اتهامات للحوثيين بنهب سلال غذاء مخصصة للفقراء في صنعاء

الميليشيات تحصر توزيع المساعدات على أتباعها وعائلات قتلاها

يمنيون في صنعاء يتلقون مساعدات من رجال أعمال (تويتر)
يمنيون في صنعاء يتلقون مساعدات من رجال أعمال (تويتر)
TT

اتهامات للحوثيين بنهب سلال غذاء مخصصة للفقراء في صنعاء

يمنيون في صنعاء يتلقون مساعدات من رجال أعمال (تويتر)
يمنيون في صنعاء يتلقون مساعدات من رجال أعمال (تويتر)

اتهمت مصادر يمنية في العاصمة المختطفة صنعاء قادة الجماعة الحوثية، بالاستيلاء على سلال غذائية مخصصة للفقراء من قبل رجال أعمال وفاعلي خير، خلال الأيام الماضية، استمراراً لسلوك الجماعة في حصر المساعدات على أتباعها وعائلات قتلاها، والتحكم في المعونات الأممية والدولية.

ويعبر عبد الله الريمي عن شعوره بالحزن لحظة تسلمه سلة غذاء بسيطة، تقدمها إحدى المجموعات التجارية اليمنية بشكل سنوي للفقراء والمحتاجين في صنعاء، بعد أن تم استقطاع جزء منها لأسباب قال إنها غير معروفة.

ويبدي عبد الله -وهو متقاعد في صنعاء ورب أسرة مكونة من 6 أفراد- في حديثه مع «الشرق الأوسط»، أسفه البالغ حيال الاستقطاع الذي طال حصة أطفاله من الغذاء، وأكد أنه وأسرته في أمَس الحاجة بسبب ما يمرون به من ظروف معيشية بالغة في الصعوبة.

وأشار إلى تسلمه كيساً من القمح (عبوة 50 كيلوغراماً)، وعلبة زيت (عبوة 4 لترات) فقط، بينما كانت حصته الغذائية للعام السابق تشمل كيساً ونصف كيس من القمح (75 كيلوغراماً)، و10 كيلوغرامات من السكر، و8 لترات من الزيت، و4 كيلوغرامات من العدس.

تحرص الجماعة الحوثية على أخذ حصص من المساعدات لأتباعها (تويتر)

مصادر مطلعة في صنعاء اتهمت قيادات حوثية بالوقوف خلف استقطاع الكميات من الغذاء المخصص للفقراء والمعوزين والنازحين، وقالت إن عناصر الجماعة منعوا تاجر القمح ورجل الأعمال، حيدر فاهم، من تقديم المساعدات لهذا الموسم لآلاف الفقراء والمحتاجين في صنعاء وضواحيها.

وحسب المصادر، فإن قيادات انقلابية تنحدر من صعدة (معقل الميليشيات) وضعت شروطاً على «مجموعة فاهم التجارية» للسماح بتوزيع المساعدات، من بينها استقطاع كميات من الغذاء المخصص للفقراء، وتخصيصها للموالين لها.

ولم تقف الميليشيات عند ذلك فحسب؛ بل عمد تجار موالون لها إلى نشر أشخاص تابعين لهم بحوزتهم أموال عند أماكن الصرف، لإقناع الفقراء أثناء تسلمهم المساعدات ببيع حصصهم بمبالغ متدنية.

قيود مستمرة

يؤكد محمود أحمد -وهو من سكان صنعاء- لـ«الشرق الأوسط» أن قيود الميليشيات المفروضة على التاجر فاهم وغيره من التجار، كانت سبباً في حرمانه وآلاف المحتاجين من المعونات المخصصة لهم شهرياً وسنوياً، إما بوقف الميليشيات عملية التوزيع ونهب الكميات، وإما باشتراطها الحصول على النصف، ليذهب جزء منها للموالين، بينما يباع الجزء الآخر في الأسواق.

ومثل محمود، يشكو آلاف الفقراء في صنعاء من استمرار سرقة الجماعة الحوثية أطنان الغذاء المخصص لهم. ويحمّلون قادة الانقلاب مسؤولية حرمانهم من الحصول على المساعدات، وما يعانونه حالياً من أوضاع متدهورة، بفعل استمرار سياسات التجويع والنهب التي أثرت في كافة مناحي الحياة المعيشية.

تخفف مساعدات التجار من الحالة الإنسانية الصعبة لآلاف اليمنيين (تويتر)

وهذه ليست المرة الأولى التي تضع فيها الجماعة الحوثية قيوداً مشددة على المجموعات اليمنية التجارية في صنعاء، بغية ابتزاز مالكيها من جهة، وحرمان الفقراء من الحصول على المساعدات من جهة ثانية.

وكانت الميليشيات قد منعت في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، تاجر القمح حيدر فاهم، من توزيع مساعدات اعتادت مجموعته التجارية على تقديمها سنوياً منذ نحو 40 عاماً، لعشرات الآلاف من الأسر المعدمة والفقيرة في صنعاء ومدن أخرى.

وأجبر الانقلابيون وقتها التاجر على وقف عملية توزيع المساعدات، كما سبق للجماعة أن ألزمت المجموعة التجارية عام 2019 بمضاعفة الزكاة، بحجة أنها توزع مساعدات للمحتاجين.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.