اتهامات لقادة حوثيين بسرقة أطنان من المساعدات الإنسانية

الجماعة تستغل الحصص الغذائية للاستقطاب والتجنيد

 يمنية تتسلم حصتها من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي (فيسبوك)
 يمنية تتسلم حصتها من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي (فيسبوك)
TT

اتهامات لقادة حوثيين بسرقة أطنان من المساعدات الإنسانية

 يمنية تتسلم حصتها من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي (فيسبوك)
 يمنية تتسلم حصتها من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي (فيسبوك)

تفاجأ نجيب عثمان، وهو اسم مستعار لأحد السكان اليمنيين في صنعاء بإسقاط اسمه للمرة الثانية على التوالي خلال شهرين من كشوف صرف المساعدات الغذائية المدرسية المخصصة من برنامج الغذاء العالمي لمصلحة الأسر الفقيرة والمعدمة في عموم المناطق تحت سيطرة الميليشيات، وهو ما أعاد التذكير بسلوك الجماعة الحوثية التي تستغل المساعدات الإنسانية في تنفيذ أجندتها الانقلابية.

يتحدث نجيب، وهو عاطل عن العمل، وأب لخمسة أطفال، لـ«الشرق الأوسط»، عن محاولته مراجعة مسؤولين في إدارة عملية الصرف يتبعون الجماعة الحوثية في الحي الذي يقطنه وسط العاصمة بحثا عن حل لمشكلة إسقاط اسمه من كشوف الصرف، لكن دون جدوى.

ويقول إن المشرفين والعاملين باللجان الحوثية يتحججون له عند كل شكوى بأن اسمه «سقط سهواَ» ويزعمون وجود ما يسمونه «غلطات مطبعية» مع إطلاقهم وعودا بمعالجة المشكلة في الشهر المقبل، لتمضي تلك المدة ولم يظهر الحل الذي وعدوا به.

ويتهم نجيب ومعه آخرون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» قادة الميليشيات العاملين في قطاع التعليم بالوقوف وراء سرقة أطنان من المساعدات الغذائية بصورة شهرية، وهي الكميات المخصصة للفقراء في المحافظات تحت سيطرتهم.

ويعتقد الفقراء اليمنيون في صنعاء وغيرها أن هناك تغاضيا من الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي عن أعمال السطو التي تقوم بها الميليشيات عند كل عملية صرف للمساعدات، مستندين إلى اعترافات سابقة من الجهات الأممية بأعمال السطو على المساعدات من أفواه الجياع.

وتأتي سرقة الميليشيات التي لا تزال تتحكم بجميع مفاصل العمل الإنساني والإغاثي بمناطق سيطرتها، لطعام المعدمين والفقراء، لغرض المتاجرة غير المشروعة بكميات منها، فيما توزع البقية لمصلحة الأتباع وأسر القتلى والجرحى والمفقودين، ولعائلات مقاتليها العائدين من مختلف الجبهات.

وإضافة إلى نجيب عثمان ، يشكو مئات اليمنيين الفقراء والمعوزين في مناطق متفرقة بصنعاء وريفها ومدن أخرى من أعمال سطو ونهب منظم يقودها مشرفون حوثيون ومسؤولون محليون موالون للجماعة، حيث تطال باستمرار مخصصاتهم الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية.

ويؤكد فقراء يمنيون ممن سقطت أسماؤهم بالأشهر الماضية من كشوف الصرف بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، مواصلة الجماعة كل شهر إسقاط أسماء بعضهم بصورة متعمدة بهدف تطفيشهم ومضاعفة معاناتهم في أثناء المراجعة والبحث وحرمانهم وأسرهم.

عناصر حوثيون من صعدة يزورون مشروع التغذية المدرسية في صنعاء (إعلام حوثي)

زيارات مشبوهة

كان ما يسمى «مشروع التغذية المدرسية» شرع قبل يومين بالشراكة مع برنامج الغذاء العالمي، بالبدء بتوزيع مساعدات غذائية لأكثر من نصف مليون أسرة فقيرة في 12 محافظة أغلبها واقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية تحت عنوان (تنفيذ الدورة الثالثة 2023).

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن مسؤولين في المشروع الخاضع تحت إشراف ورقابة الجماعة بصنعاء، قولهم «إن الدورة الحالية من مشروع الطوارئ سيستهدف قرابة 501 ألف و284 أسرة فقيرة للمساهمة في مكافحة الجوع». على حد زعمهم.

وتتولى لجان مركزية ومحلية ينتمي أغلبها لعناصر الميليشيات منتشرة في 1767 مركزا، مهام الإشراف المباشر على عملية توزيع المساعدات بقرى وعزل نحو 64 مديرية واقعة تحت سيطرة الجماعة. 

وسبق عملية الصرف الحالية تنفيذ قيادات انقلابية ينحدر بعضها من صعدة (معقل الميليشيات) يتصدرها المدعو خالد جحادر المعين بمنصب نائب وزير التربية بحكومة الانقلاب غير الشرعية، زيارة ميدانية إلى مشروع التغذية المدرسية في صنعاء، بحجة الاطلاع على آليات عمل المشروع وأعمال صرف المساعدات المرتقبة.

وبحسب تأكيد مصادر مطلعة في صنعاء، حض القيادي الانقلابي القائمين على إدارة المشروع على إعطاء الأولوية في أثناء عمليات الصرف والتوزيع المقبلة لأتباع الميليشيات ولأسر القتلى والجرحى والمفقودين في الجبهات.

يمنيون يتسلمون مساعدات تغذية مدرسية من برنامج الغذاء العالمي (فيسبوك)

استغلال حوثي

على وقع أعمال السطو الحوثي، اتهم ناشطون في صنعاء ميليشيات الحوثي بسرقة المساعدات الإغاثية من أفواه الجائعين، وقالوا إن الجماعة تستغل المعونات الغذائية بما فيها «المدرسية» المقدمة من المنظمات، والتبرعات التي يقدمها تجار ورجال أعمال، للترويج لمشروعاتها واستقطاب أنصار لها، وإغراء الأسر الفقيرة بتجنيد أبنائها.

ويقول أحمد وهو أحد العاملين في المجال الإنساني إن الميليشيات الحوثية لم تكتف بقطع رواتب الموظفين العموميين بمناطق سيطرتها ومواصلة سياسات الفساد وتجويع ملايين اليمنيين، ولكنها تواصل حرمان الفقراء والمحتاجين ومقاسمة آخرين كميات «الغذاء» المتواضعة الممنوحة لهم من قبل المنظمات، حيث تقوم ببيعها، أو تخصيصها لمصلحة مقاتليها وأسرهم أو العاملين على حشد المقاتلين.

يشار إلى أن مشروع التغذية المدرسية تم إطلاقه في عهد حكومات يمنية سابقة بتمويل ودعم من برنامج الغذاء العالمي، حيث يقدم المشروع بصورة شهرية مساعدات غذائية وينفذ مشاريع أخرى لمصلحة آلاف الأسر الفقيرة والمحتاجة والمتضررة والنازحة في عموم المحافظات من أجل استمرارية دعم التعليم في اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.