حالة حزن عمَّت الأوساط الدينية في مصر والعالم الإسلامي؛ إثر الإعلان عن رحيل الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، الثلاثاء، عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد رحلة دعوية طويلة، مخلفاً إرثاً علمياً لافتاً من المؤلفات المرجعية الشهيرة، التي رسخت مكانته بوصفه أبرز علماء الحديث النبوي، مثل: «السُّنة النبوية وعلومها»، و«قواعد أصول الحديث»، و«قبس من الحديث النبوي»، فضلاً عن كتبه الأخرى: «المرأة في الإسلام»، و«رمضان والصيام»، و«الإسراء والمعراج».
وشُيِّعت جنازة الراحل من الجامع الأزهر في القاهرة، وسط أجواء من التأثر الشديد من جانب آلاف المصلين، ومن بينهم مئات الطلبة المبعوثين إلى جامعة الأزهر من مختلف دول العالم.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: «تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة العالم الجليل والداعية الكبير الدكتور أحمد عمر هاشم، الذي وافته المنية بعد رحلة زاخرة بالعطاء، في خدمة الدين والعلم»، وأضاف وفق إفادة للرئاسة المصرية: «سيظل علمه الغزير باقياً وراسخاً على مر الزمان».
ونعى رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، الراحل، بقوله: «استطاع أن يقدِّم الصورة الصحيحة للإسلام من خلال أسلوبه البلاغي المتفرد، كما كان للعالم الجليل إسهامات علمية ودعوية عديدة».

ووصف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب العالم الراحل بـ«فقيد الأمة»؛ مشيراً في نعي عبر بوابة الأزهر الإلكترونية إلى أنه «كان عالماً أزهرياً أصيلاً، وأحد أبرز علماء الحديث في عصرنا، رزقه الله حسن البيان وفصاحة اللسان، والإخلاص في الدعوة إلى الله، وخدمة سنة نبيه، ونشر العلم، وستظل خطبه وكتبه ومحاضراته منهلاً عذباً لطلاب العلم والباحثين».
وأكد مفتي مصر، الدكتور نظير محمد عياد، أن «الراحل كان عالماً جليلاً ومحدثاً كبيراً، عميق الفهم لمعاني النصوص، راسخ القدم في علم الحديث النبوي سنداً ومتناً، خبيراً بأحوال الرجال جرحاً وتعديلاً، كما كان خطيباً مفوهاً، واسع الاطلاع والثقافة، فقد العالم بوفاته مصباحاً منيراً من مصابيح الدعوة الإسلامية»، مضيفاً عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» أن «الدكتور هاشم أفنى حياته في خدمة العلم وأهله، تعليماً وإرشاداً وتوجيهاً، تاركاً للمكتبة العلمية إرثاً نفيساً من المؤلفات القيمة في الحديث والدعوة والأخلاق».
ورأى وزير الأوقاف المصري، الدكتور أسامه الأزهري، في العالم الراحل «عَلَماً من أعلام الأزهر، جمع بين العلم الراسخ والعمل الصالح، وأفنى عمره في نشر تعاليم الإسلام السمحة، وأسهم بعلمه وجهده في بناء أجيال من العلماء والدعاة»، مضيفاً عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» أن «الراحل كان كذلك آية في الحكمة والبلاغة والوطنية، وخطيباً مفوهاً».

الباحث بهيئة كبار العلماء بالأزهر، الدكتور حازم مبروك عطية، قال إن «الراحل كان عالماً مربياً وشاعراً وخطيباً مفوهاً، نال حظه في قلوب الناس إجلالاً وتقديراً وحباً، وأظهر الله في جنازته هذه المحبة، من خلال اندفاع الآلاف إلى رحاب الجامع الأزهر الشريف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤلفات الدكتور هاشم تجاوزت السبعين كتاباً، فيها خلاصة فكره، وأنوار علمه، إلى جانب آلاف الدروس والخطب، كما كان شاعراً مجيداً».
وحسب بوابة الأزهر، وُلد الدكتور هاشم في 6 فبراير (شباط) 1941، بقرية بني عامر، التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، والتحق بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، ثم حصل على «الإجازة العالمية» عام 1967، وبدأ مسيرته الأكاديمية معيداً بقسم الحديث، ثم سرعان ما نال درجتَي الماجستير والدكتوراه في التخصص نفسه. وتولى منصب عميد كلية «أصول الدين» بجامعة الزقازيق عام 1987، قبل أن يصبح رئيساً لجامعة الأزهر في الفترة من 1995 حتى عام 2003.
عُرِف الراحل بكونه صوتاً للاعتدال والعذوبة والرفق، وهو ما تجلَّى بحضوره اللافت في المؤتمرات الإسلامية حول العالم، وعضويته في مؤسسات وهيئات كبرى عدة، مثل: البرلمان، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، ومجمع البحوث الإسلامية. وحصل على «جائزة الدولة التقديرية» في مصر عام 1992، وكذلك «وسام العلوم والفنون» من الطبقة الأولى.



