هل تقترب مصر من «اختراق» في الصفقة بين إسرائيل و«حماس»؟

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ظهور مرونة تُبشر بحلول جزئية

TT

هل تقترب مصر من «اختراق» في الصفقة بين إسرائيل و«حماس»؟

السيسي يبحث مع وزير القوات المسلحة الفرنسي وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)
السيسي يبحث مع وزير القوات المسلحة الفرنسي وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)

كثفت مصر من تحركاتها باتجاه إبرام صفقة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، تتضمن «الإعلان عن هدنة وتبادل جزئي للأسرى بين الجانبين».

ووفق مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الموقف «يتحرك باتجاه الوصول إلى هدنة»، مشيرة إلى أن اللقاءات التي شهدتها القاهرة مؤخراً، جعلت الوضع «أكثر مرونة وأقل جموداً عن السابق».

وزار رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، مصر (الثلاثاء)، حيث التقى كبار المسؤولين المصريين. وبحسب مصادر رسمية تحدثت لقناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، فإن الزيارة اقتصرت على مباحثات لـ«تنفيذ هدنة إنسانية وملف تبادل الأسرى».

وجاءت زيارة المسؤول الإسرائيلي، بعد 5 أيام، من اجتماع شهدته القاهرة أيضاً، بين رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، ووفد من حركة «حماس» برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي، وعضوية خالد مشعل، وخليل الحية.

وبحسب المصادر، التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإنه «لا يوجد إطار شامل للحل»، نظراً لـ«تعنت الحكومة الإسرائيلية ورغبتها في استكمال المخطط العسكري بتدمير معاقل المقاومة في غزة، ورغبتها بعدم الالتزام بأي اتفاق واسع»، لكنه أكد أن «هناك مرونة ظهرت أخيراً تبشر بحلول جزئية»، لافتاً إلى سماح إسرائيل بإدخال أول شاحنة وقود مصرية إلى قطاع غزة، منذ بدء السابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مساعدات ووقود

ودخلت أول شاحنة وقود إلى قطاع غزة منذ الحرب، (الأربعاء) عن طريق ميناء رفح البري، وقال مصدر مسؤول بميناء رفح البرى، لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية إن «الشاحنة تحمل 25 ألف لتر مقدمة لصالح تشغيل سيارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)». لكن «الأونروا»، قالت في بيان لها، إن إسرائيل «تقصر استخدامه على نقل المساعدات القادمة من معبر رفح».

وتجري الجهود المصرية لإبرام صفقة إطلاق سراح الأسرى من الجانبين ووقف إطلاق النار في غزة، بتنسيق مع دولة قطر، وقالت المصادر إن «التحركات تتم بالتنسيق بين الجانبين». وكان مسؤول تم اطلاعه على سير مفاوضات، كشف لـ«رويترز» عن أن وسطاء قطريين يحاولون التفاوض على اتفاق بين «حماس» وإسرائيل، يشمل إطلاق سراح نحو 50 من المحتجزين المدنيين من قطاع غزة، مقابل إعلان وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.

وأضاف المسؤول أن «الاتفاق الذي تجري مناقشته والذي جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة سيشهد أيضاً إفراج إسرائيل عن بعض النساء والأطفال من سجونها وزيادة كميات المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها لقطاع غزة».

واتّخذت «حماس» في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، 240 رهينة اقتادتهم إلى داخل غزة، بحسب إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تردّ إسرائيل بشنّ هجوم جوي وبري وبحري لا هوادة فيه على القطاع الذي تسيطر عليه «حماس». وبحسب وزارة الصحة في القطاع أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 11 ألفاً و500 شخص.

شاحنات المساعدات المصرية تصطف لدخول الأراضي الفلسطينية من معبر رفح الحدودي (dpa)

وضمن التحركات السياسية، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، مع سيباستيان لوكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسي، «جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، فضلاً عن استقبال المصابين الفلسطينيين وإجلاء الرعايا الأجانب».

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فإن الوزير الفرنسي الذي يزور القاهرة، أكد على «الدور المحوري الذي تقوم به مصر للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين». وذكر البيان أن اللقاء تناول التطورات في قطاع غزة، وتم «تأكيد أهمية تجنب اتساع دائرة الصراع والتصعيد في المنطقة».

الوضع لا يحتمل

بدوره، شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، على «رفض بلاده القاطع لتصفية القضية الفلسطينية من خلال عمليات التهجير، وضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المساعدات الإنسانية».

وقال شكري، في مؤتمر صحافي مشترك عقده، الأربعاء، مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والدفاع الآيرلندي ميهول مارتن في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، إن «المباحثات تركزت حول الأوضاع في غزة».

وشدد شكري على أن «الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل ولا بد من وقوفه فوراً، ولا يمكن لعمليات عسكرية أن تأتي بهذا العدد من الضحايا، حيث وصل إلى حوالي 12 ألفاً، نصفهم تقريباً من الأطفال والنساء». وأشار إلى أن مصر تعمل على توفير جميع احتياجات المدنيين في القطاع، لافتاً إلى أن معبر رفح مفتوح.

كما أكد وزير الخارجية المصري أن «العناصر الرئيسية التي نؤكد عليها هي ضرورة وقف إطلاق النار، ودخول المساعدات، ثم فيما بعد تطبيق حل الدولتين باعتباره الوسيلة لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ولكن في هذا الشأن تقع أيضاً المسؤولية فيه على المجتمع الدولي».

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يمين) يصافح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والدفاع الآيرلندي ميهول مارتن (الأربعاء) في القاهرة (أ.ف.ب)

من جهته، ذكر ميهول مارتن أنه تم بحث الموقف المتفاقم في غزة في ظل الأزمة الإنسانية، مؤكداً الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار من أجل الوضع الإنساني، وأن يتم ضمان وصول المساعدات لمن يحتاجونها، وضمان أن يكون القانون الدولي ملزماً لكل الدول، وأن يتم الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني.

وأكد المسؤول الآيرلندي أن بلاده تدعم الشعب الفلسطيني وتطلعاته لإنشاء دولة في إطار حل الدولتين، وقال: «نحن ندعم مواصلة الجهود من أجل الوصول إلى اتفاق حول حل الدولتين».


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.