليمنيين مهددون بخطر المجاعة في 2024

قرصن الحوثيون سفينة «غالاكسي ليدر» بزعم أنها ناقلة إسرائيلية (إ.ب.أ)
قرصن الحوثيون سفينة «غالاكسي ليدر» بزعم أنها ناقلة إسرائيلية (إ.ب.أ)
TT

تحذيرات دولية: ملايين اليمنيين مهددون بخطر المجاعة في 2024

قرصن الحوثيون سفينة «غالاكسي ليدر» بزعم أنها ناقلة إسرائيلية (إ.ب.أ)
قرصن الحوثيون سفينة «غالاكسي ليدر» بزعم أنها ناقلة إسرائيلية (إ.ب.أ)

تتجاهل الجماعة الحوثية التداعيات الإنسانية جراء هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن، إذ تحذر تقارير دولية من أوضاع مأساوية قد تهدد في هذا العام ملايين اليمنيين في عموم المناطق تحت سيطرة الجماعة.

في هذا السياق، استهجنت مصادر حقوقية يمنية بشدة انشغال الجماعة بشن مزيد من الهجمات العبثية وغير المبررة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، وتجاهلها المستمر لحجم الكارثة التي قد تنتج جراء تلك التداعيات وتأثيراتها المباشرة على حياة ومعيشة الملايين في اليمن.

توزيع مساعدات للنازحين اليمنيين في الحديدة بدعم سعودي (الأمم المتحدة)

ويقول وليد، وهو اسم مستعار لمحام يعيش في صنعاء، إن الجماعة تتعمد مضاعفة معاناة السكان وتسعى كل مرة لاختلاق مبررات تهدف إلى تقويض أي عملية سياسية تفضي إلى حلول دائمة، إلى جانب استغلالها للأحداث الحاصلة في غزة بشن مزيد من الهجمات على سفن التجارة في المياه الدولية بمزاعم نصرة فلسطين.

ووسط سوء الأوضاع المعيشية التي تعصف بملايين السكان في مناطق سيطرة الجماعة، زادت المعاناة مع ارتفاع الأسعار ونسب الجوع والفقر والبطالة، وانعدام الخدمات الأساسية، وعودة افتعال أزمة في الوقود وغاز الطهي في صنعاء وغيرها.

اتساع المعاناة

شكا سكان في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد أكثر لمعاناتهم جراء استمرار سياسات الفساد والعبث والقمع والابتزاز والتجويع التي تنتهجها الجماعة.

ويؤكد خالد، وهو معلم في مدينة ذمار، أن معاناة اليمنيين زادت سوءاً أكثر مع تعليق برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، نتيجة تدخلات الجماعة في أعماله.

تدخلات الحوثيين تسببت في إيقاف المساعدات عن اليمنيين (منظمات إغاثية)

وجاء التصعيد المستمر للجماعة رغم تحذير شبكة دولية متخصصة بتتبع المجاعة في العالم من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن. موضحة أن نصف سكان اليمن مهددون بالمجاعة مطلع العام الحالي.

وتوقعت شبكة الإنذار المبكر في تقرير أخير، أن تكون نسبة السكان في اليمن الذين سيحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة بين 50 - 55 في المائة في فبراير(شباط) 2024، أي أكثر من 17 مليوناً، وهي أعلى نسبة من بين 22 دولة تخضع للمراقبة في نظام الشبكة. وحذرت الشبكة من أن أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تجعله يتصدر قائمة 22 بلداً حول العام تعاني من الأزمات الغذائية.

وطبقا للتقرير، سيشهد اليمن في 2024 انتشاراً واسعاً لانعدام الأمن الغذائي «وفق المرحلة 3 من التصنيف المتكامل»، وهي مرحلة «الأزمة» التي تعاني فيها الأسر من فجوات في استهلاك الغذاء وزيادة في سوء التغذية الحاد على المعتاد. وعزا التقرير الأسباب إلى محدودية خيارات سبل العيش وأسعار المواد الغذائية الأساسية فوق المتوسطة.

تجاهل متعمد

وبينما يتجاهل الحوثيون كل التحذيرات من انهيار الوضع الإنساني، أفاد تقرير دولي حديث بأن اليمن لا يزال ضمن قائمة البلدان العشرين الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ الإنسانية الجديدة خلال عام 2024، جراء استمرار الانهيار الاقتصادي وارتفاع مستوى انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع المتواصل في البلاد منذ نحو 9 سنوات.

استغل الحوثيون الحرب في غزة لحشد المئات من المجندين الجدد (أ.ب)

وأوضحت لجنة الإنقاذ الدولية في تقرير حول مراقبة الطوارئ السنوية الصادر عنها مؤخراً، أن اليمن لا يزال هذا العام ضمن قائمة تلك الدول الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ.

وأضافت أن خروج اليمن من المراكز الأولى للقائمة يأتي نتيجة انخفاض عدد الأشخاص الذين بحاجة للمساعدات من 21.6 مليون في 2023 إلى 18.2 مليون عام 2024، غير أن السبب الرئيسي هو أن الهدنة الأممية، ورغم انتهاء صلاحيتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، قللت من احتمالات العودة إلى صراع واسع النطاق في البلاد.

ولفت التقرير إلى أن عقداً من الصراع أدى إلى انهيار اقتصاد البلاد بشكل كبير وانتشار الفقر على نطاق واسع، وأضاف: «لقد دمرت الحرب الاقتصاد وأضعفت العملة ورفعت أسعار السلع الأساسية، كما أن وجود اقتصادين متوازيين أدى إلى تعطيل وظائف الاقتصاد الكلي الأساسية، بالإضافة إلى أن انخراط الحوثيين في حرب غزة قد يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية من شأنها أن تزيد من إضعاف الاقتصاد».

وبما أن معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مرتفعة بشكل مستمر اليمن، تقول اللجنة إن اليمنيين سيظلون يعتمدون بشكل كبير على المساعدة الدولية.

يحشد الحوثيون السكان بالترغيب والترهيب في كل مناسباتهم (إ.ب.أ)

وأصبح نظام الرعاية الصحية في اليمن على حافة الانهيار، بحسب التقرير، حيث يفتقر 60 في المائة من السكان (20.3 مليون شخص) إلى الرعاية الصحية، و46 في المائة من مرافق الرعاية الصحية إما خارج الخدمة أو تعمل جزئياً، وأدى الانخفاض الجزئي لمعدلات التطعيم وارتفاع مستويات سوء التغذية وصعوبة الحصول على المياه النظيفة إلى انتشار العديد من الأمراض والأوبئة في مناطق يمنية متفرقة؛ منها الحصبة والحصبة الألمانية والكوليرا وشلل الأطفال، وغيرها.

ودعت لجنة الإنقاذ الدولية إلى تكثيف الجهود الدولية لمواجهة أزمة الجوع وسوء التغذية في اليمن واتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، وسد الفجوات التمويلية التي تعانيها البرامج الإنسانية حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات الأساسية لملايين المحتاجين في البلاد.

وكان تقرير دولي آخر صادر عن البنك الدولي ذكر أن الحرب الدائرة في اليمن منذ تسع سنوات، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية، زادت عدد الذين يعانون من الجوع في البلاد بأكثر من 6 ملايين شخص.


مقالات ذات صلة

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تقارير دولية تؤكد أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

إتاوات الانقلابيين في صنعاء ترفع رسوم المدارس الخاصة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على المدارس الخاصة مع بدء العام الدراسي؛ وهو ما قاد إلى قيام المدارس بزيادة الرسوم وسط عجز السكان عن إلحاق أبنائهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء (إ.ب.أ)

«العفو الدولية»: سجل الحوثيين حافل بالتعذيب لانتزاع الاعترافات

وصفت منظمة العفو الدولية موجة الاعتقالات الحوثية التي استهدفت عاملين في مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية أخرى بأنها «مخيفة»، ودعت لإطلاقهم فوراً.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تُحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)

مصادر: الناقلة «لافانت» ربما غرقت قبالة سواحل اليمن

كشفت 3 مصادر بحرية وأمنية أن ناقلة انجرفت قبالة ساحل يمني وغادرها طاقمها اختفت ويُعتقد أنها غرقت، لتصبح أحدث سفينة مفقودة في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)

اتهامات يمنية لـ«الحرس» الإيراني بإدارة التشكيلات العسكرية والأمنية الحوثية

ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن ممثلي «الحرس الثوري» الإيراني استكملوا إحكام قبضتهم على جميع التشكيلات المخابراتية والعسكرية.

محمد ناصر (تعز)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

تبنى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية الملاحة.

وتشن الجماعة الموالية لإيران هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي للشهر الثامن؛ إذ تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، كما تدّعي، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت حديثاً توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط، وتبنّت هجمات في موانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لإيران.

مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

الحوثي زعم في خطبته الأسبوعية أن قوات جماعته استهدفت خلال أسبوع 6 سفن ليصل إجمالي السفن المستهدفة منذ بداية الهجمات إلى 162 سفينة، وقال إن هجمات هذا الأسبوع نفذت بـ20 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة وزورقاً.

وفي حين لم تشر تقارير الأمن البحري إلى أي هجمات تعرضت لها السفن في الأيام الماضية، اعترف زعيم الحوثيين بتلقي 19 غارة وصفها بـ«الأميركية والبريطانية» خلال أسبوع، دون أن يتحدث عن سقوط قتلى أو جرحى.

ومع توعد الحوثي باستمرار الهجمات ومزاعمه التفوق على القوات الغربية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت، الأربعاء، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير موقعي رادار للحوثيين المدعومين من إيران في المناطق التي يسيطرون عليها، إلى جانب تدمير زورقين مسيرين في البحر الأحمر.

وطبقاً للبيان الأميركي كانت مواقع الرادار والزوارق تمثل تهديدات وشيكة للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، حيث تم تدميرها لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، وشاركتها بريطانيا في 5 مناسبات حتى الآن، كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 560 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.

السفينة البريطانية «روبيمار» غرقت في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)

وأعطت الهجمات الحوثية المتلاحقة في الشهر الماضي انطباعاً عن فاعليتها، خاصة مع غرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر، لتصبح ثاني سفينة تغرق بعد السفينة البريطانية «روبيمار»، وتهديد سفينتين على الأقل بمصير مماثل، لتضاف إلى السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر الماضي.

وأصابت الهجمات الحوثية حتى الآن نحو 28 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان، حيث أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» التي استهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

الحوثيون استغلوا حرب غزة لتجنيد عشرات الآلاف حيث يصوبون أعينهم باتجاه المناطق اليمنية المحررة (أ.ف.ب)

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ليست ذات جدوى لتحييد الخطر الحوثي على الملاحة، وأن الحل الأنجع هو دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وبقية المناطق الخاضعة للجماعة.

ويستبعد مراقبون يمنيون أن ينتهي الخطر الحوثي البحري بانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تتربص الجماعة المدعومة من إيران ببقية المناطق اليمنية المحررة، خاصة بعد أن تمكنت من تجنيد عشرات الآلاف من بوابة «مناصرة فلسطين».