أميركا تدمر صاروخاً حوثياً وأوروبا تتأهب عسكرياً نحو البحر الأحمر

الجماعة تتعهد باستمرار الهجمات ولا يقين حول موعد انتهاء التصعيد

استغل الحوثي حرب إسرائيل على غزة لحشد المزيد من المجندين وجمع الأموال (رويترز)
استغل الحوثي حرب إسرائيل على غزة لحشد المزيد من المجندين وجمع الأموال (رويترز)
TT

أميركا تدمر صاروخاً حوثياً وأوروبا تتأهب عسكرياً نحو البحر الأحمر

استغل الحوثي حرب إسرائيل على غزة لحشد المزيد من المجندين وجمع الأموال (رويترز)
استغل الحوثي حرب إسرائيل على غزة لحشد المزيد من المجندين وجمع الأموال (رويترز)

تعهدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران باستمرار هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن الأميركية والبريطانية، وذلك بعدما تبنت، الأربعاء، مهاجمة مدمرة أميركية، في حين أكدت القوات المركزية الأميركية تدمير صاروخ وحيد أطلقته الجماعة.

ومع عدم وجود يقين لدى كبريات شركات الشحن الدولية حول موعد لانتهاء التهديد في البحر الأحمر وخليج عدن وعودة نشاط الملاحة المعتاد عبر قناة السويس، تتأهب الدول الأوروبية لبدء المشاركة في حماية الملاحة في المياه الإقليمية اليمنية، دون الانخراط في شن هجمات ضد الحوثيين.

يزعم الحوثيون أنهم يحشدون لقتال أميركا وعيونهم على المناطق اليمنية المحررة (إ.ب.أ)

وأكدت القيادة المركزية الأميركية في بيان، الأربعاء، أن الحوثيين المدعومين من إيران أطلقوا قبل منتصف ليل الثلاثاء بتوقيت صنعاء صاروخ كروز مضاداً للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها باتجاه البحر الأحمر، وأنه تم إسقاط الصاروخ بواسطة المدمرة يو إس إس غريفلي ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار. وفق البيان.

من جهته، زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، أن جماعته أطلقت ضمن الرد على أميركا وبريطانيا عدة صواريخ بحرية مناسبة استهدفت المدمرة الأميركية «يو إس إس غريفلي» في البحر الأحمر.

وتوعد المتحدث الحوثي بأن جميع السفن الحربية الأميركية والبريطانية في البحرين الأحمر وبحر العرب، ضمن بنك أهداف قوات الجماعة، وأنه سوف يتم استهدافها، إلى جانب الاستمرار في منع الملاحة الإسرائيلية أو المتجهة من وإلى موانئ تل أبيب.

ومنذ أن بدأ الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بدعاوى أنها سفن إسرائيلية، ودخول واشنطن ولندن على خط التصدي للهجمات ومحاولة تحجيمها، شهد الريال اليمني في مناطق سيطرة الشرعية تراجعاً قياسياً، وارتفعت أجور الشحن نحو أربعة أضعاف، وفقدت قنوات السويس المصرية نحو 40 في المائة من مداخيلها.

وشنت الجماعة المدعومة من إيران، نحو 35 هجوماً بحرياً بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأدت بعض الهجمات إلى إصابات مباشرة في السفن، والتسبب في حريق وأضرار، كما حدث أخيراً مع ناقلة نفط بريطانية في خليج عدن.

ناقلة نفط بريطانية تعرضت لهجوم صاروخي حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)

وشاركت بريطانيا في ضربتين من أصل 10 ضربات إلى جانب الولايات المتحدة، ضد أهداف حوثية في مناطق يمنية متفرقة، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار الهجمات ووعيد قادة الجماعة بتحويل البحر الأحمر إلى «سياج من نار»؛ وفق تصريحات وزير دفاع الجماعة الموالية لإيران، محمد العاطفي، المشمول أخيراً بعقوبات أميركية وبريطانية إلى جانب ثلاثة من كبار القادة.

تأهب أوروبي عسكري

مع تفاقم التهديدات التي تسببت في وقف نحو 40 في المائة من الشحن الدولي عبر البحر الأحمر، تتأهب أوروبا بدورها للمشاركة ضمن عملية «حارس الازدهار» التي شكلتها واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن مع الاكتفاء بحماية السفن دون توجيه ضربات للحوثيين.

ونقلت «رويترز» الأربعاء، عن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن الدول الأعضاء في التكتل ترغب في إطلاق مهمة في البحر الأحمر بحلول منتصف فبراير (شباط )لحماية السفن من هجمات جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، وربما تقرر هيكل قيادتها، الأربعاء.

وقال بوريل للصحافيين قبل اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي «لن تكون جميع الدول الأعضاء مستعدة للمشاركة لكن لن يعرقل أحد (الأمر).. آمل أن يتسنى إطلاق المهمة في 17 من فبراير (شباط)».

وذكر بوريل أن عملية الاتحاد الأوروبي سيطلق عليها اسم «أسبيديس» أي «الحامي»، ويتمثل تفويضها في حماية التجارة واعتراض الهجمات، لكنها لن تشارك في شن ضربات على الحوثيين.

شنت واشنطن 10 ضربات على أهداف حوثية لتقليص قدرات الجماعة وصدت العديد من الهجمات (أ.ف.ب)

وطبقا لـ«رويترز»، قال دبلوماسيون إن فرنسا واليونان وإيطاليا أبدت اهتماماً بقيادة المهمة، فيما أشارت سبع دول حتى الآن إلى استعدادها لإرسال قطع بحرية، مضيفين أن ذلك سيستند إلى مهام الاتحاد الأوروبي الحالية في المنطقة.

وفي حين ستتضمن العملية في البداية ثلاث سفن تحت قيادة الاتحاد الأوروبي، يقول دبلوماسيون إن فرنسا وإيطاليا لديهما بالفعل سفن حربية في المنطقة، وتخطط ألمانيا لإرسال الفرقاطة هيسن.

ويعزز التحرك الأوروبي نحو البحر الأحمر عدم وجود يقين حول توقيت معين لانتهاء التهديد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، إذ لا تزال كبريات شركات الشحن تعزف عن الملاحة في الممر الملاحي الذي يخدم نحو 15 في المائة من حجم التجارة الدولية.

وفي هذا السياق، قال رئيس شركة «هاباج لويد» الألمانية للصحافيين، الأربعاء، إنه من المستبعد أن تنتهي هجمات جماعة الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر قريباً، ما يجبر شركات الشحن على تجنب الطريق الذي يعبر قناة السويس.

وأضاف الرئيس التنفيذي «رولف هابن يانسن» خلال مؤتمر صحافي في هامبورغ «لا نعتقد أن الأمر سينتهي بعد غد... وما إذا كان سيستمر لمدة شهر أو ثلاثة أو خمسة أشهر، لا أعرف».

ومع تأكيده أن التوصل إلى اتفاق سياسي ومهم لحماية سفن الشحن قد يؤدي إلى حل في غضون ستة أشهر، أشار المسؤول الملاحي إلى أهمية أن يقدم الاتحاد الأوروبي دعماً فعالاً للتحالف البحري متعدد الجنسيات الذي يهدف لحماية حركة التجارة في المنطقة.

يتجاهل الحوثيون معاناة نحو 19 مليون يمني يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية (إ.ب.أ)

ونقلت «رويترز» عن يانسن، قوله، إن «تغيير مسار السفن لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح يستغرق وقتاً إضافياً يتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ما أدى إلى تراجع في عدد حاويات الشحن القياسية التي تم شحنها في ديسمبر (كانون الأول) بمقدار 150 ألف حاوية مقارنة بالتوقعات الأولية».

انتقاد يمني لاتفاق استوكهولم

جدد مسؤولون يمنيون إلقاء اللائمة على المجتمع الدولي فيما يتعلق بالهجمات الحوثية المهددة للملاحة، ابتداء من عرقلة القوات الحكومية والحيلولة بينها وبين تحرير الحديدة وموانئها في أواخر 2018، وإبرام ما عرف باتفاق السويد الذي ضمن للجماعة بقاءها على الشريط الساحلي اليمني الغربي.

وقال عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح، إن المجتمع الدولي «يدفع ثمن اتفاق استوكهولم المشؤوم الذي أوقفوا بموجبه معركة تحرير مدينة الحديدة».

وأضاف صالح خلال تفقده وحدات من القوات التي يقودها في الساحل الغربي جنوب الحديدة أن «اتفاق استوكهولم فتح الأبواب على مصراعيها أمام الحرس الثوري الإيراني لتهريب الصواريخ لميليشيات الحوثي الإرهابية عبر ميناء الحديدة».

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال تفقده وحدات من قواته (سبأ)

وهاجم عضو مجلس الحكم اليمني السلوك الحوثي، وقال «إن هجمات ميليشيات الحوثي الدعائية لم تُصِب هدفاً إسرائيلياً، ولم ولن تنفع غزة بشيء، وإن كل ما تروج له الميليشيات الحوثية خزعبلات مكشوفة، وغزة بالنسبة لها هي مأرب وتعز والساحل الغربي». في إشارة إلى تصعيد الهجمات باتجاه المناطق المحررة اليمنية.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية قرصنت في أولى هجماتها سفينة الشحن الدولية «غالاكسي ليدر» واحتجزت طاقمها حتى اللحظة، وحولتها إلى مزار لأتباعها، بينما ردت واشنطن بتشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات لحماية السفن، سمته «حارس الازدهار» قبل أن تلجأ إلى شن ضربات جوية وبحرية ضد أهداف حوثية على الأراضي اليمنية.

واعترف الحوثيون بمقتل 15 عنصراً خلال الضربات الأميركية والبريطانية، منهم 10 مسلحين قتلتهم البحرية الأميركية في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على متن ثلاثة قوارب في جنوب البحر الأحمر، عندما حاولوا قرصنة إحدى السفن التجارية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.