دعوات يمنية لإنقاذ العملة وتحذيرات من تبعات التصعيد البحري

بالتزامن مع توجه حكومي لمواجهة التداعيات المعيشية

تسببت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر والردود الغربية عليها بتهديد معيشة اليمنيين بمزيد من التدهور (أ.ف.ب)
تسببت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر والردود الغربية عليها بتهديد معيشة اليمنيين بمزيد من التدهور (أ.ف.ب)
TT

دعوات يمنية لإنقاذ العملة وتحذيرات من تبعات التصعيد البحري

تسببت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر والردود الغربية عليها بتهديد معيشة اليمنيين بمزيد من التدهور (أ.ف.ب)
تسببت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر والردود الغربية عليها بتهديد معيشة اليمنيين بمزيد من التدهور (أ.ف.ب)

بينما بدأت الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات للحد من التداعيات المعيشية الناجمة عن هجمات الجماعة الحوثية في البحر الأحمر والردود الغربية عليها، وإعادة تصنيف الجماعة ككيان إرهابي، برزت دعوات إلى دعم العملة المحلية (الريال) وتزايدت التحذيرات من الآثار السلبية العميقة للتوتر في البحر الأحمر على الوضع الإنساني.

ودعت الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة المؤقتة عدن إلى تدخل إقليمي لوضع حد لتدهور العملة، بعد أن تجاوز الدولار حاجز الـ1600 ريال يمني، ووصوله بشكل متسارع إلى 1620 ريالاً.

دعت الغرف التجارية في العاصمة المؤقتة عدن إلى دعم العملة اليمنية في مواجهة الانهيار (رويترز)

وبررت دعوتها تلك بأن معظم السكان وصل بهم الحال إلى عدم القدرة على تأمين حاجتهم من الغذاء واقتصار الكثير من العائلات على وجبة واحدة في اليوم لا تكاد تسد الرمق، محذرة من أن تبعات الوضع الحالي ستقود حتما إلى الكثير من الكوارث والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والتي باتت وشيكة.

وكان البنك الدولي شدد أخيراً على ضرورة التوصل إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة تعالج العوائق الاقتصادية والمظالم المرتبطة بالصراع والقضايا الهيكلية في البلاد بعد أن تسبب الصراع بخسائر اقتصادية واجتماعية هائلة على البلد وشعبه الذي يعد الأفقر في المنطقة، وما زال يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وأشار إلى أنه وخلال سنوات الصراع، دفع ارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية الحاد، بانعدام الأمن الغذائي إلى صدارة المخاوف في اليمن، وأوصل الكثير من العائلات إلى استنفاد شبكات الأمان التقليدية، بعد مواجهة طويلة مع الفقر المتصاعد، وأجبرها على اللجوء إلى تدابير قاسية.

وبين أن الفترة ما بين 2015 و 2022، شهدت انكماشاً بنسبة 52% في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ما ترك ثلثي السكان (نحو 21.6 مليون فرد) في حاجة إلى المساعدة الإنسانية، حيث يواجه أكثر من 17 مليون شخص حاليا انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 3.5 مليون شخص من سوء التغذية الحاد.

يعاني 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي ويواجه 3.5 مليون سوء التغذية الحاد (البنك الدولي)

كما يفتقر نحو 18 مليون يمني إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب الآمنة ومرافق الصرف الصحي التي يمكن الاعتماد عليها، ونتيجة لذلك، يواجه اليمن تفشيًا متكررًا للأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وحمى الضنك.

محاولات حكومية

شكلت الحكومة اليمنية، السبت الماضي، لجنة فنية لتولي تنسيق الإجراءات وإعداد الخطط اللازمة للحد من التداعيات المعيشية جراء الهجمات التي تشنها الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتعاطي مع إعادة تصنيف الحوثيين أنهم «كيان إرهابي»، كما أورده الإعلام الرسمي.

ونتيجة الحرب الاقتصادية التي فرضتها الجماعة الحوثية على الحكومة اليمنية، بعد تجزئة البلاد إلى منطقتين اقتصاديتين؛ تفاقمت الصعوبات الاقتصادية القائمة، بما في ذلك الوضع المالي للحكومة المعترف بها دولياً، وانخفاض العملة المحلية في مناطق سيطرتها إلى أدنى مستوياتها، متسببة في ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية.

ووفقاً لمسح أجراه البنك الدولي عبر الهاتف الجوال خلال العام الماضي؛ ظهر لجوء الأسر إلى آليات التكيف الضارة، كسحب الأطفال من المدرسة بنسبة 33 في المائة من عينة المسح، والانخراط في أعمال غير مستقرة وعالية المخاطر بنسبة 19 في المائة، وذلك في ظل محدودية الخيارات القابلة للتطبيق للتغلب على الصدمات السلبية.

طالبت الغرفة التجارية والصناعية في عدن بدعم العملية المحلية في مواجهة الانهيار (إكس)

ويتمنى جمال بلفقيه المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يؤدي تصنيف الجماعة الحوثية ككيان إرهابي إلى نقل كافة المنظمات الدولية مقارها إلى المناطق المحررة، لإحداث نقلة نوعية وحقيقية في العمل الإنساني وتمكين وصول المساعدات الإغاثية إلى المتضررين من المأساة الإنسانية والظروف المعيشية الصعبة بعد تحريره من سيطرة الجماعة.

وأوضح بلفقيه لـ«الشرق الأوسط» أن بإمكان الحكومة اليمنية تنظيم عمليات الإغاثة والمساعدة الإنسانية إذا ما استغلت تصنيف الجماعة الحوثية ككيان إرهابي لصالح الوضع الإنساني، مبينا أنه يجري حاليا الاستعانة بآليات أخرى كالقطاع الخاص والمؤسسات التجارية وما يجري تقديمه من طرف التحالف الداعم للشرعية الذي ساهم في سد الكثير من الفجوات.

مطالبات بوقف انهيار العملة

حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية) من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق المحررة، ومن أن يكون العام الجاري هو الأسوأ اقتصاديا منذ خمس سنوات.

ووصف المركز، على لسان رئيسه مصطفى نصر الوضع الاقتصادي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بالصعب للغاية في حال استمرت الظروف الراهنة، وتواصل انهيار إيراداتها من الصادرات النفطية والإيرادات الضريبية والجمركية، مبدياً عدم استغرابه من تدهور العملة المحلية في ظل تلك التحديات، والتي تتزامن مع حالة مضاربة من قبل صرافين يملكون النفوذ والمال.

ونوه نصر إلى أن صلابة مجلس إدارة البنك المركزي حتى الآن في عدم السماح بالإصدار النقدي؛ منعت تدهوراً أكثر تسارعاً خلال الفترة الحالية.

وخلال الأسبوع الماضي أفادت منظمة الصحة العالمية أن اليمن، لا يزال واحدا من بين 23 من أسوأ حالات الطوارئ الإنسانية والصحية فى العالم التي جرى نسيانها، وتتضاعف حالياً بتداعيات الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر والردود الغربية عليها، لتؤثر على نحو 17.8 مليون شخص يحتاجون هذا العام إلى الدعم الصحي، و 2.4 مليون طفل دون سن الخامسة يواجهون سوء التغذية.

بائع حبوب في إحدى أسواق العاصمة اليمنية صنعاء حيث يعاني السكان من نقص شديد في المواد الأساسية (أ.ف.ب)

ووفقاً للمنظمة، فإن 51 في المائة فقط من المرافق الصحية فى اليمن تعمل بكامل طاقتها في حين أن 36 في المائة منها تقدم خدمات محدودة، ولا يوجد أطباء متخصصون في نحو 29 في المائة من المستشفيات العاملة، بينما وصلت الفجوة التمويلية للمنظمة في العام الماضي إلى 93 في المائة، ولم تتمكن المنظمة من دعم سوى 126 مرفقا صحيا مقارنة بنحو 227 في العام السابق.

ويعدّ الاستيراد هو المصدر الرئيسي لتوفير الغالبية العظمى من احتياجات اليمنيين من الغذاء والدواء والوقود، وهو ما يثير المخاوف من أن يؤثر التوتر في البحر الأحمر على وصول هذه الواردات بشكل منتظم وكاف.


مقالات ذات صلة

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تقارير دولية تؤكد أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

إتاوات الانقلابيين في صنعاء ترفع رسوم المدارس الخاصة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على المدارس الخاصة مع بدء العام الدراسي؛ وهو ما قاد إلى قيام المدارس بزيادة الرسوم وسط عجز السكان عن إلحاق أبنائهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء (إ.ب.أ)

«العفو الدولية»: سجل الحوثيين حافل بالتعذيب لانتزاع الاعترافات

وصفت منظمة العفو الدولية موجة الاعتقالات الحوثية التي استهدفت عاملين في مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية أخرى بأنها «مخيفة»، ودعت لإطلاقهم فوراً.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تُحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)

مصادر: الناقلة «لافانت» ربما غرقت قبالة سواحل اليمن

كشفت 3 مصادر بحرية وأمنية أن ناقلة انجرفت قبالة ساحل يمني وغادرها طاقمها اختفت ويُعتقد أنها غرقت، لتصبح أحدث سفينة مفقودة في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)

اتهامات يمنية لـ«الحرس» الإيراني بإدارة التشكيلات العسكرية والأمنية الحوثية

ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن ممثلي «الحرس الثوري» الإيراني استكملوا إحكام قبضتهم على جميع التشكيلات المخابراتية والعسكرية.

محمد ناصر (تعز)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر غارة غربية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

تبنى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية الملاحة.

وتشن الجماعة الموالية لإيران هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي للشهر الثامن؛ إذ تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، كما تدّعي، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت حديثاً توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط، وتبنّت هجمات في موانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لإيران.

مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

الحوثي زعم في خطبته الأسبوعية أن قوات جماعته استهدفت خلال أسبوع 6 سفن ليصل إجمالي السفن المستهدفة منذ بداية الهجمات إلى 162 سفينة، وقال إن هجمات هذا الأسبوع نفذت بـ20 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة وزورقاً.

وفي حين لم تشر تقارير الأمن البحري إلى أي هجمات تعرضت لها السفن في الأيام الماضية، اعترف زعيم الحوثيين بتلقي 19 غارة وصفها بـ«الأميركية والبريطانية» خلال أسبوع، دون أن يتحدث عن سقوط قتلى أو جرحى.

ومع توعد الحوثي باستمرار الهجمات ومزاعمه التفوق على القوات الغربية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت، الأربعاء، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير موقعي رادار للحوثيين المدعومين من إيران في المناطق التي يسيطرون عليها، إلى جانب تدمير زورقين مسيرين في البحر الأحمر.

وطبقاً للبيان الأميركي كانت مواقع الرادار والزوارق تمثل تهديدات وشيكة للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، حيث تم تدميرها لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، وشاركتها بريطانيا في 5 مناسبات حتى الآن، كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 560 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.

السفينة البريطانية «روبيمار» غرقت في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (رويترز)

وأعطت الهجمات الحوثية المتلاحقة في الشهر الماضي انطباعاً عن فاعليتها، خاصة مع غرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر، لتصبح ثاني سفينة تغرق بعد السفينة البريطانية «روبيمار»، وتهديد سفينتين على الأقل بمصير مماثل، لتضاف إلى السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر الماضي.

وأصابت الهجمات الحوثية حتى الآن نحو 28 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان، حيث أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» التي استهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

الحوثيون استغلوا حرب غزة لتجنيد عشرات الآلاف حيث يصوبون أعينهم باتجاه المناطق اليمنية المحررة (أ.ف.ب)

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ليست ذات جدوى لتحييد الخطر الحوثي على الملاحة، وأن الحل الأنجع هو دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وبقية المناطق الخاضعة للجماعة.

ويستبعد مراقبون يمنيون أن ينتهي الخطر الحوثي البحري بانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تتربص الجماعة المدعومة من إيران ببقية المناطق اليمنية المحررة، خاصة بعد أن تمكنت من تجنيد عشرات الآلاف من بوابة «مناصرة فلسطين».