بينما يحل الشتاء ضيفاً ثقيلاً على ملايين اليمنيين، خصوصاً في مخيمات النزوح التي يتضاعف أعداد القادمين فيها بفعل الهجمات الحوثية والظروف المناخية، توقعت الأمم المتحدة اتساع رقعة الجوع ونقص الغذاء، خلال الستة أشهر المقبلة.
وتوقع التقرير الأممي تفاقم مستوى انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن خلال الفترة ما بين منتصفي الخريف الحالي والربيع المقبل، ومعاناة 20 في المائة من السكان من صعوبة شديدة في الحصول على الغذاء.
وأوضح أنه يوجد نحو 10.8 مليون شخص في مستوى التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي، و6.1 مليون شخص في مستوى الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.
ووفقاً لما ورد عن كل من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الغذاء العالمي، في تقريرهما الدوري النصف سنوي المشترك حول بؤر الجوع الساخنة في العالم؛ فمن المتوقع أن يظل انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن عند مستويات حرجة خلال فترة التوقعات الممتدة بين نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وأبريل (نيسان) المقبل.
اليمن رابع بؤر الجوع
عزا التقرير الأممي توقعاته إلى استمرار الصراع والأزمة الاقتصادية ونقص التمويل الإنساني، والتغيرات المناخية، مصنفاً اليمن رابعاً في قائمة بؤر الجوع الـ18 حول العالم، بعد الكونغو الديمقراطية والسودان وإثيوبيا من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكر التقرير أن وضع الأمن الغذائي سيشهد تفاقماً كبيراً خلال الربع الأخير من العام الحالي، محذراً من أن يستمر الوضع في التفاقم حتى حلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مع معاناة 20 في المائة من السكان في عموم اليمن من انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير.
ويواجه أكثر من نصف مليون طفل يمني دون سن الخامسة، مخاطر سوء التغذية الحاد، منهم 456 ألف طفل في المحافظات الوسطى والجنوبية، بينما يعاني أكثر من 97 ألفاً آخرين من سوء التغذية الحاد الوخيم.
وطالب التقرير بضرورة اتخاذ إجراءات طارئة لمواجهة التدهور المتسارع لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، وفي مقدمتها توفير 2.2 مليار دولار للأمن الغذائي والزراعة و398 مليون دولار للتدخلات التغذوية، ضمن إطار خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023.
وشددت المنظمتان الأمميتان على ضرورة توفير دعم سبل العيش في حالات الطوارئ، وتحفيز الانتعاش الاقتصادي لزيادة توفر الغذاء والوصول الآمن إليه للأسر الأكثر ضعفاً، وتوفير المساعدات الغذائية وخدمات الوقاية من سوء التغذية، مع الاستمرار في تقديم المساعدات النقدية للنازحين واللاجئين والمهاجرين.
نزوح مستمر
منذ أيام حذَّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) من أن سوء الأحوال الجوية خلال فصل الشتاء يهدد قرابة مليون شخص، أغلبهم من النازحين الذين شردتهم الحرب، وأن العائلات المقيمة في مناطق معينة في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والبيضاء والعاصمة صنعاء والضالع وصعدة ومأرب أعلى مخاطر الطقس الشتوي القاسي.
كما تحدثت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، عن نزوح 26 ألف يمني خلال أسبوع، وارتفاع أعداد النازحين منذ بداية العام إلى أكثر من 55 ألف شخص، إثر الإعصار «تيج»، الذي ضرب المحافظات الشرقية للبلاد.
ورصدت المنظمة ما بين مطلع العام وحتى أواخر الشهر الماضي نزوح 9.187 عائلة تضم 55122 فرداً، وتتبعت خلال الأسبوع الأخير من هذه الفترة نزوح 4392 عائلة يبلغ عدد أفرادها 26352 شخصاً مرة واحدة على الأقل.
ويشهد اليمن إحدى أكبر أزمات النزوح الداخلية حول العالم، التي ضاعفت من تداعيات الأزمة الإنسانية التي تصفها الأمم المتحدة بالأكبر في العصر الحديث من حيث أعداد المتضررين، ولم تنجح الهدنة القائمة حالياً في التخفيف من هذه الأزمة بسبب مخاوف النازحين من عودة التصعيد العسكري أو ممارسات الجماعة الحوثية.
ويرى مصدر إغاثي في الحكومة اليمنية أن المنظمات الدولية أخفقت في مساعدة اليمنيين والتخفيف من الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد منذ اندلاع الحرب في عام 2015، وأنها همشت أدوار الجهات الحكومية، مثل اللجنة العليا للإغاثة، وحوَّلتها إلى جهات تنسيقية فقط، وخصصت مبالغ كبيرة من منح المساعدات لصالح ميزانيتها التشغيلية.
واتهم المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه الجهات الدولية بوضع كرامة النازحين اليمنيين في أدنى سلم أولوياتها، مؤكداً أن هذه الجهات تجاهلت التحذيرات والمطالب الحكومية اليمنية منذ بدء الحرب، حيث فضلت العمل في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.
وكانت نتيجة هذا التجاهل - بحسب المسؤول - ما وصلت إليه أوضاع اليمنيين المتضررين من الأزمة الإنسانية والنازحين، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تنفذ هذه الجهات أغلب أنشطتها.